ما تفسير صمت واشنطن وطهران حيال التطبيع التركي مع النظام السوري؟
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
لم تعلق الولايات المتحدة على التطورات والتصريحات المتلاحقة بخصوص التطبيع بين تركيا والنظام السوري، في حين تتزايد الانتقادات للمعارضة السياسية السورية، والاتهامات بعدم الخروج بردود فعل "رافضة" لهذا المسار، رغم أن المضي فيه يضعها في خانة أكبر الخاسرين.
وفي تفسيره لموقف واشنطن قال مدير البرنامج السوري في "المجلس الأطلنطي" (مؤسسة بحثية أمريكية)، قتيبة إدلبي، إن البيت الأبيض لم يغير موقفه من مسألة التطبيع مع النظام السوري، حيث تقول واشنطن إنها متمسكة بموقفها الذي لا يشجع ولا يعارض قيام بعض الدول بتطبيع علاقتها مع بشار الأسد.
وأضاف لـ"عربي21": أن واشنطن تأخذ موقف المبتعد عن الملف السوري، مع الحفاظ على نفوذها العسكري في سوريا.
وعن احتمال تضرر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من التطبيع التركي مع النظام السوري، وخاصة أن من أبرز أهداف أنقرة من هذا المسار مكافحة التنظيمات الكردية التي تصنفها "إرهابية"، يقول إدلبي: إن واشنطن شجعت "قسد" على محاولة إيجاد مع تركيا، وهذا الأمر يبدو مستحيلاً بسبب سيطرة "العمال الكردستاني" على قرار "قسد".
وبحسب إدلبي، طلبت واشنطن من "قسد" الحوار مع النظام السوري، ما يعني حكماً أن "واشنطن لا تعارض أي انفتاح لقسد على كل الأطراف المختلفة".
ومن الواضح أن واشنطن قد أعطت الدول التي ترغب بالتطبيع مع النظام السوري موافقة مبدئية، ويمكن تلمس ذلك من خلال عدم تمرير مشروع قانون "مناهضة التطبيع مع نظام الأسد" ضمن حزمة القوانين التي أقرها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
لكن مع ذلك، تخرج الأصوات الأمريكية الرافضة للتطبيع مع النظام السوري، مثل السيناتور الجمهوري، جو ويلسون، الذي انتقد نية تركيا تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، معتبراً أن "التطبيع مع الأسد تطبيع مع الموت نفسه".
وتُقسر مصادر سبب عدم خروج واشنطن بمواقف واضحة من التطبيع التركي مع النظام السوري، إلى الانشغال بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
ماذا عن إيران؟
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد طالب الولايات المتحدة وإيران بدعم مسار التطبيع مع النظام السوري لإنهاء "المعاناة في سوريا"، وقال: "على واشنطن وطهران أن تكونا سعيدتين بالتقارب المرتقب بين بلاده والنظام".
ويؤشر ذلك، إلى حالة "عدم ارتياح" إيرانية، من الاندفاعة التركية نحو التطبيع مع النظام السوري، وهي الحالة التي فسرتها المصادر ذاتها إلى "برود" ردود النظام على كلام أردوغان بخصوص التطبيع، والاجتماع مع بشار الأسد.
وفي هذا الجانب، يرى الباحث المختص بالشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، أنه يمكن من خلال قراءة مواقف النظام السوري الأخيرة، واشتراط النظام السوري سحب القوات التركية من الشمال السوري قبل التطبيع، أن إيران هي من تدير قرار مسار التطبيع.
وتابع في حديثه لـ"عربي21"، أن إيران تستثمر في المناخ الدولي، ويبدو أنها لم تحسم أمرها بعد من مسار التطبيع التركي مع النظام السوري، بدلالة تفاوت الإشارات الصادرة عن النظام السوري بخصوص هذا الملف.
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد، قد أعلن استعداده للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "إذا كان في ذلك مصلحة للبلاد"، معتبراً أن "المشكلة ليست في اللقاء بحد ذاته إنما في مضمونه".
يأتي ذلك بعد أيام من تجديد وزارة خارجيته مطلب "الانسحاب" التركي من سوريا قبل إجراء إي لقاءات مع الأتراك.
المعارضة السورية في مأزق
ويضع التطبيع بين تركيا والنظام السوري المعارضة السورية في موقف صعب للغاية، وخاصة أن أنقرة تعد من الأطراف الدولية القليلة الداعمة للمعارضة.
ومقابل التصريحات التركية وردود النظام السوري، لم تُسجل أي مواقف واضحة للائتلاف السوري الذي يمثل المعارضة سياسيا، واقتصرت الردود على بيان أصدره الائتلاف بعد إغلاق مقره في أعزاز من قبل الجموع الغاضبة، دعا فيه "إلى التحلي بالحكمة وعدم الانجرار وراء الإشاعات والأخبار المزيفة التي يسعى نظام الأسد إلى نشرها من أجل تفريق أبناء الشعب الواحد".
وشدد على أن "جوهر الثورة سوري وجوهر الحل سوري، ولا يمكن تحقيق السلام المستدام من دون تحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ومن دون إطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين قسرياً"، معتبراً أن "قرار مجلس الأمن رقم 2254 هو الحل الوحيد القادر على تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين، وتحقيق السلام المستدام".
من جهته، قال الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان إن المعارضة السورية على تواصل مع المسؤولين الأتراك، ومع مراكز الدراسات التركية، ما يعني أنهم على إطلاع كامل على دوافع أنقرة للتطبيع، وكذلك على الفرص الضئيلة لنجاح هذا المسار.
وأَضاف لـ"عربي21"، أن السياسيين والمسؤولين في المعارضة لا يريدون أن يتعارض موقفهم على الإعلام، مع التوجه الإعلامي التركي، أو الهدف الذي تريده تركيا من "المناورات" التفاوضية.
لكن علوان اعتبر في الوقت ذاته أن المعارضة "مقصرة" في اللقاءات مع الفعاليات الشعبية، ومع الناشطين بعيداً عن الإعلام، لبحث التحديات وأجندات الفترة الماضية، مثل توجيه الرأي العام.
والاثنين قال بشار الأسد، من أحد المراكز الانتخابية في العاصمة السورية دمشق، إنه "عندما نتحدث عن بلد، فيجب أن تكون العلاقات طبيعية، وإذا أردنا أن نصل إلى ذلك، وهذا ما نسعى إليه في سوريا، بغض النظر عما حصل، هل يمكن أن يكون الاحتلال جزءا من هذه العلاقات الطبيعية بين الدول أو دعم الإرهاب جزءاً منها.. هذا مستحيل"، وذلك في تعليقه على تصريحات أردوغان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية تركيا الأسد سوريا إيران أردوغان إيران سوريا الأسد تركيا أردوغان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التطبیع مع النظام السوری بشار الأسد
إقرأ أيضاً:
بالتفصيل.. كيف نجحت فصائل المعارضة في إسقاط «الأسد»؟
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا تضمن تفاصيل جديدة تتعلق بالأسباب الحقيقية التي أدت لانهيار نظام بشار الأسد في سوريا بسرعة كبيرة لم تكن حتى فصائل المعارضة “تحلم بها”.
واستند تقرير الصحيفة لمعلومات من مقابلات مع مقاتلين وقادة فصائل ومسؤولين غربيين وأتراك وشخصيات معارضة سورية ودبلوماسيين إقليميين، بالإضافة إلى أفراد من عائلة الأسد والمقربين منه.
وأشارت الصحيفة إلى أن معظم هؤلاء تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم أثناء مناقشة قضايا حساسة أو حرصا على سلامتهم.
يقول موسى الأسعد العضو في هيئة تحرير الشام إن التخطيط لهذه العملية بدأ منذ نحو أربع سنوات على الأقل، حيث كانت الهيئة تعمل بهدوء لشن هجوم مضاد من شأنه “تغيير ميزان القوى على الأرض”.
خلال تلك السنوات عمدت الهيئة لإنشاء تحالفات مع فصائل أخرى وتعزيز قدراتها العسكرية وتطوير عمليات إنتاج الأسلحة والأعتدة.
وفقًا للأسعد فقد قدمت الهيئة خطة الهجوم إلى تركيا في وقت سابق من هذا العام، وحصلت الموافقة عليها من حيث المبدأ، ولكن لم تمنح الضوء الأخضر النهائي.
كانت هيئة تحرير الشام ترغب في بدء العملية “في اليوم الأول من غزو إسرائيل للبنان”، كما قال الأسعد، عندما كان من المفترض أن يسحب حزب الله “مقاتليه من الجبهات في شمال سوريا”.
لكن مع تحرك إسرائيل لنقل قواتها إلى جنوب لبنان في بداية أكتوبر، قال الأسعد إن مقاتلي حزب الله بقوا في سوريا لمدة أسبوع على الأقل.
جاء نقطة التحول بعد اجتماع في 11 نوفمبر في أستانا بكازاخستان، بين إيران وتركيا وروسيا.
وفي تحذير موجه إلى الحكومة السورية وشريكها الروسي، أوضحت تركيا أن الوضع الراهن في البلاد لم يعد قابلا للاستمرار في ظل غياب الحلول السياسية بعد أكثر من 13 عاما من الحرب الأهلية، وفقا لمسؤول تركي.
وفي الوقت نفسه، كانت فصائل المعارضة تراقب الوضع في لبنان، عندما وافق حزب الله وإسرائيل على اتفاق وقف إطلاق النار في 26 نوفمبر.
قررت هيئة تحرير الشام التحرك في صباح اليوم التالي، حسبما قال الأسعد، وذلك خشية من “عودة مقاتلي حزب الله إلى سوريا والقتال لجانب الأسد”.
وعندما بدأ الهجوم أظهرت موسكو أنها مستمرة في دعمها لنظام الأسد وقصفت مواقع لفصائل المعارضة بعد وصولهم لحلب.
لكن وراء الكواليس، كانت روسيا على اتصال بتركيا وتبحث عن معلومات حول خطط هيئة تحرير الشام مع تحرك قواتها جنوبا، حسبما ذكر مسؤول أمني غربي.
وأضاف المسؤول أن الأتراك، بدورهم، استخدموا المحادثات لتأكيد نقطتين رئيسيتين: أن دعم الأسد كان على الأرجح غير مجدٍ على المدى الطويل وأن قصف هيئة تحرير الشام كان فقط يجعل قادة سوريا المستقبليين يتحولون ضد موسكو.
وذكر مسؤولون آخرون أن إيران حاولت كذلك إنقاذ نظام الأسد لكن من دون جدوى.
وبحسب أحد أفراد عائلة الأسد فإن إيران ربما شعرت بقليل من الإلحاح لإنقاذ الأسد، بعد أن أغضب الأخير طهران في الأشهر الأخيرة بمحاولته تقليص النفوذ الإيراني في بلاده في محاولة لإرضاء دول الخليج التي وعدت بدورها بمحاولة رفع العقوبات الأميركية عن سوريا.
وأضاف أنه عندما طلب الأسد أخيرا من طهران تكثيف الدعم العسكري، كان الوقت قد فات.
أصدرت طهران أمرا ببدء إجلاء قواتها ودبلوماسييها من سوريا في السادس من ديسمبر، خوفا من أن تنهار دمشق بسرعة مما يؤدي لبقائهم عالقين هناك، وفقا لما ذكره أحد الدبلوماسيين.
وقال مصدر من عائلة الأسد ومسؤول دبلوماسي روسي إن موسكو وطهران والأسد كانوا يتوقعون أن يأمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بوقف الهجوم بعد أن استولت المعارضة على حلب، بهدف إجراء مفاوضات، لكن الأخير فاجأهم وطلب الاستمرار في التقدم.
ومع سيطرتهم على حلب بدأت فصائل المعارضة في التواصل مع قوات الجيش، من خلال استخدام الطائرات المسيرة المحلية لإسقاط منشورات فوق الوحدات الحكومية، تحتوي على أرقام هواتف يمكن للجنود استخدامها من أجل الاستسلام.
بعض الضباط هناك رفضوا التعليمات بوضع أسلحتهم، مما ترك الجيش في ارتباك بشأن الأوامر للتراجع دون قتال، حسبما قال قريب الأسد.
لكن الجبل سقط، وسرعان ما تبعته مدينة حماة، وكانت هذه خطوة استراتيجية ورمزية على اعتبار أن المدينة شهدت مجزرة ارتكبها والد بشار الأسد، حافظ، في عام 1982.
واصلت فصائل المعارضة الاندفاع نحو الجنوب، باتجاه حمص، ثالث أكبر مدينة في سوريا وبوابة للعاصمة والمناطق الساحلية.
كانت فصائل المعارضة تعلم أن الجيش السوري كان “مرهقا”، لكنهم لم يتوقعوا سرعة انهياره، وفقا للصحيفة التي أشارت أن سجلات السجون التي راجعتها تظهر أن سجون الأسد كانت ممتلئة بالمنشقين عن الجيش.
وفي دمشق، كانت قوات الأسد في حالة من الفوضى. وقال ضابط شرطة يبلغ من العمر 22 عاما وكان يعمل في إحدى ضواحي دمشق إن الأوامر صدرت له ولزملائه للبقاء في مواقعهم، ولكن بعد ذلك جاءت أوامر جديدة بالفرار.