سرايا - قبل عام 2011 لم يكن اسم براء قاطرجي مع إخوته يتردد ضمن الأخبار والتطورات المتعلقة بمشهد سوريا الاقتصادي والأمني، لكن الأمر تغيّر شيئا فشيئا وبالتدريج، حتى صار يطلق عليهم لقب "رجال الأعمال" رغم أنهم كانوا يفتقدون أي أرضية أو أساس، على صعيد الثروة الطائلة والعقارات.

ولم يقتصر الصعود على حد اللقب فحسب، بل وصل إلى نقطة أصبح فيها "براء" وأخيه حسام "يلعبون بالأموال" من الشرق إلى الغرب وفقا للمصطلح المحلي في سوريا، واستنادا لـ"الإمبراطورية" مترامية الأطراف ومتنوعة القطاعات، التي أسسوها في السنوات الماضية.



تفوقت تلك الإمبراطورية في تفاصيلها عن تلك التي شيدها رامي مخلوف ابن خالة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، كما يقول الباحث الاقتصادي السوري، كرم شعار، معتبرا أنها "الأكبر حاليا على الإطلاق".

واستعرض شعار سيناريوهين لمقتل براء يوم الاثنين "بضربة جوية إسرائيلية" قرب العاصمة دمشق، وأوضح أن "تصفيته سيكون لها أثر محدود على أعمال آل قاطرجي، لكون جميع الاستثمارات عائلية".

لكن، في حال كانت التصفية "بناءً على تعليمات من النظام السوري"، يمكن أن يكون ذلك مؤشرا على "بداية النهاية لأعمال العائلة ككل"، حسب الباحث الاقتصادي السوري، وهو مدير "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية".

ولم يصدر أي تعليق رسمي من جانب إسرائيل بشأن الضربة التي نسبت لها الاثنين، وأسفرت عن مقتل براء قاطرجي وأحد أفراد عائلته ويدعى أحمد عبد المعطي قاطرجي، بعد استهداف سيارتهم على طريق الصبورة، قرب دمشق.

ولم يتعاطَ النظام السوري رسميا مع الحادثة، لكن وسائل إعلام شبه رسمية مقربة منه نشرت الخبر، وربطت ملابسات الحادثة بضربة جوية نفذتها طائرة إسرائيلية، كما أطلقت على براء قاطرجي لقب "الشهيد".

وفي غضون ذلك نقلت صحيفة "فاينانشال تايمز"، الثلاثاء، عن مسؤول إسرائيلي قوله إن براء، أو كما يطلق عليه أيضا "محمد براء" كان له في السنوات الأخيرة صلات بمسؤولين كبار في جماعة "حزب الله اللبنانية" و"فيلق القدس" الإيراني.

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، أن قاطرجي "كان جزءا من الحرس الثوري والمسؤول عن العمليات الخارجية للبلاد"، ومتهم بـ"تحويل مئات الملايين من الدولارات إلى حزب الله وفيلق القدس وجماعات أخرى".

ويشمل ما سبق، وفق حديث ذات المسؤول "تحويل ملايين الدولارات إلى حزب الله منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في أكتوبر"، مضيفا أن "اغتيال قاطرجي كان يهدف إلى منع آخرين من القيام بأنشطة مماثلة".

"وسيط بين داعش والأسد"

وكانت الضربة التي أودت بحياة قاطرجي مفاجئة لسببين، الأول أنها كانت "إسرائيلية"، كما نقلت وكالات، بينها رويترز، عن مصادر أمنية.

أما السبب الثاني فقد كشفت عن صلات هذا الرجل مع "حزب الله" و"فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني، التي سبق أن أشارت إليها السعودية ضمن إجراء صنفت بموجبه براء وأخيه حسام على قوائم الإرهاب.

الأخوان المذكوران، وهما في الأصل من مدينة الرقة التي أعلنها "داعش" عاصمة له، كانا قد برزا بعد اندلاع الحرب في سوريا، بعد عام 2011، وصعدا بسرعة، بعدما لعب دور الوسيط والمسّهل للتجارة غير المشروعة بالنفط بين الأسد و"داعش".

ومؤخرا دخلا على خط الوساطة بين نظام الأسد و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، حيث سهلا تمرير شحنات النفط برا، ولا تزال شركتهما تعمل على ذلك حتى الآن، بحسب مصادر محلية.

لم يكن النفط بين "داعش" والأسد القطاع الوحيد الذي تاجر به براء وأخيه حسام بين شرقي سوريا، حيث كان يسيطر داعش، وغربها.

وبالعودة إلى الوراء، كانت وكالة "رويترز" كشفت في عام 2016 أن عائلة قاطرجي اشترت مخزون صوامع الحبوب في دير الزور من تنظيم "داعش".

وعملت فيما بعد على شراء المحصول من المزارعين عبر تجار تابعين لها، بعدما أبرمت اتفاقا مع التنظيم، شمل نقل النفط إلى مناطق النظام، وتوريد بعض السلع والأغذية بواسطة شركة "قاطرجي للنقل"، وفق "رويترز".

"على قوائم العقوبات"

بين عامي 2018 و2020 فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على الأخوين قاطرجي (براء وحسام)، وبعض مصالحهما التجارية.

وجاء ذلك ردا على تجارتهما غير المشروعة في النفط، وتقديم الدعم لنظام الأسد، ودورهما في شحن أسلحة من العراق إلى سوريا.

وتقول "فاينانشال تايمز" في تقريرها، الثلاثاء، إن براء وأخيه كانا على مدى سنوات من الأعضاء البارزين في الدائرة الداخلية للأسد، وعملوا كواجهة لمصالح تجارية واقتصادية غير مشروعة تسيطر عليها عائلة الرئيس وتستفيد منها.

وقام الأخوان قاطرجي ببناء إمبراطورية تجارية مترامية الأطراف على مدى العقد الماضي، تشمل الأعمال المصرفية والبناء والخدمات اللوجستية والنقل وتجارة النفط غير المشروعة.

وعلى هذا الطريق، نجحا في كسب ود الأسد وزوجته أسماء، من خلال تمويل الميليشيات الموالية للنظام وغيرها من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.

ويوضح "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن براء قبل مقتله كان "مسؤولا عن تمويل المقاومة السورية لتحرير الجولان، وميليشيات لواء الباقر".

ويقول إنه كان يمول أيضا "ميليشيا محلية يبلغ تعدادها بالآلاف لحماية مصالحه وخدمة للنظام".

وهو صاحب أهم شركة مسؤولة عن توريدات النفط من مناطق سيطرة "قسد" نحو مناطق النظام.

"شركات ومشاريع كبيرة"

وبحسب بيانات رسمية، وإعلانات تنشرها عائلة قاطرجي بنفسها، يعتبر براء ركنا أساسيا في شركات عدة تتبع في معظمها لـ"مجموعة قاطرجي الدولية"، التي يتعدى عملها سوريا ليصل إلى لبنان.

وتتمحور نشاطات تلك الشركات بقطاع النفط والإنشاءات والإعلام والرياضة وتقديم الحراسة الأمنية، مرورا بالسياحة والإسمنت.

وعلى صفحاتهم الرسمية، دائما ما كان حسام وأخيه براء ينشرون صورا شخصية تجمعهم برئيس النظام السوري.

وكان ذلك مستندا على الدور الاقتصادي الذي لعبوه، والسياسي أيضا.

وبينما كان حسام عضوا في "مجلس الشعب السوري"، عيّن النظام السوري أخيه براء في سبتمبر 2018 ليصبح أحد الممثلين الخمسين للجنة الدستورية التي تقودها الأمم المتحدة.

ومن ناحية أخرى، كان لافتا قبل عامين الإعلان وإسدال الستار عن شركة "بي إس للخدمات النفطية"، ومقرها لبنان.

هذه الشركة كانت تتبع لـ"مجموعة قاطرجي الدولية"، وسمح لمحطات الوقود التابعة لها باستيراد النفط الخام وتكريره في بانياس وحمص، مقابل أجور مالية تُدفع للحكومة.

ومنحت مقابل ذلك الحق ببيع المشتقات النفطية الناجمة عن التكرير في السوق المحلية أو تصديرها.


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: النظام السوری حزب الله

إقرأ أيضاً:

تعرف على أبرز النهايات الغامضة لأركان النظام السوري.. هل صفاهم الأسد؟ (شاهد)

عرف نظام عائلة الأسد في سوريا، بقبضته الأمنية القاسية، والاعتماد على دائرة ضيقة من القيادات المعروفة بشديدة الولاء، سواء في حكم حافظ الأسد أو ابنه المخلوع بشار الأسد، ولم يخل تاريخ هذا الحكم الطويل من التصفيات الداخلية.

وتكررت الاتهامات للنظام السوري بالتخلص من شخصيات في مستويات قيادية عالية، بسبب الشك في ولائها أو الخوف من تنامي نفوذها وتهديدها رأس النظام وعائلته الحاكمة.

ورغم أن تلك الاتهامات قيدت كحوادث انتحار أو تحميل مسؤوليتها للمعارضة السورية في حكم بشار الأسد، إلا شهادات قدمتها شخصيات منشقة، خلال السنوات الماضية، كشفت أن النظام متورط فيها لإقفال ملفات وإخفاء الشهود عليها.

ونستعرض في التقرير التالي أبرز الشخصيات التي اختفت عن المشهد بسوريا بحوادث مثيرة للريبة:

غازي كنعان

وزير الداخلية السوري الأسبق، ومسؤول التحقيقات إبان مجزرة حماة في ثمانينيات القرن الماضي ورئيس ما يعرف بجهاز الأمن والاستطلاع فيها لبنان، خلال فترة الوصاية السورية على لبنان والتي حمل فيها لقب حاكم لبنان الفعلي بسبب سطوته على القرار هناك.

اكتشفت جثة كنعان داخل مكتبة، بوزارة الداخلية، في أكتوبر 2005، وقال النظام إنه أقدم على الانتحار، بواسطة طلق ناري في الرأس، وهو ما أثار الشكوك بشأن هذه الرواية، والاعتقاد أنه جرى تصفيته، في ظل اعتباره الصندوق الأسود لقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، والحديث عن نيته مغادرة سوريا بما يملك من معلومات.



آصف شوكت

صهر بشار الأسد، زوج شقيقته بشرى، مدير جهاز الاستخبارات العسكرية، وأحد أهم أركان نظام بشار الأسد وتثبيته في الحكم،رفع إلى رتبة عماد في تموز/يوليو 2009 وأصبح نائبا لرئيس الأركان كما تم تعيينه نائبا لوزير الدفاع.

كان آصف شوكت أحد أعضاء خلية الأزمة التي شكلها رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، بعد اندلاع الاحتجاجات الواسعة في سوريا، عام 2011، والتي كانت مسؤولة عن القرارات الأمنية والعسكرية في البلاد في ظل حالة الطوارئ.

تعرضت الخلية لتفجير غامض في مقر جهاز الأمن القومي، والذي يعد من الأكثر الأماكن تحصينا وحماية أمنية في العاصمة السورية دمشق، في تموز/يوليو 2012، قتل على إثره مع قيادات أخرى كبيرة.

اتهم النظام المعارضة بالوقوف وراء التفجير، لكن تقارير عديدة اتهمت النظام بالتخلص من بعض رموزه معلومات عن احتمالية إطاحتهم بالأسد لنزع فتيل الاحتجاجات على حكمه.




داوود راجحة

وزير الدفاع السوري، يحمل رتبة عماد، عين في منصبه خلفا لعلي حبيب، الذي خرج من الخدمة مع بدايات الثورة في سوريا.

بقي في منصبه رغم التعديل الحكومة لحكومة عادل سفر، واستمر مع رياض حجاب الذي انشق لاحقا عن النظام.

قتل راجحة والذي يعد أول وزير دفاع من الديانة المسيحية يتسلم هذا المنصب، في تفجير خلية الأزمة، والذي تحوم الشكوك بوقوف النظام خلفه.



حسن تركماني

أحد أبرز القادة العسكريين للنظام السوري في تاريخه، كان يشغل منصب معاون نائب رئيس الجمهورية للشؤون السياسية، والقيادة القطرية لحزب البعث، ونائب القائد الأعلى للجيش ووزيرا للدفاع ما بين 2004-2009.

ومع انطلاق الثورة السورية في مارس/آذار 2011 تولى رئاسة خلية الأزمة التي كلفت بالقضاء على الاحتجاجات الواسعة ضد نظام حكم بشار الأسد.

قتل في تفجير خلية الأزمة في أشد الأماكن تحصينا بجهاز الأمن القومي في العاصمة دمشق عام 2012.




هشام بختيار
أحد أبرز الشخصيات الأمنية في النظام السوري، كان رئيس مكتب الأمن القومي في حزب البعث الحاكم سابقا بسوريا، وعضو اللجنة المركزية والقيادة القطرية للحزب، ومديرا لجهاز المخابرات السورية المعروف بأمن الدولة.


كان يشغل منصب رئيس مكتب الأمن القومي في حزب البعث السوري الحاكم . وكان عضوا في اللجنة المركزية والقيادة القطرية للحزب. كما شغل منصب مدير إدارة المخابرات العامة

عين بختيار عضوا في خلية الأزمة، التي تولت التعامل مع الثورة السورية التي اندلعت في البلاد عام 2011، وتعرض لإصابة في التفجير الذي وقع أثناء اجتماع الخلية عام 2012.

كشف الطبيب الذي عالجه في مستشفى الشامي في العاصمة دمشق، بعد حدوث التفجير في مقابلة تلفزيونية عقب سقوط الأسد، أنه أجرى عملية لبختيار، وكان إصابته عبارة عن شظية في البطن وصلت إلى الأمعاء، ولم تكن تهدد حياته بالمطلق، لكنه بعد مغادرته المستشفى أعلن مقتله، مرجحا ما أشير إلى التخلص منه.



رستم غزالة

أحد أبرز الشخصيات الأمنية في النظام السوري، ويحمل رتبة لواء، وكان الحاكم الأمني السوري للبنان، حتى الانسحاب السوري من هناك عام 2005.

عقب تفجير خلية الأزمة، اختير رئيسا لشعبة الأمن السياسي، وشارك جهازه في عمليات قمع واسعة للتظاهرات والتخلص من المعارضين بسبب نفوذ وسطوة جهازه.

أقيل من جهاز الأمن السياسي، بعد تصاعد الحديث عن خلافات حادة مع مدير المخابرات الجوية رفيق شحادة، واتهام الأخير باحتجاز غزالة عبر مرافقيه والانهيال عليه بالضرب وتعرضه لإصابات بالغة أدت إلى وفاته بعد أيام.

كشف أحد مرافقيه بعد سقوط نظام الأسد، عن تخلص النظام منه، بعد استدعائه لأحد المقرات، وتعرضه للضرب المبرح، ونقله إلى المستشفى وإهمال علاجه ليفارق الحياة، بسبب كثرة انتقاداته لبشار الأسد في أيامه الأخيرة.


مقالات مشابهة

  • استقالة مجلس إدارة الاتحاد السوري لكرة القدم
  • السفير السوري في موسكو: لم يكن لدينا نظام بل شبكة مافيا
  • بعد غربة لعقود.. الفنان السوري يحيى حوى يروي لـ”عربي21” قصة عودته إلى دمشق (شاهد)
  • نشر قائمة بأبرز المتورطين في جرائم النظام السوري السابق
  • نائب رئيس النظام السوري المخلوع يصدر أول بيان عقب سقوط الأسد.. ماذا قال؟
  • مقترح اقتصادي لاعادة العمل بخط انبوب النفط العراقي السوري
  • من نظام الأسد إلى علم الاستقلال.. الإعلام السوري يغيّر جلده في ليلة وضحاها
  • وزير خارجية تركيا يكشف الملفات التي ناقشها مع الشرع في سوريا
  • حزب الله يكشف عن المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان
  • تعرف على أبرز النهايات الغامضة لأركان النظام السوري.. هل صفاهم الأسد؟ (شاهد)