الثورة نت:
2025-01-31@13:52:17 GMT

الصفقة المرتقبة.. مخاوف ومحاذير

تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT

صدرت مؤخراً تصريحات متفائلة تشير إلى أن الجهود الدبلوماسية المبذولة لإبرام صفقة لتبادل الأسرى بين الكيان الصهيوني وحركة حماس توشك أن تثمر.
يعود هذا التفاؤل بشكل أساسي إلى المرونة التي أبدتها حركة حماس في تعاملها مع تعديلات كانت الإدارة الأمريكية قد اقترحت إدخالها على خطة بايدن المعلنة لوقف الحرب في قطاع غزة؛ فبعد تسلم الوسطاء رد حماس على هذه التعديلات، وقيامهم بإحاطة الأطراف المعنية علماً به، اعتبرته إدارة بايدن رداً مشجعاً من شأنه أن يساعد على إطلاق جولة جديدة من المفاوضات، وهو ما حدث بالفعل.


خلال الأيام القليلة الماضية، استقبلت القاهرة والرياض وفوداً أمريكية وإسرائيلية وفلسطينية، وعقدت اجتماعات عديدة لمناقشة جوانب مختلفة من تفاصيل الاتفاق المنشود. لذا، يعتقد على نطاق واسع أن جولة المفاوضات الحالية ستكون حاسمة، وستفضي على الأرجح إلى اتفاق ينهي حرباً هي الأطول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
تقضي الحكمة التعامل بحذر مع موجة التفاؤل الجديدة، وخصوصاً أنَّ الفجوة بين المواقف المعلنة لكل من حركة حماس والحكومة الإسرائيلية لا تزال واسعة جداً، فضلاً عن أن نتنياهو الذي يدرك بوضوح أن وقف الحرب لا يصب في مصلحته، بل وقد يؤدي إلى انهيار حكومته وفقدانه منصبه كرئيس لوزراء الكيان، لا يزال قادراً على المناورة، ومن ثم فربما ينجح في تخريب جولة المفاوضات الحالية، مثلما نجح من قبل في تخريب جولات سابقة.
وحتى بافتراض فشله في تخريب الجولة الحالية ونجاح الضغوط المحلية والإقليمية والدولية التي تمارس للتوصل إلى اتفاق يفضي ليس إلى وقف دائم لإطلاق النار فحسب، إنما أيضاً إلى انسحاب كامل لقوات الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة، فلن يكون ذلك كافياً لحل كل القضايا الإشكالية العالقة، وخصوصاً ما يتصل منها بمستقبل القضية الفلسطينية وبالطريق الذي يتعين أن تسلكه عقب توقف القتال.
حين خططت حماس لإطلاق وتنفيذ عملية “طوفان الأقصى”، لم تستهدف القيام باستعراض عسكري أو لإثبات قدراتها القتالية، إنما أرادت التأكيد أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم للاحتلال الصهيوني، وسيظل مصمماً على مقاومته إلى أن يتمكن من دحره نهائياً.
ولأن حماس تدرك يقيناً أن هدفاً على هذا المستوى من الطموح لا يمكن أن يتحقق عبر معركة واحدة، فقد كان من الطبيعي أن تصبح لعملية “طوفان الأقصى” أهداف أكثر تواضعاً تثبت من خلالها أن جيش الكيان الصهيوني قابل للهزيمة، وأن باستطاعة المقاومة الفلسطينية المسلحة إجباره على تحرير الأسرى القابعين في سجونه، وأن القضية الفلسطينية لم تمت، ولا تزال قادرة على أن تتصدر جدول أعمال النظامين العالمي والإقليمي من جديد.
أما الكيان الصهيوني الذي تعرض جيشه وأجهزة أمنه للإهانة والإذلال يوم 7 تشرين الماضي، فقد جاء رد فعله انفعالياً وانتقامياً وعشوائياً إلى درجة جعلته يتخبط وينتقل من هزيمة إلى أخرى أشد قسوة، فقد قرر شن حرب شاملة هدفها الحقيقي تدمير قطاع غزة وإبادة جميع سكانه أو إجبارهم على الرحيل، ضارباً بذلك عرض الحائط بكل القواعد والقوانين والأعراف والمؤسسات الدولية.
أما أهدافه المعلنة فهي: تحطيم القدرات العسكرية لحركة حماس، وإنهاء حكمها لقطاع غزة، واستعادة المحتجزين لديها، وإعادة احتلال القطاع واستيطانه، أو على الأقل فرض سيطرة أمنية دائمة عليه للحيلولة دون تكرار “الطوفان”.
لقد أثبتت أحداث الأشهر التسعة الماضية أن الأهداف التي سعت حماس لتحقيقها من وراء عملية “طوفان الأقصى” هي أهداف واقعية تماماً، وبالتالي قابلة للتحقيق على أرض الواقع. أما الأهداف التي سعى الكيان الصهيوني لتحقيقها من وراء عملية “السيوف الحديدية”، فهي أهداف مستحيلة، وبالتالي غير قابلة للتحقيق على أرض الواقع؛ فعبر صمودها أكثر من تسعة أشهر أمام آلة الحرب الصهيونية، نجحت المقاومة الفلسطينية المسلحة في إثبات أن جيش الكيان قابل للهزيمة فعلاً، وفي إعادة الاعتبار إلى القضية الفلسطينية التي تم وضعها من جديد على رأس جدول أعمال النظامين الإقليمي والعالمي، ولا تزال تحتفظ لديها بأعداد من الأسرى الإسرائيليين، جنوداً ومستوطنين، تكفي للضغط من أجل إخلاء السجون الإسرائيلية من كل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
في المقابل، ثبت بالدليل القاطع أن أهداف الكيان الصهيوني من شن الحرب الشاملة على قطاع غزة مستحيلة التحقيق، وخصوصاً بعد اعتراف جنرالاته مؤخراً بأن القضاء على حماس أصبح هدفاً غير قابل للتحقيق، وسوف يحتاج تحقيقه في أحسن الأحوال إلى سنوات طوال.
ولأنهم باتوا مقتنعين باستحالة تحرير “الرهائن” عن طريق القوة، فقد بدأوا يطالبون بعقد صفقة فورية لتبادل الأسرى “مهما كان الثمن”، ما اضطر نتنياهو في النهاية إلى إرسال وفد للتفاوض حول صفقة جديدة، علماً أنه ما زال يكابر ويصر على رفض الوقف الدائم لإطلاق النار قبل أن تتحقق جميع أهدافه، بل وصرح مؤخراً، حتى إبان وجود وفده في قطر، بأنه لن يقبل بأي صفقة تؤدي إلى تكببيل يديه عن مواصلة استخدام القوة المسلحة في مواجهة حماس إلى أن يتحقق له “النصر المطلق”، بل وراح يفرض شروطاً جديدة في محاولة واضحة لعرقلة الصفقة.
لا أستبعد شخصياً أن تؤدي الضغوط المحلية والإقليمية والدولية المتصاعدة إلى إجبار نتنياهو على قبول صفقة بشروط حماس أو بنسخة معدلة وقريبة منها، غير أن السؤال الذي ينبغي أن ننشغل جميعاً ومنذ الآن بالبحث عن إجابة له يتعلق بمرحلة ما بعد الوقف الدائم لإطلاق النار، فنحن نعلم يقيناً أن حماس، ومعها فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى، لن تفرط في ورقة الأسرى المحتجزين لديها، وبالتالي لن تقبل بإطلاق سراحهم جميعاً، إلا إذا ضمنت الانسحاب الكامل لقوات الجيش الصهيوني من القطاع.
لكن ماذا بعد؟ الانسحاب الكامل لن يتحول إلى حقيقة على أرض الواقع إلا إذا ارتبط بتصور محدد حول كيفية إدارة القطاع في مرحلة ما بعد الانسحاب الكامل، وعلاقة ذلك بمسار القضية الفلسطينية ومستقبلها، إذ لا يمكن عملياً تصور أن تعود الأوضاع في القطاع إلى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الماضي، وخصوصاً أن عملية إعماره ستستغرق سنوات عديدة، سيحاول البعض خلالها إعادة تبريد القضية الفلسطينية والالتفاف حولها من جديد.
ولأنه يستحيل في الوقت نفسه قبول الأفكار الإسرائيلية أو الأمريكية المطروحة على هذا الصعيد، ينبغي العمل على وضع تصور فلسطيني عربي مشترك لكيفية إدارة تلك المرحلة البالغة الحساسية من مراحل تطور القضية الفلسطينية.
يتوقّع أن يستميت الكيان الصهيوني، أياً كان شكل الحكومة الذي ستتولى إدارة شؤونه في تلك المرحلة، لفرض صيغة تتيح له التدخل الأمني في القطاع كلما اقتضت الضرورة، وذلك بحجة الحيلولة دون تكرار ما جرى في 7 اكتوبر، وهي صيغة مرفوضة من الأساس، وبالتالي يستحيل قبولها.
أما إدارة بايدن، فهي تريد وضع القطاع تحت إدارة قوات عربية إلى أن يتم “تجديد” السلطة الفلسطينية وتصبح هذه السلطة مؤهلة لإدارة القطاع، وهي صيغة خطرة، ومن ثم ينبغي أن تواجه بالرفض المطلق أيضاً، لأنها تضع الدول العربية في مواجهة مسلحة محتملة مع فصائل المقاومة الفلسطينية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
لذا، ينبغي أن يكون لجميع فصائل المقاومة الفلسطينية، وبتنسيق كامل مع محور المقاومة، تصورها الخاص لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، وعليها أن تقوم بمناقشة هذا التصور مع الأطراف العربية الفاعلة، تمهيداً لإقناع المجتمع الدولي به والعمل على تحويله إلى خطة عمل قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
ليس عيباً أن تقبل حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة وجود قوات عربية في القطاع خلال مرحلة انتقالية محددة، شرط أن يكون ذلك في إطار ضوابط وشروط متفق عليها سلفاً، أهمها في تقديري:
أولاً: وضع كل من الضفة والقطاع تحت سلطة حكومة وطنية فلسطينية موحدة تشكل بالتوافق بين سلطة رام الله وفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة في القطاع، على أن تكون مهمتها الأساسية تهيئة الأوضاع لإجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، تشكل في إثرها حكومة موحدة ودائمة تلتزم ببرنامج وطني متفق عليه من الجميع.
ثانياً: التحديد الدقيق للمهام الملقاة على عاتق قوات التدخل العربية، والتي ينبغي أن تشكل بالتوافق بين سلطة رام الله وفصائل المقاومة المسلحة في القطاع والدول العربية المعنية، على أن تقتصر مهمتها الرئيسية على حفظ الأمن، مع الالتزام التام بعدم المساس بسلاح فصائل المقاومة إلى أن يتم الاتفاق على دمج هذه الفصائل في جيش فلسطيني موحد ينبغي أن يواكب تشكيله قيام دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة في 1967.
ثالثاً: الدعوة إلى مؤتمر دولي جامع يعقد تحت سلطة ورعاية الأمم المتحدة، وتشارك فيه كل الدول المعنية بتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، تكون مهمته رسم خارطة طريق واضحة لإقامة الدولة الفلسطينية المرجوة، على أن يتبنى مجلس الأمن هذه الخارطة ويتعهّد بوضعها موضع التطبيق.
إذا تم التوصل خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة إلى صفقة لتبادل المحتجزين تكون مقبولة من جانب حماس، فسوف ينتقل الصراع من مرحلة الاقتتال والصدام المسلح إلى مرحلة التسويات السياسية، وهي المرحلة الأكثر خطورة وحساسية. ولأن إسرائيل ستحاول أن تحصل بالمفاوضات على ما لم تستطع الحصول عليه بالقتال، فينبغي لفصائل المقاومة أن ترفض أي اتفاق يعيدنا إلى ما قبل 7 اكتوبر أو يغلق الطريق أمام قيام دولة فلسطينية.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة المسلحة فصائل المقاومة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة الکیان الصهیونی على أرض الواقع المسلحة فی فی القطاع قطاع غزة ینبغی أن على أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب

عندما وافقت إسرائيل أخيرًا على اتفاق هدنة يوم الجمعة، 17 يناير/ كانون الثاني 2025، بالغت وسائل الإعلام الأميركية في تمجيد دونالد ترامب، وتجاهلت معاناة الفلسطينيين، وأعادت تكرار الدعاية الإسرائيلية (هاسبارا)، وفشلت في التقاط جوهر القضية.

دخلت الهدنة حيّز التنفيذ يوم الأحد بعد أن قدمت حركة حماس لإسرائيل أسماء ثلاث أسيرات ليكنّ أول من يتم الإفراج عنهن ضمن الاتفاق، وذلك مقابل نحو 90 أسيرًا فلسطينيًا.

كان الاتفاق نفسه مطروحًا على الطاولة منذ أشهر. واعترف جو بايدن نفسه بأنه وضع "ملامح هذا الاتفاق" في 31 مايو/ أيار 2024. وفي المنتدى الاقتصادي العالمي، أشار رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إلى أن الاتفاق يعود إلى ديسمبر/كانون الأول 2023.

ظهر أول أنباء الهدنة بينما كانت فريق الانتقال الرئاسي لدونالد ترامب يدافع عن اختيارات الرئيس المنتخب المثيرة للسخرية لقيادة وزارات أميركية قوية مثل وزارة الدفاع (البنتاغون)، والأمن الداخلي، والصحة والخدمات الإنسانية. لكن أخبار دور ترامب في الهدنة دفعت كل ذلك إلى الخلفية.

ومع أن الاتفاق جرى التوصل إليه بمساعدة مفاوضين من قطر، ومصر، وحماس، وإسرائيل وممثلين عن كل من بايدن وترامب، إلا أنّ معظم وسائل الإعلام الرئيسية نسبت نجاح الاتفاق إلى ترامب وحده.

كان الإجماع شبه فوري. ففي الأخبار الدولية، اقترحت صحيفة "ذا غارديان" أن "ضغط ترامب الحازم"، هو ما دفع "نتنياهو أخيرًا إلى الموافقة على الاتفاق". كما أشادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بترامب، مشيرة إلى أن نتنياهو كان "أكثر خوفًا من ترامب منه من بن غفير". فيما أكد صحفيون إسرائيليون آخرون أن ترامب أخاف حماس أيضًا، عندما كتبوا أن "ضغط ترامب" كان "مصدر قلق لحماس".

إعلان

تحولت رواية عن مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، الذي وصل إلى القدس صباح السبت وأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه لا ينوي انتظار نهاية السبت اليهودي (شبات)، إلى ما يشبه الأسطورة. وظهرت صورة ترامب كرجل قوي يجيد ليّ الأذرع، متماشية مع الثقافة الشعبية الأميركية، واكتسبت أبعادًا أسطورية. وكما كتب ميرون رابابورت في مجلة "+972":

"لم يكن ليحدث أي اتفاق لولا أن دونالد ترامب العظيم والقوي أمسك بيد نتنياهو، وثناها خلف ظهره، ثم ثناها أكثر قليلًا، ثم أكثر قليلًا، ثم ضغط رأسه على الطاولة، وهمس في أذنه أنه في لحظة ما سيركله في موضع حساس".

ما بدا وكأنه انتصار لترامب كان في الواقع نتيجة لفشل جو بايدن في فرض أي ضغوط على إسرائيل. ففي الحقيقة، شكّل بايدن استثناءً للتاريخ الطويل لرؤساء الولايات المتحدة الذين حاولوا كبح جماح إسرائيل، بدءًا من نيكسون وصولًا إلى ريغان.

ومع نقل السفارة الأميركية إلى القدس الشرقية، واتفاقيات أبراهام، التي حددتها حماس كأسباب لشن عملية "طوفان الأقصى"، يمكن اعتبار فترة ترامب الأولى واحدة من الأسوأ في إنهاء الصراع.

بينما كانت وسائل الإعلام الأميركية تحتفي بترامب، كانت أقل انتقادًا لإسرائيل مقارنةً بالإعلام الإسرائيلي نفسه. على سبيل المثال، دعمت شبكة "إن بي سي" بنيامين نتنياهو مجددًا، وألقت باللوم على حماس لعدم تفاوضها في وقت سابق.

في برنامج "TODAY" على NBC، نسب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في إدارة بايدن، جون كيربي، الاتفاق إلى "عزل وإضعاف حماس". وزعم أن حماس كانت تضع العقبات "مرة بعد أخرى" وأنها "لم تكن مستعدة للتفاوض بنية حسنة".

لكن نتنياهو أظهر أنه لم يكن مهتمًا بإعادة الرهائن إذا كان ذلك يعني وقف الإبادة الجماعية، وأظهرت تقارير عديدة أن إسرائيل هي التي كانت ترفع سقف شروط الهدنة. واستشهدت NBC بالمتحدث باسم نتنياهو، ديفيد مينسر، الذي ادعى أن الهدنة لم تتحقق إلا بعد أن "غيرت حماس موقفها" من الاتفاق. وأشار مينسر إلى أن مقتل يحيى السنوار "لعب دورًا أيضًا".

إعلان

ولكن هل هذا صحيح؟ وفقًا لمصادر إعلامية تابعة لحماس، فإن الخسائر الإسرائيلية في رفح وشمال غزة كانت كبيرة، على الرغم من أن شمال غزة قد دُمّر بالكامل، واستمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في قتل الفلسطينيين حتى اليوم الأخير قبل الهدنة.

ومع ذلك، كانت حماس لا تزال تحتفظ بالقدرة والإرادة القتالية، وحتى استغلال الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة لشن هجمات مباغتة ضد قوات الاحتلال. وذكر أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، في حسابه على "تليغرام" بتاريخ 13 يناير/ كانون الثاني، كيف اقتحم مقاتلو القسام مبنى كانت تتحصن فيه قوة إسرائيلية قوامها 25 جنديًا مشاة، "وتعاملوا معهم بمختلف أنواع الأسلحة، ما أسفر عن مقتل وإصابة جميع أفراد القوة".

أشارت المحللة رباب عبدالهادي إلى نقطة مشابهة خلال مكالمة عبر زوم مع منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" (JVP)، حيث أكدت على صمود الفلسطينيين، قائلة: "إسرائيل تمتلك رابع أقوى جيش في العالم"، بينما الفلسطينيون لا يمتلكون شيئًا، "ومع ذلك، يواصلون المقاومة". وبينما تعاني قوات الاحتلال الإسرائيلي من تدهور كبير في الروح المعنوية، تظل حماس تتمتع بدعم شعبي كبير.

كان هذا واضحًا، وأثار إحراجًا كبيرًا لإسرائيل، يوم السبت، 25 يناير/ كانون الثاني، عندما أطلقت حماس، وسط احتفاء كبير في عرض مسرحي ضخم، سراح أربع مجندات إسرائيليات بزيهن العسكري. كانت الرسالة البصرية واضحة: لم يكن كل الرهائن مدنيين.

وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" بنبرة ازدرائية أن عملية التسليم كانت "عرضًا أدائيًا"، لكنها اضطرت إلى الاعتراف بأن حماس أعدت "استعراض قوة"، حيث وصفت المنصة في "ميدان فلسطين" بوسط مدينة غزة – المنطقة التي دمرتها حملة القصف والاجتياح البري الإسرائيلي – والتي تضمنت لافتة تحمل عبارة: "الصهيونية لن تنتصر". كما أشارت الصحيفة إلى تجمع "مئات من المقاتلين المقنعين بالزي العسكري والمدنيين" في المكان.

إعلان

بدت لهجة الصحيفة ساخرة ومتحاملة، وكأنها تريد إيصال أن الفلسطينيين لم يتعلموا بعد أن المقاومة الصامدة أمر غير مقبول. وفي إشارة غير واعية إلى تراجع أهميتها كناطقة باسم إسرائيل، كتبت "نيويورك تايمز" أيضًا أن "المسلحين الذين يحملون كاميرات باهظة الثمن كانوا يتبعون الرهائن، ربما لتصوير فيديو سينشر على وسائل التواصل الاجتماعي".

خارج الدوائر الإعلامية الأميركية السائدة، استمر الصحفيون والمحللون المستقلون في مناقشة الأسباب التي دفعت إسرائيل في النهاية إلى وقف قصف غزة. وكتب رمزي بارود أن الفترة ما بين رفض إسرائيل وقبولها النهائي للاتفاق شهدت مقتل أو إصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، رغم أن هذه المجازر تم تجاهلها تمامًا أو التقليل من شأنها في إسرائيل (وأضيف، في الولايات المتحدة أيضًا).

خلص محمد شحادة، مستشار حقوق الإنسان في منظمة "يوروميد"، إلى أن تدمير غزة كان الهدف الرئيسي لإسرائيل. وأشار إلى ذلك في حوار مع الصحفي المستقل بيتر بينارت، بعد أن راجع الإعلام الإسرائيلي.

أما المحلل الدولي يانيس فاروفاكيس، فقد تحدث بتعاطف عن أهوال غزة، ثم جادل بأن "الدمار الذي ألحقته [إسرائيل] لا يترجم إلى نصر". فلا تزال إسرائيل غير قادرة على السيطرة على غزة، والمقاومة المسلحة لا تزال تفجر "دبابات إسرائيل العظيمة". ولم تحقق إسرائيل أيًا من أهدافها المعلنة، وخاصة الوعد بالقضاء على حماس، كما صرخ أحد العناوين المثيرة في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل": "لأول مرة، إسرائيل تخسر حربًا".

بينما سخرت "ميدل إيست مونيتور" من الجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الرهائن كانوا محتجزين أحياء في شمال غزة "تحت أنف قوات الاحتلال الإسرائيلي، مما يتحدى رواية إسرائيل بشأن حملتها العسكرية وقدراتها الاستخباراتية".

يكمن الفرق بين الاستعراض الإعلامي لحماس والدعاية الإسرائيلية في أن حماس بنت رسالتها على الواقع. فقد كشفت صور الدمار الشامل في غزة زيف الأكاذيب والخداع والتبريرات التي قدمتها إسرائيل.

إعلان

فإسرائيل لم تخض حربًا لتدمير حماس، بل سعت إلى تدمير غزة، وقد تم فضح عنفها الإبادي على نطاق واسع. وكما قال بارود: "إسرائيل تواجه الآن واقع فشل سياسي وعسكري على مستوى غير مسبوق." ومرة أخرى، خسرت إسرائيل أيضًا الحرب الإعلامية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • 3 إسرائيليين.. حماس تكشف أسماء أسرى الاحتلال المفرج عنهم غدا السبت
  • اقتحام قرى واعتقال مواطنين.. الكيان الصهيوني يواصل عدوانه على عدة مدن فلسطينية
  • العدو الصهيوني يُفرج عن 110 أسرى فلسطينيين ضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى
  • العدو الصهيوني يُفرج عن 110 أسرى فلسطينيين
  • بدء إطلاق سراح الأسرى المحررين ضمن الدفعة الثالثة من الصفقة (شاهد)
  • العدو الصهيوني يؤخر تسليم دفعة الأسرى الفلسطينيين
  • حماس: كمائن المقاومة في جنين تؤلم العدو الصهيوني وتدفعه ثمن جرائمه
  • من منزل "السنوار" إلى "الصليب الأحمر"..المقاومة الفلسطينية تبدأ تسليم الأسيرين الإسرائيليين
  • المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
  • "إمبراطورية صناعة السيارات المصرية" تثير مخاوف الكيان الصهيوني