أبو ديس.. مقدسيون يطلّون على قبة الصخرة ويُحرَمون منها
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
القدس المحتلة- على كرسيّ هزّاز يجلس لؤي عريقات في شرفة منزله الخارجية، مراقبا الغيوم خلف الجدار العازل، وينتظر أن تتحرك فوق منزله فهي وحدها التي يشعر أنها تمدّه بالأكسجين النقي الذي يساعده على النهوض يوميا، وتجديد طاقته.
لكن الجدار الإسمنتي القاتم الذي أُقيم على بُعد 3 أمتار فقط من منزله الواقع في بلدة "أبو ديس" شرقي القدس يعكر تلك الأجواء، وقد تحول إلى معاناة لازمت عائلته منذ عقدين.
كانت الشرفة الخارجية ومعظم نوافذ المنزل تطل على مصلى قبة الصخرة المشرفة في المسجد الأقصى قبل أن تبني إسرائيل جدار الفصل العنصري مطلع عام 2004. وكانت الرحلة من المنزل إلى البلدة القديمة ومسجدها لا تستغرق أكثر من 5 دقائق في السيارة أو الحافلة، لكنها باتت ممنوعة بعد تطويق القدس بالجدار وعزل ضواحيها عنها.
وبحلول يوليو/تموز الجاري، يكون قد مر عقدان على إصدار محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا ينص على أن الجدار الذي تم بناؤه في الضفة الغربية يخالف القانون الدولي، وطالبت في 9 يوليو/تموز 2004 بتفكيكه وتعويض المتضررين.
دقائق معدودة كانت تفصل لؤي عريقات عن القدس والمسجد الأقصى لكن تلك الأيام أصبحت ذكريات (الجزيرة) إطلالة وجداربمنطقة "الجبل" في بلدة أبو ديس، يقيم عريقات، وهو صاحب واحد من 5 منازل أُقيمت قبل عقود بهذه المنطقة، وامتلك أصحابها أجمل إطلالة على القدس ومعالمها المهيبة.
وللسير بين الأشجار المثمرة في هذه المنطقة الهادئة رونق خاص، ولمدخل منزل هذا الرجل جماله المميز أيضا، فقد حرص وزوجته حنان على الاعتناء بأدق التفاصيل التي يبعثر جمالها الجدار الإسمنتي العازل بمجرد وقوع نظر الزائر عليه.
ألواح متراصة من الإسمنت رصاصي اللون بارتفاع 9 أمتار حجبت هذه الأسرة عن الإطلالة الاستثنائية على القدس، وحوّلت حياتها إلى جحيم بعد سلخها عن العاصمة المقدسة ومؤسساتها.
رأت عينا لؤي عريقات النور عام 1967، وعاش نحو 4 عقود من حياته ملتحما بمدينة القدس التي امتلأ سجلّ ذكرياته بجمال أزقتها ومطاعمها وقهوتها وكعكها والجلسات في مسجدها وأمام بواباتها العتيقة.
"كان اعتماد أهالي أبو ديس في كافة مستلزمات حياتهم ومشترياتهم على مدينة القدس فقط.. رافقت أمي في كل رحلاتها إلى المدينة.. رائحة "قهوة صندوقة" فاحت لعقود في أرجاء منزلنا، وكعك القدس وخبزها الشهي، و"كُنافة جعفر" وغيرها.. كل ذلك أصبح ذكرى بعد بناء الجدار"، يقول عريقات للجزيرة نت.
منزل عائلة عريقات واحد من 5 منازل قديمة كانت تتمتع بإطلالة على القدس ومعالمها المهيبة قبل الجدار (الجزيرة) نسمع الأذان فقطورغم اللون الرصاصي القاتم الذي يُعكّر صفو هذه العائلة، فإن لؤي وبمجرد حديثه عن القدس يبدأ برسم صور متكاملة من المشاهد التي أصرّ على حفرها في ذاكرته، ويرفض أن يضعها في خانة الذكريات فقط، متأثرا بقول الشاعر "أُعلل النفس بالآمال أرقبها.. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل".
رافقنا الرجل إلى سطح منزله، وبمجرد فتح الباب المؤدي إليه، لاحظنا ابتسامة استثنائية رُسمت على وجهه عند رؤيته قبة الصخرة المشرفة من السطح.. لكنهم ممنوعون من الوصول إليها، كونهم يحملون هوية الضفة الغربية التي لا تتيح إسرائيل لحامليها دخول القدس.
قفزت إلى مخيلته رزمة جديدة من الذكريات التي عاشها مع أبناء جيله عندما كانوا يزورون مطاعم المدينة القديمة، ويستمتعون بعد ذلك بالجلوس على العُشب في ظلال سور القدس التاريخي، ويتحسر على أبنائه الذين حرموا من الاستمتاع بهذه اللحظات "لأنهم كبروا ووجدوا الجدار العازل جارهم".
صعد أحمد (14 عاما) إلى السطح وأطال النظر مع والده إلى قبة الصخرة، ورغم أنه قليل الكلام أفصح للجزيرة نت عن أمنيته بالقول "أن أزور القدس وأصلي في الأقصى لأنني لم أشاهد شيئا في طفولتي سوى الجدار.. أريد أن أكوّن ذكريات جميلة لأن لا ذكريات لدي مع القدس".
بالعودة إلى إحدى غرف المنزل تحولت نبرة لؤي إلى نبرة حزن عندما قال إنهم يسمعون صوت الأذان من الأقصى، لكنهم يعجزون عن تلبية نداء "حيّ على الصلاة" في رحابه الطاهرة.
لا يعلم هذا الرجل ما إذا كان الجدار سيزول يوما أم لا، لكنه يعلم أنه كما صبر 20 عاما على الحياة أمامه سيصبر أياما وشهورا وسنوات أخرى في سبيل الإطلالة على أولى القبلتين رغم الحياة القاسية في الجبل الواقع بين الجدار العازل ومعسكر الجيش الإسرائيلي.
حنان عريقات تفتقد مشهد فتح نافذة غرفتها والنظر إلى قبّة الصخرة الذي اعتادته قبل الجدار (الجزيرة) همّ ومعاناةتُنصت حنان، زوجة عريقات، بتمعن لسيرة حياة زوجها وعائلته في المكان، وتحدثت هي الأخرى عن ذكريات 6 أعوام عاشتها في المنزل قبل بناء الجدار بعدما تزوجت عام 1998 في أبو ديس، قادمة من حضن عائلتها في الأردن.
وتقول "كانت عائلتي في الأردن تحسدني على إطلالة منزلي.. والآن باتوا يزورون القدس بتأشيرة سياحة، وأنا القريبة من المكان محرومة من ذلك".
كانت حنان تفتح نافذة غرفتها لتنتعش بمنظر القبّة الذهبية وانعكاس الشمس عليها، ثم ترتشف قهوتها الصباحية في الشرفة الخارجية أمام المنظر ذاته، وخلال دقائق تصل إلى باب العامود لتقضي حاجياتها من البلدة القديمة، ولا تعود قبل تأدية صلاة الظهر في الأقصى.
لا شيء من هذا الروتين اليوم بقي على حاله منذ عام 2004، فلا هموم أكبر من هذا الهم، والذي نتج عنه هم آخر نتيجة مرض ابنتها الوحيدة رُبى التي وُلدت في العام ذاته، واستمرت رحلتها العلاجية في مستشفى المقاصد بالقدس 6 أعوام قبل أن تصعد روحها إلى بارئها.
"في البداية لم تكن مقاطع الجدار كاملة.. قفزتُ كثيرا عن السواتر الترابية لأصل بابنتي إلى المستشفى، وعانيتُ كثيرا بعد إحكام إغلاق أبو ديس وصعّب ذلك من رحلتنا إلى القدس.. توفيت ابنتي عام 2010 وقتل الجدار آمالي وحرمني الإطلالة التي كانت تصنع أيامي"، تقول حنان عريقات.
وتضيف أنها كانت في كل يوم تزور فيه القدس تشعر وكأنها تزورها للمرة الأولى فتمعن النظر في المعالم والأماكن وتوثق جمالها بالصور.
وعندما سألناها عن أمنيتها، قالت "أن يزول الجدار العازل.. وحتى يزول أتمنى لو أن لوحا زجاجيا واحدا يتوسط الألواح الرصاصية لأتمكن من رؤية القدس مجددا من نافذة غرفتي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجدار العازل قبة الصخرة أبو دیس
إقرأ أيضاً:
كانت تقل 60 راكبًا و4 من الطاقم.. تفاصيل الطائرة المنكوبة بواشنطن
اصطدمت طائرة تحمل 60 راكبا وأربعة من أفراد الطاقم بمروحية عسكرية، مساء الأربعاء، أثناء اقترابها من مطار رونالد ريغان.
واشنطن ترحب بتمديد عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا الأمم المتحدة تتلقى إشعارًا بانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخوقالت الخطوط الجوية الأمريكية، في بيان، إن الرحلة كانت في طريقها من ويتشيتا بولاية كانساس إلى واشنطن العاصمة.
وقالت شركة الطيران: إن قلقنا منصب على الركاب وأفراد الطاقم على متن الطائرة. ونحن على اتصال بالسلطات ونقدم المساعدة في جهود الاستجابة للطوارئ.
وأوضحت إدارة الطيران الفيدرالية، في بيان، لصحيفة ذا هيل، إن الطائرة اصطدمت في الجو بالمروحية أثناء اقترابها من المدرج 33 في المطار حوالي الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي.
وأشارت إدارة الطيران الفيدرالية إلى أنها ستحقق في الحادث بالتعاون مع مجلس سلامة النقل الوطني.
وقالت إدارة الإطفاء وخدمات الطوارئ الطبية في واشنطن، إن الطائرة سقطت في نهر بوتوماك مساء الأربعاء، وإن قوارب الإطفاء كانت في مكان الحادث.
وقالت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية في بيان: اصطدمت طائرة إقليمية من طراز بومباردييه سي آر جيه 700 تابعة لشركة بي إس إيه إيرلاينز في الجو بمروحية سيكورسكي إتش-60 أثناء اقترابها من المدرج 33 في مطار ريغان واشنطن الوطني حوالي الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي.
وأضافت إدارة الطيران الفيدرالية أن الطائرة التي تديرها شركة أمريكان إيرلاينز أقلعت من ويتشيتا بولاية كانساس.
ماذا عن المروحية العسكرية؟
أما المروحية العسكرية، فقد أكد مسؤول عسكري أنها من طراز بلاك هوك تابعة للجيش وكانت في رحلة تدريبية.
وأشار المسؤول العسكري إلى أنه لم يكن هناك مسؤولون كبار بالجيش على متن المروحية التي تعرضت لحادث التحطم.
ولفت المسؤول إلى أن 3 جنود كانوا على متن مروحية بلاك هوك المحطمة.
وأكدت وسائل إعلام أمريكية انتشال 18 على الأقل حتى الآن من نهر بوتوماك بعد تحطم الطائرة.
أول تعليق من ترامب على تصادم طائرة بمروحية في مطار ريجان بواشنطن
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه أحيط علمًا بـ"الحادث المروع" الذي وقع في مطار رونالد ريجان الوطني في العاصمة واشنطن، وفقا لسكاي نيوز.
وأوضح ترامب: رحم الله أرواحهم"، في إشارة لسقوط ضحايا جراء اصطدام طائرة ركاب بطائرة مروحية أثناء هبوطها في المطار.
وذكرت وسائل إعلام أمريكية، أنه جرى انتشال جثتين على الأقل من نهر بوتوماك بعد حادث اصطدام طائرة ركاب بطائرة مروحية أثناء هبوطها في مطار رونالد ريجان الوطني بالقرب من واشنطن.
وأعلنت هيئة الطيران الاتحادية في بيان مقتضب أن طائرة ركاب إقليمية تابعة لشركة "بي إس إيه" آيرلاينز اصطدمت في الجو بمروحية عسكرية أثناء اقترابها من مدرج 33 في المطار.
ووقع الحادث حوالي التاسعة مساء بتوقيت واشنطن "الثانية صباحا بتوقيت جرينتش.
وأوضحت الهيئة، أن الطائرة كانت في رحلة قادمة من مدينة ويتشيتا بولاية كانساس، مشيرةً إلى أن هيئة سلامة النقل ستتولى التحقيق في الحادث.
من جهته، أعلن مطار ريجان عبر منصاته الإعلامية، أن جميع عمليات الإقلاع والهبوط تم تعليقها مؤقتا.
وأعلنت الخطوط الجوية الأمريكية، أن 60 راكبا و4 من أفراد الطاقم كانوا على متن طائرة الركاب التي اصطدمت بطائرة مروحية أثناء الهبوط في مطار رونالد ريجان الوطني قرب واشنطن.
من جانبه، قال مسؤول أمريكي إن 3 جنود بالجيش الأمريكي كانوا على متن طائرة هليكوبتر بلاك هوك اصطدمت بطائرة ركاب بالقرب من مطار رونالد ريجان الوطني في واشنطن.
الجيش الأمريكي يصدر بيانًا عاجلًا بشأن حادث تحطم الطائرة
كشف مسؤول بالجيش الأمريكي أن حادث تصادم طائرة من طراز (CRJ700) تابعة لشركة PSA Airlines مع مروحية سيكورسكي H-60 في الجو وقع أثناء اقترابها من المدرج 33 في مطار ريجان واشنطن الوطني حوالي الساعة 9 مساءً بالتوقيت المحلي.
وقال المسؤول إن ثلاثة جنود بالجيش الأمريكي كانوا على متن طائرة هليكوبتر بلاك هوك اصطدمت بطائرة ركاب بالقرب من مطار رونالد ريجان الوطني في واشنطن.
وذكر المسؤول، بحسب وكالة "رويترز"، إن وضع الجنود غير معروف، لكنه أضاف أنه لم يكن هناك أي مسؤولين كبار على متن الهليكوبتر.
يذكر أنه كانت شركة PSA تُشغل الرحلة 5342 لصالح أمريكان إيرلاينز، وقد أقلعت الطائرة من ويتشيتا، كانساس.
وذكر البيان أن إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) والمجلس الوطني لسلامة النقل (NTSB) سيجريان تحقيقاً في الواقعة، حيث سيتولى NTSB قيادة التحقيق.
الجدير بالذكر أنه كانت إدارة مكافحة الحرائق في واشنطن، قالت إن طائرة صغيرة سقطت في نهر بوتوماك بالقرب من مطار رونالد ريجان بالعاصمة الأمريكية في وقت متأخر من يوم الأربعاء، مشيرة إلى أن قوارب الإطفاء وصلت إلى مكان الحادث.
وأعلنت إدارة شرطة العاصمة على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي أنها تستجيب لحادث تحطم طائرة على ما يبدو في نهر بوتوماك.
وذكرت الشرطة على وسائل التواصل الاجتماعي إن "عملية بحث وإنقاذ تشارك فيها عدة وكالات جارية"، مشيرة إلى أنه "لا معلومات بعد بشأن سقوط ضحايا".
فيما قال المطار في وقت متأخر إن جميع عمليات الإقلاع والهبوط توقفت.
بينما قال السيناتور الأمريكي تيد كروز إن هناك وفيات بعد اصطدام طائرة تابعة لشركة بي.إس.إيه بطائرة هليكوبتر في الجو أثناء اقترابها من مطار رونالد ريجان الوطني في واشنطن.