نتنياهو يناور.. الأزمة طويلة ومؤجلة؟
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
حتى اللحظة، لا تزال العقد تسيطر على مسار المفاوضات بين حركة "حماس" وإسرائيل، اذ ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يصر على بعض المعادلات التي ستوحي ما اذا كان الرجل انتصر في المعركة التي بدأها قبل 10 اشهر ام انه هزم، وعليه فإن الكباش التفاوضي مستمر في ظل تعنّت اسرائيلي واضح وليونة حمساوية تهدف إلى إحراج نتيناهو امام الاميركيين الذي يرغبون بأن يحقق الرجل انتصاراً، وإن كان شكلياً، يؤمن له خروجا مرنا وآمنا من الحرب ويوافق بالتالي على وقف اطلاق نار نهائي.
كل ما يرشح عن المفاوضات يؤكد أن الازمة اليوم تكمن في مَن سيحكم قطاع غزة بعد وقف اطلاق النار، اذ ان حماس تراجعت عن موقفها السابق الذي رفضت فيه اي تسوية او اتفاق لا يكون فيه اعلان اسرائيلي صريح بوقف الحرب نهائياً، لكن تل ابيب انتقلت الى النقطة الثانية المتمثلة بمن سيحكم غزة، في ظل مساعي لضرب حضور حماس المدني وليس فقط العسكري وسحب بساط السيطرة الشاملة، الامنية والإجتماعية، على القطاع منها، ما سيؤدي الى استنزافها وخسارتها اوراق قوة ونفوذ كانت تمتلكها في السابق.
تريد تل ابيب اضعاف قبضة حماس على قطاع غزة، ما يمكنها من خلق سلطة بديلة تشبه الى حد كبير سلطة رام الله او تابعة لها، وتمكنها مع الوقت من تأمين مصالح الغزاويين بشكل حصري، من غذاء وطاقة وغيرها من الامور، وهذا ما يجعلها المرجع الاساسي ويمكنها في الوقت نفسه من تشكيل قوة امنية من اهالي القطاع تتصادم مع مرور الوقت مع القوة العسكرية لحماس. وهكذا، وان لم تستطع هذه القوة انهاء حماس الا انها ستشغلها وتشتتها، وتخلق فوضى كبيرة داخل غزة لا تستطيع اسرائيل خلقها، لان استمرار وجودها العسكري داخل القطاع سيكون مكلفاً عليها.
بحسب مصادر مطلعة فإن حركة حماس قد تتنازل بشكل او بآخر عن حكمها لغزة، لكنها في الوقت نفسه لن تقبل بسلطة مشابهة لسلطة رام الله بل تريد حكومة منسجمة معها، وستسعى الى هذا الامر خلال التفاوض، في المقابل لا يمكن لاسرائيل القبول بحكم موال لحماس، لان الحركة ستتمكن من ابتلاع هذه السلطة الجديدة والسيطرة عليها نظراً لقدرتها التنظيمية والشعبية، مما سيشكل انتصاراً لحماس، اذ ستخفف الحركة اعباء السلطة ومشاكلها عنها ، وفي الوقت نفسه لن تخسر القدرة على السيطرة الامنية ما يخلق نموذجا مشابها لنموذج "حزب الله" في لبنان.
امام هذا الواقع، بات التفاؤل بقرب التوصل الى اتفاق امرا مبالغا فيه، اذ من الممكن ان يؤدي التواصل الحاصل بين الطرفين برعاية اميركية الى وضع خطوط عريضة للحل لكن اتمامه لم يعد امراً ممكناً في عهد الرئيس الاميركي الحالي الا في حال حصل ما هو غير متوقع من نتنياهو، اذ شكلت المحاولة الفاشلة لاغتيال القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف صفعة لاسرائيل التي كانت تبحث عن انتصار يغطي لها التسوية السياسي امام الرأي العام فخرجت بإخفاق جديد جعلها غير قادرة على توقيع اتفاق بهذه السرعة.
كل ذلك سينسحب على الواقع اللبناني الذي عادت الجبهة فيه الى الستاتيكو القديم من دون اي تصعيد غير اعتيادي، لكن فشل التسوية في غزة قد يزيد من احتمال توسع المعركة خصوصاً اذا قرر "حزب الله" العمل على دعم حماس بشكل متصاعد لإلزام اسرائيل على تقديم تنازلات خلال المفاوضات، او اذا قررت تل ابيب فتح جبهة اوسع جنوب لبنان لمنع "حزب الله" من الاستمرار بعملياته العسكرية...
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
صحيفة جيروزالم بوست تهاجم البابا الراحل بشكل حاد.. بوصلته الأخلاقية تعثرت
هاجمت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية البابا فرنسيس الراحل بسبب مواقفه تجاه "إسرائيل"، معتبرا أنها "متحيزة وغير متوازنة وأنه فرصة ضائعة بالنسبة لإسرائيل"، على الرغم من سمعته العالمية بوصفه بابا التواضع والدفاع عن المهمشين.
وجاء في افتتاحية الصحيفة الثلاثاء أنه منذ بداية بابويته، استخدم البابا فرنسيس "نبرة مختلفة بشكل ملحوظ تجاه الدولة اليهودية مقارنة بنبرته تجاه خصومها، وسوف يتذكر الناس البابا فرنسيس لأشياء كثيرة: تواضعه، وسلوكه اللطيف، وتعاطفه مع الفقراء، ودعواته الدؤوبة للسلام في عالم متصدع".
وذكرت الصحيفة أنه "كان أول بابا يُطلق عليه اسم فرنسيس، تكريمًا للقديس الذي دافع عن الفقراء والمستضعفين، ووفاءً لهذا الإلهام، قاد الكنيسة الكاثوليكية عبر الاضطرابات – من أزمة اللاجئين الأوروبية إلى جائحة كوفيد-19 – متخذًا خطوات طال انتظارها لمواجهة الاعتداءات الجنسية داخل الكنيسة".
واعتبرت أنه "على صعيدٍ واحد، تعثرت بوصلة البابا الأخلاقية مرارًا وتكرارًا: علاقته بدولة إسرائيل. فمنذ بداية حبريته، اتبع فرنسيس نهجًا مختلفًا تمامًا تجاه الدولة اليهودية عنه تجاه خصومها، وكانت زيارته للمنطقة عام 2014 حافلة بالإيماءات الرمزية التي هدفت إلى إظهار التوازن حيث لم يكن هناك أي توازن".
وأضافت "زار كلاً من "ياد فاشيم" والجدار الفاصل، حيث ظهر في صورة وهو يُريح رأسه على الجدار، على غرار الحجاج الذين يزورون الحائط الغربي، ووضع إكليلاً من الزهور على قبر ثيودور هرتزل، في بادرة غير مسبوقة من بابا، كما دخل الضفة الغربية عبر الأردن، لا عبر إسرائيل، وأقام قداسًا في بيت لحم إلى جانب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وفي وقت لاحق، دعا عباس والرئيس آنذاك شمعون بيريز إلى الفاتيكان لحضور صلاة".
وزعمت الصحيفة أنه "سرعان ما قوّض هذا التناسق الظاهري تصريحاتٌ وأفعالٌ واضحة كشفت عن تحيزٍ مقلق. ففي عام 2015، استقبل البابا فرنسيس عباسَ بحرارة في الفاتيكان، وقيل إنه وصفه بملاك السلام – وهو وصف محيّر حقًا لرجل مجّد الإرهاب، وموّل عائلات الانتحاريين، وأنكر المحرقة، بينما نفى متحدث باسم الفاتيكان هذا التصريح، الذي تناقلته وسائل إعلام عديدة. وفي الزيارة نفسها، أبرم الفاتيكان معاهدةً تعترف رسميًا بـ"دولة فلسطين"، وهي خطوة أدانتها إسرائيل ووصفتها بأنها متسرعة قوضت جهود السلام وتجاهلت الحقوق التاريخية لليهود في القدس".
وقالت "أعربت إسرائيل مرارًا وتكرارًا عن استيائها من ميل الفاتيكان إلى تضخيم الروايات الفلسطينية وتجاهل المخاوف الإسرائيلية. وصرّحت وزيرة الخارجية آنذاك، تسيبي ليفني، بوضوح: "يؤسفني أن الفاتيكان قرر المشاركة في خطوة تتجاهل بشكل صارخ تاريخ الشعب اليهودي في إسرائيل والقدس".
وزعمت أنه "لطالما فضّل موقف الفاتيكان في عهد البابا فرنسيس روايةً مسيّسةً للقضية الفلسطينية على حساب الواقع المعقّد على الأرض. سواءً خلال تقديس راهبتين فلسطينيتين عام 2015، أو في التصريحات التي أعقبت الاشتباكات في القدس عام 2021، بدا الكرسي الرسولي في كثير من الأحيان أكثر اهتمامًا بالدفاع عن الهوية الفلسطينية من الاعتراف بالمعضلات الأمنية الإسرائيلية".
وأشارت إلى أنه "حتى بعد 7 أكتوبر – الذي يُعد أسوأ هجوم على اليهود منذ الهولوكوست – أدان البابا فرنسيس كلا الجانبين بطريقة غير متوازنة ومقلقة. فبينما أدان مذبحة حماس في البداية، سرعان ما انتقد الرد العسكري الإسرائيلي واصفًا إياه بالوحشية، وأنها ليست حربًا، ووصل به الأمر إلى وصف الغارات الجوية الإسرائيلية بالإرهاب بعد مقتل امرأتين مسيحيتين فلسطينيتين في غزة. ولم يرد أي ذكر في تلك التصريحات لاستخدام حماس للدروع البشرية، أو دمجها في البنية التحتية المدنية، أو استغلالها الموثق للكنائس والمستشفيات لأغراض عسكرية"، على حد قول الصحيفة.
واعتبرت أنه "مع استمرار الحملة الإسرائيلية، اشتدت حدة خطاب البابا. ففي نوفمبر 2024، تساءل علنًا عمّا إذا كانت الحملة العسكرية الإسرائيلية تُشكّل إبادة جماعية. وفي إحدى خطاباته العامة الأخيرة، التي أُلقيت بصوت عالٍ يوم أحد الفصح بسبب مرضه، وصف الوضع في غزة بأنه "مأساوي ومؤسف".
ودعا إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن – نعم – لكن انتقاد إسرائيل كان واضحًا ومستمرًا، بينما حُوّلت فظائع حماس إلى مجرد مساواة أخلاقية غامضة".
وقالت إنه "يُحسب للبابا فرنسيس أنه دعا حماس لإطلاق سراح الرهائن وأدان معاداة السامية في رسالته الأخيرة بمناسبة عيد الفصح. لكن هذه اللفتات بدت ضرورية، إذ جاءت بعد أشهر من التعليقات المتحيزة والصمت إزاء عدوان حماس المستمر".
وأضافت أنه "حتى في دعواته للسلام، تحدث البابا في كثير من الأحيان كما لو أن وجود إسرائيل كان عرضيًا في هذا الصراع، لا جوهريًا لتحقيق السلام.. وهناك مفارقة مأساوية في حقيقة أن البابا الذي سعى إلى فتح قلب الكنيسة الكاثوليكية للمهمشين، والذي أكد على التواضع والمصالحة، واجه صعوبة في إظهار نفس التوازن عندما يتعلق الأمر بالدولة اليهودية الوحيدة في العالم".
وذكرت الصحيفة "في التقليد اليهودي، نقول: زِخرونو ليفراخا أي "ليُبارك ذكراه"، وفي نواحٍ عديدة، ستكون ذكرى البابا فرنسيس كذلك. ولكن، للأسف، ليس عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. ففي هذا الصدد، قد يُسجله التاريخ كفرصة ضائعة – بابا آخر حسن النية فشل في تجاوز سياسات اللحظة، وبذلك منح غطاءً أخلاقيًا لمن يسعون إلى تدمير إسرائيل".