غارديان: تفاقم ظاهرة الاختطاف في مثلث الموت بوسط أفريقيا
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
نشرت صحيفة "غارديان" البريطانية تقريرا يتناول ظاهرة الاختطاف، التي تتفاقم يوما بعد يوم في منطقة توصف بأنها "مثلث الموت" في وسط أفريقيا.
ولمحاربة هذه الظاهرة، اضطر سكان المناطق الواقعة على الحدود، التي تربط بين 3 دول هي تشاد والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى، إلى حمل السلاح ليصبحوا حراسا غير نظاميين، وفق الصحيفة.
وذكر إيرومو إيغبيجول، مراسل غارديان في غرب أفريقيا، في تقريره أن الأهالي بجنوب غربي تشاد يستخدمون الأقواس والسهام والرماح لمحاربة المسلحين الذين حولوا الاختطاف إلى احتراف.
ونقل عن آموس نانغيو، رئيس إحدى الوحدات في بالا المتاخمة للكاميرون، قوله لوكالة الصحافة الفرنسية "نحن نرشد رجال الدرك في الأدغال، لكننا أيضا أول من يلاحق المجرمين بعد اختطافهم أحدا أو بعض الأشخاص".
بؤرة ساخنةوفي العقد الماضي أصبحت المنطقة الحدودية، حيث تلتقي بوركينا فاسو ومالي والنيجر، بؤرة ساخنة تزدهر فيها أنشطة الجماعات السياسية المسلحة، كما يقول التقرير.
غير أن الصحيفة البريطانية تتحدث عن أزمة أخرى تختمر في منطقة مجاورة أطلق عليها البعض وصف "مثلث الموت"، وهي المنطقة الممتدة من جنوب غربي تشاد إلى شمالي الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وأنه من الصعب الحصول على بيانات رسمية لهذه المنطقة، ولا يقوم العديد من الأهالي بالإبلاغ عن الحوادث خوفا من وقوع المزيد من الهجمات.
ولكن التقرير ينقل عن السلطات التشادية أن ما دفعه الأهالي في المنطقة من أموال للخاطفين خلال عام 2022 بلغ ما يعادل حوالي 71 ألف دولار، وزاد المبلغ إلى 82 ألف دولار العام التالي.
اختطاف أجانبوكانت طبيبة بولندية وزميلها المكسيكي قد اختُطفا من منطقة تناجيلي جنوب غربي تشاد في فبراير/شباط الماضي، قبل أن يُطلق سراحهما بعد أسبوع، عقب مهمة إنقاذ مشتركة نفذتها قوات تشادية وفرنسية.
ووفقا لتقرير حديث صادر عن "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية"، فقد دُفع ما يقرب من 143 ألف دولار فدية للإفراج عن مختطفين في 6 حوادث بين فبراير/شباط ومايو/أيار 2023 بالمنطقة الشمالية من الكاميرون.
وتتزامن عمليات الاختطاف المتزايدة مع جرائم أخرى مثل الاتجار بالبشر، وسرقة المواشي، وتجارة المخدرات، ويعزوها الخبراء إلى مصالح اقتصادية، وليس لأسباب تتعلق بالضغائن العرقية أو الدينية.
حدود سهلة الاختراقوفي غرب ووسط أفريقيا يسهل اختراق الحدود، مما يسمح لجماعات سياسية مسلحة مثل بوكو حرام بالتنقل على طول الخط الممتد من شمال نيجيريا إلى ممر الكاميرون-تشاد-أفريقيا الوسطى للعثور على ضحايا أو حلفاء لتمويل أنشطتها.
ومن بين الجماعات الأخرى الفاعلة في الإقليم رعاة من قبيلة الفولاني، يقول الخبراء إنه من الممكن أن يكونوا جناة وضحايا في الوقت ذاته، نظرا لنمط حياتهم البدوي والطابع المعقد للنشاط الإجرامي في المنطقة، بحسب غارديان.
وهناك أيضا عصابات من قُطاع الطرق يُطلق عليهم اسم "زاراغينا"، ومتمردون مرتزقة ينشطون في غابات شمال جمهورية أفريقيا الوسطى، وقد هاجر إليها البعض من دول جارة، مثل تشاد.
وتشير الصحيفة في تقريرها إلى أنه في ظل وجود نظراء أجانب لتلك الأطراف، مثل "مجموعة فاغنر" الروسية في جمهورية أفريقيا الوسطى، انتقل بعض المرتزقة المحليين إلى تشاد.
وتستهدف عمليات الاختطاف تجارا وموظفين حكوميين وعمال إغاثة وأي شخص يبدو مهما ولو من بعيد، أو من المحتمل أن يكون لديه أقارب وأصدقاء قادرون على جمع الفدية.
بعد رحيل القذافيولفتت الصحيفة إلى أن حالة انعدام الأمن في منطقة جنوب الصحراء الكبرى قد تفاقمت عام 2011، بعد أن فتحت عملية الإطاحة بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، بقيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، طريقا سريعا لتدفق الأسلحة الصغيرة والخفيفة صوب الجنوب، مما ساعد في استثارة التمرد من مالي إلى نيجيريا.
وأضافت أن هذه العوامل جعلت تشاد ذات التاريخ الطويل من الصراعات الداخلية، والتي تُشتهر بتفريخ المحاربين في المناطق النائية، أرضا أكثر خصوبة لأطراف فاعلة مسلحة غير حكومية تنشط في تأجيج الصراعات أو إخمادها بأماكن أخرى.
وقال مدير برنامج الساحل في مؤسسة كونراد أديناور الألمانية أولف لاسينغ إن تشاد تشعر "بقلق بالغ بشأن الأمن على الحدود مع السودان في الشرق، لذا قامت بتعزيز قدرتها على مراقبة تلك الحدود بشكل أفضل"، مضيفا أن هذا "قد يكون سببا في عدم قدرتها على حراسة الحدود مع الكاميرون بشكل فعال كما كان من قبل".
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن عمليات الاختطاف كان لها تأثير سلبي على حركة البضائع والماشية والبشر عبر الممر، كما يتخوف المزارعون أيضا من العمل، مما يؤدي إلى تلف المحاصيل ونقص الغذاء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أفریقیا الوسطى
إقرأ أيضاً:
هكذا تؤدي الحرب السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة
الجديد برس|
نشر موقع (آول آفريكا) الإخباري المختص بالشؤون الأفريقية تقريرا عن الحرب في السودان التي أكملت عامها الثاني اليوم 15 أبريل/نيسان 2025، قائلا إن آثار هذا الصراع لم تقتصر على الداخل فقط، بل انتشرت إلى دول الجوار.
وأوضح التقرير أن الصراع بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع يشتد حاليا، مما فاقم الأزمات الموجودة جراءه، داخليا وخارجيا.
وأشار إلى ما قاله المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، فيليبو غراندي، في فبراير/شباط الماضي عن أن ثلث سكان السودان نازحون، وأن تداعيات هذه الحرب الوحشية وغير المبررة تمتد إلى ما هو أبعد من حدود السودان.
وذكر الموقع أن نحو 3.8 ملايين لاجئ عبروا حدود السودان إلى الدول المجاورة، مما خلق أزمة إنسانية كبيرة، لأنهم غالبا ما يكونون في أوضاع شديدة الهشاشة، إذ يعانون من نقص في الغذاء والماء والرعاية الصحية. وتتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع هذا العدد بمليون آخر خلال عام 2025.
وكانت الدول المجاورة للسودان تعاني أصلا من ضغوط كبيرة جراء موجات النزوح السابقة قبل اندلاع الحرب الحالية في أبريل/نيسان 2023، خاصة مع استمرار الأزمات منذ نزاع دارفور في 2003.
وتستضيف هذه الدول أعدادا كبيرة من اللاجئين والنازحين داخليا، كما أن برامجها الإنسانية تعاني من نقص حاد في التمويل. بالإضافة إلى ذلك، يصل الفارّون من السودان إلى مناطق نائية يصعب الوصول إليها.
وقال التقرير إن تشاد ومصر تُعتبران أكثر الدول استقبالا للاجئين، حيث تستضيف مصر نحو 600 ألف سوداني، بينما تم تسجيل أكثر من 700 ألف في تشاد (وقدّرت الحكومة التشادية أن هذا العدد قد يقترب من المليون بحلول نهاية عام 2025).
وأشار الموقع إلى أن الدول المجاورة تعاني في مواجهة الطلب المتزايد على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن تدفق اللاجئين قد أدى إلى إنهاك المرافق الصحية في تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان، وسط نقص كبير في الأدوية والموارد والكوادر الطبية.
كما أن عدم وضوح حجم الدعم المالي من المانحين هذا العام أضاف مزيدا من الغموض. فعلى سبيل المثال، اضطرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى تعليق جميع العلاجات الطبية للاجئين الذين دخلوا مصر من السودان، بما في ذلك العمليات الجراحية للسرطان والقلب وعلاجات الأمراض المزمنة، مما أثر على حوالي 20 ألف مريض.
وحذرت منظمة الصحة العالمية العام الماضي من أن الوضع في السودان يقترب من “عاصفة كاملة”، بسبب انهيار نظام الرعاية الصحية، وتكدّس السكان في مناطق مكتظة تفتقر للمياه النظيفة والصرف الصحي والغذاء والخدمات الأساسية.
وأدى انهيار البنية التحتية الصحية داخل السودان إلى انتشار الأمراض، ووصولها إلى الدول المجاورة، خاصة في أماكن اللاجئين الذين تزداد قابليتهم للإصابة بالأمراض بسبب الانخفاض الحاد في معدلات التطعيم في السودان.
وسجل شركاء العون الإنساني تزايدا في حالات الأمراض ومخاوف من تفشيها، خصوصا في المناطق الحدودية ومراكز الإيواء.
واستمر التقرير في رصد معاناة الدول المجاورة للسودان، قائلا إن مصر، وليبيا، وتشاد، وجنوب السودان، وإثيوبيا، وإريتريا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، كانت تواجه أزمات داخلية مثل النزاعات والجوع والأمراض، قبل اندلاع الحرب السودانية.
وقد تسبب الصراع السوداني في زيادة العنف وعدم الاستقرار بالمناطق الحدودية، حيث وردت تقارير عن اشتباكات عبر الحدود. وفي تشاد، زاد تدفق الأسلحة ووجود الجماعات المسلحة من مستوى العنف، بينما أُفيد بأن جماعة مسلحة بدولة جنوب السودان تحالفت مع قوات الدعم السريع داخل السودان.
وذكر الموقع أن العنف الجنسي يُستخدم كسلاح في هذا الصراع، مما يعرّض ملايين الأطفال للخطر. ويدفع هذا الواقع الوحشي والخوف منه الكثير من النساء والفتيات إلى الفرار من منازلهن، ليتعرضن لاحقا للمزيد من المخاطر أثناء نزوحهن الداخلي أو عبورهن الحدود، في ظل الحاجة الشديدة إلى خدمات الرعاية الطبية والدعم النفسي.
وأفادت منظمة اليونيسيف في مارس/آذار بأن الفتيات ينتهي بهن المطاف غالبا في مواقع نزوح غير رسمية تفتقر للموارد، حيث يكون خطر العنف الجنسي مرتفعا. ومن بين ضحايا الاغتصاب المبلغ عنهم من الأطفال، كانت 66% من الفتيات.
أما الفتيان، فيواجهون صعوبات خاصة تتعلق بالوصمة الاجتماعية، مما يجعل من الصعب عليهم الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية والحصول على المساعدة.
ومن الصادم، كما ورد في التقرير، أن 16 من الضحايا كانوا دون سن الخامسة، بينهم 4 رضع لم تتجاوز أعمارهم سنة واحدة.
وأدى الصراع بالسودان إلى تعطيل طرق التجارة والأنشطة الاقتصادية، مما أثر على مصادر رزق السكان في الدول المجاورة، وتسبب بزيادة الفقر والمصاعب الاقتصادية.
ففي إثيوبيا ومصر، أدت القيود الحدودية وانعدام الأمن في الممرات التجارية إلى ارتفاع تكاليف النقل وانخفاض كبير في النشاط الاقتصادي عبر الحدود، بينما في تشاد وجنوب السودان، أدى التدفق الكبير للاجئين إلى تحويل الموارد بعيدا عن قطاعات حيوية في الاقتصاد.