د. خالد الغيلاني
حدثٌ لم نعتد عليه في بلادنا، أقضَّ مضاجع النَّاس، واستنفر أهل الاختصاص، كثرت حوله الأقاويل، وسرت الأخبار سريان النَّار في الهشيم، والنَّاس بين مصدق ومُكذب، إطلاق نار على مجموعة من الأشخاص، في ليلة آمنة وادعة، من ليالي محرم الحرام وأيامه العظيمة المشرَّفة عند جموع المُسلمين في شتى البقاع والأصقاع.
قد يكون الحادث وقع بشكل فردي، وربما وفق تخطيط من يد خبيثة لعينة، وفكر مُتطرف عقيم، أزعجها أمن البلاد وأمانها، وساءها رقي أهل الوطن وسلامهم وهدوؤهم، فسولت لهم أنفسهم أمرا خطيرا، وفعلا مجرما، فلا ريب أن البعض من ذوي النفوس الضعيفة، والنوايا السيئة، لا يرجون لعُمان خيرا وأملا، ولا يرنون لها سعادة وسؤددا، ولكن هيهات هيهات وبُعدًا للقوم الظالمين.
فها هي عيون الرجال المُخلصين، وحماة الحق وحُرّاس المبادئ، العيون الساهرة على أمن وأمان هذا الوطن الغالي والصقور الضاربة، ودرع الوطن، وعدته يوم الكريهة، يواجهون مخططات الشيطان وألاعيب إبليس.
فقد انبرى أشاوس شرطة عُمان السلطانية ومختلف أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية ذات العلاقة ومن شتى الوحدات والتخصصات، وتعاونوا جميعاً لمجابهة هذا الفعل الآثم، ورغم أنه حدث غير مألوف، ولكنها استعدادات الرجال، وفعل الصناديد الأبطال، الذين هم مدربون لكل حادث ومستعدون لكل خطب.
ومن وراء رجالنا البواسل، شعب أبي كريم، فأهل عُمان قاطبة عدة الحروب وعتادها، وسور الوطن المنيع، وحصنه الرفيع.
فوالله الذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فإن أرواح أبناء عُمان رخيصة فداء للوطن وسلطانه المُعظم، وكيف لا وهم أوفياء من كرام العرب.
وعند هذه الأحداث تظهر معادن الرجال، ويستبين غثها من سمينها، ويُعلم عدوها من صديقها. وفي هذا الموقف نحن أكثر عزمًا، وأشد حزمًا، وأسرع طوعا لمولانا السلطان المعظم، فله منَّا جميعا الولاء الخالص، والطاعة التامة، والسمع والتنفيذ، وليعلم الجميع أننا أبناء عمان من مسندم العز والسؤدد إلى ظفار النصر والفزعة، سهام كنانة مولانا السلطان، حيثما وجهها توجهت، سلمًا لمن سالم، وحربًا لمن خاصم. وما تزيدنا هذه الحوادث إلا عزة وشموخا، ووحدة وحمية وحضورا.
وتبقى عُمان بلادنا العزيزة الغالية موطن الأمن والأمان، ومستودع السلم والسلام، وملتقى الجميع من كل أنحاء المعمورة.
حفظ الله بلادنا من كل كيد وعداوة، وأدام لسلطاننا الخير العميم، والفضل الكبير، ولأبناء عمان وحدة الصف والكلمة، ودوام المحبة والمودة.
"وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ"...،
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تقرير: الجميع سيكون خاسرا إذا نفذ ترامب حربه الاقتصادية
سلط تقرير نشره موقع "لو ديبلومات" الضوء على سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحمائية وحرب الرسوم الجمركية التي يريد من خلالها تقليص عجز الميزان التجاري الأمريكي، معتبرا أن المضي قدما في هذه القرارات قد يعني خسارة اقتصادية للجميع ونهاية حقبة التجارة الحرة.
وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب يفكر من منظور المكاسب النسبية وليس المصالح المطلقة، وهذا ما يجعل منه محاربا في ساحة معركة، وليس تاجرا في حلبة منافسة اقتصادية.
منطق ترامب
يرى الموقع أن هناك من يعتبر ترامب مجنونا، لكن ذلك غير صحيح، فهناك اتساق في سياساته الحمائية، إذ يحمل لواء الطبقة الوسطى الأمريكية، ويريد وضع نهاية للتجارة الحرة لأن العولمة جعلت من أمريكا دولة تعتمد على بقية العالم، من خلال نقل الصناعات كثيفة العمالة إلى الخارج.
لكن ما يقوض هذا الاتساق وفقا للموقع، هو أن ترامب يحدد نسبة الرسوم الجمركية وفق منطق طالب في الصف الثاني الابتدائي، فإذا كانت هناك واردات بقيمة 300 مليار دولار وعجز قدره 200 مليار دولار، فإن الرسوم تكون بنسبة 33 بالمئة.
تبدو هذه الاستراتيجية شديدة التطرف إذ إن فرضها بشكل مفاجئ بين عشية وضحاها يُشبه إلى حد كبير "ثورة شاملة" في مجال التجارة العالمية، وقد يُدخل العالم في أزمة اقتصادية كبرى تشبه الكساد العظيم عام 1929.
ويرى الموقع أن ترامب كان يستطيع أن ينفذ سياسته الحمائية بشكل أكثر ذكاء، من خلال زيادة النسب الضريبية تدريجيا، لفسح المجال للنظام الاقتصادي للتكيّف مع المتغيرات.
هل ستقع الحرب؟
يقول الموقع إن الإجابة عن هذا السؤال تتطلب الابتعاد عن النهج الاقتصادي البحت في التحليل والنظر إلى المعطيات الراهنة من منظور استراتيجي يأخذ في الاعتبار المنطق العسكري.
يشرح الموقع بأن الأزمات تقع في لحظات التحول التي تقرر فيها قوتان تراقبان بعضهما البعض الدخول في صراع، إما لأن القوة المهيمنة تريد كسر عظام منافس ناشئ، أو لأن المنافس يعتقد أنه قادر على تحدي الطرف الأقوى في النظام. وفي هذه الحالة، قرر ترامب أن يوجه ضربة قوية للصين قبل فوات الأوان.
وحسب الموقع، تكمن تعقيدات هذه اللحظات المفصلية في أن كل شيء يعتمد على تقدير الطرف المهاجم لموازين القوة، وإذا كانت هذه التقديرات خاطئة، فقد يتحول الهجوم الوقائي أو الانقلاب الجيوسياسي إلى كارثة. وعلى سبيل المثال، دفعت ألمانيا القيصرية، التي اعتقدت أنها قادرة على سحق روسيا قبل أن تصبح دولة صناعية، ثمنًا باهظًا عام 1918.
ويضيف الموقع أن ترامب يعتقد حاليا أنه قادر على إخضاع الصين، حتى لو تطلّب الأمر استنزاف حلفائه. ويشبه الأمر قيام روما، من أجل الإطاحة بقرطاج، بفرض ضرائب على جميع مقاطعاتها لتمويل فيالقها التي تحارب العدو.
وليس هذا هو المثال الأول الذي تراهن فيه واشنطن بكل أوراقها، كما في لعبة البوكر، لإجبار خصمها على اللجوء إلى احتياطياته. فقد وجّه الرئيس السابق رونالد ريغان الضربة القاضية للاتحاد السوفيتي من خلال إطلاق برنامجه الفضائي. وفي الثمانينيات، فرضت واشنطن على اليابان سياسة التقييد الذاتي في المبادلات التجارية.
أما فيما يتعلق بالصين، فإن ترامب ينفذ -وفقا للموقع- مزيجا من الاستراتيجيتين: فهو يزيد بشكل كبير من تكلفة المواجهة (وهو ما قد يتسبب في تدمير أوروبا وإجبارها على الانسحاب من طاولة المفاوضات)، وفي الوقت نفسه يحاول تفكيك منظومة الصادرات الصينية.
عاملان أساسيان
ويرى الموقع أن ترامب يغفل بذلك عاملين أساسيين في المعادلة، الأول هو أنه من خلال معاقبة الأصدقاء والأعداء على حد سواء، قد يتسبب في رد فعل موحد قائم على مبدأ الأمن الجماعي، أي أن تتفق جميع الدول المؤيدة للتجارة الحرة على معاقبة واشنطن.
لذلك، فإن ترامب قد يتمكن من هزيمة الصين، لكن من الصعب أن يستطيع هزيمة النظام الدولي بأكمله، كما أن فكرة تحالف الصين وأوروبا ستكون خطيرة للغاية رغم أنها مازالت مجرد فكرة خيالية.
أما العامل الثاني الذي يتجاهله ترامب فهو الأسواق ذاتها، والتي لم تُعجبها على الإطلاق سياسات ترامب العدائية.
ويوضح الموقع أن قرارات الرئيس الأمريكي قد تعجب "المحافظين" المنسجمين مع سياساته، لكنها لن تلقى صدى إيجابيا لدى حلفائه من أصحاب الشركات الكبرى، وفي مقدمتهم إيلون ماسك الذي ينظر بقلق إلى تراجع أرقام مبيعات تسلا.
"الجميع خاسر"
يقول الموقع إنه في حال قرر ترامب تنفيذ خطته، فإن السؤال الأهم سيكون: ما سلسلة الأحداث الخطيرة التي قد تتوالى نتيجة لهذا القرار؟
وحسب الموقع، فإن السياسة الحمائية أشبه بسباق تسلح، فإذا تسلح أحد الأطراف، على الجميع أن يفعل الشيء ذاته، لذلك لن يكون أمام أوروبا والصين خيار سوى الرد على ترامب، ما يعني نهاية التجارة الحرة.
وفي هذه الحالة، سيكون الفائزون من الناحية النظرية هم أولئك الذين يتمتعون بالاكتفاء الذاتي والسيادة. لكن عمليًا، فإن مستوى الترابط الاقتصادي الشديد يعني أن الجميع قد يخسر.
ويختم الموقع بأنه من مصلحة الجميع أن لا تندلع الحرب الاقتصادية، أو على الأقل أن لا تندلع في وقت قريب، وفي هذه الاثناء على الجميع أن يركز على إعادة التصنيع.