اللجنة الأمنية: إحالة المتهمين بقضية اختطاف عشال إلى المحكمة المتخصصة في عدن
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
أكدت اللجنة الأمنية في العاصمة عدن، إحالة المتهمين بقضية اختطاف المقدم علي عشال الجعدني، إلى السلطات القضائية لاستكمال التحقيقات في القضية.
وأكد بيان صادر عن اللجنة مواصلة جهودها واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سير التحقيقات، وإنفاذ القانون. وأنها سوف تظل في حال انعقاد دائم حتى البت والفصل في قضية المقدم الجعدني المختطف منذ أسابيع.
وقال البيان: وقفت اللجنة الأمنية بالعاصمة عدن، خلال اجتماعها الأخير الأحد، أمام الأوضاع الأمنية بالعاصمة عدن، وما تم إنجازه بشأن توجيهات اللجنة الأمنية العليا في اجتماعها الأخير، بخصوص قضية المختطف المقدم علي عشال الجعدني، والإجراءات المتخذة من قبل الأجهزة الأمنية ذات الصلة بالقضية.
وأضاف: أقرت اللجنة توجيه الأجهزة الأمنية المختصة بإحالة كافة الأوليات ومحاضر جمع الاستدلالات إلى السلطات القضائية لاستكمال التحقيقات في القضية، وإحالة يسران المقطري وآخرين للمحكمة المختصة بالتهم المنسوبة إليهم؛ عطفا على ما ورد في محضر اللجنة الأمنية العليا في الواقعة المذكورة.
وشددت اللجنة على أن قضية المختطف المقدم علي عشّال هي قضية الجميع وفي مقدمتهم سلطات الدولة والأجهزة الأمنية، داعية أبناء قبيلة الجعادنة وأبين والوطن عامة، إلى دعم جهود السلطة في تطبيق النظام والقانون وإحقاق الحق، وتغليب الحكمة، وتفويت الفرصة على من يسعون لتسييس القضية وحرفها عن مسارها.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: اللجنة الأمنیة
إقرأ أيضاً:
العراق: تسييس المؤسسة الأمنية وحقوق الإنسان!
لم تكن وفاة مهندس شاب في مركز احتجاز في بغداد الأسبوع الماضي، حدثا غير اعتيادي في العراق، لكن تحوَل قضيته إلى موضوع رأي عام، أحرج الدولة، وأجبرها على الخروج عن سياسة التواطؤ المنهجي بين سلطاتها ومؤسساتها في الإنكار والتغطية على الجرائم التي تدينها!
ووقعت الجريمة يوم الجمعة 28 آذار 2025 بعد أن ألقي القبض على الضحية بسبب مشاجرة مع لواء في الشرطة الاتحادية، وبعد إلقاء القبض عليه، حُول إلى المستشفى بعد ساعتين لتلقي العلاج بسبب «جرح تهتكي نازف في الجزء الخلفي من الرأس غير معلوم العمق بأبعاد 3X3 سم»؛ حيث أمر الفريق الطبي بإبقائه في المستشفى تحت المراقبة بسبب تلك الإصابة لاحتمال حدوث مضاعفات، لكن الشرطة رفضت ذلك، وأخرجته من المستشفى!
بعد عرضه على القاضي قرر توقيفه لمدة 10 أيام وفق المادة 428 من قانون العقوبات، وكان يفترض أن يبقى في مركز الشرطة نفسه بسبب حالته الصحية، لكن ضباط المركز أرسلوه إلى سجن الكرخ المركزي الذي رفض استلامه بسبب سوء حالته الصحية ووجود اكتظاظ في السجن، ليتدخل نائب قائد شرطة بغداد/ الكرخ بعد يومين لينقله بنفسه هذه المرة إلى سجن الكرخ المركزي، وليأمر الضباط باستلامه، بل أودعه هو بنفسه في إحدى قاعات السجن في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل!
في السجن المركزي قام بعض السجناء بضرب الضحية بقوة على رأسه المصاب أصلا «ولم يتدخل لا حراس القاعة المتواجدون بالقرب منها، ولا ضباط المركز ولا مدير المركز»، وعندما حاول أحد السجناء مناداة الحراس «الذين تظهر الكاميرات وجودهم أثناء الاعتداء» منعه الحراس أنفسهم هذه المرة من طلب المساعدة للضحية!
في الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي 31 آذار قام بعض السجناء بضربه ثانية داخل الحمامات، وعندما حاول الهروب إلى القاعة، قام أحد السجناء بضربه وإجباره على العودة إلى الحمامات مرة أخرى، حيث ضرب «بشكل مفرط ومميت أدى إلى فقدانه الوعي تقريبا»، مع ذلك لم ينقل الضحية إلى المستشفى، بل اتصلوا بمركز الشرطة الأول ليقوم بذلك بعد أكثر من ثلاث ساعات، وجاء في تقرير الاستلام «الوعي غير تام، البؤبؤان غير متفاعلين للضوء، وجود كدمات وسحجات على كافة أنحاء جسمه مختلفة الأحجام، وجود جرح نازف في مؤخرة الرأس»، ليبقى راقدا في المستشفى فاقدا للوعي تماما لحين وفاته يوم الاثنين 7 نيسان.
المعلومات المتقدمة نقلتُها بالنص من تقرير اللجنة النيابية التي شُكلت للتحقيق في الواقعة، وقد انتهت اللجنة إلى أن ما تعرض له الضحية «جريمة قتل بصورة المساهمة الجنائية، والتي تعني تعدد الجناة في ارتكاب الجريمة الواحدة، وهي تشمل من باشر بالسلوكيات الإجرامية سواء بمباشرة الفعل الجرمي، أو الامتناع عن إغاثة المجني عليه وهو يتعرض للضرب والاعتداء من قبل النزلاء في القاعة رقم 6 من سجن الكرخ المركزي، فضلا عمن كان شريكا في الجريمة سواء بالتحريض أو اللامبالاة التي تساوي القصد الجرمي».
وقد سجلت اللجنة عدة مخالفات موثقة، مثل عدم التزام مركز الشرطة الذي نقل إليه الضحية من تدوين إفادته بشأن الإصابة التي تعرض لها في الرأس، والتعامل التمييزي ضده من خلال عدم تسجيل شكوى مقابلة للضحية ضد اللواء وأبنائه الذين قاموا بضربه، ونقله دون أي مبرر إلى سجن الكرخ المركزي والذي عكس وفقا للجنة «وجود مجاملة وعدم إنصاف بين الخصوم كون أحد أطرافها يحمل رتبة لواء في الشرطة الاتحادية»، وقيام الشرطة بإخراجه من المستشفى رغم توصية الفريق الطبي بإبقائه تحت المراقبة لاحتمال حدوث مضاعفات.
أما بشأن تدخل نائب قائد شرطة الكرخ بنفسه لنقل الضحية فجرا إلى سجن الكرخ المركزي، وإلزام الضباط هناك باستلامه بعد رفضهم ذلك في البداية بسبب حالة الضحية الصحية، فقد عدته اللجنة «خرقا خطيرا لحقوق الضحية في تلقي الرعاية الطبية اللازمة، وتجاوزا للصلاحيات».
لا يوجد مجال لمحاسبة حقيقية للضباط والمنتسبين الذين أهملوا أو تحيزوا، في سياق سياسة الإفلات المنهجية من العقاب التي تحكم العراق، وفي سياق التداخل العميق بين المؤسسة الأمنية والفاعلين السياسيين
ووجدت اللجنة أن قاعة السجن المركزي كانت خاضعة «لرقابة فديوية وعيانية مستمرة»، ولكنهم لم يتدخلوا مطلقا، بل إنهم امتنعوا عن حماية الضحية بعد مناشدة أحد السجناء لهم بذلك! وهو ما عدته اللجنة «خرقا جسيما لمسؤولياتهم القانونية والمهنية، وتواطؤا بالصمت يدرج ضمن صور المعاملة القاسية أو المهينة، ويستوجب المساءلة الانضباطية والجنائية»، وأن هذا عدم التدخل رغم طول المشاجرة والاعتداء (وفق ما هو موثق بالفيديو) يؤكد على وجود تأثير للواء نفسه!
أخيرا أشار التقرير بعد كل ما تقدم إلى وجود «استغلال وظيفي» من قبل اللواء بصفته ضابطا في الشرطة الاتحادية!
ومع أن التقرير كان مهنيا لحد كبير، خاصة مع وقوف أحد نواب البرلمان باستماتة وشجاعة مع الضحية وتحويل قضيته إلى قضية رأي عام، لكن ثمة بعض الإشكاليات منها أن اللجنة ضمت 6 نواب، لكن التقرير أشار إلى أن اللجنة عقدت أولى جلستها بحضور «بعض أعضائها»، ليتكرر غياب بعض أعضاء اللجنة في كل الاجتماعات اللاحقة! كما أشار التقرير إلى تدخل نواب آخرين في أعمال اللجنة، وحضورهم بعد اجتماعاتها دون مسوغ، فقد حضر مثلا ثلاثة نواب فقط من أعضاء لجنة الأمن والدفاع النيابية لقاء قائد شرطة الكرخ، وفي زيارة مركز الشرطة!
لكن الملاحظة الأهم على التقرير هي عدم إشارته إلى أحد الفيديوهات التي سُربت من داخل مركز الشرطة، والتي كان فيها الضحية يمنع أحد الأشخاص من الدخول إليه في مكان احتجازه وهو يحمل قضيبا حديديا، ويقول له «أخي أنت لست شرطيا»، إذ لم يشر التقرير مطلقا إلى حيثيات هذا الفيديو، أو هوية الشخص الذي كان يريد الدخول إليه!
بالعودة إلى المتهم الرئيسي هنا، وهي وزارة الداخلية، فقد عقد وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة مؤتمرا صحافيا يوم 6 نيسان، لم يشر فيه مطلقا إلى امتناع مركز الشرطة عن تسجيل دعوى الضحية ضد اللواء، وإلى أن الطبيب لم يقرر إدخاله المستشفى، وأن الضحية كان بحالة هستيرية وقيامه بأعمال «أقلقت المركز والحرس ومنع دخول الطعام إلى داخل السجن»! ولم يشر مطلقا إلى امتناع سجن الكرخ المركزي عن استلام الضحية بسبب سوء حالته الصحية، بل قال إن ذلك إجراء طبيعي لأن هذا السجن «مركزي لجميع مراكز شرطة بغداد الكرخ»، ليتهم الضحية مرة أخرى بأنه كان «بحالة هستيرية» وأنه كان يقوم بتصرفات عشوائية وهو سبب «الاعتداء عليه من بعض الموقوفين في داخل السجن»!
بعد أكثر من عشرين يوما على الحادثة، وبعد أكثر من عشرة أيام على وفاة الضحية، لن يعرف أحد الأسباب الحقيقية للشجار بين الضحية واللواء، لاسيما أن الجميع يعرف طبيعة العلاقة المؤسسية بين الشرطة الاتحادية التي ينتمي إليها اللواء ومنظمة بدر، وبالتالي العلاقة التي تربط الضباط الكبار في الأجهزة الأمنية بالقوى السياسية وعلاقات التخادم بينهم! ولا أعتقد أن ثمة مجالا لمحاسبة حقيقية للضباط والمنتسبين الذين أهملوا أو تحيزوا أو تواطأوا، في سياق سياسة الإفلات المنهجية من العقاب التي تحكم العراق، وفي سياق التداخل العميق بين المؤسسة الأمنية والفاعلين السياسيين، ما يجعلهم، بطبيعة الحال، محصنين من أي ملاحقة!