لماذا تبني الصين محطات طاقة متجددة تساوي ضعف كل دول العالم؟
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
يبدو أن الصين تعمل على أن تصبح مركزًا عالميا لنطاق جديد وهو الطاقة المتجددة، فبحسب تقرير بحثي نشرته منظمة غلوبال إنيرجي مونيتور، وهي منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة، فقد أضافت الصين ما يقرب من ضعف قدرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق المرافق عام 2023 مقارنة بأي عام آخر.
وتمتلك الصين حاليًا إجمالي 339 غيغاوات من القدرة الكهربية قيد الإنشاء، بما في ذلك 159 غيغاوات من طاقة الرياح و180 غيغاوات من الطاقة الشمسية، وهذا يساوي تقريبا من ضعف ما في بقية دول العالم مجتمعة.
وقد أوضح التقرير أن هذا الرقم يتجاوز بكثير الدولة التي تحتل المرتبة الثانية، وهي الولايات المتحدة، والتي تنتج إجمالي 40 غيغاوات فقط.
وتمثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية 37% من إجمالي قدرة إنتاج الكهرباء بالصين حاليا، بزيادة قدرها 8% عن عام 2022. ومن المتوقع أن تتجاوز الطاقة النظيفة قدرة الفحم، والتي تساعد في 39% من إجمالي إنتاج الكهرباء الآن، نهاية العام الحالي.
توزيع محطات الطاقة الشمسية في الصين (الجزيرة)يأتي ذلك في سياق ارتفاع متوسطات درجات الحرارة العالمية بشكل غير مسبوق، فقد كان 2023 هو العام الأشد حرارة في تاريخ القياس على قمة 10 سنوات متتالية من تكسير الأرقام القياسية سنة بعد سنة.
وبحسب خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، كان متوسط درجة الحرارة أعلى من عصر ما قبل الصناعة لمدة 12 شهرا متتاليا بداية من يونيو/حزيران 2023، مما يرجح أننا خلال 2024 نمر بعام سيكسر الأرقام القياسية السابقة.
وبهذا السياق، تقر أكثر من 90% من الأعمال البحثية في نطاق المناخ أن النشاط الإنساني سبب رئيس في احترار الكوكب، عبر استخدام الوقود الأحفوري بمحطات الطاقة والطائرات والسيارات، مما يطلق الغازات الدفيئة (وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون) إلى الغلاف الجوي، الأمر الذي يرفع قدرة الغلاف الجوي على الاحتفاظ بحرارة الشمس.
(الجزيرة) مستقبل الصينبالنظر إلى المستقبل، يوضح التقرير أنه إذا تم إطلاق جميع مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المقترحة على نطاق المرافق الصينية على النحو المنشود، فيمكن أن تصل البلاد بسهولة إلى 1200 غيغاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية المركبة بحلول نهاية عام 2024، أي قبل 6 سنوات من التعهد الذي قطعته بكين للوصول إلى هذه القدرة.
وفي هذا السياق، تعمل الصين على ترسيخ مكانتها كدولة رائدة عالميًا في تطوير مصادر الطاقة المتجددة، فقد حددت الحكومة أهدافا طموحة للطاقة المتجددة كجزء من إستراتيجياتها البيئية والاقتصادية الأوسع، وتشمل هذه الأهداف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
وتعتبر الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهي كذلك أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى تغير المناخ، وقد عانت من عدة موجات من الطقس القاسي مؤخرًا والتي يقول العلماء إنها أصبحت أكثر شدة بسبب تغير المناخ، وبالإضافة إلى نسب التلوث المرتفعة فإن التغير المناخي يمثل تحديا كبيرا للحكومة.
ولذا فهي تعمل على حل تلك المشاكل عبر الاستثمار في إنتاج الطاقة المتجددة، لكن هناك أسبابا إضافية تدفع الصين لذلك، منها أن إدارة شي جين بينغ تريد أن تكون البلاد منتجا رئيسيا ومركز جذب عالميا لاقتصاد وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، بما في ذلك الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والبطاريات.
ولأن البنية التحتية التصنيعية القوية تسمح للصين بإنتاج هذه التقنيات بتكاليف أقل، فسيؤدي إلى انخفاض الأسعار على مستوى العالم ويجعل الوصول إلى الطاقة المتجددة أكثر سهولة، في حركة عالمية تكون الصين فقط في مركزها، ولهذا دور سياسي مهم، فهو يمثل قوة ناعمة كبيرة، ويجذب العديد من الحلفاء.
ولذلك تستثمر الصين حاليًا بشكل كثيف في البحث العلمي الذي يعمل على تعزيز تكنولوجيات الطاقة المتجددة. وتساعد ابتكاراتها في مجالات مثل تخزين البطاريات وتكامل الشبكات وتحسين الكفاءة في التغلب على بعض القيود التقليدية للطاقة المتجددة.
(الجزيرة) الحزام والطريقتمتد رغبة الصين في ريادة مجال مصادر الطاقة المتجددة إلى ما هو أبعد من حدودها، حيث تصدر تكنولوجيا الطاقة المتجددة وتستثمر في مشاريع الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم، مما يؤثر على الأسواق العالمية ويشجع اعتماد الطاقة النظيفة على المستوى الدولي.
وفي الواقع، فقد نمت صادرات المنتجات المتجددة الصينية بنسبة 35% الفترة من 2019 إلى 2023، مدفوعة بالأسعار التنافسية وهيمنة الطاقة الإنتاجية، وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة وود ماكنزي البحثية.
وفي هذا السياق، أصبحت الوحدات الشمسية سلعة تصدير الطاقة المتجددة الأساسية بالصين على مدى السنوات الأربع الماضية. وفي الفترة نفسها، زاد الاستثمار في مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية بنسبة 26%، ليمثل 39% من إجمالي مشاريع "الحزام والطريق" عام 2023.
و"الحزام والطريق" مبادرة صينية قامت على بقايا طريق الحرير الذي اشتهر كطريق تجاري في القرن الـ19، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم، من خلال تطوير البنية التحتية وتوسيع الروابط التجارية بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.
ويأتي كل ما سبق في سياق خطة الصين طويلة الأمد لوضع البحث العلمي في نطاقات العلوم والتكنولوجيا كمحرك رئيسي للاقتصاد، ويظهر ذلك في نطاقات عدة على رأسها علوم الفضاء، حيث تعمل الحكومة حاليًا على رفع معدلات الإطلاقات الصاروخية عامًا بعد عام، في سبيل تحقيق ريادة بشكل خاص في دراسة القمر واستكشافه بل ووضع محطة على سطحه في غضون عقد إلى عقدين من الزمن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الطاقة المتجددة الطاقة الشمسیة طاقة الریاح غیغاوات من
إقرأ أيضاً:
شراكة بين "مصدر" و"صندوق طريق الحرير" في الطاقة المتجددة
في خطوة تهدف إلى التركيز على الدول النامية ودول الجنوب العالمي، وقعت كل من شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" و"صندوق طريق الحرير" الصيني، مذكرة تفاهم لاستكشاف فرص الاستثمار المشترك في مشاريع طاقة متجددة في دول تقع ضمن مبادرة "الحزام والطريق".
وقّع مذكرة التفاهم محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة"مصدر"، وزو جون، رئيسة مجلس إدارة صندوق طريق الحرير، وذلك على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف "COP29" في باكو.
وبموجب مذكرة التفاهم، سوف تؤسس "مصدر" و"صندوق طريق الحرير" شراكة إستراتيجية تركز على استكشاف الفرص المتاحة للاستثمار المشترك في مشاريع طاقة متجددة تشارك فيها "مصدر" كمستثمر أو تتولى مهمة تطويرها وتشغيلها.
ويخطط "صندوق طريق الحرير" لاستثمار ما يصل إلى 20 مليار يوان صيني (حوالي 2.8 مليار دولار) في مشاريع مشتركة مع "مصدر" ، في حين لدى "مصدر" استثمارات كبيرة في دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وإفريقيا، يندرج العديد منها تحت مبادرة الحزام والطريق.
وستواصل الشركة الاستثمار في هذه المناطق في إطار إستراتيجيتها لزيادة القدرة الإنتاجية الإجمالية لمحفظة مشاريعها للطاقة المتجددة إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2030، في حين يمتلك "صندوق طريق الحرير" مشاريع طاقة متجددة بقدرة إجمالية تزيد عن 7 غيغاواط في مناطق مبادرة الحزام والطريق، تشمل الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية.
وقال محمد جميل الرمحي، إن التعاون بين "مصدر" و"صندوق طريق الحرير" اللذين يستثمران في العديد من مشاريع الطاقة المتجددة في الأسواق الناشئة والجنوب العالمي، يعد خطوة مهمة من شأنها أن تعطي دفعة كبيرة للجهود الرامية إلى تحقيق الانتقال في قطاع الطاقة.
وأضاف أن "مصدر" تتطلع إلى شراكة ناجحة ومثمرة مع صندوق طريق الحرير تتحقق من خلالها الأهداف والطموحات المشتركة للطرفين، بحسب وكالة أنباء الإمارات.
من جانبها قالت زو جون، إن دولة الإمارات تعد من المساهمين الرئيسيين في مبادرة "الحزام والطريق" وأحد أبرز الشركاء في قطاعي الاستثمار والتجارة بالنسبة للصين، مشيرة إلى أن الشراكة بين "صندوق طريق الحرير" و"مصدر" تعكس التزام الطرفين بتطوير حلول الطاقة المستدامة على مستوى العالم.
وتربط مبادرة الحزام والطريق بين آسيا وأوروبا وإفريقيا ومناطق أخرى حول العالم من خلال شبكة من مشاريع البنية الأساسية والشراكات التجارية، فيما تشكل مبادرة الحزام والطريق حلقة وصل لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الدول والمناطق المشاركة.
وتعد دولة الإمارات شريكا فاعلاً منذ إطلاق مبادرة الحزام والطريق، حيث ضخت 10 مليارات دولار في صندوق استثماري مشترك مع الصين لدعم مشاريع المبادرة في شرق إفريقيا.
وتُسهم شركة "مصدر" التي تأسست في عام 2006 في تحقيق رؤية دولة الإمارات وتعزيز دورها الرائد في مجال الاستدامة والعمل المناخي، من خلال قيامها بتطوير والاستثمار في مشاريع منتشرة في أكثر من 40 دولة، في حين تستهدف رفع القدرة الإنتاجية الإجمالية لمحفظة مشاريعها إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2030، وأن تصبح منتجاً رائداً للهيدروجين الأخضر بحلول العام نفسه.