دار الإفتاء توضح الفرق بين لفظي الصوم والصيام
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا يوجد فرق في الاستعمال الشرعي بين لفظي الصوم والصيام في المعنى.
يوم عاشوراء.. سبب التسمية وفضل الصيام الصيام المتقطع ممنوع لـ 4 أشخاص.. أولهم الحواملوأضافت دار الإفتاء: أنهما يدلان على نفس المعنى وهو الإمساك المخصوص المعهود شرعًا، وما دام لا يوجد فارق بين اللفظين، فلا يُتصور تَرَتُّبُ أيِّ أحكام شرعية على أحدهما عند إطلاقه لا تترتب على الآخر؛ لأنهما مستويان في الدلالة على معنى واحد وهو المذكور، ولا توجد دلالة شرعية زائدة يدل عليها أحدهما دون الآخر.
وتابعت دار الإفتاء، أن مادة الصاد والواو والميم (صوم) تدل في اللغة على أصلٍ واحدٍ وهو الإمساك، وفي خصوص الفرق في المعنى بين لفظي "الصوم" و"الصيام"، فأهل اللغة على فريقين، فريق يرى أن ماهية هذا المعنى مفترقة في اللفظين، وفريق آخر يرى أن مدلول اللفظين واحدٌ، استنادًا إلى أنه قد جاء التعبير بلفظ "الصيام" في سبع آيات من آيات القرآن الكريم، أما لفظ "الصوم" فإنه لم يرد إلا مرَّة واحدة، وهو قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: 26].
وتابعت دار الإفتاء، بأن ذلك يكون لأهل اللغة في وجود فارق بين ما يدل عليه كِلَا اللفظين قولان:
القول الأول: أنه يوجد فرق بين الصيام والصوم، فالصيام هو الإمساك عن المفطرات مع النية، والصوم هو الإمساك عن المفطرات وعن الكلام أيضًا، وهو ما عبَّر عنه الإمام أبو هلال العسكري في "معجم الفروق اللغوية" (ص: 325، ط. مؤسسة النشر الإسلامي) بقوله: [الفرق بين الصيام والصوم: قد يفرق بينهما بأن الصيام هو الكف عن المفطرات مع النية، ويرشد إليه قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].
والصوم: هو الكف عن المفطرات والكلام، كما كان في الشرائع السابقة، وإليه يشير قوله تعالى مخاطبًا مريم عليها السلام: ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: 26]].
والقول الثاني: أنه لا يوجد فرق بين الصيام والصوم في اللغة، وأن كِلَا اللفظين بمعنى واحدٍ.
وبينت دار الإفتاء أن قال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" وهو يبين معنى كلمة "صوم": [الصوم: ترك الطعام والشراب والنكاح والكلام، صام يصوم صومًا وصيامًا واصطام]، فلم يفرق بين أحدٍ منها، وقد ذكر هذا كثير من علماء وأئمة اللغة، ومنهم الإمام الفيومي في "المصباح المنير".
الفرق بين لفظي الصوم والصيام عند العلماء والفقهاء
وأضافت دار الإفتاء، أن فيما في استعمال العلماء والفقهاء فلم يجعلوا فارقًا بين هذين اللفظين، أي أنهم يستعملون اللفظين للدلالة على نفس المعنى وهو الصيام المعهود، سواء صوم رمضان أو صيام غيره كالنوافل، أو صيام الكفارات أو غير ذلك، بل إن بعضهم قد نصَّ صراحة على عدم وجود فارق بين هذين اللفظين.
وقال الإمام بدر الدين العيني في "شرح سنن أبي داود": [والصيام والصَّوم واحد وهو الإمساك لغةً، وشرعًا: إمساك عن المُفطرات].
وهو ما بحثه العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" بقوله: [(قوله: لما في "الظهيرية"... إلخ) وجه الاستشهاد أن هذا الفرع يدل على أن الصيام جمع أقله ثلاثة أيام كما في الآية، فإن فدية اليمين صوم ثلاثة أيام، فكان التعبير به أولى لدلالته على التعدد، فإن الترجمة لأنواع الصيام الثلاثة، أعني الفرض والواجب والنفل.. حاصل كلام الشارح أن الصوم اسم جنس له أنواع وهي الثلاثة المذكورة، فحيث عبر عنه بالصوم أو الصيام يراد منه أنواعه المترجم لها لا ثلاثة أيام فأكثر، قال في "المغرب": يقال: صام صومًا وصيامًا فهو صائم وهم صوم وصيام اهـ. فأفاد أن مدلول كلٍّ من الصوم والصيام واحدٌ، ولا دلالة في واحدٍ منهما على التعدد؛ ولذا قال القاضي في تفسير قوله تعالى: ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ﴾ [البقرة: 196] أنه بيان لجنس الفدية، وأما قدرها فبينه عليه الصلاة والسلام في حديث كعب. اهـ. نعم يأتي الصيام جمعًا لصائم كما علمته لكن لا تصح إرادته هنا ولا في الآية كما لا يخفى، ولو سُلِّم أن الصيام جمع لأفراد الصوم فلا أولوية في العدول إليه؛ لأن أل الجنسية تبطل معنى الجمعية فيتساوى التعبير بالصوم وبالصيام، هذا تقرير كلام الشارح على وفق ما في "النهر" فافهم].
وأوضحت الإفتاء: كما أن النصوص الشرعية الدالَّة على وجوب صيام شهر رمضان جاءت تارة بلفظ الصيام كما في قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، وجاءت تارة أخرى بلفظ الصوم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه، فاستعملت الشريعة اللفظين للدلالة على نفس المعنى، أي: لإيجاب نفس الفريضة، مما يؤكد ما قرره العلماء لفظًا واستعمالًا من انتفاء الفارق بين اللفظين.
وتابعت: وقد جرت عادة العلماء على استعمال اللفظين عند الحديث عن شهر رمضان، أي أنهم لم يفرقوا بينهما في إطلاق ذلك على الشهر الكريم، فيقولون: صيام شهر رمضان، كما يقولون: صوم شهر رمضان، وقد نص الإمام الزمخشري على ذلك، حيث قال في "أساس البلاغة": [(ص و م): هو شهر الصوم والصيام ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ أي: فليصم فيه].
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دار الإفتاء دار الافتاء المصرية الصوم الصيام الإفتاء دار الإفتاء قوله تعالى شهر رمضان الفرق بین فارق بین
إقرأ أيضاً:
حكم حشو الأسنان أثناء الصيام عند الفقهاء
قالت دار الإفتاء المصرية إن حشو الأسنان ومعالجتها أثناء الصيام لا يُفطر الصائم ما لم يتعمد ابتلاع شيء ممَّا في فمه، وذلك إذا لم يستطع تأخير عملية الحشو إلى ما بعد الإفطار، فإن كان في استطاعته تأخيرها إلى ما بعد الإفطار فهذا أولى.
وأضحت الإفتاء أنه من المقرر شرعًا أنَّ الواصل إلى ظاهر الفمِ لا يؤثر في صحة الصيام ما لم يصل إلى الحلقِ؛ لأنَّ "للفمِ حكم الظاهر"، ويستدل على ذلك بمشروعية المضمضة للصائم، والتي هي إدارة للماء في داخل الفم ثُمَّ مجه، فإن وصل إلى الحلق مما يلزم عنه وصوله إلى الجوف فهو مؤثر في صحة الصيام حالة كون الصائم قاصدًا ذاكرًا للصوم مختارًا، وعلى ذلك تواردت نصوص الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
حكم حشو الأسنان أثناء الصيام ونصوص الفقهاء في ذلكوأضافت الإفتاء أن حشو الأسنان إجراء طبي علاجي يقصد به استعادة سلامة ووظيفة وشكل الأسنان، ويكون بإزالة الجزء المتضرر وتنظيف موضعه ثم حشو التجويف الناتج عنه بمادة طبية ثابتة تحل محل الجزء الذي تم تآكله من الأسنان.
وتابعت قائلة: كل هذه الإجراءات الأصل فيها ألا تجاوز منطقة الفم من الإنسان، فإذا لم تتجاوزها ولم يصل شيء إلى الحلق صح الصوم بلا خلاف بين الفقهاء، أما إذا تجاوزت الموادُّ المستخدمة في عملية الحشو منطقة الفم ووصلت إلى الحلق مما يلزم عنه وصولها إلى الجوف، فإنه يفرق فيها بين حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون الصائم قد احتاط وبذل جهده في عدم تجاوز هذه المواد المستخدمة في الحشو حد الظاهر من فمه، إلا أنه قد غلبه وصولها للحلق دون تعمد أو قصد منه، فصومه حينئذٍ صحيح، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أخرجه ابن ماجه في "السنن".
الحالة الثانية: أن يتمكن الصائم من عدم وصول هذه المواد إلى جوفه فيتساهل في ذلك ولا يسارع إلى مجها من فمه مع تذكره لصومه، فإنه في هذه الحالة يفسد صومه، ويلزمه القضاء لدخول المفطر من منفذ مفتوح أصالة مع ارتفاع العذر عنه، وهو ما أفادته نصوص الفقهاء حين نصوا على أنه لا يفطر مما لم يمكنه الاحتراز عنه، فتبين أن ما أمكنه الاحتراز عنه ولم يحترز فوصل بسبب ذلك جوفه أفطر به.
وشددت الإفتاء على ضرورة التنبيه على الصائم الذي يقدم على حشو أسنانه ومعالجتها الاحتياط والتحرز من دخول شيء أثناء العلاج إلى جوفه، وأن يخرج ما بقي في فمه من علاج أو دم بالمضمضة، ويجب على الطبيب الانتباه إلى ذلك بحيث يساعد المريض على التخلص مما بقي في فمه أولًا بأول، فإن دخل شيء إلى جوفه بغير قصد المريض وإرادته فلا شيء عليه ما لم يكن مقصِّرًا في إخراجه.
وأما إذ ابتلع الصائم شيئًا من العلاج أو ما بقي في فمه من آثار الحشو حال كونه عالمًا مختارًا قاصدًا ويمكنه التحرز منه فصومه غير صحيحٍ؛ إذ اتفق الفقهاء على أنَّ تعمُّد تناول المفطِّرات مع تذكر الصيام ناقضٌ للصوم، كما في "مراتب الإجماع" للعلامة ابن حزم (ص: 39، ط. دار الكتب العلمية).