شمال أفريقيا تحت وطأة المنافسة بين القوى العظمى.. أي دور للولايات المتحدة؟
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
تتصاعد حدة المنافسة بين الولايات المتحدة وكل من روسيا والصين على بسط النفوذ على دول شمال أفريقيا، وذلك على وقع شعور هذه المنطقة من القارة الأفريقية بتأثيرات بعض التحديات مثل عدم الاستقرار في منطقة الساحل، والتوترات بين الجزائر والمغرب، والصراع المستمر في ليبيا، حسب تحليل لموقع "معهد واشنطن".
ولفت الباحث المشارك بتأليف دراسة حديثة للمعهد تحت عنوان "شمال أفريقيا في عصر المنافسة بين القوى العظمى"، غرانت روملي، إلى أن "دول شمال أفريقيا تلقت نوعا من الصفعة في هذا الوقت الذي تسوده المنافسة بين القوى العظمى".
وأضاف أنه "منذ عقود من الزمن، ساد اعتقاد بأن التعامل الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي الغربي مع الصين من شأنه أن يضفي الاعتدال على سياستها الخارجية ويُدخلها في النظام العالمي القائم. إلا أن تصرفات بكين غيرت هذه الحسابات، وكذلك اتجه الحزبان في واشنطن نحو اعتماد المنافسة الاستراتيجية، ما اضطر هذه البلدان في مختلف أنحاء العالم إلى التكيف مع هذه الديناميكية الجديدة".
مع المضي قدما، فإن على الولايات المتحدة حسب ما يقول الباحث، أن "تراعي الاعتبارات التي عبّرت عنها دول شمال أفريقيا وأن تدمجها في نهجها الإقليمي. فعند تنمية العلاقات مع الشركاء الأمنيين في المنطقة، عليها أن تعمل على صياغة المعايير اللازمة لتعاون أي دولة مع الصين وأن تعبّر عنها بطريقة واضحة وموحدة".
وأوضح أن ذلك لا يعني أن "تلك الدولة ستتبع سياسة واشنطن تجاه الصين بحذافيرها، لكنه يُظهر أن الولايات المتحدة تهتم بالحفاظ على الشراكة الأمنية وتُعبّر عن مخاوفها بشكلٍ استباقي".
ولفت إلى أنه "بالنسبة إلى الدول التي لا تنتمي إلى مجموعة الشركاء الأمنيين للولايات المتحدة، فيجب توجيه رسالة أكثر وضوحا: وهي بالتحديد أن مستويات معينة من التعاون مع الصين تُشكل خطرا متأصلا على سيادتها. فينبغي أن تستمر واشنطن في إبلاغ هذه الدول المحايدة وتحذيرها بشأن مخاطر تعميق العلاقات مع بكين، وأن تحافظ بالتالي على اتساق الرسائل التي توجهها إلى هذه المنطقة المهمة"، على حد قوله.
من جهته، أشار سفير الولايات المتحدة في تونس، جوي هود، إلى أن "الولايات المتحدة حافظت على علاقاتها مع دول شمال أفريقيا لأكثر من مئتَي عام. واليوم، يركز عدد كبير من هذه العلاقات، خاصة مع تونس، على تحسين سبل عيش المواطنين من خلال التعاون الاقتصادي"، حسب تعبيره.
وأضاف خلال مشاركته في منتدى افتراضي لـ"معهد واشنطن"، أن "ثمة تباين شديد بين علاقة تونس مع الولايات المتحدة وعلاقتها مع روسيا والصين. ففي حين أن البلاد لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة، إنها تعاني من عجز تجاري هائل مع القوتين الأخريين".
وعلاوة على ذلك، قال السفير الأمريكي إنه "على عكس واشنطن، لا تتعامل موسكو وبكين مع المجتمع المدني في تونس أو تعملان مع مواطنيها لمعالجة التحديات على المدى الطويل"، معتبرا أنه "انطلاقا من هذه الوقائع، يتبين أنه ما من سببٍ يدعو للخوف من المنافسة الروسية والصينية في تونس".
من جهته، رأى الباحث المشارك في الدراسة ذاتها، بين فيشمان، أن التهديد الأكثر إلحاحا الذي يواجهه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" في شمال أفريقيا هو التحالف المتنامي بين روسيا والجنرال خليفة حفتر، أي قائد ما يُدعى "الجيش الوطني الليبي".
ولفت إلى أنه منذ وفاة زعيم "فاغنر" يفغيني بريغوجين في موسكو، أصبحت علاقة روسيا مع حفتر علنية بشكل متزايد"، موضحا أن "روسيا تستخدم اليوم القواعد الجوية والموانئ في المناطق التي يسيطر عليها حفتر في شرق ليبيا من أجل تفريغ الأسلحة والمعدات المتجهة نحو منطقة الساحل، مما يهدد الجناح الجنوبي الخاص بحلف شمال الأطلسي".
كما يتجلى نفوذ الكرملين المتزايد من خلال الزيارات المتكررة التي يقوم بها نائب وزير الدفاع يونس بك يفكيروف إلى ليبيا، واجتماع حفتر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو عام 2023. حيث تريد روسيا مواصلة السيطرة على القواعد العسكرية الليبية، والوصول إلى المناطق النفطية التي يسيطر عليها حفتر، والتمتع بالقدرة على توجيه المهاجرين من شمال أفريقيا نحو أوروبا، حسب الباحث.
وشدد فيشمان على أن "الولايات المتحدة لا تبذل جهدا كبيرا لمواجهة هذا التهديد، وكان التعامل مع حفتر بلا جدوى. فبدلا من ذلك، يتعين على واشنطن فرض عقوباتٍ على الجنرال، وذلك باستخدام قانون ماغنيتسكي الذي صممته إدارة أوباما خصيصا للشخصيات التي تعطّل السلام والأمن في ليبيا".
كما أن تعاون الجنرال مع روسيا يمنح المسؤولين الأمريكيين أسبابًا للنظر في إمكانية اتخاذ إجراءاتٍ ضده عبر تطبيق "قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات"، حسب الباحث.
ولفت فيشمان، إلى أن "العلاقة العميقة بين روسيا وحفتر تسلط الضوء على افتقار واشنطن إلى استراتيجية شاملة تجاه هذه المنطقة الحيوية - مع أن التقدم الذي أحرزته الحكومة الأمريكية نحو ترسيخ وجود دائم لها في ليبيا بعد غياب دام عقدا من الزمن يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية روسيا شمال أفريقيا ليبيا واشنطن تونس ليبيا تونس واشنطن روسيا شمال أفريقيا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة دول شمال أفریقیا المنافسة بین إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما وراء انقسامات التنظيمات التي تحالفت مع الدعم السريع؟
الخرطوم- أحدث تحالف تنظيمات سياسية وحركات مسلحة مع قوات الدعم السريع -لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرتها- هزة وانقسامات وسط تلك التنظيمات، مما يزيد المشهد السوداني تعقيدا ويفتح الباب أمام تشظ سياسي، ويهدد إقليم دارفور باستقطابات جديدة حسب مراقبين.
وأدى تبني فصائل الجبهة الثورية وشخصيات، في تحالف تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم"، تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع إلى حل التحالف وميلاد تكتل جديد في 10 فبراير/شباط الجاري تحت اسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) واختار عبد الله حمدوك رئيسا له.
وفي المقابل، اختارت القوى، التي تستعد في نيروبي، توقيع ميثاق تأسيسي لـ"حكومة السلام والوحدة" تضم أحزابا سياسية وحركات مسلحة ومنظمات مجتمع مدني وإدارات أهلية، بجانب قوات الدعم السريع. وأطلقت اسم "تحالف السودان التأسيسي" على تنظيمها الذي يشكل الحكومة المرتقبة التي تقول إنها ستكون معنية بوحدة السودان وتحقيق السلام، لتثبت عدم شرعية حكومة بورتسودان.
بعد انقسام تنسيقية "تقدم".. الإعلان عن تشكيل تحالف (صمود) الجديد برئاسة عبد الله حمدوك#الجزيرة_مباشر #السودان pic.twitter.com/mZ2hiS3mqL
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) February 11, 2025
انقسامات جديدةوتزامنا مع اجتماع التحالف الجديد "تأسيس" في نيروبي، أمس الثلاثاء، هدد حزب الأمة القومي باتخاذ إجراءات في مواجهة رئيسه المكلف فضل الله برمة ناصر بعد مشاركته في التحالف ومخاطبته مؤتمره التأسيسي.
إعلانوقالت مؤسسة الرئاسة بالحزب إنه لم يفوض برمة ناصر أو أي عضو آخر لتمثيله في المؤتمر الذي عقدته قوى الحكومة الموازية بالعاصمة الكينية. وأضافت -في بيان- أن مؤسسات الحزب ستجتمع لاتخاذ القرارت اللازمة بشأن المشاركين دون تفويض.
وكانت القيادية في حزب الأمة رباح الصادق المهدي قالت -في منشور على فيسبوك- إن مشاركة برمة ناصر في الحكومة الموازية يعتبر "انتحارا سياسيا لشخصه ومحاولة لنحر الحزب".
كما نفذ عبد الرحمن الصادق المهدي نائب رئيس هيئة الحل والعقد في طائفة الأنصار الدينية، التي يستند إليها الحزب، جولة في مناطق نفوذ الحزب في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض بعد استعادة الجيش السيطرة عليها. وأكد المهدي، الذي يتوقع أن يتزعم الحزب عبر مؤتمره العام المقبل، أنهم يساندون الجيش وانتقد ما يعتبره اختطافا للحزب في إشارة إلى برمة ناصر.
وتبرأ الحزب الاتحادي الديمقراطي "الأصل" من مشاركة قياديه السابق إبراهيم أحمد الميرغني في تحالف نيروبي، وقال المتحدث باسمه عمر خلف الله إن "الميرغني تم عزله عن منصب الأمين السياسي للحزب منذ نوفمبر/تشرين الأول 2022 وإحالته للتحقيق، وبسبب عدم مثوله أمام اللجنة صدر قرار فصله عنه".
عزل واستقالاتعلى صعيد الحركات المسلحة، أعلنت مجموعة من القيادات العليا في حركة العدل والمساواة برئاسة سليمان صندل عزله من منصبه وكلفت قيادة جديدة بدلا عنه. وبررت قرارها بأن مشاركة صندل في الحكومة الموازية تتعارض مع مبادئ الحركة وخطها السياسي.
وأوضح رئيس القطاع الاجتماعي وعضو الهيئة القيادية في الحركة عبد الرحمن فضل التوم أنهم مع الشعب السوداني في الحرب الدائرة "وأنه إذا دعت الضرورة للقتال سنقف مع الشعب في حال تعرضه لأي انتهاكات".
وفي تصريح للجزيرة نت، قال فضل التوم إن "صندل خالف النظام الأساسي للحركة عندما تحالف مع قوات الدعم السريع التي ارتكبت الجرائم بحق الشعب السوداني".
إعلانوفي جانب الحركة الشعبية-شمال برئاسة عبد العزيز الحلو، فقد نشرت مواقع التواصل الاجتماعي استقالات كوادر ينتمون لها عقب مشاركة الحلو في تحالف "تأسيس" وانتقد المستقيلون مواقفه بشدة.
واتهم آدم موسى أبو التيمان، ممثل الحركة في كندا، الحلو ببيع قضية جبال النوبة بعدما تبنى قرارا مرره على بعض المقربين منه من أجل التعاون والتنسيق مع قوات الدعم السريع، مما أثار غضبا واسعا وسط قيادات الحركة. ورأى أن ذلك سيؤدي لتدميرها، حسب تصريح صحفي.
أهداف مختلفةويعتقد الباحث والمحلل السياسي خالد سعد أن لكل مجموعة من المتحالفين مع الدعم السريع أهدافا مختلفة عن الأخرى، ويمكن النظر لتداعيات ما حدث لبعض التنظيمات من انقسام من زاويتين جهوية وسياسية.
ووفق حديث الباحث للجزيرة نت، فإن تنظيمات سياسية وحركات مسلحة تعد التحالف رافعة جديدة بعد استحالة تموضعها سياسيا والحصول على مكاسب في السلطة، وتعتقد أنه سيجعلها جزءا من أي تسوية سياسية مرتقبة بين المتحاربين أو وراثة القوى العسكرية "الدعم السريع".
كما أن الدعم السريع، برأيه، بتحالفاتها الجهوية والخارجية أكثر تأثيرا من المجموعات الأخرى. ولا يستبعد أن تستخدم تلك القوى والحركات والتخلي عنها لاحقا.
وبرأيه، فإن تداعيات هذا الوضع ستكون استمرار تشظي القوى السياسية وتعزيز سيناريو الانقسامات الجهوية والجغرافية، و"الأخطر من ذلك كله إتاحة المزيد من فرص التدخل الخارجي في شؤون البلاد".
ومن جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي فايز السليك أنه ليس من السهولة ابتسار ظاهرة انشقاقات القوى السياسية في الاختراقات وضعف القيادات أخلاقيا وتنظيميا، فالظاهرة قديمة ومتجذرة في تربة الحياة العامة كلها لا السياسية وحدها.
وليس من الصواب إبعاد السياقات الزمانية والمكانية والاجتماعية التي نشأت فيها هذه القوى السياسية والمدنية، ومارست خلالها أنشطتها "فقد نشأت داخل بيئة تسيطر عليها انتماءات عشائرية ضيقة، وتبعية طائفية قابضة، ومجتمع أبوي تقليدي يقف في طرف نقيض من الحداثة" حسب منشور للكاتب.
إعلان