دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- توالت تصريحات كل من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره السوري، بشار الأسد، مؤخرا، حول رغبة البلدين في عودة العلاقات بينهما وتحسينها في الفترة المقبلة، وعلق محللان من البلدين لشبكة CNN بالعربية على أهمية وصعوبات هذا التقارب.

وقال الكاتب والمحلل السياسي التركي، فائق بولوت في مقابلة هاتفية مع  شبكة CNN بالعربية، الثلاثاء، إن محاولة الرئيس التركي للتقارب التركي- السوري في الوقت الحالي: "ليست من رغبة تركية تلقائية، إنما بتشجيع من روسيا أولاً، ومن إيران، فتركيا لها مصالح أخرى في العراق وتريد أن تتفاهم ولا تتناقض مع السياسة الإيرانية".

ومن جانبه، قال الكاتب والباحث السوري، شورش درويش عبر مقابلة هاتفية مع CNN بالعربية، الثلاثاء، في السياق نفسه: "أردوغان يسعى لإظهار أن العلاقات التركية- الروسية قابلة للتطور أكثر".

وأضاف: "خلال زيارة وزير الخارجية التركي الأخيرة، وعد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بدعم تركيا في مسعاها للانضمام إلى رابطة البريكس، وسوريا تُعد الساحة المفضلة للتعاون المشترك بين موسكو وأنقرة".

وبشأن تأثيرات التقارب التركي السوري على الوضع الداخلي التركي، لا سيما بعد تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم، قال بولوت: "ستؤثر هذه العلاقات على المناطق الحدودية في تركيا، مثل مدن عنتاب وأورفة وغيرها، والفصائل والجماعات في سوريا تحت حماية تركيا تعارض خطوات التقارب والتطبيع بين البلدين".

وأضاف المحلل التركي: "التقارب يمكن أن يؤثر إيجابياً على العلاقات التجارية والاجتماعية في المنطقة، لكنه سياسياً قد يظل معقداً، رغم احتمالية اللقاء بين أردوغان والأسد، إلا أن تحقيق ذلك يبدو شبه مستحيل بسبب تعقيدات الوضع السياسي".

وبدوره، قال درويش: "هناك انقسام داخل تركيا حول ملف اللاجئين، فعودة اللاجئين تمثل خطراً كبيراً على تركيا، وقد تؤدي إلى حدوث موجة جديدة من اللاجئين تتجه إلى مناطق سيطرة المعارضة المسلحة، تبعاً لما قاله وزير الخارجية التركي الأسبق، أحمد داوود أوغلو".

وبشأن ما إذا ما كانت الحكومة السورية ستقبل دعوة أردوغان للتقارب، أفاد درويش بأن" قبول التقارب يعتمد على الاستعادة الكاملة للسيادة السورية على المناطق التي تحتلها تركيا، ووقف دعم تركيا للميليشيات والفصائل الموالية لها، مثل ما يُسمى بالجيش الوطني السوري".

وأضاف: "هناك مخاوف لدى دمشق من أن تركيا قد تتعاون معها دون أن تتخلى عن احتلالها لتلك الأراضي، وهذا هو ما تتجنبه دمشق".

وحول تلك القضية، قال بولوت: "من غير المتوقع أن تنسحب تركيا من الأراضي السورية، حيث لا توجد قوة كبيرة تجبرها على ذلك. الظروف الداخلية والخارجية تجبر أردوغان على البحث عن تطبيع العلاقات. إذا فشلت المفاوضات، قد تلجأ تركيا لعملية عسكرية جديدة ضد المناطق الكردية".

وعن تأثير هذا التقارب على موقف أمريكا في المنطقة، أوضح درويش أن "الدبلوماسية الأمريكية ستعارض أي تطبيع لا يأخذ في الاعتبار الوجود الأمريكي لمكافحة داعش والإرهاب في المنطقة، خاصة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وستتمسك بتحالفاتها المحلية مع قوات سوريا الديمقراطية وستبقى أكثر تشدداً".

وأضاف: "لكن تأثير هذا الأمر يرتبط بدرجة كبيرة بالانتخابات الأمريكية وبشكل الإدارة المقبلة".

وكان لبولوت وجهة النظر ذاتها، فأكد: "إذا كانت لأمريكا خطة كاملة وشاملة تتعلق بالمستقبل السوري والعراقي والإيراني، فقد يتم التوصل إلى اتفاق مع تركيا على صيغة معينة للتطبيع مع سوريا. كل هذا مرتبط بنتائج الانتخابات الرئاسية، سواء فاز دونالد ترامب أو جو بايدن".

وبشأن الجهة التي قد يجتمع بها كل من الرئيس السوري والرئيس التركي في حال وافقت الحكومة السورية على التسوية، أفاد درويش أن "هناك أصواتا تقول إنه قد يكون في أبوظبي، وموسكو قد تكون متحيزة لدمشق، وبغداد تعتبر موقعًا وسطًا مقربة لإيران".

ويشار إلى أن أردوغان كان أعلن في تصريحات نشرتها وكالة أنباء "الأناضول" الرسمية التركية، مؤخرا: "سنوجه دعوتنا إلى الرئيس السوري بشار الأسد (لزيارة تركيا)، وقد تكون في أي لحظة، ونأمل أن نعيد العلاقات التركية - السورية إلى ما كانت عليه في الماضي".

ورد الرئيس السوري، بشار الأسد، الاثنين، وقال: "نحن نسعى لعمل يحقق نتائج، لسنا ضد عقد لقاء، لكن المهم أن نصل إلى نتائج إيجابية تحقق مصلحة سوريا وتركيا".

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الثورة السورية بشار الأسد رجب طيب أردوغان

إقرأ أيضاً:

قصة المؤرخ التركي الذي وُلِدَ في مخيم لاجئين ويطلب ترحيل السوريين

أثارت التصريحات التي أدلى بها أحد أبرز المؤرخين في تركيا، البروفيسور إيلبير أورتايلي، حول اللاجئين، جدلًا واسعًا وكشفت بعض الحقائق التاريخية التي غابت عن النقاشات المتعلقة باللاجئين في تركيا.

يُعتبر أورتايلي شخصية بارزة في الأوساط الأكاديمية، إذ يتقن العديد من اللغات، ويمتلك قدرة فائقة على تبسيط المعلومات التاريخية وتقديمها في وسائل الإعلام من خلال البرامج التلفزيونية، والمؤتمرات، والكتب الشعبية.

يشتهر بأسلوبه الخاص الذي يمكّنه من إبداء أحكام قاطعة في الشؤون التاريخية دون أن يجرؤ أحد على معارضته. وبفضل ذاكرته القوية وثقافته العامة الواسعة، اكتسب سلطة تمتد لتشمل جميع المجالات، وليس فقط التاريخ الذي يُعتبر مجاله التخصصي.

مؤخرًا، أثارت تصريحاته حول قضية اللاجئين السوريين، التي باتت موضوعًا ساخنًا في تركيا، جدلًا واسعًا. ولم يكن الجدل ناجمًا فقط عن تصريحاته الأخيرة بشأن اللاجئين، حيث إن الكثيرين ممن يحملون توجهات عنصرية يدلون بمثل هذه التصريحات. ما جعل تصريحات أورتايلي مثيرة للاهتمام هو تناقضها الصارخ مع مواقفه السابقة. فقبل فترة وجيزة، كان قد صرّح بعكس ما قاله الآن. والتناقض الآخر هو أن أورتايلي نفسه لاجئ، وهو الآن يطالب بترحيل السوريين من تركيا.

لقد قبل المجتمع بأورتايلي كسلطة في التاريخ، إلا أن السؤال الذي يُطرح هنا هو: هل يستغل معرفته وسلطته لبناء نفوذ خاص به أم أنه يفضّل أن يكون مجرد ناطق بلسان سلطات أخرى؟

في حديثه على قناة يوتيوب، وعندما سُئل عن رأيه في اللاجئين السوريين، قال أورتايلي: "أعتقد أن اللاجئين يجب أن يُعادوا إلى بلادهم. لماذا أحوّل مجموعة غير قادرة على الدفاع عن وطنها إلى مواطنين؟ نحن لسنا في جنة عدن. في هذه الحالة، هل سأضطر غدًا إلى ضمّ هؤلاء إلى الجيش؟ هل أستطيع ذلك؟".

هذه التصريحات كانت عادية؛ لأنها مشابهة لتلك التي تصدر عن عنصريين آخرين. لكن المثير للاهتمام أنه قبل عام واحد فقط، وفي برنامج تلفزيوني، ذكر أن اللاجئين السوريين والأفغان لم يضروا بالاقتصاد التركي، بل على العكس، ثم أشار إلى أن "تركيا بحاجة إلى اللاجئين لأننا نتقدم في العمر، وسنحتاج لحماية أقلياتنا الثقافية حول العالم". وفي مناسبة أخرى، دافع بشكل منطقي عن وجود المهاجرين الأفغان في تركيا، قائلًا إن الزراعة ستنهار من دونهم.

هذا التناقض الصارخ بين آرائه دفع البعض للتساؤل عن سبب تصريحاته الأخيرة. من الممكن أن أورتايلي حاول مسايرة الموجة المتزايدة من العداء تجاه اللاجئين السوريين في الآونة الأخيرة. لكن في هذه الحالة، فإن خيبة الأمل لا يمكن تفاديها عندما نجد عالمًا بهذه الجدية والقوة يستسلم لموجة فاشية بدلًا من استخدام معرفته لمواجهتها.

في الحقيقة، أورتايلي، كعالم تاريخ يملك سلطة كبيرة، لم يكن يومًا مجازفًا، بل على العكس، كان دائمًا يمشي في خط متوازٍ مع الاتجاهات الصاعدة، مما يجعله عالمًا عاديًا. وللأسف، فإن الكثير من المؤرخين في تركيا لا يقدّمون معرفتهم الحقيقية أو ما يُتوقع منهم تقديمه.

لقد قبل المجتمع بأورتايلي كسلطة في التاريخ، إلا أن السؤال الذي يُطرح هنا هو: هل يستغل معرفته وسلطته لبناء نفوذ خاص به أم أنه يفضّل أن يكون مجرد ناطق بلسان سلطات أخرى؟ بالنظر إلى أن السلطات التي يمثلها ليست بالضرورة الحكومة الحالية أو الدولة، فمن الواضح أن أورتايلي يسعى للعب دور مختلف.

أكثر ما أثار الجدل في تصريحاته هو قوله: "مجموعة غير قادرة على الدفاع عن وطنها". هذا التصريح لفت الأنظار بشكل خاص؛ لأنه يتطلب توضيح ما إذا كان السوريون في تركيا قد تركوا وطنهم بسبب احتلال أجنبي أو قوة خارجية. وعند فتح هذا الملف، يجب التوضيح أن الشعب السوري لم يترك وطنه لأنه تعرض لغزو من دولة أخرى. بل واجه السوريون هجمات عنيفة إذ دُمرت منازلهم، قُتل الكثير منهم، والباقون فروا بأرواحهم من القصف.

على الرغم من ذلك، من غير الصحيح القول إن السوريين فرّوا من دون قتال. فقد قاوموا ببطولة لسنوات، وقدّموا العديد من الشهداء، كما قاتلوا ضد التهديدات التي شكلها تنظيم "الدولة" و"حزب العمال الكردستاني" (PKK).

لكن الأكثر إثارة في تصريحات أورتايلي هو تجاهله الكامل لحقيقة أنه وُلِدَ في مخيم لاجئين عام 1947. كانت عائلته قد فرت من شبه جزيرة القرم عندما اقترب الجيش الأحمر من الأراضي التي كانت تحتلها ألمانيا النازية، وانضمت إلى المهاجرين الذين نُقلوا إلى مخيمات مختلفة في ألمانيا. ثم انتقلوا إلى غراتس، ثم إلى إنسبروك، وأخيرًا إلى مخيم للاجئين في بغانز بألبيرشفيندي، حيث التقى والده كمال بوالدته شفيقة وتزوجا، وأنجبا أورتايلي هناك. وبعد الحرب، عندما عُرض على عائلته العودة إلى القرم، رفضت ذلك، ولجأت إلى تركيا كملاذ آمن.

أورتايلي، الذي جاء إلى تركيا كلاجئ قبل 75 عامًا، يقف الآن ضد اللاجئين. كان قد قال سابقًا إن "المشكلة في هذا البلد تكمن في أن الذين يأتون أولًا لا يستطيعون تحمل وجود من يأتون بعدهم". وحين يتم فتح ملف "ترك الوطن والهروب" في سوريا، يجب طرح السؤال عمن ترك سوريا أولًا وتركها للاحتلال البريطاني بدون قتال في عام 1918، بعد أن انسحب الجيش العثماني بسرعة وبشكل غير مبرر من الشام، تاركًا المنطقة بأكملها تحت رحمة المحتلين البريطانيين. القضايا التي تُدفن في التاريخ ستطفو على السطح في نهاية المطاف.

من المؤكد أن أورتايلي، كونه مؤرخًا، يعرف الكثير عن هذه الحقائق، لكنه، مثل الكثير من المؤرخين الآخرين، يفضل عدم التطرق إليها. لا شك أن أورتايلي يمتلك معرفة واسعة جدًا، لكن من الواضح أيضًا أنه يسيء استخدام هذه المعرفة والسلطة اللتين اكتسبهما بأسلوبه الخاص. لو كان يروي الحقائق بصدق وشجاعة، لكان قد قدم تفسيرًا مختلفًا تمامًا للتاريخ. لكنه لم يخاطر أبدًا، ولم يكشف عن الحقائق التي يعرفها، بل تابع الأجندات التي تخدم من يستضيفونه. لم يستخدم سلطته المستمدة من معرفته لإيقاظ هؤلاء الذين يخدمون أيديولوجياتهم الخاصة.

عائلة أورتايلي نفسها، رغم أن الفرصة أتيحت لها للعودة إلى وطنها، اختارت تركيا كملاذ آمن. ومع ذلك، فإن أورتايلي اليوم يطالب السوريين بالعودة إلى بلادهم، رغم أنها لا تزال غير آمنة، وهذا مثال مثاليٌّ على التناقض العميق الذي يعيشه معارضو اللاجئين في تركيا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • قصة المؤرخ التركي الذي وُلِدَ في مخيم لاجئين ويطلب ترحيل السوريين
  • استئناف الدوريات المشتركة بين تركيا وروسيا في سوريا.. وموسكو تدعم مسار التطبيع
  • هل يوقف تضارب المصالح تطبيع الدول الأوروبية مع النظام السوري؟
  • وسائل إعلام: السيسي سيزور تركيا خلال أيام
  • هزة أرضية تُرعب ولاية تركية شهدت زلزالاً مدمراً
  • عهد جديد أم ربيع وهمي؟.. التقارب العراقي التركي وتحديات جغرافية الشرق الأوسط
  • الإعلام التركي: أنقرة تعلن موعد زيارة السيسي لتركيا
  • تقارير: السيسي يزور تركيا في سبتمبر
  • ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك في تركيا 0.6%
  • بين التصفيق التركي والأمريكي!