يبدو أن الصين تعمل على أن تصبح مركزًا عالميا لنطاق جديد وهو الطاقة المتجددة، فبحسب تقرير بحثي نشرته منظمة غلوبال إنيرجي مونيتور، وهي منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة، فقد أضافت الصين ما يقرب من ضعف قدرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق المرافق عام 2023 مقارنة بأي عام آخر.

وتمتلك الصين حاليًا إجمالي 339 غيغاوات من القدرة الكهربية قيد الإنشاء، بما في ذلك 159 غيغاوات من طاقة الرياح و180 غيغاوات من الطاقة الشمسية، وهذا يساوي تقريبا من ضعف ما في بقية دول العالم مجتمعة.

وقد أوضح التقرير أن هذا الرقم يتجاوز بكثير الدولة التي تحتل المرتبة الثانية، وهي الولايات المتحدة، والتي تنتج إجمالي 40 غيغاوات فقط.

وتمثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية 37% من إجمالي قدرة إنتاج الكهرباء بالصين حاليا، بزيادة قدرها 8% عن عام 2022. ومن المتوقع أن تتجاوز الطاقة النظيفة قدرة الفحم، والتي تساعد في 39% من إجمالي إنتاج الكهرباء الآن، نهاية العام الحالي.

توزيع محطات الطاقة الشمسية في الصين (الجزيرة)

يأتي ذلك في سياق ارتفاع متوسطات درجات الحرارة العالمية بشكل غير مسبوق، فقد كان 2023 هو العام الأشد حرارة في تاريخ القياس على قمة 10 سنوات متتالية من تكسير الأرقام القياسية سنة بعد سنة.

وبحسب خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، كان متوسط درجة الحرارة أعلى من عصر ما قبل الصناعة لمدة 12 شهرا متتاليا بداية من يونيو/حزيران 2023، مما يرجح أننا خلال 2024 نمر بعام سيكسر الأرقام القياسية السابقة.

وبهذا السياق، تقر أكثر من 90% من الأعمال البحثية في نطاق المناخ أن النشاط الإنساني سبب رئيس في احترار الكوكب، عبر استخدام الوقود الأحفوري بمحطات الطاقة والطائرات والسيارات، مما يطلق الغازات الدفيئة (وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون) إلى الغلاف الجوي، الأمر الذي يرفع قدرة الغلاف الجوي على الاحتفاظ بحرارة الشمس.

(الجزيرة) مستقبل الصين

بالنظر إلى المستقبل، يوضح التقرير أنه إذا تم إطلاق جميع مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المقترحة على نطاق المرافق الصينية على النحو المنشود، فيمكن أن تصل البلاد بسهولة إلى 1200 غيغاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية المركبة بحلول نهاية عام 2024، أي قبل 6 سنوات من التعهد الذي قطعته بكين للوصول إلى هذه القدرة.

وفي هذا السياق، تعمل الصين على ترسيخ مكانتها كدولة رائدة عالميًا في تطوير مصادر الطاقة المتجددة، فقد حددت الحكومة أهدافا طموحة للطاقة المتجددة كجزء من إستراتيجياتها البيئية والاقتصادية الأوسع، وتشمل هذه الأهداف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

وتعتبر الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهي كذلك أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى تغير المناخ، وقد عانت من عدة موجات من الطقس القاسي مؤخرًا والتي يقول العلماء إنها أصبحت أكثر شدة بسبب تغير المناخ، وبالإضافة إلى نسب التلوث المرتفعة فإن التغير المناخي يمثل تحديا كبيرا للحكومة.

ولذا فهي تعمل على حل تلك المشاكل عبر الاستثمار في إنتاج الطاقة المتجددة، لكن هناك أسبابا إضافية تدفع الصين لذلك، منها أن إدارة شي جين بينغ تريد أن تكون البلاد منتجا رئيسيا ومركز جذب عالميا لاقتصاد وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، بما في ذلك الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات.

ولأن البنية التحتية التصنيعية القوية تسمح للصين بإنتاج هذه التقنيات بتكاليف أقل، فسيؤدي إلى انخفاض الأسعار على مستوى العالم ويجعل الوصول إلى الطاقة المتجددة أكثر سهولة، في حركة عالمية تكون الصين فقط في مركزها، ولهذا دور سياسي مهم، فهو يمثل قوة ناعمة كبيرة، ويجذب العديد من الحلفاء.

ولذلك تستثمر الصين حاليًا بشكل كثيف في البحث العلمي الذي يعمل على تعزيز تكنولوجيات الطاقة المتجددة. وتساعد ابتكاراتها في مجالات مثل تخزين البطاريات وتكامل الشبكات وتحسين الكفاءة في التغلب على بعض القيود التقليدية للطاقة المتجددة.

(الجزيرة) الحزام والطريق

تمتد رغبة الصين في ريادة مجال مصادر الطاقة المتجددة إلى ما هو أبعد من حدودها، حيث تصدر تكنولوجيا الطاقة المتجددة وتستثمر في مشاريع الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم، مما يؤثر على الأسواق العالمية ويشجع اعتماد الطاقة النظيفة على المستوى الدولي.

وفي الواقع، فقد نمت صادرات المنتجات المتجددة الصينية بنسبة 35% الفترة من 2019 إلى 2023، مدفوعة بالأسعار التنافسية وهيمنة الطاقة الإنتاجية، وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة وود ماكنزي البحثية.

وفي هذا السياق، أصبحت الوحدات الشمسية سلعة تصدير الطاقة المتجددة الأساسية بالصين على مدى السنوات الأربع الماضية. وفي الفترة نفسها، زاد الاستثمار في مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية بنسبة 26%، ليمثل 39% من إجمالي مشاريع "الحزام والطريق" عام 2023.

و"الحزام والطريق" مبادرة صينية قامت على بقايا طريق الحرير الذي اشتهر كطريق تجاري في القرن الـ19، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم، من خلال تطوير البنية التحتية وتوسيع الروابط التجارية بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.

ويأتي كل ما سبق في سياق خطة الصين طويلة الأمد لوضع البحث العلمي في نطاقات العلوم والتكنولوجيا كمحرك رئيسي للاقتصاد، ويظهر ذلك في نطاقات عدة على رأسها علوم الفضاء، حيث تعمل الحكومة حاليًا على رفع معدلات الإطلاقات الصاروخية عامًا بعد عام، في سبيل تحقيق ريادة بشكل خاص في دراسة القمر واستكشافه بل ووضع محطة على سطحه في غضون عقد إلى عقدين من الزمن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الطاقة المتجددة الطاقة الشمسیة طاقة الریاح غیغاوات من

إقرأ أيضاً:

جمعية تنظيم الاسرة شمال كردفان تسلم مستشفى النساء والتوليد بالأبيض منظومة الطاقة الشمسية

سلمت جمعية تنظيم الأسرة السودانية شمال كردفان فرع الابيض أمس ادارة مستشفى الأبيض لامراض النساء والتوليد منظومة الطاقة الشمسية وذلك في إطار انجاز المكون الاول من مذكرة التفاهم المبرمة بين الجمعية ووزارة الصحة ومفوضية العون الانساني بتركيب منظومة الطاقة الشمسية لمستشفي أمراض النساء والتوليد بتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) بكلفة سبعة وثمانين مليونا وتسعمائة وخمسة وتسعين الف جنيه.جاء ذلك بحضور الدكتور حامد ضو البيت المدير العام لوزارة الصحة شمال كردفان بالإنابة وعدد من الادارات بالوزارة والمستشفى والمستشار القانوني لوزارة الصحة وممثل مفوض العون الإنساني ودكتور هيثم عبدالله رئيس جمعية تنظيم الأسرة والأستاذ محمد الخير الطيب الامين المالي للجمعية.من جانبه أكد الدكتور حامد ضو مدير عام وزارة الصحة شمال كردفان بالإنابة اكد على أهمية المشروع في توفير الطاقة البديلة للمستشفى، مثمنا الجهود التي بذلت في سبيل إنجازه للوصول الى أهداف الصحة الانجابية مثمنا دور الشركاء والمنظمات الوطنية والدولية في دعم القطاع الصحي والمساهمة في تقديم الخدمات الصحية والطبية لإنسان الولاية.وأوضح دكتور هيثم عبدالله رئيس جمعية تنظيم الأسرة السودانية فرع شمال كردفان ان العمل الذي تم يمثل المرحلة الثانية من منظومة الطاقة الشمسية التي تغطي حوجة المستشفى مشيراً إلى اهداف المشروع الرامية إلى تقليل نسبة وفيات الامهات والأطفال حديثي الولادة .كما اكد على اهمية التعاون والتنسيق مع وزارة الصحة ومستشفى الابيض لأمراض النساء والتوليد وبرنامج الصحة الإنجابية وصندوق الأمم المتحدة للسكان ( UNFPA ) لضمان استمرارية الخدمة بالمستشفى.واكدت آية عبدالحفيظ منسق برنامج الصحة الإنجابية بالولاية على أهمية المشروع في دعم خدمات طوارئ الحمل والولادة بالمستشفى والمساهمة في خفض وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة معددة مراحل المشروع ومساهمة الشركاء فيه.وأعرب الدكتور حسن أبكر مدير عام مستشفى النساء والتوليد عن سعادته بتسلم وتدشين المرحلة الثانية من مشروع الطاقة الشمسية بالمستشفى الذي نفذ بواسطة جمعية تنظيم الأسرة ويوفر أكثر من خمسين كيلو واط من الكهرباء تغطي أقسام الطوارئ والحوادث والعملية وبنك الدم والعنابر مما يساعد في تقليل استهلاك الكهرباء ويعين الكوادر الطبية على تقديم خدمة ذات جودة عالية .وشكر دكتور حسن ابكر وزارة الصحة والشركاء والمنظمات خاصة ( UNFPA ) وجمعية تنظيم الأسرة في تنفيذ المرحلة الثانية للمشروع.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تدشين المرحلة الثانية من توزيع قروض منظومات الطاقة الشمسية في تعز
  • جمعية تنظيم الاسرة شمال كردفان تسلم مستشفى النساء والتوليد بالأبيض منظومة الطاقة الشمسية
  • للمرة الأولى.. طاقة الشمس والرياح تتفوق على الطاقة الحرارية بالصين
  • لأول مرة.. الصين تمتلك موارد للطاقة النظيفة تفوق الوقود الأحفوري
  • العراق يبحث مع البنك الدولي دعم مشاريع الطاقة المتجددة ومعالجة النفايات والمترو
  • قمة لندن لأمن الطاقة.. تحديات التحول الأخضر أمام الجغرافيا السياسية
  • علماء يبتكرون بطارية تدوم 5700 سنة
  • العربي للطاقة: اتفاقية لتنفيذ مشاريع طاقة شمسية بقدرة 75 ميجاوات في مصر
  • وزير الخارجية الإيطالي: مصر شريك مهم لإيطاليا في قطاع الطاقة المتجددة
  • إنتاج الطاقة المتجددة في ألمانيا ينخفض في الربع الأول من 2025