ليست حربا منسية ولن تكون _ #ماهر_أبوطير
أكثر ما أخشاه أن تتحول حرب قطاع غزة إلى حرب منسيّة بعد أن أصبحت حربا مستدامة، حالها حال الحروب المنسيّة في سورية، اليمن، السودان، وليبيا، ودول ثانية مثل أوكرانيا.
حين ندخل الشهر العاشر من هذه الحرب، وينخفض اهتمام الناس بحرب قطاع غزة، برغم حدة دمويتها وبشاعتها، وتحولها إلى مجرد نشرة إخبارية، أو تقرير خاص، أو صورة مؤلمة، ولا تأخذ من وقت الناس سوى الوقت القليل للتعبير عن الألم والشفقة، تدرك أن رد الفعل الإنساني الانفعالي يتحول إلى مجرد متابعة يومية مرفقة بكثير من العواطف، وقليل من الفعل المؤثر.
الحروب المنسيّة في العالم العربي، كثيرة، ووراء حرب قطاع غزة، هناك الحرب المنسيّة في السودان، ملايين البشر تشردوا وهاجروا، والقتل اليومي، يجري بشكل عادي جدا، ولا أحد يتابع ما يجري في السودان، لأن العقل العربي لا يحتمل لرهافة مشاعر صاحبه متابعة أكثر من حرب واحدة في التوقيت ذاته، إما السودان، أو قطاع غزة، والتركيز كان خلال الشهور الماضية على قطاع غزة، وربما هناك حاجة إلى حرب جديدة، حتى ينسى البعض قطاع غزة أيضا.
مقالات ذات صلة ذات الشوكة 2024/07/15هذا الحال ليس حكرا على العرب، إذ حتى حرب أوكرانيا التي أدت إلى تحشيد دولي، وجمع المليارات، وتشريد الملايين، أصبحت مجرد حرب منسية، يدفعها ثمنها الأبرياء فقط.
هذا ليس اتهاما للناس، بالتغافل المتعمّد، إذ ربما يعبّرون عن الشعور باليأس وعدم اليقين، وربما يعدّ تعبيرا عن احتياجات الحياة الاعتيادية التي سرعان ما تشدهم إلى مداراتها المختلفة.
من المثير هنا أن شروط الحرب المنسية، وظروفها، نراها تتكرر في كل مكان، وليس أدلّ على ذلك من عدم قدرة أهل القدس والضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام 1948، على تخفيف الضغط عن أهل غزة، ولو توسعت الجبهات هنا في هذه المناطق، لاختلف الوضع تماما، لكننا كلنا في العالم العربي، إضافة إلى المناطق الثلاث السابقة، نتورط من حيث لا نحتسب في تأثيرات استدامة الحرب، وتحولها إلى حرب منسيّة، حتى تكاد تسأل نفسك، من أجل ماذا يستشهد أهل غزة فرادى، وهل مطلوب منهم وحدهم الاستشهاد هنا، وبالنيابة عن من في هذا المشهد المؤلم الذي يؤشر على منسوب الخذلان، والقدرة على التخلي عن “الإنسان والمقدس”.
#حرب #قطاع_غزة تنزلق تدريجيا لأن تصبح حربا منسية، حتى في الاهتمام الدولي، وعلينا أن نلاحظ تراجع التعبيرات الدولية المنددة بالحرب، وتراجع التدخل من أجل وقفها، بل وإدامتها من خلال دعم إسرائيل السري والعلني، وهذا يعني أن القصة لم تعد قصة العرب تجاه الحروب التي يتعرض لها أشقاؤهم في كل مكان، بل قصة المجتمع الدولي الذي تميل فيه الأنظمة الرسمية إلى حماية مصالحها أولا، فيما دم البشر لا قيمة له في موازين المصالح الدولية.
إلى أولئك الذين يعتبرون الحرب في قطاع غزة، مجرد حرب منسيّة، عليهم أن يتمهلوا قليلا، لأن كل عوامل الصراع العسكرية والسياسية، في فلسطين التاريخية، والمنطقة قد تكشف في أي لحظة عن أننا أمام ما هو أكبر من حرب منسيّة، وقد تثبت الأيام أن حرب قطاع غزة مجرد شرارة ستقدح كل الغاز الذي يفيض به الإقليم، من حيث لا نتوقع، ولا نحتسب أيضا، حيث لا أصدق أبدا أن تذهب دماء الغزيين دون ثمن، ولا أن تكون تضحياتهم مجرد مضيعة للوقت، فهذه ليست عدالة وقد أثبتت تجارب الشعوب، أن العدالة تتحقق طال الزمن أم قصر.
ليست حربا منسية ولن تكون، مهما تشاغلنا، ومهما ظن بعضنا أنها أصبحت مجرد خبر عابر في يومياتنا، فلا نساهم بحسن نيّة، أو سوء نيّة بدفعها إلى المساحات الغافية في الذاكرة.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: حرب قطاع غزة حرب قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
“روسكونغرس”: الولايات المتحدة ستبدأ حربا تجارية جديدة واسعة النطاق عام 2025
روسيا – أكد تقرير مؤسسة “روسكونغرس” الروسية أن الولايات المتحدة ستبدأ حربا تجارية جديدة واسعة النطاق في العام الحالي، بما في ذلك ضد أقرب شركائها: كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي.
وجاء في تقرير المؤسسة الذي يحمل عنوان “الأحداث الرئيسية لعام 2025. الاقتصاد الجغرافي، التوقعات، المخاطر الرئيسية”: “عودة ترامب إلى البيت الأبيض سوف تؤدي إلى إشعال حرب تجارية جديدة، والتي سوف تكون مختلفة جذريا عن الحرب السابقة. حيث أنه إذا كانت قد شنت أول مرة ضد الصين بشكل أساسي، فإن الأهداف الآن ستكون المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي أيضا”.
ويتوقع الخبراء أن يتم فسخ اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، أو على الأرجح إعادة صياغتها مع إدخال تفضيلات كبيرة للولايات المتحدة.
وأضافوا: “إذا كانت الرسوم الجمركية أقل بالنسبة لأوروبا، في حدود 10-15%، فيمكن تحديدها بالنسبة للمكسيك وكندا عند 25-30%، وبالنسبة للصين ومنشآت إنتاجها في البلدان المذكورة أعلاه 60% وأعلى. وقد تفرض واشنطن رسوم جمركية بنسبة 40-50% على الواردات من دول آسيوية أخرى لدفعها إلى تخفيف العلاقات مع بكين”.
وأشارت الوثيقة إلى أنه، اعتمادا على تصرفات الشركاء التجاريين، يمكن للبيت الأبيض تنفيذ سيناريوهات مختلفة للحرب التجارية: من سيناريو أكثر ليونة إذا كانت البلدان الأخرى مستعدة للتنازل، إلى سيناريو صارم إذا تم فرض تعريفات جمركية جوابية.
وبحسب توقعات المؤلفين، فإن تصريحات ترامب بشأن بنما وغرينلاند وتدخلاته اللفظية ضد كندا باعتبارها “الولاية رقم 51” في الولايات المتحدة سوف تؤدي إلى تسريع تفتت الاقتصاد العالمي، وسيكون لهذا عواقب سلبية على الاقتصاد العالمي.
وأكد الخبراء أن “حروب الرسوم الجمركية في عام 2025 وجزء من عام 2026 قد تؤدي إلى انخفاض كبير في التجارة العالمية”.
ويذكر أن مؤسسة “روسكونغرس” تأسست عام 2007، لتعزيز تنمية الإمكانات الاقتصادية والمصالح الوطنية وصورة روسيا في الخارج. وتقوم المؤسسة بدراسة وتحليل وتشكيل وتغطية القضايا المتعلقة بجداول الأعمال الاقتصادية الروسية والعالمية.
المصدر: “نوفوستي”