تقرير دولي يعرّي طموحات إيران البحرية الجديدة
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
سلط تقرير جديد لمجلة الشؤون الخارجية الضوء على تنامي طموحات إيران لتوسيع نفوذها البحري، بما في ذلك دعمها لمليشيا الحوثي لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن وبحر العرب.
التقرير أعده الباحث الإيراني حميد رضا عزيزي، وهو زميل زائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية وباحث غير مقيم في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية، ويتناول بالتحليل المكثف أنشطة إيران العسكرية في البحار وتوجيهها لأذرعها المليشاوية في اليمن ولبنان والعراق وسوريا لتنفيذ هجمات بحرية تعزز نفوذ طهران في البحار أمام النفوذ الأمريكي والبريطاني.
ويفيد التقرير بأن الحوثيين لا يعملون بمفردهم في تنفيذ هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب. فالجماعة جزء من "محور المقاومة" الإيراني وهو عبارة عن شبكة مؤلفة من شركاء غير حكوميين [من غير الدول] في معظمهم، تحشدهم طهران لخدمة أهدافها الإقليمية. ويؤكد أن طهران قدمت الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية لدعم هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مشيرا إلى التأييد العلني الذي أظهره القادة الإيرانيون للهجمات على السفن التجارية.
ويوضح التقرير أنه بالنسبة إلى إيران، فإن مساعدة الحوثيين في الهجمات هي مجرد جزء واحد من تحول استراتيجي أوسع، يعتمد بصورة متزايدة على القدرات البحرية من أجل إبقاء أعداء إيران في موقف دفاعي، لافتا إلى أنه قبل ما يقارب أربعة أعوام كانت أنشطة إيران البحرية تقتصر إلى حد كبير على عدة مئات من الزوارق السريعة التابعة للحرس الثوري الإيراني التي تقوم بدوريات في الخليج العربي، والتهديدات الدورية بإغلاق مضيق هرمز الذي يعتبر ممرا حيويا ضيقا تمر عبره شحنات النفط العالمية. ولكن في الآونة الأخيرة حصلت القوات البحرية الإيرانية على سفن أكثر تقدماً، بما في ذلك غواصات جديدة وسفن حربية مسلحة بالصواريخ، وبدأت توسيع نطاق عملها وصولاً إلى المحيطين الأطلسي والهادئ. كما يوضح التقرير أن هذه التغييرات تتماشى مع عقيدة "الدفاع المتقدمة" التي تبنتها إيران بعد الحرب الإيرانية العراقية عام 1988 وتعززت في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، وهي استراتيجية تهدف إلى مواجهة الخصوم بعيداً من حدود إيران قبل أن يتمكنوا من تشكيل تهديد للوطن.
بحسب التقرير أصبحت القوة البحرية المحدثة الآن عنصراً محورياً في استراتيجية إيران العسكرية. والأدوات التي كثيراً ما كانت أساساً في الدفاع الإيراني المتقدم في البر، على غرار الصواريخ والطائرات المسيرة والميليشيا الوكيلة، صارت تستخدم اليوم في البحر. ومن أجل تعزيز قدراتها بصورة أكبر أقامت طهران شراكات بحرية مع الصين وروسيا. ومن خلال زيادة وجودها البحري لا تهدف إيران إلى ردع الهجمات التي تشنها الجهات الأجنبية الراغبة في إلحاق الضرر بها فحسب، بل أيضاً إلى تهديد هؤلاء الخصوم بصورة مباشرة، وبخاصة الولايات المتحدة.
وفي حين اعتبر التقرير هذه الأنشطة الإيرانية تهديدا بحريا، أشار إلى أنه ينبغي على واشنطن العمل على تقوية نظام الشحن الدولي من خلال إنشاء طرق تجارية بديلة، وبالتالي إقناع طهران بالعدول عن تعطيل النقل البحري في المقام الأول من خلال السماح لها بالاندماج المحدود في نظام التجارة العالمي. إضافة إلى ذلك، ومع تحسن العلاقات بين إيران وشركاء الولايات المتحدة في الخليج، نصح كاتب التقرير واشنطن بأن تشجع هؤلاء الشركاء على ممارسة نفوذهم لكبح جماح الاستفزازات الإيرانية، وأن تتعاون عسكريا بصورة وثيقة مع حلفائها لمواجهة القوة البحرية الإيرانية واحتوائها.
دفاع متقدم
تطرق التقرير إلى التغييرات الملحوظة التي أدخلتها إيران أثناء تطوير استراتيجيتها البحرية، ومنها أولاً، تولي القوة البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني دوراً مهيمناً. ويضيف أنه تاريخياً، كانت تلك القوة تتألف من أسطول من الزوارق السريعة الحركة التي ضايقت السفن الأميركية في الخليج العربي ومضيق هرمز. وفي الوقت نفسه، كانت القوة البحرية التقليدية الإيرانية التي تستخدم سفناً أكبر تقوم بدوريات وتنفذ عمليات لمكافحة القرصنة، وتجمع معلومات استخباراتية في المياه البعيدة وهي مهام دفاعية بصورة أساس. إلا أن هذا التفاوت في القدرات بين القوتين البحريتين اختفى فعلياً في يناير الماضي، عندما تلقت البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني سفينتين حربيتين متطورتين جديدتين. ومن المتوقع أن تتلقى مزيداً منها في الأعوام المقبلة.
ويؤكد التقرير أن هذه السفن ستسمح لبحرية الحرس الثوري الإيراني بإجراء عمليات خارج الخليج العربي وخارج نطاق مهام القوات البحرية التقليدية، لافتا إلى أنه خلال عام 2020 كلف المرشد الأعلى علي خامنئي الحرس الثوري الإيراني على وجه التحديد بتوسيع قدرة إيران على الوصول إلى الخصوم في المياه البعيدة، بما يتماشى مع استراتيجية تعرف باسم "اليد الطويلة".
أما التغيير الملحوظ الآخر فهو القدرة التكنولوجية التي تتمتع بها القوة البحرية الجديدة، حيث تركز إيران الآن بصورة متزايدة على تسليح أسطولها البحري بأحدث التقنيات. فقد جهزت طهران السفن الحربية التابعة لبحرية الحرس الثوري الإيراني بأنظمة صاروخية متقدمة يصل مداها إلى 430 ميلاً بعد أن كان مداها يصل إلى 1200 ميل فقط من الأراضي الإيرانية.
ويشير الباحث إلى تقرير آخر نشرته صحيفة تليغراف يفيد بأن وحدة في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وهي تتضمن قوات النخبة المكلفة بعمليات خارج الحدود الإقليمية أرسلت أسلحة إلى "حزب الله" من طريق إخفائها على متن سفن شحن تنطلق من مدينة بندر عباس، وتتوقف في ميناء اللاذقية السوري، إذ تفرغ الأسلحة قبل مواصلة رحلاتها التجارية. واستخدمت إيران أيضاً "ناقلات النفط الشبحية" (وهي سفن تعطل أنظمة التتبع الخاصة بها وتغير أسماءها وتفاصيل تسجيلها لتجنب اكتشافها) لتوصيل النفط إلى سوريا، إذ يحافظ الرئيس السوري بشار الأسد على تحالف وثيق مع طهران ويعد عضواً مهماً في محور المقاومة. وفي البحر الأحمر كانت السفينة الإيرانية "بهشاد" تقدم الدعم في مجالي الاستخبارات والمراقبة لهجمات الحوثيين على الشحن الدولي.
وهناك عنصر رئيس آخر في الأنشطة البحرية الإيرانية وهو إحكام سيطرة البلاد على الممرات المائية الاستراتيجية، حيث تتيح الجغرافيا الخاصة بإيران لقواتها البحرية الوصول إلى الخليج العربي ومضيق هرمز، الذي يشحن عبره ما يزيد على 20 في المئة من النفط المستهلك عالمياً. ويؤكد التقرير أن شراكة طهران مع الحوثيين تمتد إلى مضيق باب المندب، مذكرا بتصريح للرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني عام 2018 عندما قال: "لدينا مضائق متعددة، ومضيق هرمز هو مجرد واحد منها". ويضيف أن هجمات الحوثيين على السفن اليوم تجعل كلمات روحاني تبدو وكأنها كانت بمثابة تحذير.
كما ينقل التقرير عن وسائل إعلام حكومية إيرانية أفادت أن طهران زودت الحوثيين بصواريخ باليستية إيرانية الصنع مضادة للسفن وأن التكنولوجيا الإيرانية ساعدت الحوثيين في ضرب السفن في البحر الأحمر. ومن المحتمل أن تكون إيران نقلت تكنولوجيا صاروخية مماثلة إلى "حزب الله"، الذي يعتقد أنه يمتلك بالفعل صواريخ روسية الصنع مضادة للسفن. ومن خلال الجمع بين قدراتها الخاصة من جهة والمواقع الساحلية والقدرات البحرية التي يتمتع بها أعضاء محور المقاومة من جهة أخرى، تستطيع إيران إبراز قوتها خارج الخليج العربي وصولاً إلى البحر الأحمر وشرق البحر الأبيض المتوسط.
ويرى كاتب التقرير أن الشراكات مع الصين وروسيا تشكل الركيزة الأخيرة في استراتيجية إيران البحرية. فمنذ عام 2019 أجرت الدول الثلاث أربع مناورات بحرية مشتركة، كانت آخرها في خليج عُمان في مارس الماضي. كما يشير إلى طلب إيران المساعدة الروسية في تطوير صواريخ بحرية دقيقة أكثر تقدماً طويلة ومتوسطة المدى مقابل موقفها مع روسيا في حربها في أوكرانيا.
جاذبية البحر
يرى كاتب التقرير أن هذه الاستراتيجية البحرية الإيرانية المحدثة هي في المقام الأول عبارة عن استجابة للتحولات في بيئة البلاد الأمنية. فأولاً، ترى طهران حاجة إلى تنويع خياراتها من أجل التصدي للولايات المتحدة. فبعد أن كانت القواعد العسكرية الأميركية في دول الخليج أهدافاً سهلة لإيران عندما كانت التوترات الدبلوماسية تتصاعد بين الدولتين، اتخذت لإيران على مدى العامين الماضيين خطوات للتصالح مع جيرانها العرب، وهي الآن أكثر تردداً في تعريض هذه العلاقات للخطر. ونتيجة لذلك انخفضت قدرات طهران على تهديد القواعد الأميركية في المنطقة بصورة ملحوظة. وفي مثال واضح على الحذر الإيراني، أبلغت طهران دولاً خليجية عدة بخططها، قبل هجومها الكبير بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل في أبريل، وذلك من أجل الاطمئنان إلى أن العملية لن تمتد إلى أراضي تلك الدول، بل ستقتصر على إسرائيل.
ويقول التقرير إن إيران بدأت توجه تهديداتها نحو المصالح الأمريكية في مواقع بعيدة من أجل تجنب إمكانية إثارة غضب جيرانها، مستدلا بتصريح قائد القوات البحرية في الحرس الثوري علي رضا تنكسيري في مايو الماضي، أن إحدى السفن الحربية الجديدة المجهزة بالصواريخ أبحرت قرب دييغو غارسيا، وهي جزيرة نائية في المحيط الهندي حيث يتمركز أفراد عسكريون أميركيون. وكانت هذه المناورة بمثابة رسالة واضحة للولايات المتحدة مفادها أن الأسطول البحري الإيراني يوسع نفوذه ونطاق عملياته البحرية.
ويتابع أن استراتيجية إيران الجديدة تهدف أيضاً إلى تقييد إسرائيل، حيث تمنح إيران وكلاءها الوسائل اللازمة لفرض كلفة كبيرة على تل أبيب من خلال تزويد "حزب الله" والحوثيين بطائرات مسيرة وصواريخ مضادة للسفن لاستهداف شحنها وموانئها، مشيرا إلى أن مجرد امتلاك هذه القدرات يعزز نفوذ إيران على إسرائيل مما يجبر هذه الأخيرة على أن تضيف إلى حسابتها الاستراتيجية خطر صد الهجمات على جبهات متعددة.
كما يرى كاتب التقرير أن إيران تسعى لاستخدام وجودها البحري لزيادة كلف الصراع على خصومها، من خلال تحسين قدرتها على عرقلة طرق العبور والشحن الدولية، مثلما يفعل الحوثيون. ولتعزيز هذه القدرة بصورة أكبر حاولت إيران -ولم تنجح- إنشاء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر السوداني، مقابل توفير أسلحة متطورة للقوات المسلحة السودانية. وإلى جانب نفوذها على الحوثيين فإن وجود قاعدة في السودان من شأنه أن يمنح إيران إمكانية السيطرة على حركة العبور في ممرين ضيقين [من المدخلين الشمالي والجنوبي في البحر الأحمر]. ووفقاً لحسابات طهران إذا تأكد أعداؤها من أن المناوشات الإقليمية قد تعطل التجارة العالمية، فسيكونون أقل ميلاً إلى المخاطرة بالفوضى الاقتصادية الناجمة عن الاشتباك مع القوات الإيرانية أو عن شن هجوم على الأراضي الإيرانية.
وأخيراً أصبح العمل من طريق البحر أكثر جاذبية، إذ إن المراقبة الإسرائيلية جعلت من الأصعب على إيران تهريب الأسلحة إلى حلفائها من طريق البر والجو. وقد صارت المسارات التقليدية مثل "الجسر البري" الذي يربط إيران بسوريا ولبنان عبر العراق و"الممر الجوي" الذي يربط إيران بسوريا عبر العراق، محفوفة بالأخطار نظراً إلى أن العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية تكشف هذه التحركات وتعطلها بغارات جوية. وعلى النقيض من ذلك فإن النقل البحري يخضع لمراقبة أقل شدة ويوفر مرونة أكبر من حيث تغيير الطرق واستخدام أنواع مختلفة من السفن، مما يسمح لإيران بالحفاظ على تدفق ثابت من الأسلحة إلى حلفائها.
قوات تقليدية لكنها خطرة
يوضح التقرير أنه حتى مع التعديلات التي تجريها إيران على استراتيجيتها في البحر فإن قوتها البحرية التقليدية لا تزال متخلفة بصورة كبيرة عن قوة الولايات المتحدة ومعظم حلفائها. لكن هذا لا ينفي التهديد الذي تشكله أنشطة إيران في البحر. ويكمن الخطر الحقيقي في قدرة طهران المتزايدة على شن حرب غير متكافئة في المناطق البحرية، باستخدام مزيج من الهجمات الصاروخية والطائرات من دون طيار، وتنفيذ العمليات من خلال أذرعها المليشاوية والسيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية لاستهداف المصالح الأميركية.
ويذكر التقرير أن علاقات إيران التي تزداد عمقاً مع الصين وروسيا تؤدي إلى تفاقم التهديد. فهذه الشراكات لا تتيح لطهران القدرة على اكتساب تقنيات بحرية متقدمة وخبرة في خوض حرب بحرية فعالة فحسب، بل إن الأنشطة البحرية التي تمارسها كل دولة سواء كانت منسقة أو مستقلة، يمكن أن تخدم أيضاً هدفها المشترك المتمثل في تحدي الهيمنة الأميركية في البحر.
وينصح كاتب التقرير الولايات المتحدة بأن تتخذ إجراءات للحد من التهديدات البحرية الإيرانية، من خلال تعزيز المبادرات الدبلوماسية الرامية إلى إنشاء طرق نقل دولية بديلة، وتقليل اعتمادها على الممرات المعرضة للخطر. وإحدى هذه المبادرات هي الممر بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: للحرس الثوری الإیرانی البحریة الإیرانیة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر القوة البحریة الخلیج العربی الأمیرکیة فی الحرس الثوری التقریر أن إیران على على السفن من خلال من أجل إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير دولي: اليمن تواجه مخاطر متزايدة ناجمة عن تغير المناخ
يمن مونيتور/قسم الأخبار
أكد تقرير حديث أن اليمن التي تعاني بالفعل من عقد من الصراع، تواجه مخاطر متزايدة ناجمة عن تغير المناخ، مما يؤدي إلى تكثيف التهديدات القائمة مثل ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي.
ويسلط تقرير المناخ والتنمية في اليمن الصادر حديثًا عن مجموعة البنك الدولي الضوء على الحاجة الماسة للاستثمارات المستجيبة للمناخ لمعالجة التحديات العاجلة المتعلقة بالمياه والزراعة وإدارة مخاطر الكوارث، مع مراعاة الظروف الهشة والمتأثرة بالصراع في البلاد.
ويواجه اليمن ارتفاع درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وأحداث الطقس المتطرفة بشكل متكرر، مع تأثيرات كبيرة على السكان الأكثر ضعفاً وآفاقهم الاقتصادية. نصف اليمنيين معرضون بالفعل لخطر مناخي واحد على الأقل – الحرارة الشديدة أو الجفاف أو الفيضانات – مع تأثيرات مركبة على انعدام الأمن الغذائي والفقر.
ومن المتوقع أن تشتد هذه المخاطر دون اتخاذ إجراءات فورية وقد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بمعدل 3.9٪ بحلول عام 2040 في ظل سيناريوهات مناخية متشائمة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية وتلف البنية التحتية.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يحدد التقرير فرصاً استراتيجية لتعزيز القدرة على الصمود، وتحسين الأمن الغذائي والمائي، وإطلاق العنان للنمو المستدام. على سبيل المثال، يمكن للاستثمارات المستهدفة في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، إلى جانب تقنيات الزراعة التكيفية، أن تؤدي إلى مكاسب إنتاجية تصل إلى 13.5% في إنتاج المحاصيل في ظل سيناريوهات مناخية متفائلة للفترة من 2041 إلى 2050. ومع ذلك، لا يزال قطاع مصايد الأسماك في اليمن عرضة للخطر، مع خسائر محتملة تصل إلى 23% بحلول منتصف القرن بسبب ارتفاع درجات حرارة البحر.
وقال ستيفان جيمبرت، مدير البنك الدولي لمصر واليمن وجيبوتي: “يواجه اليمن تقاربًا غير مسبوق للأزمات – الصراع وتغير المناخ والفقر.
وقال إن اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة بشأن القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ هو مسألة بقاء لملايين اليمنيين”.
وأضاف: “من خلال الاستثمار في الأمن المائي والزراعة الذكية مناخيًا والطاقة المتجددة، يمكن لليمن حماية رأس المال البشري وبناء القدرة على الصمود وإرساء الأسس لمسار التعافي المستدام”.
وقال إن كافة السيناريوهات المتعلقة بالتنمية المستقبلية في اليمن سوف تتطلب جهود بناء السلام والتزامات كبيرة من جانب المجتمع الدولي. وفي حين أن المساعدات الإنسانية من الممكن أن تدعم قدرة الأسر على التعامل مع الصدمات المناخية وبناء القدرة على الصمود على نطاق أوسع، فإن تأمين السلام المستدام سوف يكون مطلوباً لتوفير التمويل واتخاذ الإجراءات اللازمة لبناء القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ على المدى الطويل.
ويؤكد التقرير أن إدارة مخاطر الكوارث أمر بالغ الأهمية، وخاصة مع زيادة وتيرة الفيضانات المفاجئة. والمناطق الحضرية والبنية الأساسية الحيوية معرضة للخطر بشكل خاص، وبدون تدابير التكيف، فإن الصدمات الاقتصادية ستؤثر بشكل غير متناسب على المجتمعات الهشة بالفعل.
وقد تكلف القضايا الصحية المتعلقة بالمناخ البلاد أكثر من 5 مليارات دولار أمريكي في تكاليف صحية زائدة بحلول عام 2050، مما يزيد من تكاليف الرعاية الصحية والضغط على أنظمة الصحة الهشة بالفعل.
ويتطلب معالجة هذه التحديات دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال.
كما تتمتع اليمن بإمكانات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، والتي يمكن أن تشكل عنصراً أساسياً في استجابتها لتغير المناخ والتعافي منه.
ولا يوفر تسخير موارد الطاقة المتجددة مساراً للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري فحسب، بل يتيح أيضاً إنشاء بنية تحتية أكثر مرونة للطاقة.
وسيكون هذا ضرورياً لدعم الخدمات الحيوية مثل الرعاية الصحية وإمدادات المياه وتوزيع الغذاء، وخاصة في المناطق المتضررة من الصراع.
وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية في الشرق الأوسط: “إن القطاع الخاص يلعب دوراً حاسماً في معالجة تحديات التنمية الملحة في اليمن. إن تسخير إمكاناته من خلال آليات التمويل المبتكرة وأدوات الضمان وخلق مناخ استثماري موات يمكن أن يساعد في حشد التمويل الموجه للمناخ الذي تحتاجه البلاد بشكل عاجل لبناء مستقبل أكثر اخضراراً ومرونة”.
ويؤكد التقرير على أهمية اتخاذ القرارات المرنة المستندة إلى المخاطر لتكييف إجراءات المناخ مع المشهد السياسي غير المؤكد في اليمن. ويتيح النهج القائم على السيناريوهات في التقرير تخصيص استثمارات مناخية مخصصة اعتمادًا على تقدم اليمن نحو السلام أو تصعيد الصراع. وفي ظل سيناريو “السلام والازدهار”، يمكن تنفيذ مستوى أعلى من التكيف، مما يؤدي إلى تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر.