جريدة الرؤية العمانية:
2024-08-24@20:35:34 GMT

العرب بين الماضي والحاضر

تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT

العرب بين الماضي والحاضر

 

 

بدر بن علي الهادي

في عصرنا الحالي، تواجه المجتمعات العربية المسلمة تحديات عديدة، وتُعزى هذه التحديات غالبًا إلى عوامل خارجية أو إلى أعداء العرب والإسلام، لكن الحقيقة المؤلمة هي أن العديد من هذه المشاكل تنبع من داخلنا، من داخل قلوبنا وعقولنا وسلوكنا، وفي هذا المقال سأتناول الجوانب المختلفة لهذه القضية، محاولًا تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية وراء تدهور حال الأمة العربية الإسلامية.

حياة ملؤها الهروب من الحقيقة

نعيش اليوم حياة مليئة بالجُبْن والخوف، خوف من المستقبل، من الفشل، ومن فقدان ما نملكه، هذه المخاوف جعلتنا نبيع الحياة الخالدة من أجل حياة فانية رغم تحذيرات الله لنا، نعم لقد نسينا أن الحياة الدنيا ليست سوى ممر للحياة الآخرة، وأن التمسك بهذه الدنيا على حساب الآخرة هو خسران مبين.

حب الدنيا

لقد أحببنا حياتنا الحالية، بكل مساوئها، وتركنا حب الله، ركضنا خلف الشهوات والماديات، ونسينا أن السعادة الحقيقية تكمن في القرب من الله واتباع أوامره، أصبحنا نرغب فيما عند الناس من مال وجاه، ونسينا ما عند الله من نعيم لا يزول.

الإسلام الشكلي

نعيش اليوم إسلامًا غير حقيقي، إسلامًا شكليًا يفتقر إلى الروح والمضمون، نؤدي العبادات بشكل روتيني، دون أن يكون لها أثر حقيقي في حياتنا وأخلاقنا، حتى إن أغلب علماء الإسلام إن صح التعبير، والذين من المفترض أن يكونوا قدوة لنا في الزهد والتقوى، أصبحوا ينافسون الإنسان العادي في التجارة والصناعة وجمع المال والتباهي بترف الحياة.

محاسبة النفس

قبل أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وهو من صميم عقيدة الإسلام، يجب أن نتحسس أنفسنا، هل نحن قدوة للآخرين؟ هل نلتزم بما أراده الله لنا وكلفنا به؟ يجب أن نكون نحن أول من يلتزم بأوامر الله وينتهي عن نواهيه قبل أن ندعو الآخرين لذلك.

النفاق والخيانة

أصبحت المجتمعات العربية اليوم تعج بالنفاق والخيانة، نرى الناس يظهرون ما لا يبطنون، يكذبون ويخدعون بعضهم البعض، وهذه السلوكيات عمّت المجتمعات، حيث أصبح الناس يتبعون نفس الأساليب من النفاق والكذب والخداع.

غياب الرؤية الاستراتيجية

إنَّ غياب الرؤية الإستراتيجية الشاملة عند أغلب القيادات السياسية في العالم العربي أسهم في ضعف الدول أمام التدخلات الخارجية؛ حيث إنَّ وجود القادات التي تهتم برفاهية شعوبهم واستثمار الموارد بشكل مستدام يمكن أن يساعدوا في تقليل الاعتماد على القوى الخارجية وتعزيز السيادة الوطنية، إن تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي يتطلب قيادة رشيدة تهتم بمصلحة الشعب وبناء مؤسسات قوية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية لا بقيادات تدمر الأوطان وتفني الإنسان لأجل كراسي السياسة مثل ما يحصل في الوقت الحالي في أغلب البلدان العربية.

لذا؛ فإن التحديات التي تواجه المجتمعات العربية المسلمة اليوم هي في الأساس نتيجة لتقصيرها في الالتزام بتعاليم الإسلام، مسترجعاً في ذلك قول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام"؛ حيث يشير رضي الله عنه إلى أنَّ العرب لم يكن لديهم قومية تجمعهم قبل الإسلام، وأن الإسلام هو الذي وحّدهم وأعطاهم قوة وهيبة، حيث إنهم قبل الإسلام كانوا قبائل متفرقة تعيش في حالة من الانقسامات والصراعات كحالها اليوم تمامًا "حياة البؤس والحرمان".. وجاء الإسلام ليجمعهم تحت راية واحدة ويعزز مكانتهم.

إنَّ رؤية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت صحيحة وتصلح لكل زمان؛ حيث كان يقصد أن عزة العرب وقوتهم جاءت من الإسلام وليس من الانتماءات القبلية أو العرقية، فالإسلام كان العامل الأساسي في توحيدهم وقوتهم وبناء حضارة عظيمة تمتد تأثيراتها حتى يومنا هذا. لذا؛ فنحن بحاجة إلى إعادة النظر في أنفسنا، في قيمنا وسلوكياتنا، والعودة للطريق المستقيم ولا طريق سوى الإسلام الحقيقي لا النفاق الذي نعيشه.

علينا أن نكون قدوة حسنة للآخرين، وأن نلتزم بما أمرنا الله به حتى نتمكن من بناء مجتمعات قوية ومستقرة ونعود لملك الله حتى تحترمنا الأمم الأخرى.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل أمة العرب نائمة ومكتوفة الأيدي؟

منذ أيام قليلة مرّت الذكرى الـ55 لإحراق المسجد الأقصى المبارك من قبل الصهيوني/ الأسترالي مايكل دنيس روهان بشكل متعمّد، وفي ذلك اليوم المشؤوم من شهر آب/ أغسطس عام 1969، قالت المجرمة غولدا مائير، عندما سُئِلت عن أسوأ يوم وأسعد يوم في حياتها فقالت: أسوأ يوم في حياتي يوم أن تمّ إحراق المسجد الأقصى، في تلك الليلة لم أنم، لأنّني خشيت من ردّة الفعل العربية والإسلامية، وأسعد يوم كان هو صبيحة اليوم التالي، لأنّهم لم يفعلوا شيئا واكتشفت أنهم "أُمّة نائمة"، على حدّ تعبيرها!!

وهنا تنهال الأسئلة على الأذهان، وتختلط الأمور بعضها مع بعض، ويتساءل الواحد منّا: ما الذي يجري؟

أين جامعة الدول العربية التي تضم 23 دولة؟

أين منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة عربية وإسلامية؟ وهل حقا نحن أمة نائمة؟

وهل صدق القائل عندما قال: إننا نأكل بالأرطال ونشرب بالأسطال وننام الليل مهما طال ونطلب مقامات الرجال؟!

لعلها المرة الأولى في تاريخ الصراع مع المحتل الصهيوني التي تصل فيها أخبار المجازر والمذابح بالصوت والصورة فور وقوعها، ولعلها المرة الأولى التي تتمايز فيها المواقف وتتضّح حقيقتها في الشرق والغرب، ولعلها أيضا المرة الأولى التي تقف فيها الشعوب العربية واعية بعجزها
هل عجزت دول العالم ومجلس الأمن الدولي على إجبار الكيان الصهيوني وفرض وقف إطلاق النار وإيقاف المجازر اليومية؟

وأين الشعوب العربية؟ هل عجز بعضهم عن إجبار حكوماتهم طرد سفراء الكيان الصهيوني من دولهم؟

وكيف أن الشعوب والحكومات العربية والإسلامية عاجزة عن إدخال قارورة ماء إلى قطاع غزة المحاصر، وهي تسمع وتشاهد حرب الإبادة، ويُستشهد كل يوم مئات الأطفال والنساء بالطائرات الصهيونية وبأطنان القنابل أمريكية الصنع والأسلحة المحرمة دوليا وتحويل غزة إلى ركام وإلى بركة من الدماء وساحة للجثث والأشلاء الممزقة، ولا شيء ينجو ويسلم من قصف الاحتلال الهمجي؟

لعلها المرة الأولى في تاريخ الصراع مع المحتل الصهيوني التي تصل فيها أخبار المجازر والمذابح بالصوت والصورة فور وقوعها، ولعلها المرة الأولى التي تتمايز فيها المواقف وتتضّح حقيقتها في الشرق والغرب، ولعلها أيضا المرة الأولى التي تقف فيها الشعوب العربية واعية بعجزها كجثة جامدة مخدّرة لا تقوى على الحركة!!

أين ذهبت الشعوب العربية؟ وأين اختفى مليارا مسلم؟ ولماذا عجزت الشعوب عن الحراك والتظاهر والتضامن إلّا "من رحم الله"؟

لماذا عجزت الحكومات والدول عن إيقاف العدوان والمجازر اليومية؟

أين العلماء ورجال الدين وأين فتاوى الجهاد التي كانت تصدر عنهم من قبل؟!

المجازر اليومية وحرب الإبادة الوحشية على غزة منذ ما يقارب 11 شهرا، قد أرخت بظلالها على دول العالم الغربي، وكشفت العالم على حقيقته، وأزالت مساحيق الكذب والخداع عن الحضارة وحقوق الإنسان التي تتغنى بها تلك الدول، وكشفت الدول الغربية والعربية الحليفة والحارسة للمحتل، ومحّصت الخبيث من الطيب، فإن لم تستيقظ الشعوب العربية ستدفع ثمنا باهظا
لم تكن حرب الإبادة هذه تحدث، لولا يقين العدو الصهيوني بأن بعض الحكام متخاذلة والشعوب نائمة، ولا أحد من دول الجوار سيتحرك للدفاع عن أهل غزة وإيقاف المجازر، كان المحتل على يقين بأن الشعوب العربية تقع خارج معادلة الصراع بعد أن نجح النظام الدولي عبر وكلائه في ترويض وتدجين الشعوب وإخضاعها بأدوات القوة الصلبة والناعمة.

ولم يجرؤ الاحتلال الصهيوني وآلة القتل الوحشية على ارتكاب هذه المجازر، لولا الحماية والدعم غير المحدود من الغرب ووكلاؤه من العرب، ولإدراكه أن الأمة في سبات عميق، وكأن القضية لا تعنيها!

مما لا شك فيه أن المجازر اليومية وحرب الإبادة الوحشية على غزة منذ ما يقارب 11 شهرا، قد أرخت بظلالها على دول العالم الغربي، وكشفت العالم على حقيقته، وأزالت مساحيق الكذب والخداع عن الحضارة وحقوق الإنسان التي تتغنى بها تلك الدول، وكشفت الدول الغربية والعربية الحليفة والحارسة للمحتل، ومحّصت الخبيث من الطيب، فإن لم تستيقظ الشعوب العربية ستدفع ثمنا باهظا، وسيسجل التاريخ الذي لا يرحم الخائنين والمتآمرين في سجل العار، وإذا ما بقيت الأمة على هذه الحال، سوف يتمدّد هذا الاحتلال ويتوسع وسينتشر كالسرطان وسيجتاح البلاد ولن يرحم شعوبها.

تمر السنوات والأيام والمجازر تلو المجازر، وتبقى اليد الملطخة بالدماء والعار شاهدة على خبث ودناءة الاحتلال وشركائه وحلفائه في أحداث غزة.

أما آن للشعوب العربية والإسلامية، الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقفة جادة، وكسر حالة الصمت والخنوع المُخزي لبعض الحكام والملوك العرب وتذكيرهم "بيقظة ضمير" قبل فوات الأوان، وتذكيرهم بأن التاريخ سيسجل ولن يرحم الخيانة والتآمر على الشعب الفلسطيني؟

فإلى متى تبقى أمة العرب نائمة ومكتوفة الأيدي؟

مقالات مشابهة

  • «الثقافة» تدشن أولى فعاليات البرنامج الثقافي بقرى حياة كريمة في برج العرب
  • هل أمة العرب نائمة ومكتوفة الأيدي؟
  • برنامج متنوع لقصور الثقافة بقرى "حياة كريمة" ببرج العرب غداً
  • خطيب الجمعة بالأزهر: الخشية من الله أحد أسباب إصلاح المجتمعات
  • كيف يكون المؤمن القوي نموذجاً للتقوى والعمل الجاد في الإسلام (شاهد)
  • موعد غرة شهر ربيع الأول فلكيًا
  • الحكمة من تحريم الدم والميتة وأذية الحيوان في الإسلام
  • "عادات البادية في الماضي والحاضر".. ضمن نقاشات ثقافة الفيوم
  • عاجل.. وزير الإسكان يُصدر قرارات لإزالة التعديات ومخالفات بناء بالقاهرة الجديدة والمنيا وبرج العرب الجديدتين
  • حكم من يعتنق الإسلام دون إشهاره لسنوات