عندما يقتصر العلم على الشهادة
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
سعيد بن حميد الهطالي
saidalhatali75@gmail.com
إنَّ الإسلام دين العلم والمعرفة، وقد جعل طلب العلم فريضة على كل مُسلم ومسلمة منذ بزوغ فجر الإسلام؛ حيث جاءت الأوامر الربانية والنبوية مشددة على أهمية العلم ودوره المحوري في بناء الفرد والمجتمع، ولم يقف الإسلام عند حد الحث على العلم الديني بل شجع أيضاً على العلوم الدنيوية التي تسهم في تقدم البشرية ورفاهيتها؛ كونها من أعظم أدوات التقدم والتطور التي يمتلكها الإنسان.
ولأنَّ قيمة العلم الحقيقية تتجاوز مجرد الحصول على المعلومات أو الشهادات الأكاديمية لتشمل الطريقة التي يتفاعل بها الفرد مع المعرفة والتجارب الجديدة والتحديات، تقدّر عندما يتم استيعابه، وممارسته، وتطبيقه ليصبح أسلوب حياة، ومحصلة وقيمة مضافة عليها، ووسيلة مثلى لتحسين جودتها وتقدمها، وتوجيهه نحو الأهداف السامية، ومراعاته للقيم الأخلاقية، والاجتماعية، والبيئية، وتوسيع آفاق المعرفة، والتطور الفكري، والاجتماعي، والنضج العقلي، كما يُعزز التفاعل، وفهم العالم من حولنا بشكل أعمق.
فمن طبيعته أن يكون دائماً مصدراً للفهم والتطور، إلا أنه في بعض الحالات قد لا يخدم صاحبه، ويصبح غير مفيد للإنسان إذا أدى إلى تعميق الفجوة بينهُ وبينهِ، الذي لم يسع لينال منه سوى تلك الورقة المختومة بختم اعتماد التخرج التي تدعى (الشهادة)، التي قد تصل بصاحبها إلى أعلى درجات التحصيل العلمي دون أن ينعكس ذلك التحصيل على فكره ووجدانه، وسلوكه، وصحته، وحياته.. لأنَّ علمه اقتصر على الشهادة التي ربما أراد بها تزيين جدران بيته أو مكتبه، أو سعى لها من أجل غاية أو حاجة أخرى في نفسه، وليس كوسيلة ليتعدى بها الجهل، ويثري بها المعرفة البشرية، وينمي بها من أفكاره ومعارفه، ويطور من أساليبه، وسلوكه، وثقافته في شؤون حياته المختلفة..
فالتعليم ليس دائما مؤشراً على الذكاء أو الوعي أو المعرفة، فقد يكون هناك أشخاص فارغين من فكر التعليم بالرغم من حيازتهم على شهادات أكاديمية مرموقة، لا يظهرون مستوى عالياً من الوعي أو الثقافة ليبقى العلم مجرد معرفة فارغة منزوعة القيمة بلا فائدة لهم، ويكون مصدراً للأسى والخيبة، منقوص الإبداع، من أهدافه الرئيسية اجتياز الامتحانات، والحصول على درجات عالية، بدلاً من الاستفادة من تجاربه التعليمية ومهاراته العملية، وتحقيق نمو مستمر يُسهم في تطوير القدرة على التفكير المستقل، وحل المشكلات، وفهم الموضوعات، وتنمية المهارات الحياتية، والمساهمة بشكل إيجابي وفاعل في خدمة الوطن والمجتمع.
بينما يوجد في المقابل آخرون قد لا يكملون تعليمهم، ولكن لديهم معرفة وفهم عميق في مجالات معينة في الحياة نتيجة الاهتمام الشخصي بالقراءة، أو الدراسة الذاتية، أو الخبرة العملية.
يقول الأديب مارون عبود: "دخلت الجامعة وأنا جاهل بلا شهادة، وتخرجت فيها وأنا جاهل صاحب شهادة". وثمة قول ينسب إلى أحد الفلاسفة: "الشهادة ورقة تثبت أنك تعلمت، لكنها لا تثبت أنك فهمت".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"تقنية عبري" تنظم معرضا لإبراز القدرات البحثية وربطها بالقطاعين الاقتصادي والاجتماعي
عبري- ناصر العبري
افتتح سعادة نجيب بن علي بن أحمد الرواس محافظ الظاهرة، معرض "تأثير الخبرة البحثية: الربط بين الأوساط الأكاديمية والمجتمع" الذي نظمته جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بعبري، في فعالية تجسّد توجه الجامعة لتعزيز دور البحث العلمي في خدمة التنمية وربط مخرجاته بالواقع الصناعي والاجتماعي.
ويهدف المعرض إلى إبراز القدرات البحثية المبتكرة لدى الجامعة، وتوفير منصة تفاعلية تجمع الأكاديميين والباحثين مع ممثلي الصناعة والقطاع الحكومي، لاستكشاف إمكانيات تحويل المعرفة إلى حلول واقعية تعود بالنفع على المجتمع.
واستُهل حفل الافتتاح بكلمة ترحيبية ألقاها الدكتور الأمير بن ناصر العلوي مساعد رئيس الجامعة بفرع عبري، أكد فيها على أهمية التكامل بين البحث العلمي واحتياجات المجتمع، مشيرًا إلى أنَّ الجامعة تضع في مُقدمة أولوياتها توجيه البحوث نحو تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040.
عقب ذلك، ألقى الدكتور صلاح الزدجالي المدير العام لبرامج البحث وبناء القدرات بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الكلمة الرئيسية الأولى، حيث سلط الضوء على جهود الوزارة في تعزيز منظومة البحث والابتكار عبر برامج تمويلية وتدريبية استراتيجية.
وأوضح الزدجالي أن الوزارة قدمت تمويلًا بلغ 2.46 مليون ريال عماني خلال عام 2024 لدعم مشاريع بحثية تخدم قطاعات حيوية كالصحة والزراعة والطاقة، كما استعرض أبرز البرامج مثل التمويل الكتلي والبرنامج الاستراتيجي للبحث وجائزة البحث الوطني، إلى جانب إتاحة فرص المشاركة في محافل علمية دولية.
من جانبها، قدمت نجاح الراشدية المدير العام لمركز الابتكار بالوزارة، الكلمة الرئيسية الثانية، والتي تناولت فيها برنامج إيجاد كمبادرة وطنية داعمة للابتكار في مؤسسات التعليم العالي، موضحة أن البرنامج يركز على تمكين الشباب من تحويل أفكارهم إلى مشاريع ابتكارية قابلة للتطبيق، وتعزيز الشراكات بين الجامعات والقطاع الصناعي، بما يسهم في بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة.
وتضمن المعرض عدة أركان بحثية وابتكارية قدمت نماذج تطبيقية لمشاريع طلابية وأكاديمية ناجحة، إلى جانب حلقات عمل وجلسات تفاعلية تناولت مسارات التعاون الأربعة بين الجامعات والصناعة: حلول البحوث، تطوير الابتكار، تنمية المواهب، ونقل المعرفة، مع تسليط الضوء على قصص نجاح محلية تعكس الأثر الحقيقي للتكامل بين المعرفة الأكاديمية واحتياجات السوق.
ويُعد هذا المعرض منصة استراتيجية ضمن جهود الجامعة لترسيخ ثقافة الابتكار والبحث التطبيقي، وتعزيز الشراكة المجتمعية، بما يتماشى مع أولويات السلطنة نحو اقتصاد قائم على المعرفة والتنمية المستدامة.