سودانايل:
2024-11-21@11:32:28 GMT

الي اين يقودنا البرهان؟

تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT

abdullahaliabdullah1424@gmail.com

بسم الله الرحمن الرحيم

الملاحظ في هذه الحرب منذ اندلاعها المفاجئ للجيش، هو اصرار قادة الجيش علي رفض كل دعوات الحوار، والمضي قدما في خيار استمرار الحرب، بدعاوي يقوم حولها الكثير من الشكوك! مثل حتمية الانتصار التي لاتسندها حقائق علي الارض، ان لم يكن العكس هو ما يحدث، في ظل تقدم مليشيا الجنجويد يوما بعد يوم، واكتساحها المدن واسقاطها الحاميات (اغلبها انسحابات)! وما لم تسقط من مدن مثل الفاشر، يُضرب عليها حصار خانق يعجز الجيش عن فكه، وذلك مع الاحتفاظ بكل ما سيطرت عليه سابقا.

وفوق كل ذلك لم تعُد مدينة واحدة في السودان لا يخشي اهلها غزو المليشيا الهمجية وتعرضها للاستباحة.
اما ما يثير الحيرة حول تعنت قادة الجيش وموقفهم الغامض من الحوار بل والحرب نفسها، ان قائد الجيش وفي معرض دفاعه عنه، تحدث عن الدعم السريع بانه من يهاجم، وان الجيش في موقف الدفاع! فكيف والحال كذلك يتحدث ذات القائد عن حتمية الانتصار؟! بل حتي المتحركات التي تتقدم للهجوم يتم استهدافها في كمائن بذات السيناريو في كل مرة! بل يُقال والعهدة علي الراوي ان اللواء صبير مدير استخبارات الجيش، التي يقع علي عاتقها حماية المتحركات وكشف خطط المليشيا الهجومية، وهي فاشلة في كل ذلك بامتياز. ان من عينه في هذا الموقع الحساس حميدتي علي ايام سطوته، بدلالة مرافقته لحميدتي في كل جولات اتفاقية جوبا التآمرية. و حتي لو افترضنا حسن النية ووطنية واخلاص هؤلاء القادة، الا يشكك هذا الاداء المخجل في كفاءتهم العسكرية واستحقاقهم للمحاسبة والعقاب!
وفي ذات السياق الا يدعو للحسرة ان يتحدث قادة الجيش بجرأة يحسدون عليها، عن اقتراب تحرير ولاية الجزيرة بعد نصف عام من استباحتها بواسطة المليشيا البربرية. لنُفاجأ باحتلال المليشيا لمنطقة جبل موية الاستراتيجية، ودخولها سنجة بكل سهولة، والسيطرة علي الدندر، وحصارها لسنار وتهديدها للقضارف والدمازين! والاهم قبل تحرير الجزيرة لماذا لم يُكشف حتي اليوم عن سبب انسحاب الجيش وكامل اجهزة الامن والشرطة من ولاية الجزيرة بدون مبرر مقنع، او مكاسب تصب في مصلحة الجيش او الانتصار في المعركة؟ والمفارقة ان هنالك اخبار غير مؤكدة، تشير لترقية اللواء احمد الطيب، اشهر منسحب في تاريخ الحروب، لرتبة فريق في كشف الترقيات الاخيرة الذي اصدره البرهان (فايق ورايق)! واذا صح ذلك فمن جانبنا نرشح الفريق منسحب احمد الطيب، للانتداب لمليشيا الجنجويد، حتي يسنحبوا من كامل البلاد دون حروبات وخسائر ودمار، وكفي الجيش شر القتال!
اما الفرية الاخري التي يتمسك بها قادة الجيش كمبرر لرفض التفاوض، فهي اصرارهم علي خروج المليشيا الهمجية من بيوت المواطنين والمدن والاعيان المدنية كشرط شارط. ولكن ما يحدث علي الارض هو حماية الجيش لمقراته وجعل المواطنين طعمة لوحوش مليشيا الدعم السريع. كما ان رفض التفاوض (مدة عام كامل) اثبت انه يعني سقوط مزيد من الحاميات والمدن وتعريض اهلها لمذلة الاحتلال الهمجي والفوضي الشاملة! وخارطة سيطرة المليشيا خلال هذا العام تقول الكثير حول خطل هذا الرفض، ناهيك عن الاصرار عليه وكأنهم يبحثون عن الانتحار وليس الانتصار!
بل ذات القادة الذين يتباكون علي معاناة المواطنين، وكانهم ليس المتورطون الاساسيين فيها، لا يكلفون انفسهم زيارة المشريدن في مواطن تشردهم، ليواسونهم ويشاركونهم آلامهم واحزانهم، ويخففون مأساتهم بمعالجة فورية. بل بكل بساطة يجعلونها عبء علي مواطنين مدن لم تصلها الحرب، وهم انفسهم يحتاجون لمن يرفع الاعباء عنهم، بعد ان احالت هذه الحرب البلاد الي جحيم وسط كومة خراب.
ورغم ما ذكر اعلاه وغيره مما يدعو للاسي والحيرة والالم، وبدل انصات قادة الجيش لصوت العقل ونداء الضمير بوضع حد لهذه المحرقة. يصر قادة الجيش علي ذات الخطاب المفارق للواقع، والغارق في الاحلام الطفولية والتفكير الرغبوي الذي يسم المراهقين. عبر اللجوء لاكليشهات مستهلكة من جنس خسارة معركة لا تعني خسارة الحرب، ونري الانتصار قريب، والانتصارات غير المرئية وسحق المليشيا، وغيرها من الخزعبلات التي تذكر بخزعبلات اسحاق فضل الله عن الغزالة والمسك ..الخ من خطرفات تتلبس ذاك المهووس الممسوس!
وصحيح هذه النوعية من الدعاية الحربية الساذجة، قد تجذب المستنفرين وتخدع البسطاء وتحجب حقيقة الواقع العسكري، ولكنها علي المدي البعيد، وهو الاهم، تاتي بنتائج عكسية بل وكارثية. بدلالة انفصال الجنوب والحديث المحبط عن الشريعة المدغمسة بعد عقد ونصف من الحرب الجهادية الشرسة.
كما ان تعنت قادة الجيش لا يتوقف علي الاداء العسكري البائس والهزائم المتلاحقة في الداخل، ولكنه يُظهر الجيش وكانه الرافض للحلول السلمية والمُصر علي الحرب وما يترتب عليها من خسائر ومآسٍ في نظر الخارج! وهو ما يصُب في خانة اظهار مليشيا الدعم السريع وكانها حاملة غصن الزيتون وحمامة السلام، فقط بمواقفها المعلنة من قبول التفاوض، رغم الشكوك حول مصداقيتها والفظائع التي تقترفها ضد الابرياء، وتضعها تحت طائلة المليشيا الاجرامية الارهابية.
والحال كذلك، تتجسد مأساة شعبنا في عجز الجيش ليس عن كسب المعركة، ولكن حتي وضع حد لها بشكل مشرف. وعليه، يستمر مسلسل المعاناة التي بلغت الحلقوم والانتهاكات الفظيعة وتدمير البلاد الذي يتواصل بشكل حثيث. ورغم المخاطر التي اصبحت تكتنف هذه الحرب الوحشية، واحتمالات تحولها الي حروب اهلية وانفراط عقد البلاد. وهو ما دعا الدول الاقليمية لزيادة تحركاتها، استباقا لوقوع الكارثة الكبري، التي قد تجر معها دول الجوار الهشة التكوين والاستقرار. ومن ثمَّ دعوة البرهان وحميدتي لضرورة العمل الجاد لايقاف هذه الحرب الجنونية. نجد البرهان وبمجرد وعده لهم خيرا ومغادرتهم البلاد او وضع سماعة التلفون، ينكث علي عقبيه ويعلن عن رفضه التفاوض، ويستعرض عنترياته الفارغة، وتسويفه، وبيعه الوهم للكيزان والمناصرين.
وكل ما سلف يقع تحت بند غموض هذه الحرب وخطورتها وضبابية اهدافها، او بالاصح كل خيوط هذه اللعبة القذرة يتحكم فيها البرهان بغموضه المريب! وهذا بالطبع يتنافي مع سردية انها حرب الكيزان او هم من يسعي لا ستمرارها. ليس لانهم يترفعون عن ذلك، فهم اسوأ من ذلك، ولكن لواقعة يتناسها الكثيرون. وهي ان العسكر هم من يستغلون السياسيين بعد نجاح الانقلاب واستقراره، وليس العكس كما هو في الظاهر. ولنا في تجربة البشير مع الترابي وحركته الاسلامية العبرة والاعتبار، حيث آلت كل الامور في نهاية المطاف الي سلطة البشير الفردية. لدرجة ان البشير وفي سبيل تحجيم الاسلامويين والاحتياط من غدرهم، ورطنا في كارثة مليشيا الدعم السريع، لاحداث توازن رعب مع الجيش من جهة وجهاز الامن المُعسكر من جهة. اما الجانب الآخر والذي ايضا قد يغيب عن البعض، ان انتصار العسكر علي المدنيين بعد الانقلاب، لا يرجع لشدة ذكاءهم او قدراتهم القيادية الفذة، ان لم يكن العكس هو الصحيح بل وهو المطلوب. ولكنه وثيق الصلة باللعبة الدولية والتوازنات الاقليمية، التي قدرت ان هذه المنطقة الغنية بالموارد وذات الموقع المميز، لابد وان تحكمها الأُسر في الخليج، والبندقية في بقية ارجاءها عبر وسيط المؤسسة العسكرية، كاسهل وارخص واضمن وسيلة لتمرير مصالحها. وغالبا هذا هو السبب الذي يجعل ابناء هذه المؤسسة يدمغون جل السياسيين بوصف العمالة والارتزاق للخارج، وينسون صداقة قادتهم وحلفهم مع ذات الخارج! اي يتحسسون مما يقومون به من دورٍ مخزٍ، ولكنه يكفل لهم السيطرة المطلقة بكافة الوسائل.
والمؤلم فيما ذكر اعلاه اذا ما صدق، ان دعاوي الديمقراطية وحقوق الانسان والدولة المدنية رغم نبالتها واهميتها، وما قُدم من اجلها من جهود وتضحيات، إلا انها تغرد خارج السرب، او جزء من التمويه الذي يخفي جوهر المسألة (الحاضنة المدنية للانظمة العسكرية). وقد يري البعض هذا صادما او دعوة انهزامية للاستسلام، ولكنه افضل من الاستغراق في الوهم. بدليل ان الديمقراطية كتجربة انسانية راقية ومتقدمة اصبحت تعاني التدهور في معاقلها (النموذج الامريكي، راجع مناظرة بايدن ترامب والانشقاق الذي يضرب المجتمع) وموطنها نفسه (اوربا وصعود اليمين بقيمه شديدة المحافظة والانعزال). وهو ما يدل ليس علي هشاشة القيم الديمقراطية وامكانية اللاعب بها، بل ومصادرتها في اي لحظة مهما توهمنا الحصانة، ولكن لانها نشأت وترعرعت في بيئة راسمالية، تحركها قبل كل شئ قيم ربحية، تحولت مع مرور الايام الي مارد قادر علي التهام كل شئ. والحال كذلك، يبدو انه في اي لحظة تتعارض الديمقراطية مع غول الربحية ستتم التضحية بها. وهذا بدوره يرجع لاشكالية بنيوية في الراسمالية كصنو للطبقة البرجوازية (قلق المكانة كما عبر الان باتون). اي هي طبقة محكوم عليها بالقلق الذي ينسحب علي كامل منظومتها وقيمها وانشطتها، لانها من جهة عاجزة عن بلوغ الارستقراطية بحكم الدم والنسب، ومن جهة هاربة من الطبقة الكادحة وتشغلها مخاوف التردي اليها. ويبدو انه هذا القلق هو ما يشعل حمي الصراع/التنافس كسمة راسماية، والذي بدوره لا يهدأ ولا يتقيد بمبدأ سوي مشروعية الصراع/التنافس نفسه. وهو ذات الشئ الذي يجعل دولها تتنكر لقيمها ومبادئها المعلنة، او توظفها عكس مدلولها خاصة تجاه الدول النامية (جلدا ما هو جلدك)، وباختصار دين الراسمالية هو المصالح، التي من اجلها يُضحي بكل شئ.
وبالرجوع لدور البرهان الغامض ولعبه بالاسلامويين وليس العكس، ان صلة البرهان بالمليشيا اعرق واوثق من صلته بالاسلامويين. وما قدمه لها من تسهيلات عسكرية ولوجستية وتمكينها من مفاصل الدولة الاستراتيجية، من الغباء بمكان تصديق انه مجرد (دقسة) منه، وليس عمل منظم تقف خلفه جهات لها مآرب لا تخفي علي احد. بل من السذاجة تصديق ان الساذج الجاهل حميدتي يملك كل هذه القوة في هذه الفترة الوجيزة، وبهذا التخطيط المحكم، وليس مجرد ارجوز ينحصر دوره في تشتيت الانتباه عما يجري في الخفاء! اذا صدق ذلك، فهذا يعني ان هذه الحرب جزء من المخطط القذر، لمصادرة الدولة من اهلها. اي هي حرب البرهان من اجل تحويل الجيش، من جيش (الكيزان) او السودان كما قال الثوار، الي جيش البرهان بالفعل، كما ندد ذات الثوار! وذلك بعد اضعاف الجيش والمليشيا والتخلص من الاقوياء فيهما، والابقاء علي المخلصين له. ولمزيد من التمويه يمكن تحويل كثير من مرتزقة المليشيا، الي كباش فداء، يتم التضحية بها، بعد تحميلها وزر الانتهاكات. ومن ثمَّ اعادة انتاج نسخة سيساوية داخل السودان، لطالما كان معجب بها البرهان، وبسببها ادخلنا في هذه المتاهة المكلفة، منذ فض اعتصام القيادة.
وعموما طالما الحرب بهذا الغموض الذي يحيط بها، خاصة من زاوية اظهار الجيش بهذا الضعف والمليشيا بهذه القوة والشراسة. وكذلك الاصرار علي استمرار الحرب رغم كلفتها الباهظة والخسائر التي تلحق بالجيش والمواطنين والدولة، وغيرها من الغرائب المحيطة بهذة المقتلة غير المفهومة! ستظل حالة البلبلة والسيناريوهات المتضاربة، هي الحاكمة للمشهد، دون جزم باي حقيقة في غياب المعلومات الموثوقة. وقد تكون هذه البلبلة والغموض نفسه جزء من مخطط تغبيشي لتمرير اهداف غير مشروعة.
وفي كل الاحوال تظل الدعوة لايقاف هذه الحرب باعجل ما تيسر هي المطلب المُّلح، ليس من وجهة نظر اخلاقية وانسانية فحسب، وانما من وجهة مصلحية يكسب فيها الجميع. ولكن كي تستوي هكذا دعوة علي ساقين، لابد ان نعترف بالحقائق علي الارض. اولها، ان مليشيا الدعم السريع حقيقة واقعة، وقوة عسكرية مسلحة لا يمكن انكارها او الاستهانة بها او التخلص منها. وثانيها، ان هذه المليشيا الهمجية قادرة علي تقويض اسس الدولة وابادة المواطنين اذا ما استمرت هذه الحرب القذرة. وثالثها، ان الطرفين المتقاتلان لن يكُفا عن القتال دون الحصول علي مكاسب كانت سلفا سببا في القتال، وتكبدا بسببها كثيرا من الخسائر. وعليه اصبح هنالك رهانان، اما تقبل هذه المليشيا علي علاتها وكوارثها، مع السعي لاحداث تغييرات في بنيتها ومحاولة تمدينها وضمها للجيش، بعد اعادة تكوينه علي اسس حديثة، وهكذا نضمن ما تبقي من الدولة وحفظ ارواح المواطنين. او رفضها (رفض التفاوض) واستمرار الحرب الملعونة ضدها، كما ظلت تصر قيادات الجيش وداعميها بوهم الحسم العسكري دون ظهور ضوء في آخر نفقه، مع مخاطر هلاك الشعب وفناء الدولة كما سلف. ولا اعتقد ان هنالك عاقل يختار الخيار الثاني، إلا اذا استجاب لمشاعر الغضب والانتقام او الطمع في جني مكاسب لن يكون لها مكان في ظل الفوضي الشاملة المتوقعة.
وطبيعي في هكذا اوضاع معقدة واحقاد مترسبة ومطالب قصوي وشكوك متاصلة، ان يكون التفاوض في غاية الصعوبة، والاتفاق اذا ما تم في غاية الهشاشة. وهنا ياتي دور الطبقة السياسية في تلطيف الاجواء وازالة بؤر الاحتقان، وليس ابعد من ذلك اقلاه مرحليا. والاهم هكذا اتفاق يتطلب وجود قوي دولية تعمل كضامن وحارس وميسر لاعادة البناء.
واخيرا
كل ما نتمناه ان تكون ظنونا كاذبة والاحتمالات المتشاءمة طائشة، وان الجميع حريص علي مصلحة البلاد وشعبها وليس المصالح الضيقة، وان يستجيب الجميع لنداء ايقاف الحرب. فما شهدناه من كوارثها وفواجعها وشرورها لما يزيد عن العام بربع، يجعل مجرد استمرارها ثانية واحدة، لهو الجنون والخسران المبين للجميع.
ما حدث ليوسف عزت من اقالة أُخرجت في شكل استقالة، هو جزاء متوقع لمن يُسخر نفسه وملكاته لخدمة جنرالات ومشاريع مشبوهة. وهو دور شبيه (بالمُحلل) وسواء طال الزمن ام قصر ستاتي تضارب مصالح او مؤامرة او احلال غيره محله، ليُطرد شر طردة او يقذف به في اقرب مكب من غير رحمة. وسظل عالقة في عنقك كل جرائم وانتهاكات المليشيا ضد الابرياء والتي عاصرتها مستشارا دون ان تستنكرها، بل وتشفعها باستقالة مسببة تدين فيها تلك الجرائم والانتهاكات! حتي يتسق مع ما ظللت تظهر (تتظاهر) به، كمستنير يدعو للحداثة ومناصر لمشروع الديمقراطية وخدمة حقوق المواطنين. لذلك لو كان للابتلاءت من نعم، فهي تفضح لنا زيف الشعارات وخواء ورياء الشعاراتية. والحال كذلك، كم ظلمنا الكيزان الظلمة، ونماذج مبارك الفضل وهجو وترك واردول، ونحن نظنهم فئة ضالة وتركيبة منحرفة. ولكنا اكتشفنا نماذجهم مخترقة لكافة الاحزاب والحركات المسلحة والتنظيمات المدنية، وكل ما نحتاجه مجرد اختبار السلطة. ودمتم في عاية الله.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع قادة الجیش هذه الحرب من جهة

إقرأ أيضاً:

حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية

في مشهد يجسد التناقض الصارخ والازدواجية السياسية، أعلنت حكومة البرهان-الكيزان الانقلابية ابتهاجها بفشل مشروع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وهو قرار أيده 14 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن، بينما عارضته روسيا فقط. هذا الموقف يسلط الضوء على عقلية سلطة ترى في استمرار الحرب وسيلة للبقاء، وتخشى نهاية الحرب لأنها تعني بداية الحساب.
فرحة بالحرب وخوف من النهاية
قيادات حكومة الأمر الواقع تعيش حالة من الرعب من نهاية الحرب، ليس لأنها تخشى على الوطن أو المواطنين، بل لأنها تعلم أن أي نهاية للصراع ستفتح الباب أمام القصاص والمحاسبة. استمرار الحرب يعني بقاء السلطة والانفلات من العدالة، بينما توقفها يهدد بانهيار غطاء الشرعية الزائف الذي يتدثرون به.
الاستقواء بروسيا ومعاداة العالم
في موقف يشكك في التزام حكومة البرهان بسيادة السودان وكرامته، قدمت شكرها لروسيا على استخدام "الفيتو" ضد قرار حماية المدنيين. هذا الدعم الروسي يمثل تأييداً ضمنياً لمزيد من المذابح، الجوع، والتشريد. أما بقية العالم، بما في ذلك ممثلو القارة الإفريقية الثلاثة في مجلس الأمن، فقد أيدوا القرار، مما يجعل حكومة السودان في عزلة سياسية وأخلاقية حتى أمام أقرب جيرانها.
روسيا، التي تزعم دعم دول الجنوب وإفريقيا، تجاهلت صوت القارة الإفريقية في هذا القرار، واختارت أن تدعم استمرار الصراع. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية روسيا كحليف لدول العالم الثالث ونياتها الحقيقية في المنطقة.
الترويج للأكاذيب واستثمار الحرب
تحاول حكومة البرهان تصوير معارضة القرار الدولي على أنها "حفاظ على سيادة السودان"، ولكن الواقع يقول عكس ذلك. إن تذرعها بحجج كالوطنية واحترام القانون الدولي هو تضليل يهدف إلى تغطية سياساتها القمعية وتجاهلها للأرواح التي تُزهق يومياً.
الحرب بالنسبة لهذه الحكومة ليست مأساة بل فرصة، إذ توفر لها الذريعة للاستمرار في السلطة تحت غطاء "حالة الطوارئ"، بينما تستغل دعم حلفائها الدوليين مثل روسيا لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الشعب السوداني.
مناصرة الإسلاميين: خداع للوصول إلى السلطة
دعم حكومة البرهان للإسلاميين ليس إلا وسيلة لتأمين بقائها. هذا الدعم ليس دليلاً على التزام أيديولوجي، بل هو تحالف مؤقت لتحقيق مآرب السلطة، واستغلال لشعارات الإسلاميين لحشد تأييد داخلي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لن تكون مستدامة؛ لأن كل تحالف يقوم على المصالح الذاتية لا على المبادئ، سينهار مع أول اختبار حقيقي.
من يدفع الثمن؟
بينما تنشغل حكومة البرهان بحساباتها السياسية وتحالفاتها المشبوهة، يدفع المواطن السوداني الثمن الباهظ من دمائه ومعاناته. استمرار الحرب ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لسياسات قيادة لا ترى في الشعب إلا وسيلة لتحقيق أهدافها.
المستقبل لن يكون رحيمًا بمن يصر على معاداة إرادة الشعب والعالم. الحرب ستنتهي، وحينها لن تنفع الأكاذيب، ولن يكون هناك مهرب من المحاسبة.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • ميقاتي بذكرى الاستقلال: الجيش الذي يستعد لتعزيز حضوره في الجنوب يقدم التضحيات زودا عن ارض الوطن
  • حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية
  • “الجيش” الذي أذهل أمريكا والغرب..!
  • حدث أمنيّ صعب... ما الذي يحصل مع الجيش الإسرائيليّ في جنوب لبنان؟
  • صورة لمركز الجيش الذي استهدفه العدوّ في الصرفند.. هكذا أصبح بعد الغارة الإسرائيليّة
  • السودان.. هبوط أول رحلة تجارية منذ اندلاع الحرب في مطار كسلا
  • (الفيتو) الروسي أثلج صدر البرهان
  • البرهان يشيد بـ«الفيتو» الروسي… ويتمسك بمحاربة «الدعم»
  • البرهان يضع شرطا لوقف إطلاق النار في السودان
  • المبعوث الأميركي يلتقي البرهان في أول زيارة للسودان