ابتكارات "كاوست" تعزز الطموح نحو ريادة سعودية لتقنيات الجيل السادس
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
مع التطور الكبير في تقنيات الاتصالات السلكية واللاسلكية من خلال شبكات الجيل الخامس (5G) وقريباً الجيل السادس (6G)، أصبحت هذه البيانات وبأحجامها التي تتجاوز الجيجابايت متاحة بضغطة زر في أي مكان في العالم تقريباً.
ووقع اختيار شركة الاتصالات السويدية العريقة "إريكسون" على جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) لتكون شريكًا لها في هذا المجال.
أخبار متعلقة ديوان المظالم يختتم برنامجًا تدريبيًا لتعزيز الكفاءة القضائية بمناطق المملكةطقس المملكة.. استمرار فرصة هطول الأمطار على أجزاء من المناطقوأعلنت "إريكسون" في وقت سابق من هذا العام عن استمرارها في تمويل برنامجين للاتصالات في كاوست. الأول، يديره البروفيسور محمد سليم العلويني، ويبحث في الاتصالات البصرية في الفضاء الحر (FSO)، والآخر، يديره زميله البروفيسور عاطف شميم، ويتمحور حول تطوير الأسطح الذكية القابلة لإعادة التشكيل (RIS)؛ وقد تم تحديد كلتا التقنيتين من قبل قطاع الصناعة على أنهما ضروريتان لتطوير بنية اتصالات الجيل الخامس والسادس.
قال مشهور السديري، رئيس المحتوى المحلي في شركة إريكسون المملكة العربية السعودية: "أثمرت شراكتنا المستمرة مع كاوست عن تحقيق تقدم كبيرة في تقنيات الاتصالات، والتي كانت حاسمة في دفع حدود ما هو ممكن في مجال شبكات الجيل الخامس والجيل السادس الناشئة، وبينما ننتقل إلى المرحلة التالية، فإن تركيزنا سينصب على إحداث المزيد من التقدم في تقنيات الاتصالات السلكية واللاسلكية".الجيل القادم من الاتصالات
عند إرسال رسالة بين جهازين، مثل الهواتف الذكية، فإن الإشارة من أحدهما لا تنتقل في العادة إلى الهاتف الآخر مباشرةً، عوضًا عن ذلك، تُسْتَقْبَل أولاً في محطة أساسية، والتي تدير الإشارات لجميع الأجهزة اللاسلكية في منطقة محددة.
وكان في السابق يتم توصيل هذه المحطات عن طريق أسلاك الألياف الضوئية، ولكن أثبت هذا النهج عدم جدواه اقتصادياً بالنسبة لاتصالات الجيل الخامس والسادس.
يُقصد بالاتصالات البصرية في الفضاء الحر (FSO) تلك التي تستخدم الليزر لإرسال إشارة عبر الفضاء الحر (الفضاء الخارجي، الهواء) إلى كاشف بدون أسلاك. ولا تُعد هذه تقنية جديدة؛ إذ يُذكر أن المخترع الأمريكي ألكسندر غراهام بيل، الذي ُينسب إليه تسجيل أول براءة اختراع هاتف، قد سبق واستخدمها. ومع ذلك، يجب التغلب على بعض القيود قبل استخدامها على نطاق واسع في شبكات الجيل الخامس والجيل السادس.
يوضح العلويني "إحدى مشاكل هذه التقنية أنها تقنية غير موثوقة؛ نظرًا لحساسيتها الكبيرة للظروف الجوية كالضباب والأمطار والعواصف الرملية. فعندما تمر الإشارة عبر الهواء، فإنها تضعف بحيث تكون الإشارة التي تصل إلى الكاشف أضعف من تلك المنبعثة من جهاز الإرسال. وعلاوةً على ذلك، فإن معدل توهن الإشارة يزداد مع الإشارات ذات التردد الأعلى، والجيل السادس هو الأعلى ترددًا حتى الآن (100 جيجاهرتز على الأقل).
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; }
وتكمن المشكلة الثانية لهذه التقنية في صعوبة الحفاظ على محاذاة الليزر وجهاز الاستقبال. إذ يمكن أن يحدث اختلال في المحاذاة من خلال تغيرات الطقس الحتمية، مثل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة خلال النهار وانخفاضها في الليل، وهو أمر شائع في صحاري المملكة العربية السعودية، مما يتسبب في ظاهرة التمدد الحراري للمعدات.
يقوم العلويني بقياس درجة تأثيرات الطقس على إرسال الإشارات بهدف بناء قاعدة بيانات شاملة للظروف الجوية في المملكة العربية السعودية للإجابة عن أسباب انقطاع الاتصالات، وعدد مرات حدوثه ومدته. ومن خلال هذه المعلومات، يمكن لشركة إريكسون وغيرها من الشركات وضع محطاتها في أماكن استراتيجية مناسبة ونشر أنظمة مساعدة احتياطية في حال تعطلها.الأسطح الذكية للاتصالات
توفر الأسطح الذكية القابلة لإعادة التشكيل (RIS) حلاً آخر لمشكلة فقدان الإشارة. غالبًا ما تحتوي المباني في المناطق الحضرية على محطات استقبال أساسية على أسطحها. ومع ذلك، فإن هذه المباني نفسها تعيق الإشارات من الأبراج الأخرى، مما يؤدي إلى انحرافها عن مسارها الأصلي. تعمل الأسطح الذكية (RIS) على تصحيح هذا الانحراف عن طريق العمل مثل المرآة التي تعيد توجيه الإشارة، ولكن على عكس المرآة التي تدور حول محورها لتغيير زاوية الضوء، لا تتغير الزاوية المادية لهذه الأسطح الذكية. وبدلاً من ذلك، يُعَاد تشكيل مصفوفة الخلايا التي تشكل نظام الأسطح الذكية إلكترونيًا.
هذه الخلايا ليست رخيصة، خاصةً عند الأخذ في الاعتبار أن واحدة من هذه الأسطح الذكية تتألف من مئات أو حتى آلاف منها. وتتكون كل خلية عادة من طبقات من المعدن والعازل وأشباه الموصلات، ويتم تصنيعها في غرفة نظيفة، وهي بيئة مختبرية تشمل معدات باهظة الثمن وبنية تحتية خاصة، وتُشَغَّل من قبل موظفين ذوي مهارات عالية ومتخصصة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; }
طّور البروفيسور شميم أحبار وعمليات طباعة تجعل الغرفة النظيفة غير ضرورية. إذ يمكن طباعة الخلية في مختبر علمي قياسي باستخدام معدات أساسية وعمالة أقل. وبذلك ينخفض سعر الخلية الواحدة من عدة دولارات إلى أقل من دولار واحد.
من المتوقع أن يسهم ذلك إلى حد بعيد في تمكين الوصول لتقنية الجيل السادس، ولهذا السبب جذبت أحبار البروفيسور شميم والأسطح الذكية المطبوعة انتباه رواد شركاء الصناعة مثل إريكسون.
وتكمن إحدى المشاكل الأخرى للأسطح الذكية في عملية تثبيتها على الأسطح المختلفة.
من حيث المبدأ، يمكن وضع هذه الأسطح في أي مكان على المبنى بما في ذلك الجدران الخرسانية والنوافذ الزجاجية. إلا أنها ستعيق أي ضوء يخترق النوافذ. الحل هو سطح ذكي يمكنه التحكم في الإشارات الكهرومغناطيسية دون التأثير في شفافية النافذة.
وفي هذه السياق يشرح شميم "تركيب الأسطح الذكية على النوافذ يعد تحديًا. نحن بحاجة إلى أسطح ذكية يمكنها التحكم في الإشارات الكهرومغناطيسية دون التأثير في الضوء الذي يخترقها؛ ومع ذلك، فإن معظم المعادن غير شفافة."
ولتحقيق معيار جديد في تقنية الأسطح الذكية، ابتكر فريق شميم حبرًا معدنيًا مكونًا من أسلاك نانوية من الفضة. هذا الحبر حقق رقمًا قياسيًا عالميًا للجمع بين الشفافية البصرية والقدرة التوصيلية.
في المرحلة التالية من مشروع إريكسون، يدرس شميم كيفية توسيع نطاق تقنيات التصنيع التي ابتكرها بأسعار معقولة لتشمل الترددات الأعلى اللازمة للجيل السادس. وقال "المعرفة التي اكتسبناها من الجيل الخامس حول التصميم والاختبار ستسهم إلى حد بعيد في الجيل السادس."
من خلال اختبار تقنيات الاتصالات البصرية في الفضاء والأسطح الذكية القابلة لإعادة التشكيل الجديدة في المملكة وجمع كمية غير مسبوقة من البيانات حول الظروف الجوية وأداء الاتصالات في البلاد، تساهم كاوست في تعزيز ريادة المملكة العربية السعودية في تطوير وتبني تقنيات اتصالات الجيل السادس، مما يجذب الشركات العالمية للاستثمار في البنية التحتية والعلماء لاختبار أبحاثهم.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: التسجيل بالجامعات التسجيل بالجامعات التسجيل بالجامعات اليوم الدمام كاوست إريكسون المملکة العربیة السعودیة تقنیات الاتصالات الجیل الخامس الجیل السادس article img ratio الذکیة ا من خلال
إقرأ أيضاً:
القوة الناعمة والقوة الذكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كان للاعب محمد صلاح دور في حل مشكلات عويصة خلال زيارتي لأذربيجان مؤخرا أثناء تغطية قمة المناخ كوب 29. الأمر ليس من باب المبالغة وإنما هذا ما حدث بالفعل حيث واجهتني مشكلة التواصل مع شعب لا يتقن إلا الحديث بلغته واللغة الروسية. ومنذ وصولي الفندق فوجئت بتغيير الأسعار مخالفة للحجز الإلكتروني المسبق، مع مبالغة في الزيادة. كذلك الأمر بالنسبة لسيارات الأجرة عند التنقلات. ونفس الأمر عند محاولتي تغيير التذكرة بعد مد المؤتمر. وفي كل موقف كان كلمة السرّ محمد صلاح. وحدث نفس الشيء مع زملاء وأصدقاء آخرين. بمجرد أن يعرف الأذربيجانيون أننا من مصر، يردون بإعجاب ولهفة "بلد محمد صلاح"، ثم تنحل المشكلات في سهولة وتزول كل العراقيل!
وهكذا بدون قصد يتحول محمد صلاح إلى رمز ليس له مثيل، ويعني ذلك أنه من مقومات القوة الناعمة المصرية، باعتبار أن محمد صلاح يتصدرها عند الحديث عن مصر. ورأينا كيف تعمد دول أخرى في المنطقة إلى الاستفادة من حضوره ورمزيته لتحسين صورتها الذهنية. ومصر لديها العديد من المقومات التي قد لا تتوافر لدول غيرها بل تحسدنا عليها دول أخرى، ونحتاج فقط استخدامها بوعي وصورة أفضل.
والحقيقة أن غالبية الدول تحاول استخدام قوتها الناعمة بأقصى قدر ممكن، خاصة أن الأمر لم يُترك هكذا للاجتهادات بل هناك مؤشر للقوة الناعمة العالمي وتحاول الدول أن تحتل مرتبة متقدمة في هذا المؤشر. وهذا الترتيب يساعدها في الترويج بسهولة لمقاصدها السياحية والاستثمار من كبرى الشركات العالمية. لذلك تتبنى مشروعات لافتة لبناء العلامة التجارية الوطنية، منها إقامة فعاليات دولية كبرى مثل البطولات الرياضية خاصة كرة القدم، والمؤتمرات والمهرجانات والمعارض والحرص على محتوى يستقطب الشباب والنساء والأطفال ورجال الأعمال وشركات الإعلام والعلاقات العامة. هذا بالإضافة للمبادرات الدبلوماسية مثل مؤتمرات السلام وفض المنازعات المحلية والإقليمية.
كل ذلك من شأنه أن يساهم في بناء العلامة التجارية الوطنية، وأصبح بالتالي الهدف لكل الدول، أكثر فأكثر من ذي قبل، من أجل تأثيث صورة ذهنية إيجابية عن الثقافة والتراث والعلوم والأعمال والدبلوماسية بحيث تسير جنبًا إلى جنب مع بناء صورة من الألفة والتأثير لدى الشعوب الأخرى. وتطمح الدول حاليا لاكتساب المزيد من مقومات القوة الناعمة حتى تصبح مؤثرة لأنها تعلم أن القوة الصلبة "العسكرية" ليست كافية لتعزيز مصالحها بل قد تتحول إلى دول "مكروهة" و"مرفوضة"؛ وهنا تكمن أهمية تنوع مصادر القوة.
وتريد الدول امتلاك مصادر القوة أيضا لحماية نفسها، أو التوسع إقليميا، والتأثير على الغير وفرض سياساتها، والترويج لنفسها على كل الأصعدة بحيث تزيد من رصيد مصالحها وتعزيز حضورها على الساحة الدولية.
وعلى المستوى الفكري، هناك العديد من النظريات الآن التي يستفيد منها صانعو القرار لتحسين أدواتهم. ويقدم جوزيف ناي Joseph S. Nye مفهوم القوة الناعمة في كتابه Bound to Lead، والذي يعتبر من أهم المراجع في تعريف علم القوة الناعمة. ويوضح أهمية القوة الناعمة من أجل تحقيق مكاسبها وتأثيرها في محيطها وصناعة صورة ذهنية قوية. ويشير إلى أن القوة الناعمة لأي بلد تعتمد على ثلاثة موارد أساسية: ثقافتها وفنونها، وقيمها السياسية، وسياساتها الخارجية ونهجها الدبلوماسي. أما القوة الصلبة فهي التي تعتمد على استخدام القوة الفعلية بشكل رئيسي في ساحات السلم والحرب.
والجديد في هذا العلم، الذي أصبح يُدرّس في الجامعات كمكوّن تابع لقسم العلوم السياسية والإعلام السياسي Political media، تقديم جوزيف ناي لنوع ثالث من القوة، وهو القوة الذكية Smart Power. وقد عرّف القوة الذكية بأنها "القدرة على الجمع بين القوتين الصلبة والناعمة في استراتيجية ناجحة"، وهي وراء حجم صعود الأمم في السنوات المقبلة. ويشير إلى أن الدول قد يكون في رصيدها العديد من الإنجازات، مثل الجيوش القوية والاقتصاد المزدهر والموارد البشرية ذات المهارات المتعددة؛ مع ذلك هناك ضعف في الصورة الذهنية وحاجة ملحة للتركيز على تعزيز الإعجاب. والمثال الواضح في هذا الإطار هو الصين التي سجلت درجات منخفضة في القوة الذكية، بشكل غير متناسب مع باقي مقوماتها. ويفسر جوزيف ناي ذلك بضعف السمات الشخصية والقيم الإنسانية مثل "الود" و"المرح".
ونحن في مصر لدينا الكثير من الود والمرح في شخصية المصريين، ومقومات أخرى رئيسية في التأثير وبناء السمعة والصورة الذهنية وهي عناصر ثرية في بناء القوة الذكية التي تتوافر في شخصيات مثل محمد صلاح ورموز رياضية وفنية وثقافية وسياسية واقتصادية أخرى.