كتب يوسف دياب في"الشرق الاوسط":دانت محكمة الجنايات في شمال لبنان، برئاسة القاضي داني شبلي، وعضوية المستشارين القاضيين لطيف نصر وطارق صادق، الأب «ن. ر» (لبناني الجنسية) البالغ من العمر 51 عاماً، بالاستناد إلى 4 جرائم جنائية هي «الاغتصاب، وممارسة الأفعال المنافية للحشمة، ومجامعة قاصرين بالقوة، وتهديدهم بالقتل».


وبلغ مجموع العقوبات التي أُنزلت به 68 عاماً سجناً، وهي المرّة الوحيدة التي لم تدغم فيها المحكمة عقوبات جنائية (أي تقضي بتنفيذ العقوبة الأشد بينها). وأوضح مصدر مطلع على مجريات هذه القضية لـ«الشرق الأوسط» أن «الغاية من عدم إدغام العقوبات، قطع الطريق على المحكوم عليه للاستفادة من تخفيض السنة السجنية، أو نيله عفواً عاماً أو خاصاً يكون ذلك سبباً لخروجه من السجن بعد سنوات». وقال: «عندما يكبر هؤلاء الأطفال ويقرأون مضامين هذا الحكم، سيجدون أن العدالة انتصرت لهم وعملت على حمايتهم وحماية المجتمع من والدهم وأمثاله».
وتضمّنت حيثيات الحكم وقائع قاسية للغاية، فكشفت أن الأب أقدم على مدى أكثر من سنة على اغتصاب طفلته «ن. ر.» (12 سنة) وطفليه «خ. ر» (11 سنة) و«ع. ر.» (9 سنوات)، وذلك بعد أن تركتهم والدتهم «ي. أ» في عهدته وذهبت للعمل والسكن في مكان آخر. وقد برر الوالد المحكوم عليه أفعاله الجرمية أمام المحكمة بأنها جاءت نتيجة خلافه مع زوجته وبدافع «الانتقام منها».
وأفادت حيثيات الحكم بأن المحكمة رفضت منح الأب أسباباً تخفيفيةً، ورأت أن اجتهادها «استقر على اعتبار أن مقتضيات العدالة تستند إلى أن مفهوم العقاب المنزل بمن يرتكب جرماً معيناً لا يشكل انتقاماً من هذا الأخير، أو ثأراً للمصلحة العامة التي أضر بها، كما لا يؤلف رادعاً لمن يمكن أن تسول له نفسه مخالفة القانون، أو ناظماً للحقوق العامة والخاصة، الناجمة عن الفعل الجرمي فحسب، وإنما يهدف إلى إصلاح سيرة هذا الشخص، وتقويم مسيرته في الحياة، وذلك تبريراً لإعمال سلطتها التقديرية في منح المحكوم عليه الأسباب المخففة».
وأضاف الحكم: «في المقابل، إن الأطفال الذين يأتون إلى الحياة، ثمرة للحب وللتفاهم بين الزوجين، لا يمكن أن يتحولوا بفعل خلاف بين هذين الأخيرين إلى ساحة لتصفية الحساب بينهما، كما أن معاينة (رمز الأمان) الذي يمثله الوالد، رب العائلة، والذي يُسرع الأولاد للاختباء في كنفه، عند كل خطر أو خوف، انقلب مع الضحايا الثلاثة، الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم 12عاماً، وتحول إلى كائن متوحش أقفل باب المنزل، وانقض مراراً وتكراراً على ضحاياه، فسحب طفله الصغير (ع) من تحت السرير حيث اختبأ، ليجامعه، وضرب الطفل (خ) وهو يجامعه، وأحست الطفلة (ن) بيديه الخشنتين على جسمها البريء، في حين قام الوالد بكتم فاهها بيده وهو يغتصبها».
وسألت المحكمة: «هل للمرء أن يتخيل شعور طفلٍ لم يفقه الحياة بعد، وهو يشاهد والده منقضاً بعنف على شقيقته الصغيرة، فكتم صوته وأقفل عينيه متمنياً أن يكون مستغرقاً في كابوس، ليستفيق بعد وقت قصير، على الوالد نفسه، ينقض عليه، ويجامعه غير آبه بألمه ودهشته ودموعه الصامتة؟ وهل للمرء أن يتأمل كيف حاول الطفل أن يبعد عنه كائناً يفوقه قوة وضخامة، والذهول الذي أصابه بعد أن شاهد وشعر برمز أمانه (والده) وهو يتحول إلى مغتصب سببت له وحشيته الكثير من الآلام والأوجاع، ودفعته إلى محاولة الهرب التي أفشلها إقفال باب، أو نباح كلب، أو خوف على شقيق أو شقيقة؟».
وخلصت المحكمة في نهاية قرارها إلى التأكيد أن «ما تفرضه مقتضيات العدالة الإنسانية التي اعتمدها قانون العقوبات، نهجاً وغايةً، وصرخة المطالبة بالحق التي أطلقها الأطفال الثلاثة، وعلى الرغم من إسقاط الحق الذي نظمته والدتهم، ترى المحكمة أن الانتصار لطلب الأطفال والانتصار للعدالة التي لا تقوم قرارات هيئة المحكمة إلا على أساسها، ردّ طلب المتهم الرامي إلى منحه الأسباب التخفيفية، وبالتالي إنزال العقاب الذي أقره القانون للأفعال التي أقدم واعترف المتهم المذكور بإقدامه عليها».
وعلّق مصدر قضائي بارز على رفض المحكمة إدغام العقوبات بأن هذا الإجراء، وإن شكل سابقة، يفترض أن يكون رادعاً لكل من تسوّل له نفسه الاعتداء على الطفولة. وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أنها «المرّة الأولى التي يذرف فيها رئيس المحكمة دموعه وهو يتلو مضامين الحكم، خصوصاً عندما أتى على ذكر استغاثة الأطفال بأبيهم ليحميهم، فيما أمعن الأخير بنهش أجسادهم الطرية وأرواحهم البريئة وأمعن في اغتصابهم»، مشيراً إلى أن «المشهد الأقسى هو أن أحد الأطفال تمكن من الفرار وحاول اللجوء إلى منزل عمّه، لكنّ الكلب طارده عند باب المنزل ما اضطره إلى الهرب مجدداً إلى أبيه الذي استكمل مشروعه الإجرامي».
وأكد المصدر القضائي أن المعتدى عليهم «بحاجة إلى علاج طبّي يستمرّ حوالي سنة كاملة، ولعلاج نفسي قد يستغرق سنوات»، مشيراً إلى أن الأطفال الضحايا «باتوا تحت عهدة قضاء الأحداث الذي فتح ملفاً لحمايتهم، وأودعهم إحدى دور العناية التي تهتمّ بهم».
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

رئيس الشاباك السابق: لو كنت فلسطينيا لحاربت ضد الذي ينهب أرضي

الثورة نت/..
قال الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الصهيوني “الشاباك” عامي أيالون ” لو كنت فلسطينيًا لحاربت بدون حدود ضد الذي ينهب أرضي”.

جاءت تصريحات أيالون خلال مقابلة إعلامية مع صحيفة معاريف الصهيونية، ونشرت مقاطع منها اليوم الخميس، ومن المقرر أن تنشر غدا كاملة.

ولفت إلى أن “الفلسطينيين يرون أنفسهم كشعب، وإحدى مآسينا هي أننا ننظر إليهم كأفراد، بعضهم جيدون وبعضهم أشرار، ونعتقد أنه إذا توفر لديهم كسب الرزق للأطفال، ستُحل المشكلة، لكن الإجابة لا”.

وأردف “الفلسطينيون مستعدون أن يَقتلوا ويُقتلوا ليس من أجل الطعام فقط، فهم يتحدثون عن نهاية الاحتلال، وعن استقلال”، مشيرا إلى أن “الفلسطينيين لا يريدون ما تقترحه “إسرائيل”، ولكنهم يريدون دولة فلسطينية”.

وتابع أيالون : “حركة فتح توصلت إلى استنتاج بعد الانتفاضة الأولى، في نهاية الثمانينيات، أن لا مفر، ينبغي التوجه نحو الدبلوماسية، وحماس لم توافق على ذلك أبدا، وقالوا: “يا جماعة، اليهود يكذبون علينا”.

ووفقا لأيالون فإن حركة حماس أدركت أن “إسرائيل” لطالما كانت تعد الفلسطينيين بدولة، ولكن لن يمنحونها
أبدا، والدليل على ذلك المستوطنات” .

وعامي أيالون، هو سياسي صهيوني، ورئيس الشاباك الأسبق، وعضو سابق في الكنيست عن حزب العمل، وكان سابقا رئيس الشين بيت جهاز الاستخبارات الصهيونية، والقائد العام للقوات المسلحة من القوات البحرية.

وجاء أيالون في المركز الثاني لإيهود باراك في انتخابات زعامة حزب العمل في يونيو 2007، وعين وزيرا بلا حقيبة في سبتمبر 2007، وهو واحد من المستفيدين من أعلى وسام في “إسرائيل” وهو وسام الشجاعة.

مقالات مشابهة

  • رئيس الشاباك السابق: لو كنت فلسطينيا لحاربت ضد الذي ينهب أرضي
  • بالأرقام.. مشاريع العقود الصناعية الثلاثة الموقعة برعاية رئيس الوزراء
  • المحكمة توجه رسالة هامة للأهالي قبل الحكم علي سفاح التجمع
  • لحماية المراهقين.. 42 مدعيا عاما أمريكيا يدعون لوضع تحذيرات على تطبيقات التواصل الاجتماعي
  • ليس قبل 16 عاماً.. أستراليا تدرس ضوابط استخدام الأطفال لوسائل التواصل
  • الحديدة.. الحكم بإعدام متهم بقتل رئيس محكمة السلفية في ريمة
  • العلماء يكشفون عن مقدار النوم الذي يحتاجه الإنسان يوميًا حسب العمر؟
  • أستراليا تعتزم تحديد حد أدنى لسن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي
  • تضر المجتمع.. مشروع قانون أسترالي لمنع المراهقين من مواقع التواصل الاجتماعي
  • الخيانة التي سيجني العالم عواقبها