خبراء قانون: السلطة الفلسطينية يمكنها المطالبة باسترداد ديونها من بريطانيا
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
فتح الإعلان عن وقف إطلاق النار مع نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 بابا واسعا لتغييرات عديدة شهدتها أقطار العالم كله، بين تراجع إمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس وطموح دول عانت من الاستعمار وتأمل تحقيق حريتها واستقلالها.
ومع انحسار مظلة الاستعمار عن الدول المستقلة حديثا منذ بداية العقد الثالث من القرن الماضي، ظهرت إشكاليات التبعية السياسية ومعضلات الديون التي تستحقها الدولة الناشئة بعد سيطرة الاستعمار على خزائنها ومواردها الاقتصادية وتراثها وأرشيفها لفترة من الزمن.
وحتى يومنا هذا ما زالت وسائل الإعلام تخرج بتصريحات مختلفة تطالب هذه الدول المستعمِرة برد الأموال التي استولت عليها من الدول التي استعمرتها في شكل ديون مباشرة، أو التحفظ على عملات ذهبية، أو استقطاع جزء من أراضيها، أو حتى سرقة آثارها وتراثها التاريخي.
وتكرر الأمر مع تصريحات عن ديون بريطانيا للدولة الفلسطينية منذ نهاية الانتداب فجأة في 14 مايو/أيار 1948، أو ديون بريطانيا للخزينة المصرية التي جاءت في صورة تمويلات وخدمات عسكرية أثناء الحرب العالمية الأولى، أو نقل فرنسا قطعا ذهبية من الجزائر، ويتكرر المشهد نفسه في العديد من الدول الأفريقية التي قبعت تحت الاحتلال فترة من تاريخها.
فلسطين نموذجا
ويعد الكشف عن الديون الفلسطينية المستحقة عند بريطانيا مرتبطا بمآلات الفترة التاريخية التي تزامنت مع النكبة الفلسطينية وقرار التقسم الذي صاحب قيام الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، ثم عدم تسليم بريطانيا الأموال الفلسطينية التي كانت مودعة في بنك إنجلترا.
ويرجع المستشار وخبير القانون الدولي محمد الصبيحي السبب وراء عدم اعتراف بريطانيا بالدولية الفلسطينية حتى الآن إلى الخوف من مطالبتها بسداد قيمة الأرصدة الفلسطينية التي كانت مودعة في بنك إنجلترا خلال تلك الفترة التاريخية.
وأضاف الصبيحي -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن "هذه الأموال تعادل ما بين 130 و138 مليون جنيه من الذهب"، وهذه المبالغ بسعر اليوم قيمته تتجاوز 70 مليار دولار، وهذا بخلاف القيمة التراكمية عبر كل السنين الماضية.
وعن المستندات التي يمكن الرجوع إليها لإثبات هذه المبالغ، بيّن خبير القانون الدولي أن فلسطين كان لديها بنك مركزي متكامل ومعترف به دوليا، والعملة التي يصدرها كانت مغطاة بالجنيه الذهب وتودع في بنك إنجلترا، والتقارير الدورية الصادرة عن البنك تكشف عن هذه الأرصدة وتثبت وجودها، ومن حق أي جهة رسمية تمثل الشعب الفلسطيني الحصول على هذه الوثائق.
النظرة الأولية لتاريخ الاستعمار حول العالم تكشف عن أسباب عدة شكلت سياسة الدول التوسعية، لكن الجانب الاقتصادي كان الدافع الأساسي وراء ظاهرة المستعمرات التي تستحوذ فيها الدول المستعمِرة على الموارد والعائدات التي تتمتع به الدول الخاضعة لسيطرتها.
ولذلك يقول أستاذ القانون الدولي في الجامعة العربية الأميركية رائد أبو بدوية إن "القانون الدولي دوّن في اتفاقية واضحة عام 1983 أنه على الدول التي استقلت حديثا أن تأخذ كافة ممتلكاتها المنقولة وغير المنقولة الموجودة بعد الاستقلال حتى لو كانت خارج الإقليم المستعمر".
وأضاف أبو بدوية -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن القانون الدولي يضمن مبدأ خلافة الدول سواء في المعاهدات الدولية أو الممتلكات والحقوق والديون، وهناك نص واضح في المادة 15 من الاتفاقية الدولية لخلافة الدول المتعلقة بالممتلكات يقول إن الدولة السلف والمستقلة حديثا تعود إليها كافة ملكية العقارات وغيرها والأموال والممتلكات غير المنقولة التي كانت تسيطر عليها الدولة المستعمرة.
القانون في الميزان
وإذا كانت القوانين الدولية متوافرة، وتضمن الحقوق كافة للدول التي نهبت أموالها خلال فترة الاستعمار، فهل وجود هذه النصوص كفيل بعودة الديون والحقوق إلى أصحابها؟
للرد على هذا التساؤل قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني إن "نصوص القانون الدولي ليست قواعد تُفرض على الأفراد والمجتمعات"، وهذه القوانين تبقى ساكتة أمام وضعية الديون".
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أشار الحسيني إلى أن الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الدول المستقلة حديثا تمت صياغتها بروح من هيمنة الدول المسيطرة والتوافق فيما بينها على ضمان تبعية الدول التي كانت خاضعة لنفوذها.
وتأسف أستاذ العلاقات الدولية على أن قواعد التحكيم في مثل هذه القضايا تقوم أولا على مبدأ التراضي وتوافق الأطراف المتنازعة؛ و"بالتالي ما دام البلد النامي هو الطرف المدعي فسوف يبقى مسلوب الإرادة وغير قادر على إثبات وجوده القوي والسليم على المستوى الدولي، كما هو شأن البلدان المتقدمة التي لها خبرة طويلة في ميدان التحكيم الدولي وفي ميدان الممارسات داخل المنتديات القضائية الدولية".
وسائل الضغطوفي ما يتعلق بالخطوات التي يمكن أن تسلكها الدول من أجل الحصول على ديونها لدى دول أخرى، حدد الحسيني خطوات محددة مرتبطة بالنزاعات القضائية، حسب المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة، ومنها:
الطرق الدبلوماسية بين طرفي النزاع. الوساطة من خلال تدخل طرف ثالث، ويكون غالبا قوة عظمى حليفة حتى تمارس نوعا من الضغط وتقريب وجهات النظر. ممارسة نوع من الضغوط السياسية والاقتصادية، وفي أحيان أخرى يكون الضغط في شكل ثقافي أو اجتماعي أو سياحي. التحكيم الدولي والمحاكم الدولية المختصة في فض المنازعات.ويبدي الصبيحي اندهاشه من عدم مطالبة السلطة الفلسطينية بالأموال التي تدين بها بريطانيا للدولة الفلسطينية، فهي لديها الحق القانوني في المطالبة بهذه الأموال، فمعظم دول العالم تعترف بها ممثلا للشعب الفلسطيني.
ويتساءل: "إذا لم تعترف بريطانيا والاتحاد الأوروبي بأن السلطة ممثل للشعب الفلسطيني فلماذا يتعاملون معها؟ ولماذا وقعوا اتفاق أوسلو"؟ ولماذا يتفاوضون معها ويلتقون الرئيس محمود عباس، أليس لأنه ممثل للشعب الفلسطيني؟ ولماذا لا يطالب عباس نفسه بهذه الأموال؟
وفي خطوة أبعد من ذلك، يستمر المحامي والخبير القانوني في القول إن القانون الدولي يكفل لغزة المطالبة بالديون المستحقة للدولة الفلسطينية عند بريطانيا، فمهما كانت الحكومة القائمة فيها يمكنها استرداد هذه الأموال بوصف قطاع غزة المكان الوحيد المحرر والمستقل عن الاحتلال الإسرائيلي.
ذمة مالية منفصلة
ولما كانت حركة التاريخ لا تتوقف وكذلك أنظمة الحكم والأنماط السياسية في الدولة الواحدة، فإن القانون الدولي يفرق بين المسائل السياسية المتغيرة وممتلكات الدول الثابتة التي لا تتغير ولا يجوز نقلها.
وهذا ما فصّله الدكتور أبو بدوية بأن السلطة الفلسطينية هي سلطة حكم ذاتي ولها موازنتها الخاصة وتتوفر لديها ذمة مالية مستقلة، وبالتالي يمكنها أن تطالب بريطانيا بجميع ما احتفظت به من ممتلكات للشعب الفلسطيني منذ أيام الانتداب، بما في ذلك الأرشيف والسجلات.
ويضيف أستاذ القانون الدولي في الجامعة العربية الأميركية أن اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية لا يترتب عليه أثر قانوني لأنه أمر سياسي غير مرتبط بالحقوق والممتلكات؛ وبالتالي ما زال من حق السلطة الفلسطينية المطالبة بممتلكات الشعب الفلسطيني حتى وإن لم تعترف بها بريطانيا كدولة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات السلطة الفلسطینیة للشعب الفلسطینی القانون الدولی فی بنک إنجلترا هذه الأموال التی کانت
إقرأ أيضاً:
كيف ضمن المشرع حقوق المستمثر في القانون ؟
يحرص قانون الاستثمار على توفير بيئة آمنة وجاذبة لرؤوس الأموال، من خلال منح المستثمرين مجموعة من الحقوق والضمانات التي تكفل لهم الاستقرار والشفافية والعدالة في تعاملاتهم.
ويأتي ذلك في إطار سعي الدولة لدعم مناخ الأعمال، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء، بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتوفير فرص العمل.
ضمن قانون الاستثمار حقوق المستمر بشكل كامل ضمانا لتوفير بيئة آمنة ومناسبة وجاذبة لرؤوس الأموال
ووفقا للمادة(١٥) يحوز للمستثمر تحقيقا لأهداف التنمية الشاملة والمستدامة تخصيص نسبة من أرباحه السنوية لاستخدامها فى إنشاء نظام للتنمية المجتمعية، خارج مشروعه الاستثمارى، من خلال مشاركته فى كل المجالات الآتية أو بعضها:
١-اتخاذ التدابير اللازمة لحماية البيئة وتحسينها.
٢-تقديم خدمات أو برامج فى مجالات الرعاية الصحية أو الاجتماعية أو الثقافية أو فى إحدى مجالات التنمية الأخرى.
٣-دعم التعليم الفنى أو تمويل البحوث والدراسات وحملات التوعية التى تستهدف تطوير الإنتاج وتحسينه بالاتفاق مع إحدى الجامعات أو مؤسسات البحث العلمى.
٤-التدريب والبحث العلمى.
ويعد ما ينفقه المستثمر من مبالغ فى إحدى المجالات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة بما لا يجاوز نسبة ١٠% من أرباحه السنوية الصافية من التكاليف والمصروفات واجبة الخصم وفقا لنص المادة ٢٣ بند ٨ من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥
ويجوز للوزير المختص بالتنسيق مع الوزارات المعنية إنشاء قائمة لأفضل المشروعات الاستثمارية التى تقوم بأنشطة تنمية مجتمعية سواء من الناحية الجغرافية أو القطاعية أو غيرها ويعلن عنه للرأى العام.
وفى جميع الأحوال يحظر استخدام المشروعات أو البرامج أو الخدمات المقدمة بنظام المسئولية المجتمعية لتحقيق أغراض سياسية أو حزبية أو دينية أو تنطوى على تمييز بين المواطنين.
وتبين اللائحة التنفيذية للقانون ما يلزم من ضوابط وقواعد أخرى لتطبيق نظام المسئولية المجتمعية.
شروط تمتع المشروعات الاستثمارية بالحوافز الخاصةووفقا للمادة 12 يشترط لتمتع المشروعات الاستثمارية بالحوافز الخاصة المنصوص عليها في المادة (11) من هذا القانون، توافر الشروط الآتية:
أن يتم تأسيس شركة أو منشأة جديدة لإقامة المشروع الاستثماري.
أن تؤسس الشركة أو المنشأة خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية لهذا القانون، ويجوز بقرار من مجلس الوزراء وبناء على عرض الوزير المختص مد هذه المدة لمرة واحدة.
أن تمسك الشركة أو المنشأة حسابات منتظمة، وإذا كانت الشركة أو المنشأة تعمل في أكثر من منطقة فلها أن تستفيد بالنسبة المقررة لكل منطقة بشرط أن يكون لكل منطقة حسابات مستقلة.
ألا يكون أي من المساهمين أو الشركاء أو أصحاب المنشآت قد قدم أو ساهم أو استخدم في إنشاء أو تأسيس أو إقامة المشروع الاستثماري المتمتع بالحافز أيا من الأصول المادية لشركة أو منشأة قائمة وقت العمل بأحكام هذا القانون أو قام بتصفية تلك الشركة أو المنشأة خلال المدة المبينة بالبند (2) من هذه المادة بغرض إنشاء مشروع استثماري جديد يتمتع بالحوافز الخاصة المشار إليها، ويترتب على مخالفة ذلك سقوط التمتع بالحافز المشار إليه والتزام الشركة أو المنشأة بسداد جميع المستحقات الضريبية.
ويجوز أن تتمتع توسعات المشروعات الاستثمارية القائمة بالفعل بالحوافز المنصوص عليها فى المادتين (11)، (13) من هذا القانون، ويقصد بالتوسعات في حكم هذه المادة زيادة رأس المال المستخدم بإضافة أصول جديدة تؤدى إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للمشروع، وذلك كله طبقا للقواعد والشروط التى يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء.
وتنص المادة 11 على أن تمنح المشروعات الاستثمارية التي تقام بعد العمل بهذا القانون وفقا للخريطة الاستثمارية، حافزا استثماريا خصما من صافي الأرباح الخاضعة للضريبة، على النحو الآتي:
نسبة (50%) خصما من التكاليف الاستثمارية للقطاع (أ):
ويشمل المناطق الجغرافية الأكثر احتياجا للتنمية طبقا للخريطة الاستثمارية وبناء على البيانات والإحصاءات الصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ووفقا لتوزيع أنشطة الاستثمار بها على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
نسبة (30%) خصما من التكاليف الاستثمارية للقطاع (ب):
ويشمل باقي أنحاء الجمهورية وفقا لتوزيع أنشطة الاستثمار، وذلك للمشروعات الاستثماري الآتية:
المشروعات كثيفة الاستخدام للعمالة وفقا للضوابط المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
المشروعات المتوسطة والصغيرة.
المشروعات التي تعتمد على الطاقة الجديدة والمتجددة أو تنتجها.
المشروعات القومية والإستراتيجية التي يصدر بتحديدها قرار من المجلس الأعلى.
المشروعات السياحية التي يصدر بتحديدها قرار من المجلس الأعلى.
مشروعات إنتاج الكهرباء وتوزيعها التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض مشترك من الوزير المختص والوزير المعني بشئون الكهرباء ووزير المالية.
مشروعات التي يصدر إنتاجها إلى خارج الإقليم الجغرافي لجمهورية مصر العربية.
صناعة السيارات والصناعات المغذية لها.
الصناعات الخشبية والأثاث وال والتغليف والصناعات الكيماوية.
صناعة المضادات الحيوية وأدوية الأورام ومستحضرات التجميل.
الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية وتدوير المخلفات الزراعية.
الصناعات الهندسية والمعدنية والنسيجية والجلود.
وفي جميع الأحوال يجب ألا يجاوز الحافز الاستثماري (80%) من رأس المال المدفوع حتى تاريخ بدء مزاولة النشاط، وذلك وفقا لأحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 كما يجب ألا تزيد مدة الخصم على سبع سنوات من تاريخ بدء مزاولة النشاط.
ويصدر رئيس مجلس الوزراء قرارا بناء على عرض مشترك من الوزير المختص ووزير المالية والوزير المعني، بتحديد توزيع القطاعات الفرعية لأنشطة الاستثمار بالقطاعين (أ)، و(ب) المشار إليهما.
وتبين اللائحة التنفيذية لهذا القانون مفهوم التكلفة الاستثمارية، والنطاق الجغرافي للقطاعين (أ) و(ب)، وشروط منح الحوافز الخاصة وضوابطه، وتدرج بها أنشطة الاستثمار الفرعية التي يتضمنها قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه فور صدوره.
وتجوز إضافة أنشطة جديدة للتمتع بالحوافز الخاصة بقرار من المجلس الأعلى.