محاولة إسرائيل اغتيال القياديّ في حركة "حماس" محمد الضيف يوم السبت في منطقة خان يونس بقطاع غزة، تمثل ارتباطاً واضحاً بمسلسل الاغتيالات التي بدأت إسرائيل تنفيذه منذ بداية معركة "طوفان الأقصى" يوم 7 تشرين الأول الماضي وانطلاق معركة جنوب لبنان ضد "حزب الله" في اليوم التالي من النهار المذكور.
ما يتبين هو أن إسرائيل وجدت نفسها غير قادرة على إنهاء حركة "حماس" و "حزب الله" عسكرياً، والدليل على ذلك هو أن كلام تل أبيب عن "تسويات" و "مفاوضات" ما زال مُستمراً ولم يتوقف، وذلك رغم كل العمليات العسكرية المستمرة على جبهتي غزة ولبنان.


إزاء كل ما يظهر.. ماذا تكشف الأحداث المتتالية والاغتيالات المتسارعة عن خطة إسرائيل وخطواتها؟ وهل ستنتهي حربها الأمنية حتى بعد وقف إطلاق النار في غزة ولبنان؟
مصادر معنية بالشأن العسكريّ قالت لـ"لبنان24" إنَّ إسرائيل تعمل على تكثيف حربها الاستخباراتية للوصول إلى أهدافٍ محددة بالتوازي مع استمرار العمليات العسكرية، مشيرة إلى أنه من مصلحة إسرائيل استمرار حرب غزة ومعارك جنوب لبنان في الوقت الراهن ولأشهر إضافية كونها تمثل غطاء لعمليات الاغتيال التي تنفذها، في حين أنها تعتبرُ ستاراً لها أمام الدول الغربية كون الإستهدافات التي تنفذها تُعتبر في قاموس إسرائيل وأميركا ودول أخرى، بمثابة تصفية لجهات تابعة لمنظمات مُصنفة "إرهابية".
إذاً، بكل بساطة، ما يتبين هو أنّ إسرائيل تستفيد من حملتها الإستخباراتية، والدليل على ذلك هو أنها تحاول "تسييل" أي ضربة في هذا الإتجاه. كذلك، فإن ما يظهر هو أنّ الحرب الأمنية التي تخوضها إسرائيل لتطويق حركة قادة "حماس" و "حزب الله" قد تُعيد نوعاً ما الثقة إلى القيادة العسكرية الإسرائيلية أمام جمهورها، في حين أن إنجاز عمليات اغتيال مُعقدة تستهدفُ رؤوساً كبيرة، ستساهم في قلب المشهد العام على الصعيد الحربي، وبالتالي تغيير معادلات كثيرة.
عملياً، في حال تمكنت إسرائيل من استهداف محمد الضيف، عندها سيكون ذلك بمثابة نقطة تحول كبيرة لها، وإن حصل ذلك ستنتقل لاحقاً لتكثيف جهودها بغية تصفية يحيى السنوار، زعيم "حماس" في غزة. إلا أنه ومع ذلك، فإن تحييد الضيف عن المشهد هو الأكثر أهمية بالنسبة لتل أبيب كون الأخير يخوضُ الحرب العسكرية، بينما السنوار هو العقل المُدبر والمخطط لهجمات 7 تشرين الأول الماضي. فعلياً، إذا تم التركيز على الهدف العسكري، فإن اغتيال الضيف هو أول ما يحققه، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى إضعاف جناح السنوار كون "حماس" دخلت في مرحلة وجودية مع الحرب الحالية، وبالتالي فإن خسارة قادة ميدانيين بمرتبة الضيف ونائبه رافع سلامة الذي قُتل بضربة خان يونس، سيجعل من تنفيذ أي خطة جديدة أمراً صعباً على صعيد "حماس".
لهذا السبب، فإن الأزمة ستكون كبيرة، علماً أن "حماس" كتنظيمٍ محوري داخل غزة، تعتمدُ على قادة معروفين في العلن وذلك بغض النظر عن المسؤولين الآخرين الذين يعتبرون بمثابة "العقل التكتيكي والتخطيطي" لـ"حماس". هنا، تقول المصادر إن "حماس" من حيث المنظومة العسكرية والقيادية، لا توازي "حزب الله" من حيث عملية إعداد الكادرات العديدة والمتشعبة والبدائل الأساسية التي يمكن أن تسد نقصاً معيناً وطارئاً، ما يعني أن أي قضاء على قادة محوريين كبار قد يشكل أزمة فعلية على صعيد إعادة النهوض بالحركة داخل غزة في الوقت الراهن، وإن توفر هذا الأمر فسيستغرق لسنوات.
ماذا عن "حزب الله"؟
بالنسبة لـ"حزب الله"، فإنّ عمليات الاغتيال لم تؤثر على نطاق عمله، لكن المسألة لا ترتبط بذلك بل بما قد تُقدم عليه إسرائيل لاحقاً حتى وإن أوقفت حربها ضد لبنان. السؤال المحوري هنا، هل ستواصل إسرائيل استهدافاتها؟ السؤال هذا تجيب عنه المصادر بالقول إنّ "هناك قناعة باتت واضحة لدى الأميركيين والإسرائيليين تظهر عبر تقاريرهم وتفيد بأنّ إمكانية القضاء على حزب الله هو أمرٌ ليس سهلاً، لا من الناحية العسكرية ولا حتى من الناحية التنظيمية".
كذلك، تشيرُ المصادر إلى أنَّ ما يميز "حزب الله" عن "حماس" هو جهازه الأمني المتفرع وقدرته على تشكيل قادة جُدد وتحركاته الأكثر سهولة بين لبنان وإيران ناهيك عن الأسلحة المتطورة وتوسعه عسكرياً والخبرات والمجالات العديدة ضمنه بالإضافة إلى العدد الكبير من القادة العسكريين الذين تم تدريبهم وتأهيلهم وسط ساحات قتالية عديدة.
لهذا السبب، فإنّ إسرائيل تعي تماماً عدم قدرتها على تطويق الحزب ميدانياً وعسكرياً، لكنها في الوقت نفسه تسعى لضرب قادة محددين مثلما فعلت مع وسام الطويل وطالب عبدالله ومحمد نعمة ناصر وغيرهم، والسبب وراء ذلك هو تصوير إنجازات فعلية باستهدافاتٍ محورية يمكن أن يتم استغلالها أمام الإسرائيليين والقول إنَّ تل أبيب تمكنت من تحييد عناصر خطيرة، وبالتالي هناك تطويق لقوة الحزب ولو بشكل جزئي وبسيط.
من هنا، تظهر أهمية إستمرار الحرب بالنسبة لإسرائيل باعتبار أنها تمهد لها الطريق لتنفيذ استهدافات أكبر، فكلما رفعت رصيدها من الاغتيالات كلما زادت من ورقة الضغط الأخيرة الموجودة في يدها. وعليه، تعتبر المصادر أن إسرائيل ومن الناحية العسكرية، قد لا يهمها قصف المدنيين بقدر ما يهمها اغتيال قادة عسكريين يشكلون خطراً عليها، ولهذا السبب من المناسب لها مواصلة حرب الاستنزاف الحالية ضد حزب الله من أن تدخل في حربٍ مباشرة تساهم في خلط أوراق المعادلة ككل.
في مقابل كل ذلك، فإن ما يظهر هو أن "حزب الله"، ورغم الضربات التي يتلقاها عبر اغتيال قادته، لم يتمكن حتى الآن من توجيه ضربات ضد إسرائيل على شكل اغتيالات تُطيح بقائد عسكري أو بمسؤول معروف.. المسألة هذه تفرض نفسها على المشهدية العسكرية، وتطرح تساؤلات عن مدى قدرة الحزب بتنفيذ ذلك، من وجهة نظر الخبراء والمتابعين.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تلمح لانتهاء العمليات العسكرية في لبنان

ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل بعثت رسائل لعدة أطراف مفادها أن العملية العسكرية ضد "حزب الله" في هذه المرحلة انتهت ما لم تحدث مفاجآت.

 

وقالت الصحيفة، إنه وفقا لتقديرات الجيش الإسرائيلي، يقوم "حزب الله" حاليا بتقييم الوضع ودراسة نتائج الهجوم والإجراءات اللاحقة. في هذه الأثناء، أطلقت رسالة من إسرائيل مفادها أن "الحدث قد انتهى، في نظرها، وليس هناك نية لتوسيع العملية".

 

وفي وقت سابق اليوم قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس تعليقا على الضربة الاستباقية ضد حزب الله، إن إسرائيل "تمارس حقها في الدفاع عن النفس" وإنها لا تريد "حربا شاملة".

 

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنتيامين نتنياهو إنه بعد "رصد استعدادات حزب الله لمهاجمة إسرائيل" هذا الصباح، تم إصادر تعليمات إلى الجيش الإسرائيلي "بالتحرك بشكل استباقي لإزالة التهديد".

 

وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أن 100 مقاتلة حربية شاركت في الهجوم على آلاف المنصات الصاروخية التابعة لحزب الله لتحييد التهديد.

 

من جانبه، أعلن "حزب الله" انتهاء المرحلة الأولى من عمليته العسكرية التي شنها ردا على اغتيال القيادي فؤاد شكر، مؤكدا أن هذه المرحلة تكللت بالنجاح الكامل بعد إطلاق 320 صاروخا واستهداف 11 موقعا وثكنة إسرائيلية  تسهيلا لعبور المسيرات الهجومية بإتجاه ‏هدفها المنشود ‏في عمق إسرائيل.

 

ونفى "حزب الله" الادعاءات الإسرائيلية بإحباط عملياته العسكرية، مؤكدا أنها تتنافى مع وقائع الميدان.

 

خبير عسكرى إسرائيلي : التحول إلى استراتيجية الحسم ضروري لتغيير الواقع الأمني

 

في تصريحات لقناة 14 الإسرائيلية، أكد قائد سلاح البر الإسرائيلي السابق على ضرورة أن تتحول إسرائيل إلى استراتيجية الحسم في تعاملها مع التحديات الأمنية. وأوضح القائد العسكري السابق أن هذه الاستراتيجية هي الحل الأمثل لمواجهة التهديدات المستمرة، خاصة في ظل الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد.

 

وأشار إلى أن تحقيق الحسم في الجبهة الشمالية سيكون له تأثير كبير على تغيير الواقع الأمني في المنطقة. وأضاف أن أي تأخير في تبني هذه الاستراتيجية قد يفاقم المخاطر ويضعف موقف إسرائيل أمام خصومها. ودعا إلى اتخاذ خطوات حازمة وسريعة لضمان أمن البلاد واستقرارها.

 

وأكد القائد السابق أن الوضع الحالي يتطلب تحركاً حاسماً وقوياً لردع أي تهديدات محتملة، محذراً من أن التردد في اتخاذ القرار سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع ويزيد من التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل.

 

رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان للقاهرة لبحث ملف المحتجزين في غزة وسط ضغوط أمريكية 

 

أفادت وسائل إعلام عبرية  بأن رئيسي الموساد والشاباك توجها إلى القاهرة لإجراء محادثات مهمة بشأن المحتجزين الإسرائيليين في غزة، على الرغم من التصعيد الأخير مع حزب الله ، تأتي هذه الزيارة في إطار جهود دبلوماسية مكثفة، حيث تتوسط مصر بين إسرائيل وحماس بشكل وثيق لتهدئة الأوضاع في المنطقة ، وأفادت المصادر أن الجانبين المصري والإسرائيلي اتفقا على انسحاب القوات الإسرائيلية من المواقع القريبة من المناطق المأهولة بالسكان، في محاولة لتقليل التوترات.

 

في السياق نفسه، يمارس الجانب الأمريكي ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لإبرام اتفاق مع حمـ ـاس، بهدف منع اندلاع حرب أكبر قد تتسبب في زعزعة استقرار المنطقة بشكل خطير. ورغم هذه الجهود، أشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن الحكومة الإسرائيلية ليست متفائلة بأن حمـ ـاس ستوافق على صفقة في الوقت الحالي، لكن إسرائيل مستعدة لمواصلة المحادثات طالما أن هناك فرصة لتحقيق تقدم.

 

هذه التطورات تأتي في وقت حساس للغاية، حيث يتصاعد القلق الدولي من احتمالية تحول النزاع إلى مواجهة أوسع قد تشمل أطرافاً إقليمية أخرى. ومع استمرار المحادثات، يبقى الأمل قائماً في إمكانية الوصول إلى حل دبلوماسي يمنع تصاعد الأزمة.

مقالات مشابهة

  • صحف عالمية: على قادة إسرائيل إجبار نتنياهو على الاستقالة إذا عطّل المفاوضات
  • تصريحات هاغاري تثير الجدل: خطأ عسكري أم صراع سياسي في إسرائيل؟
  • نصر الله يكشف هدف العملية العسكرية ضد إسرائيل
  • حماس: رد حزب الله القوي على اغتيال شكر صفعة بوجه حكومة إسرائيل الفاشية
  • البحث عن الشبح .. وحدة خاصة لملاحقة السنوار في غزة بتعاون أمريكي - إسرائيلي
  • الحوثيون يهنئون حزب الله ويؤكدون أن الردّ اليمني آتٍ
  • ماذا حدث صباح اليوم على الحدود اللبنانية الإسرائيلية؟
  • ماذا يحدث بين إسرائيل وحزب الله؟
  • إسرائيل تلمح لانتهاء العمليات العسكرية في لبنان
  • بيانٌ ثان من حزب الله.. ماذا أعلن عن عمليته العسكرية؟