هناك قناعة عالمية أن قوة الدول والأمم لا تكمن في مواردها، بل في الروح الجماعية لشعبها، وفي تماسكه والتفافه حول قيادته، سواء في أوقات الرخاء أو في مواجهة المحن؛ فالتضامن بين أفراد المجتمع يثبت دائما أنه محوريّ في تشكيل مصير أي الأمة كما يؤكد التاريخ دائما.
والرخاء هو أكثر من مجرد دولة اقتصادية؛ إنه شعور مشترك وجماعي بالإنجاز والنجاح والرفاهية.
لكن الازدهار ليس سهلا دائما والمجتمعات في كل مكان وعبر مسيرة التاريخ وصيرورته يواجه الكثير من التحديات، لكن في تلك اللحظة يصبح تماسك المجتمع أكثر من مجرد مفاهيم فلسفية ونظريات... إنه العمود الفقري للبقاء ومواصلة المسير نحو المستقبل
وهذه ليست فكرة جديدة فعبر التاريخ الطويل غالبا ما ظهرت المجتمعات التي تشبثت بالوحدة في أوقات الأزمات أقوى وأكثر مرونة، فروح العمل الجماعي منارة الأمل في مواجهة الشدائد، والتماسك هو الذي يمكّن المجتمعات من الصمود والتكيف والتغلب في النهاية على التحديات التي تواجهها.
والتاريخ نفسه يقول إن المجتمع العماني قدم دروسا لا يمكن أن تنسى في التماسك المجتمعي، وكشف عن قوته ومنعته، بل إن ذلك التماسك الذي لا مثيل له أرسل رسائل للمنطقة كلها عن قوة المجتمع العماني وتماسكه وصلابته.
مع ذلك فإن التماسك المجتمعي ليس شيئا ينشأ فقط أثناء الأزمات، فهو عملية مستمرة تكشف عن قيم راسخة تنقل من جيل إلى آخر، ويعزز الشعور بالانتماء والهوية الجماعية التي تربط الناس ببعضهم، بما يتجاوز الاختلافات الفردية، وأنجح المجتمعات تلك التي تحافظ على روح الوحدة ليس في أوقات الشدة فقط، ولكن أيضا في فترات الهدوء.
وفي سلطنة عمان التي تعيش لحظة تاريخية فارقة، حيث يعمل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على تجديد النهضة الحديثة وفق متطلبات المرحلة التي يمر بها المجتمع، ويمر بها العالم فإننا في أمس الحاجة إلى التكاتف والتآزر الجماعي من أجل تحقيق الأهداف العليا التي يسعى جلالة عاهل البلاد المفدّى لترسيخها في هذه البلاد الضاربة جذورها في عمق التاريخ.
على أن النقد المسؤول والمراجعة العلمية والمهنية مهمة أيضا لهذه اللحظة، وهو أمر يؤكد عليه جلالة السلطان ويعتبره مهما في طريق تصحيح المسارات.. ولا شك أن الوعي المجتمعي في سلطنة عمان يفرق بين النقد الحقيقي الذي يهدف إلى البناء، وبين محاولة التقليل من حجم الإنجازات والإصلاحات وإظهار السلبية الدائمة تجاه كل تغيير حتى من بعض الذين يطالبون به.
ولا بد من الإيمان بأن قوة الدول تكمن بالضرورة في تضامن مجتمعها، والمقياس الحقيقي لقوة الأمة يتمثل في قدرة شعبها على الوقوف كشخص واحد، سواء كان مستمتعا بالنسمات أو في وجه الإعصار.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ممثلو مدارس الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية يشاركون في الحوار المجتمعي
عقدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، جلسة جديدة ضمن جلسات الحوار المجتمعي، الذي أطلقته لمناقشة مقترح شهادة البكالوريا المطروح من وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بشكل موضوعي واحترافي، بمشاركة ممثلي المدارس التابعة للكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية، وذلك في ضوء المناقشة وتقدير الموقف الذي أعدته لجنة التنمية البشرية بالتنسيقية حول المقترح وكذلك دراسة ردود الأفعال المختلفة.
في بداية الجلسة، وجه الحضور الشكر للتنسيقية علي تنظيم جلسات الحوار المجتمعي حول البكالوريا، وعلي دعوتهم للمشاركة في هذا الموضوع الهام، مؤكدين أنه لأول مرة يجتمع ممثلي الثلاث كنائس لمناقشة خطة تطوير خاصة بالتعليم، مُشيدين بدور التنسيقية في عقد حوار مجتمعي شامل وممثل فيه كافة المعنيين والمهتمين.
وأكد الحضور ضرورة معرفة ماذا نريد من التعليم في مصر سواء علي مستوي الأفراد والمجتمع، حتى نستطيع وضع خطط التطوير لتتلائم مع مستهدفاتنا، مشددين على ضرورة عدم العمل في ظل رؤية ضبابية غير واضحة المعالم.
وأبدى المشاركون انزعاجهم من التخبط الشديد في القرارات فيما يخص منظومة التعليم، وعدم التهيئة والاستعداد الجيد لتطبيق أي نظام، فضلًا عن طرحهم تساؤلات حول إذا ما كانت وزارة التربية والتعليم أعدت تقييما للتجارب السابقة والحالية لتستفيد من الخبرات السابقة ورصد المشكلات التي واجهت تطبيق النظم السابقة.
وأكدوا على ضرورة العمل وفق رؤية شاملة وعامة للدولة في التعليم وليست رؤي فردية للوزراء تعبر عن تطلعاتهم وطموحاتهم الشخصية، معبرين عن تحفظهم ورفضهم لإضافة مادة التربية الدينية الإسلامية أو المسيحية للمجموع، موضحين أن توابع تطبيق هذا القرار لن تكون مُرضية للجميع، وعليه يجب أن تتضمن المناهج وطرائق التدريس -في كل المراحل التعليمية- القيم الأخلاقية السليمة لمعالجة الانفلات الأخلاقي المنتشر في المجتمع المصري.
ودعا الحضور إلى ضرورة التوسع في تدريس اللغات، لاسيما وأنها ضرورية ومطلب رئيسي من متطلبات سوق العمل العالمي، مطالبين بضرورة حل الوزارة المشكلات الأساسية في المدارس، ومن أهمها عجز المعلمين، وتهيئة البنية التحتية قبل البدء في تطبيق النظام.
وشدد المشاركون على ضرورة التريث والاستعداد الجيد وعقد مزيد من الحوارات مع الجميع للخروج بأفضل النتائج مطالبين بالتعلم من أخطاء الماضي.
أدار الجلسة الدكتورة إيناس دويدار والدكتور أحمد سراج، عضوا وحدة التعليم والبحث العلمي بلجنة التنمية البشرية بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بمشاركة عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بالتنسيقية وعدد من أعضاء التنسيقية.
كما شارك في الجلسة القس مينا صبحى الممثل القانونى لكنيسة سان ارسانى القبطية الارثوذكسية، وصبحي شفيق، مدير مدرسة العائلة المقدسة بحلوان، والمستشار يوسف طلعت مستشار الطائفة الانجيلية ومستشار مدارس سنودس النيل الإنجيلي، وسميحة راغب مدير مدارس سان جوزيف الزمالك.