رفضت محكمة استئناف اتحادية -أمس الاثنين- دعوى قضائية رفعها نشطاء حقوقيون فلسطينيون اتهموا فيها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالتواطؤ في الإبادة الجماعية في غزة عبر استمرارها في تقديم الدعم العسكري والدبلوماسي والمالي لإسرائيل.

وأيدت لجنة مكونة من 3 قضاة في محكمة الاستئناف بالدائرة التاسعة في سان فرانسيسكو قرار رفض الدعوى، مشيرة إلى أن القضية تطرح أسئلة سياسية تتعلق بالشؤون الخارجية، وهي مسائل لا يمكن للمحكمة أن تبت فيها.

وكتبت "الدعوى القضائية التي قدمها المدعون وطلباتهم غير العادية، بشأن الإغاثة، تثير أسئلة سياسية ترتكز على مسائل من تخصص الفروع التي تملك الصلاحيات العسكرية والدبلوماسية في حكومتنا".

وقالت جماعتان مدافعتان عن حقوق الفلسطينيين لحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، ومؤسسة الحق، إلى جانب العديد من سكان غزة والأميركيين من أصل فلسطيني، إن الولايات المتحدة تنتهك التزاماتها بمنع الإبادة الجماعية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رفع المدعون دعوى قضائية ضد الرئيس بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، احتجاجًا على الدعم المستمر لإسرائيل الذي اعتبروه انتهاكا للقانون الدولي واتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948.

إسرائيل قتلت أكثر من 16 ألف طفل منذ بدء العدوان على غزة (الأناضول)

ورفض قاضي المحكمة الجزئية الأميركية جيفري وايت -في يناير/كانون الثاني الماضي- الدعوى القضائية على مضض، قائلا إن "المحكمة لا يمكنها الوصول إلى النتيجة المفضلة" مستشهدا بأدلة قال إنها تظهر أن "الحصار العسكري الإسرائيلي المستمر في غزة يهدف إلى القضاء على شعب بأكمله وبالتالي يقع ضمن الحظر الدولي للإبادة الجماعية".

وبموجب ما يسمى مبدأ المسائل السياسية، خلص وايت إلى أن مزاعم المدعين لا يمكن نظرها في المحكمة، لأنهم أثاروا نزاعا يتعلق بالسياسة الخارجية وهو أمر على السلطتين التشريعية والتنفيذية بحثه.

ومنذ بدء العدوان على غزة، تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل دعما قويا عسكريا ومخابراتيا ودبلوماسيا، ومن المقرر أن تزودها بأسلحة تُقدر بمليارات الدولارات خلال الأشهر المقبلة.

وكانت صحيفة معاريف الإسرائيلية كشفت أن القنابل، التي استخدمها الجيش قبل أيام في قصف مخيم النازحين بخان يونس جنوب غزة، وهي من طراز "جى دي إى إم" المتطورة الفتاكة، أميركية الصنع، وهي موجهة بالليزر وتعتمد على تكنولوجيا استشعار متقدمة وذكاء اصطناعي.

وأسفرت هذه المجزرة -التي وقعت بمخيم المواصي- عن استشهاد نحو 90 فلسطينيا، نصفهم أطفال ونساء، ومئات الإصابات، بينها إصابات خطرة، حسب وزارة الصحة بغزة.

كما يُرجح أن قنابل أميركية الصنع من نوع "إم كيه 84" ألقتها إسرائيل على المدنيين في مجزرتي مستشفى المعمداني ومخيم جباليا، بحربها على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

جيش إسرائيل قتل نحو 500 فلسطيني معظمهم نساء وأطفال خلال قصفه مستشفى المعمداني (الأناضول)

وخلال 284 يوما من العدوان على غزة، ارتكبت قوات الاحتلال أكثر من 3 آلاف و3390 مجزرة، أسفرت عن استشهاد أكثر من 38 ألف فلسطيني بينهم 16 ألف طفل ونحو 11 ألف امرأة، فضلا عن إصابة 88 ألفا آخرين.

كذلك ألقت قوات الاحتلال أكثر من 80 ألف طن من المتفجرات على القطاع، دمرت خلالها 150 ألف وحدة سكنية كليا، وأكثر من 200 ألف وحدة جزئيا، وأخرجت 34 مستشفى عن الخدمة.

ويواصل الاحتلال عدوانه برا وبحرا وجوا، متجاهلا قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

وتتحدى إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.

وللعام الـ18، يحاصر الاحتلال الإسرائيلي غزة، وقد أجبرت حربه نحو مليونين من سكانها -البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني- على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد في الغذاء والماء والدواء.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل بدعم أميركي حربا مدمرة على غزة، خلفت قرابة 127 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإبادة الجماعیة أکثر من على غزة

إقرأ أيضاً:

مقرر أممي سابق: محكمة غزة تحاكم مرتكبي الإبادة بطرق غير تقليدية

قال المقرر السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية ريتشارد فولك إن "محكمة غزة" تعمل بعيدا عن الحواجز التي تفرضها المحاكم الوطنية والدولية التقليدية.

وأضاف فولك -في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت- أن محكمة غزة، وهي مبادرة مستقلة تتخذ من لندن مقرا لها، تسعى لتجاوز المعوقات التي تؤثر على الولاية القضائية والنطاق الجنائي واتخاذ القرارات المتعلقة بهذه المحاكم، لافتا إلى أن إسرائيل حساسة بما يكفي تجاه تأثير الأحكام السلبية من قبل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وهي تستخدم كل نفوذها لتخفيف هذه التأثيرات، بما في ذلك التشهير المبالغ فيه، مثل وصف الأمم المتحدة بأنها "مستنقع حقير لمعاداة السامية".

وتأتي تصريحات فولك في وقت أصدرت فيه المحكمة الجنائية الدولية اليوم الخميس مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وقالت إن هناك "أسبابا منطقية" للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.

وفولك يهودي أميركي، وأستاذ فخري للقانون الدولي في جامعة برنستون، ومقرر سابق للأمم المتحدة معني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعُرف بمواقفه المناهضة للسياسات الإسرائيلية والمؤيدة للحقوق الفلسطينية، ووصفته الخارجية الإسرائيلية بأنه غير "مرحب به في إسرائيل".

وإلى تفاصيل الحوار..

محكمة غزة بدأت عملها في بداية الشهر الحالي بمشاركة العديد من النشطاء حول العالم (الجزيرة) كيف جاءت فكرة إنشاء "محكمة غزة"؟

فكرة إنشاء محكمة شعبية أو محكمة مجتمع مدني بشأن الاعتداء المستمر على المدنيين الفلسطينيين المحاصرين كان ينظر إليها منذ فترة طويلة بوصفها مبادرة قيمة، ومع ذلك لم نتوصل إلى اقتراح محدد مع تمويل كاف إلا في مايو/أيار الماضي، عبر مجموعة من المشاركين في منتدى التعاون الإسلامي للشباب الذي عقد في تركيا، ودعَوني لأكون رئيسًا له.

درسنا هذا الاقتراح بعناية، وأصررنا على تعهد صارم بالاستقلال السياسي عن جميع الحكومات والسياسيين والدبلوماسيين.

وفي أغسطس/آب 2024، عندما تصاعدت الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وبدا أن الأمم المتحدة غير قادرة على إيقاف وقف إطلاق النار، وأن الولايات المتحدة غير راغبة في ذلك؛ قبلنا هذه الدعوة وبدأنا التخطيط لتنظيم هيكل المشروع منذ ذلك الحين.

وعُقد اجتماع ناجح لإطلاق مشروع "محكمة غزة" في لندن في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي وبداية نوفمبر/تشرين الثاني الحالي بمشاركة العديد من العلماء والنشطاء البارزين واهتمام كبير من قبل المنظمات الفلسطينية المجتمعية التي تعمل في ظل ظروف قاسية في فلسطين المحتلة.

لماذا لندن؟

السبب الرئيسي لاختيار لندن لتكون موقعا لإطلاق المبادرة هو تأكيد رغبتنا في أن نكون عالميين بدل أن نبدو أتراكا أو فلسطينيين أو غير ذلك.

كما أن الخلفية المتنوعة للمشاركين في لندن أعطت تعبيرا كاملا لهذه القضية المتعلقة بالهوية، وكانت لندن مريحة من الناحية اللوجستية، حيث إننا نخطط لاجتماعات مستقبلية في عدة أماكن وطنية.

محكمة غزة مقرها لندن لكنها ستعقد جلسات لها في مناطق مختلفة (الجزيرة) ما الأهداف الرئيسية لهذه المبادرة؟

أعتقد أن هناك إجماعًا على أننا نرغب في تنظيم المحكمة بطريقة تُعطى فيها الأولوية للتفاصيل المتعلقة بالإبادة الجماعية كما حددها القانون الدولي واتفاقية الإبادة الجماعية، بالإضافة إلى جملة من الأهداف الأخرى:

نسعى إلى تكملة جهود محكمة العدل الدولية، من خلال العمل بسرعة أكبر وإنتاج نصوص تتمتع بالكفاءة الفنية ويمكن لأي شخص قراءتها بعيدا عن التعقيدات القانونية الغامضة. "محكمة غزة" ستعمل بعيدا عن الحواجز التي تفرضها المحاكم الوطنية والدولية التقليدية، خاصة تلك التي تؤثر على الولاية القضائية والنطاق الجنائي واتخاذ القرارات التي سيتم النطق بها. الهدف العام يتمثل في إنتاج سجل دقيق وشامل لما حدث في غزة -وما تلاه من توسع القتال إقليميا- منذ هجوم (حركة المقاومة الفلسطينية) حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. إنشاء نموذج مجتمع مدني لفهم نقدي ومعالجة القانون الدولي، بما في ذلك أهمية تجربة غزة في النظام العالمي من أجل تطوير نموذج تعليمي بديل لفهم القانون الدولي الذي يسعى لنقد الأساليب والمناهج القانونية التقليدية، ويكون أكثر توافقا مع بناء روابط بين القانون والعدالة. في الوضع الحالي، وعلى الرغم من أن اسمها يحتوي على كلمة "العدل"؛ فإن محكمة العدل الدولية تنحرف بشكل حاد نحو إطار قانوني بحت وبشأن المسائل التي يُطلب منها حلها، بينما في ظروف قاسية مثل غزة تميل المناهج القانونية والشعبوية إلى التقارب في التعامل مع القانون الدولي. تفسير وتبرير إجراء "قضائي" لا يمنح المتهم أو الخصم الإجراءات القانونية الواجبة، ومن ثم ملء الفجوة التي تخلقها أوجه القصور في العمليات القضائية بين الحكومات حتى عندما تعمل بعيدا عن التدخل الجيوسياسي. هل يمكن تحقيق هذه الأهداف وجني ثمارها؟

نعم، إذا كانت جودة الأداء في مختلف مراحل "محكمة غزة" تتماشى مع التطلعات والإمكانات المتنوعة. ورغم أن محكمة المجتمع المدني تفتقر إلى أي قدرات تنفيذية مباشرة، فيمكنها أن تشجع المبادرات التضامنية التي تمارس الضغط، ويبدو أن هذا كان له دور حاسم في حالة حركة مناهضة الفصل العنصري، -رغم اختلاف الوضع الفلسطيني- لأن الأمم المتحدة مارست تأثيرًا على نزع الشرعية.

كما كانت العناصر المنظمة في المجتمع المدني -بما في ذلك الجماعات الدينية، والنقابات العمالية، وأنشطة الاحتجاج الجامعية الداعمة لسحب الاستثمارات، ومجموعة من الفاعلين المدافعين عن حقوق الإنسان المناهضين للعنصرية- مهمة في نزع الشرعية عن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وأحد هذه الجهود الراسخة في النضال الفلسطيني هو حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات "بي دي إس" (BDS) التي أُطلقت عام 2005 من قبل ائتلاف من النشطاء الفلسطينيين والمنظمات المدنية.

وإن حكما قويا من "محكمة غزة" سيضيف شرعية لمثل هذه المبادرات المجتمعية، ويؤدي إلى ظهور مبادرات غير حكومية أخرى ذات مغزى مثل المقاطعات الثقافية والرياضية.
بالطبع، إن نجاح أو خيبة أمل جهودنا سيعكس الوضع السياقي، خاصة إذا كان هناك استمرار للقلق الواسع بشأن سلوك إسرائيل تجاه الحقوق الأساسية للفلسطينيين، وكذلك إذا كانت إسرائيل ستستمر تحت القيادة الحالية أو قيادة مماثلة.

ومن الممكن إذا نفذت إسرائيل خططها المتزايدة والمعلنة لضم الضفة الغربية وإنكار أي احتمال للموافقة على إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، فإن التأثير قد يكون كبيرًا.
ومن الممكن أيضًا أن يكون هناك رد فعل مضاد تقوده الحركة الصهيونية ضد "محكمة غزة" عبر استخدام تكتيكها المعروف بـ"معاداة السامية".

رغم أن محكمة غزة صورية فإنها تعزز الوعي القانوني ولها إسهاماتها في حصر وأرشفة صور الإبادة الإسرائيلية (الجزيرة) ما المنظمات المدنية المشاركة في المبادرة؟

يوجد بدرجات متفاوتة ممثلون عن العديد من المنظمات النشطة والمؤثرة في عمل "محكمة غزة"، بما في ذلك ممثلون بارزون في المجتمع المدني الفلسطيني، مثل: "الحق" و"المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" و"الضمير" و"مركز الميزان لحقوق الإنسان".

ولدينا مجموعة عمل خاصة تتكون من ممثلين عن منظمات المجتمع المدني والمتضامنة مع القضية الفلسطينية، وسنستعين بهم دائما للحصول على التوجيه المناسب طوال عمل المحكمة.

وكيف يتم التنسيق مع كل هذه المنظمات؟

كمبادرة مجتمع مدني موجهة لدعم النضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير والحقوق الأساسية الأخرى، سعينا لمشاركة مجموعة واسعة من المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، وشجعتنا استجابتهم الإيجابية القوية كما ظهر من مشاركتهم.

وأنشأنا مجموعة عمل للمجتمع المدني الفلسطيني، بالإضافة إلى مجلس استشاري عالمي للمجتمع المدني لضمان وجود قنوات واضحة للمشاركة والتأثير.

وحتى الآن، هناك تعاون ممتاز بين المنظمات الفلسطينية المشاركة، وكذلك بين المنظمات المدنية العالمية، ونأمل أن يستمر هذا التعاون وأن ينعكس في الحكم النهائي "لمحكمة غزة".

إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (أسوشيتد برس) في السياق العالمي الحالي، قد يفقد بعض الناس الأمل في نجاح مثل هذه المبادرات، فكيف ترد عليهم؟

مثل هذه المبادرات كان عليها دائما أن تسبح ضد تيارات القوة الجيوسياسية وتوجهات وسائل الإعلام الرئيسية التي كانت تستخف بهذه المبادرات وتعاديها منذ تطورها الجاد في محكمة "راسل" في منتصف الستينيات.

وليست "محكمة غزة" الحالة الأولى من محاكم الشعوب التي تثمر تأثيرا واضحا على سلوك الولايات المتحدة في الحرب، فسبق أن أنعشت مثل هذه المبادرة إلى حد ما الأنشطة المناهضة للحرب في الولايات المتحدة وأوروبا، وابتكرت نموذجا تم تطبيقه في العديد من الحالات اللاحقة، بما في ذلك المبادرات القضائية المتعلقة بالتدخلات في الجنوب العالمي، والمساواة بين الجنسين، وحماية البيئة، وأخطاء الشركات الكبرى.

وبهذا المعنى، ظهر هذا الشكل المجتمعي كنموذج مدني تربوي لمقاومة القوة الناعمة بتأثيرات تعليمية وإعلامية وأنشطة متغيرة حسب القضية والسياق السياسي العام.

والنضال الفلسطيني والإبادة الجماعية الإسرائيلية هما في العديد من النواحي حالة خاصة، مما يجعل التأثير المحتمل إما أقل مما هو مأمول أو أكبر.

ومن جانب إسرائيل، فإنها تعلمت من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا عبر استخدام موارد كبيرة لتشكيل خطاب عام متعلق بسلوكها، بما في ذلك اللجوء إلى "سياسة الإلهاء" لتحويل الانتباه عن الادعاءات والانتقادات الجوهرية من خلال شن هجمات تشهيرية على المرسل لتشتيت الانتباه عن الرسالة.

علاوة على ذلك، فإن الخلفية التاريخية لاضطهاد اليهود التي بلغت ذروتها في الهولوكوست تعيق النقد أو التعاطف مع النضال الفلسطيني، خاصة في ألمانيا، وأيضا في الديمقراطيات الغربية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية مع ضمير مذنب لأنها لم تفعل الكثير لمعارضة معاداة السامية النازية قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية.

هذا الشعور بالذنب الليبرالي أدى إلى تكملة استعمارية في سياق ما بعد الحرب، حيث تمت معالجة مشاكل أوروبا على حساب دولة من الجنوب العالمي، مما جعل الفلسطينيين العرب غرباء مضطهدين في وطنهم.

وحتى إذا فشل التأثير المباشر على سلوك إسرائيل، فنحن واثقون من التأثيرات الثانوية لمحكمة عالية الجودة فيما يتعلق بالثقافة القانونية في المستقبل، وجمع سجل تاريخي وأرشيفي، من أجل الإسهام في نهج موجه نحو الشعوب لدراسة وتطبيق القانون الدولي في سياقات الأمن العالمي.

وأخيرا، أشك في أن معظم أولئك الذين "فقدوا الأمل" لم يكن لديهم أمل في "مثل هذه المبادرة" من الأساس.

هذه المبادرة "رمزية".. فهل ستترتب عليها التزامات قانونية لمعاقبة الجناة؟

عندما تتعارض التزامات القانون الدولي مع المصالح الإستراتيجية القوية للفاعلين الجيوسياسيين، خاصة فيما يتعلق بقضايا الحرب والسلام، فإن تأثيرات حتى المؤسسات الحكومية أو الدولية الرسمية تكون رمزية في الأساس. فإسرائيل تتحدى القانون الدولي والأمم المتحدة ولا توجد إرادة سياسية لمواجهة مثل هذا السلوك.

ومع ذلك، فإن إسرائيل حساسة بما يكفي لتأثير الأحكام السلبية من قبل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والجمعية العامة، وهي تستخدم كل نفوذها لتخفيف هذه التأثيرات، بما في ذلك التشهير المبالغ فيه، مثل وصف الأمم المتحدة بأنها "مستنقع حقير لمعاداة السامية"، ومحاولة استخدام نفوذها في الغرف المغلقة لتجنب إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد القادة الإسرائيليين كما أوصى المدعي العام كريم خان.

وكما كتب المؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف "ليس كل نقد ضد إسرائيل معاديا للسامية (…) اللحظة التي تقول فيها إنه كراهية معادية للسامية (…) تسحب كل الشرعية من النقد وتحاول سحق النقاش". وهذا يعد الوصف الدقيق لتكتيكات نتنياهو في الأمم المتحدة عندما وصف هذه المنظمة بأنها "جمعية الأرض المسطحة المعادية لإسرائيل"، واصفًا الأمم المتحدة بأنها "مستنقع من الحقد المعادي للسامية".

وفي هذا النوع من سياق الفوضى المدعومة جيوسياسيا، يكون كل قانون رمزيا، ولكن التأثيرات الرمزية للجهات السياسية الفاعلة، سواء كانت حكومية أو لا، هي حقيقية.

لقد جادلت طويلا بأن الساحات الرمزية لصنع القوانين لا ينبغي التقليل من شأنها أو السخرية منها، وسأستمر في فعل ذلك بشكل قاطع فيما يتعلق بوجود "محكمة غزة" ونشاطها.

مقالات مشابهة

  • “فيتو” استمرار جريمة الإبادة الجماعية
  • إدارة بايدن تحذر إسرائيل من وقف اعتقال المستوطنين المدانين بمهاجمة الفلسطينيين بالضفة الغربية
  • الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين
  • 50 يومًا على الإبادة الجماعية والحصار شمالي القطاع
  • منظمات مؤيدة للفلسطينيين تقيم دعوى ضد حكومة هولندا لدعمها إسرائيل
  • محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج لاختراق الهواتف
  • مقرر أممي سابق: محكمة غزة تحاكم مرتكبي الإبادة بطرق غير تقليدية
  • حزب "المصريين": أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت توثيق لجرائم الإبادة الجماعية في غزة
  • «الجنائية الدولية» ترفض طعنين قدمتهما إسرائيل بشأن صلاحيات المحكمة وولايتها
  • الجنائية الدولية ترفض طعنين قدمتهما إسرائيل بشأن صلاحيات المحكمة وولايتها