برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: على ليبيا الاستثمار في شبابها فهم الثروة الحقيقية
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
ليبيا – نبه تقرير ميداني نشره “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” لأهمية تصحيح ليبيا أخطاء ماضيها عبر التفكير بمستقبلها من خلال تعزيز المواهب التقنية الشابة فيها.
التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد تطرق للموضوع بالتزامن مع حلول اليوم العالمي لمهارات الشباب 2024 مبينا أن ليبيا واحدة من الدول الأكثر شبابا في إفريقيا فمتوسط العمر فيها يبلغ 27 عامًا ما يحتم عدم التركيز على تنمية مصادر الإيرادات التقليدية فقط والتوجه نحو الاستثمار الأكبر في الفئة الشابة.
ووفقًا للتقرير يمثل الاستثمار النشط في مهارات الشباب ورفاههم فرصة لإحداث تحول في تنمية البلاد وتقليل اعتمادها على النفط والهيدروكربونيات، مشيرًا إلى أن الثروة الحقيقية في ليبيا تتمثل في شبابها فبإمكاناتهم وابتكاراتهم سيدفعوها نحو مستقبل مزدهر.
وتحدث التقرير عن واحد من الأمثلة الرائعة للاستثمار في المهارات الشبابية المتمثل بمدرسة “مهارة” للبرمجة المنطلق نشاطها في أواخر العام 2023 بمبادرة رامية إلى تزويد الشباب بالخبرات البرمجية والتكنولوجية لجعلهم عناصر تقدم اجتماعي واقتصادي مشيرًا لتطوير عملها بالشراكة بين الإنمائي الأممي وليبيا.
ووفقًا للتقرير تم اختتام المبادرة في مايو الفائت بمعرض وظائف أقيم في العاصمة طرابلس ومدينتي بنغازي وسبها بمشاركة أكثر من 100 خريج تم تدريبهم في المدرسة لاستكشاف فرص العمل فيما حضرت شركات متعددة القطاعات للقاء المرشحين المحتملين وإقامة شراكات مع مواهب البرمجة الشابة.
وبحسب التقرير كان فريق “أيل أم أس” ماثلا لنجاح “مهارة” في تحقيق أهدافها فالأخير فاز في مسابقة يوم العرض التجريبي للمدرسة في مدنية بنغازي، موضحًا أن مشروعه تمحور حول نظام لإدارة التعلم على شكل منصة تعليمية متكاملة تعزز التواصل بين المعلمين والطلاب.
وبين التقرير تمكن رباعي الفريق محمد الفيتوري ومعاذ أبو منسية وحسن كارة وإبراهيم المهداوي من تطوير منصتهم لتساعد في تسجيل المقررات الدراسية وتتبع الامتحانات وتسجيل الغياب، ناقلًا عن أبو منسية قوله:”بدأت رحلتي في البرمجة مع هندسة البرمجيات في الجامعة”.
وقال أبو منسية:”قمنا بتغطية تطوير مواقع الويب وأساسيات البرمجة لكن الأمر كان نظريًا للغاية وشعرت بأنني غير مؤهل للجانب العملي من هذه الأشياء وكان اكتشاف برنامج مهارة نقطة تحول بالنسبة لي إذ قدم جسرًا مثاليًا بين النظرية والتطبيق”.
وتابع أبو منسية قائلًا:”إن الحصول على فرصة لتطوير مهاراتي العملية والتواصل مع شبكة من زملائي المبرمجين كان أمرًا لا يقدر بثمن” فيما تطرق التقرير لقصة المهداوي وصموده بوجه عائق فقدانه بصره في سن مبكرة بسبب حادث فشغفه بعلوم الكمبيوتر في سنته الأولى في الثانوية بجمعية المكفوفين كان أقوى.
وقال المهداوي:”لطالما أحببت الاكتشاف ويمتد هذا الفضول إلى عالم التكنولوجيا ورفضت السماح لضعف بصري بأن يعيق طموحي ورأيت في مهارة فرصة لا تقدر بثمن بالنسبة لي لصقل مهاراتي العملية والتواصل مع شبكة من زملائي المبرمجين”.
ونقل التقرير عن “مارتون بينيديك” رئيس قسم التعاون في بعثة الاتحاد الأوروبي قوله:”إن إمكانات ليبيا تكمن في شبابها فهي تفتخر بوجود شباب متعلم جيدًا على صعيد شمال إفريقيا وتمتلك الموارد المناسبة لمستقبل مشرق ومن المهم بالنسبة لنا ضمان تقديم المساعدة الفنية ودعم بناء القدرات بوصفنا شريك استراتيجي”.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
بارجة أمريكية ضخمة على شواطئ ليبيا.. ما الأهداف والرسائل منها؟
أثار وصول بارجة أمريكية عسكرية كبيرة على متنها قادة عسكريون من واشنطن إلى ليبيا، تساؤلات عدة حول طبيعة الدور الأمريكي في البلاد سياسيًا وعسكريًا، والرسائل التي تسعى واشنطن لإيصالها محليًا وإقليميًا ودوليًا من خلال هذه الخطوة.
ووصلت سفينة القيادة للأسطول الأمريكي السادس، المعروفة باسم "يو إس إس ماونت ويتني" (LCC 20)، وهي سفينة قيادة وتحكم من فئة "بلو ريدج"، إلى العاصمة الليبية طرابلس، على أن تقوم أيضًا بزيارة مدينة بنغازي شرقي البلاد، ضمن زيارة مبرمجة تهدف إلى "تعزيز الأمن الإقليمي ودعم الولايات المتحدة لوحدة ليبيا"، بحسب ما أعلنته السفارة الأمريكية لدى ليبيا.
"دور عسكري واجتماعات مغلقة"
وفور وصول السفينة، طالبت السفارة الأمريكية لدى ليبيا حكومة الدبيبة وقواتها البحرية بتنظيم جولة في ميناء طرابلس لنائب قائد الأسطول السادس للبحرية الأمريكية، جيفري أندرسون، إلى جانب عقد اجتماع مغلق على متن السفينة، ضم قادة عسكريين أمريكيين ومسؤولين أمنيين وعسكريين من حكومة الدبيبة.
وجاءت هذه الزيارة قبل 48 ساعة فقط من مشاركة ليبيا في أكبر المناورات العسكرية "الأسد الأفريقي 25"، بقيادة الولايات المتحدة، والتي تستضيفها تونس خلال الفترة من 22 إلى 30 أبريل الجاري.
أما السفينة الأمريكية فهي تدير عمليات الأسطول السادس، الذي يتخذ من مدينة نابولي الإيطالية مقرًا له، وتُشرف على مجموعة واسعة من العمليات البحرية المشتركة بالتنسيق مع حلفاء وشركاء دوليين ووكالات متعددة. وقد سبق أن شاركت السفينة في العمليات العسكرية ضد نظام القذافي عام 2011.
والسؤال المطروح: ما الرسائل التي تحملها هذه البارجة والوفد المرافق لها محليًا ودوليًا؟ وما علاقتها بتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية وطرد المرتزقة؟
"تأكيد حضور ونفوذ أمريكي"
من جهتها، رأت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، بيعة بوراص، أن "زيارة السفينة الأمريكية ماونت ويتني إلى موانئ طرابلس وبنغازي تمثل حدثًا بارزًا في سياق العلاقات الليبية–الأمريكية، التي شهدت تحولات من التوتر إلى الانفتاح والتعاون".
وأكدت بوراص، في تصريحات لـ"عربي21"، أن "هذه الزيارة تشير إلى رغبة أمريكية واضحة في تعزيز الأمن الإقليمي، ودعم وحدة ليبيا، وتعميق التعاون الأمني، لا سيما في ملفات مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر. وتأتي في وقت يتزامن مع تجديد تفويض عملية “إيريني” الأوروبية حتى مارس 2027، مما يعكس تناغمًا دوليًا لضمان الاستقرار في المتوسط، وفي ليبيا تحديدًا".
وأضافت: "مع ذلك، قد تثير الزيارة جدلًا داخليًا، خاصة في ظل الانقسام السياسي وغياب الثقة بين الأطراف الليبية، إذ قد تراها بعض الجهات شكلًا من أشكال التدخل الخارجي أو الاصطفاف غير المتوازن".
وأشارت إلى أن "الزيارة تحمل أيضًا بعدًا جيوسياسيًا في ظل التنافس الدولي المتصاعد في ليبيا، سواء من خلال الحضور الروسي أو التركي، أو عبر تمدد النفوذ الصيني في أفريقيا. فهي رسالة واضحة لتأكيد الحضور والنفوذ الأمريكي في شمال أفريقيا، والدور الذي تلعبه أمريكا في رسم مستقبل المنطقة".
وتابعت: "في المجمل، تعكس هذه الزيارة التزام الولايات المتحدة بدعم الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا وشمال أفريقيا، في ظل تحديات متداخلة تتطلب تنسيقًا دوليًا وجهودًا ليبية موحدة"، بحسب تعبيرها.
"استهداف التواجد الروسي"
من جانبه، رأى الباحث التونسي في العلاقات الدولية، بشير الجويني، أن "السفينة التي تزور طرابلس هي منصة قيادة وتنسيق تدعم العمليات البحرية متعددة الجنسيات، وتُعنى بمراقبة الأزمات الإقليمية. وقد انطلقت من قاعدتها في نابولي، وتشمل جولتها عددًا من الدول منها قبرص، أوكرانيا، المملكة المتحدة، تونس، ثم طرابلس وبنغازي".
وقال الجويني، في تصريح لـ"عربي21"، إن "الرسائل المرتبطة بهذه الزيارة تتعلق بثلاث مهام استراتيجية: مراقبة تحركات الأسطول الروسي، والمساهمة في مكافحة الهجرة غير النظامية، والاستعداد للتدخل في حال تصاعد التوترات الأمنية".
وأضاف: "وفقًا لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكي كما وضعتها إدارة ترامب الثانية، هناك خمس أولويات هي: أمريكا أولًا، وتعزيز التفوق الأمريكي في الطاقة والاقتصاد، ومواجهة التمدد الصيني والروسي، ومكافحة الجماعات المسلحة، والتصدي للهجرة غير النظامية".
وتابع: "بالتالي، الرسالة الرئيسية هي رسالة جيوسياسية وأمنية واقتصادية مفادها أن أمريكا تراقب دون أن تتورط بشكل مباشر، ولن تتدخل إلا عند تهديد مصالحها الاستراتيجية. ولهذا ستواصل اعتمادها على الحلفاء لتطبيق سياسة ‘القيادة من الخلف’، بهدف تقليل النفقات العسكرية وتوجيه الموارد نحو تعزيز القوة الاقتصادية والناعمة".
وأشار إلى أن "السياق الملتهب قد يدفع الأمريكيين إلى إعادة النظر في وجهة التحرك، خصوصًا مع تزامن هذه الجولة مع وصول قطع بحرية روسية إلى الجزائر، تضم غواصات هجومية وقاطرات دعم ونقل ذخيرة. فهل هي محض صدفة؟ أم أن المنطقة المغاربية مقبلة على مزيد من التصعيد والاحتكاك؟ سيما أن الولايات المتحدة تتابع بالفعل تحركات بعض القطع البحرية الروسية في المنطقة".
"تحذير لأمراء الحروب"
بدوره، اعتبر الأكاديمي والإعلامي الليبي، عاطف الأطرش، أن "الزيارة الأمريكية، رغم طابعها البحري، ليست مجرد استعراض عسكري، بل تحمل رسالة تحذير وتهديد مبطن لكل من يخطط لإعادة ليبيا إلى مربع الحرب".
وأضاف: "واشنطن ربما قررت ألّا تترك ليبيا لقوى إقليمية متضاربة أو للفراغ الدولي، في ظل التصعيد الإقليمي واحتدام الصراع بين محاور متنافسة داخل ليبيا. وبالتالي، فهذه رسالة مباشرة لأمراء الحروب: لا للتصعيد، لا للاشتباك".