رؤية 2030 “ليست قرآنا”
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
المناطق_محمد البيشي*
ليس جديداً أو مفاجئاً ما نشرته وكالة بلومبرغ العالمية من أن السعودية تجري مراجعة حول تنفيذ بعض المشاريع الكبرى، وقامت بتحديد أولويات الصرف وخفض ميزانيات بعضها، ورفع أخرى، هذا الخبر بالنسبة لي وللمتابعين لأخبار الاقتصاد السعودي -على الأقل- لا يمثل شيئا جديدا.
السعودية على مدى السنوات الماضية بطّأت من وتيرة بعض المشاريع ومددت تطبيق بعض برامجها وخططها، مثل: تمديد برنامج التحول الوطني وتمديد الإعفاء من المقابل المالي على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وغيرها من البرامج المهمة التي جرى التعديل على جداولها الزمنية، بهدف عدم الإضرار بالنمو الاقتصادي او لاعتبارات مالية وأولويات أخرى.
ولعلي هنا أشير إلى لقاء جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعدد من الاقتصاديين والصحافيين في وقت سابق من العام 2023، وكنت أحد المشاركين فيه، عندما قال لنا: إن رؤية 2030 “ليست قرآنا”، يقصد أنها قابلة للتغيير والتعديل، مؤكدا في ذات اللقاء ولقاءات أخرى سبقته أن خطط الرؤية ومشاريعها تتم مراجعتها بشكل دوري، وأن هنالك لجان متخصصة تعمل على المواءمة بين تلك المشاريع وعلى فرزها وتصنيفها، وفقا لأولويات المرحلة، ووفقا لقاعدة “الممكن وغير المضر”.
اللقاء المذكور مع ولي العهد تمت الإشارة فيه إلى قرارات، مثل: المقابل المالي على الوافدين، وتمديد فترة برنامج التحول الوطني، والحديث عن سوق مواد البناء وأن الطلب العالي على الأسمنت والحديد من مشاريع مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية قد يصعد بالأسعار لمستويات قياسية، وكان جواب سموه على الدوام أن ذلك مرصود، ويتم التعامل معه بشكل مرحلي، وأن المسألة خاضعة للتقييم دوما.
واحدة من أقوى سمات رؤية 2030 هي تركيزها على تعميق الأثر وإشراك القطاع الخاص في رحلة التحول لإحداث النقلة النوعية المطلوبة للاقتصاد السعودي، مع المراجعة الدورية للإستراتيجيات والسياسات والبرامج والمبادرات لتعزيز فاعليتها وتصحيح مسارها، ما يؤكد أننا أمام عملية حيوية ديناميكية لن تتوقف إلا بالوصول إلى أهداف الرؤية التي تلبي تطلعات جميع المواطنين مهما بلغت التحديات أو جرى التعديل وإعادة ترتيب الأولويات.
وعلى الرغم من التحديات المتوقعة وغير المتوقعة التي فرضتها الاحداث خلال السنوات السبع الماضية من عمر الرؤية مثل جائحة كورونا بنهاية 2019 وما تبعها من تراجع لأسعار النفط، ثم التوترات الجيوسياسة في المنطقة والعالم التي لا تتوقف، مثل: الصراع في اليمن أو الحرب الروسية الأوكرانية أو الحرب على غزة، فإن المؤشرات المالية والاقتصادية تؤكد أن السعودية تمضي قدمًا في تحقيق التقدم لإنجاز مستهدفات الرؤية، من خلال الانضباط المالي، وكفاءة الإنفاق، والاستخدام الأمثل للموارد.
المحافظة على الاستقرار المالي كركيزة أساسية للنمو المستدام، هي واحدة من المفاهيم السعودية التي نلمسها بوضوح في الموازنات العامة للدولة مع نهاية كل عام، ولعل اللجوء لأسواق الدين العالمية رغم وجود احتياطيات ضخمة للسعودية وخفض وتيرة الإنفاق على بعض المشاريع هو خير مثال على تلك الرغبة في جعل وتيرة النمو والإنفاق لا تؤثر أبدا في هدف إستراتيجي مهم، هو “الاستدامة المالية”.
وبالعودة للقاء ولي العهد مع الاقتصاديين؛ أتذكر أيضا أنه قال إن “تنفيذ 70 % من رؤية 2030 سيكون كافيا ومرضيا لطموحات القيادة وسيحدث التغيير المطلوب في الاقتصاد السعودي”، وهذه جملة شجاعة وبعد نظر كبير تدل على أن سقف الطموحات المطروحة ضمن أجندة الرؤية هو عالٍ جدا جدا جدا، ويمكن أن يصعب تحقيق بعضها -وهذا طبيعي- عندما يكون المشروع تحوّلا ضخما كما يحدث اليوم في الاقتصاد السعودي.
ولا ننسى أيضا أن فوز السعودية باستضافة إكسبو 2030 وفرصة تنظيم كأس العالم 2034 يتطلبان إعادة توقيت تنفيذ بعض المشاريع على حساب مشاريع أخرى طارئة ومهمة.
هذه الثقافة والمفاهيم التي يطرحها ولي العهد السعودي وهو يتابع تنفيذ الرؤية، تعمل بها معظم مؤسسات الدولة اليوم، إذ إنها تضع خططا لمشاريع ضخمة وفق ميزانيات كبيرة، بل تطلق بعض الأنظمة والبرامج ثم تقوم بمراجعتها بين فترة وأخرى وقد تتراجع عن بعضها إذا رأت أن هذا الوضع لا يخدم الأهداف الإستراتيجية لإنشائها، ولعل آخر مثال على ذلك هو وقف برنامج “إجادة”، الذي أطلقته أمانة الرياض قبل عدة سنوات واستبداله ببرنامج آخر بعد أن لمس القائمون عليه آثاره السلبية في قطاع المال والأعمال، تحديدا صغار المستثمرين.
بقي أن أقول إن ما تنفذه السعودية من مشاريع متنوعة وضخمة في كافة القطاعات يجعل من ظاهرة مراجعة المشاريع أو إلغاء بعضها أو تقليص العمل فيها أو التأخير في تنفيذها من الظواهر الصحية الاقتصادية التي يوصي بها كثير من الاقتصاديين وواضعو ومنفذو المشاريع الكبرى على مستوى العالم، وهناك نماذج كثيرة ليس المجال الآن متاحا لذكرها، فالاقتصاد في مفهومه الحديث في الأساس هو عملية إصلاح مستمرة حتى يتم الوصول إلى الصيغة النهائية لإنجاح أي مشروع، وهذا لا يعني أن كل ما تقوله التقارير الدولية عن تأخير بعض مشاريع الرؤية أو تقلل ميزانيتها صحيح بالضرورة.
*نقلاً عن: aleqt.com
نسخ الرابط تم نسخ الرابط 16 يوليو 2024 - 1:01 صباحًا شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد16 يوليو 2024 - 12:51 صباحًاالمؤتمر الصحفي الحكومي يستضيف وزير السياحة أبرز المواد16 يوليو 2024 - 12:33 صباحًااختتام فعاليات مهرجان خيرات الباحة الرابع أبرز المواد15 يوليو 2024 - 11:38 مساءًفعالية “عالم القراصنة” تُعايش زوار موسم جدة تجربة الألغاز الترفيهية منطقة حائل15 يوليو 2024 - 11:34 مساءً“النحت على الخشب” فن حرفي يلفت أنظار زوار مهرجان بيت حائل في نسخته الثالثة أبرز المواد15 يوليو 2024 - 11:26 مساءًانطلاق فعاليات المؤتمر الدولي للمراجعين الداخليين 2024 في واشنطن16 يوليو 2024 - 12:51 صباحًاالمؤتمر الصحفي الحكومي يستضيف وزير السياحة16 يوليو 2024 - 12:33 صباحًااختتام فعاليات مهرجان خيرات الباحة الرابع15 يوليو 2024 - 11:38 مساءًفعالية “عالم القراصنة” تُعايش زوار موسم جدة تجربة الألغاز الترفيهية15 يوليو 2024 - 11:34 مساءً“النحت على الخشب” فن حرفي يلفت أنظار زوار مهرجان بيت حائل في نسخته الثالثة15 يوليو 2024 - 11:26 مساءًانطلاق فعاليات المؤتمر الدولي للمراجعين الداخليين 2024 في واشنطن أمير منطقة القصيم يستقبل أصحاب الفضيلة والمسؤولين والمواطنين في الجلسة الأسبوعية بمحافظة البكيرية أمير منطقة القصيم يستقبل أصحاب الفضيلة والمسؤولين والمواطنين في الجلسة الأسبوعية بمحافظة البكيرية تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عنالمصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: بعض المشاریع ولی العهد یولیو 2024 رؤیة 2030 صباح ا
إقرأ أيضاً:
قيادة الدولة “ليست بجائزة”
بقلم: دانيال حنفى
القاهرة (زمان التركية)ــ في حديث لرئيس لإدارات الحالية في سوريا أحمد الشرع الى إحدى وسائل الإعلام قال إنه “من غير المقبول أن يأخذ الناس العدالة بأيديهم ويقتصوا لأنفسهم بأنفسهم فى الشوارع، لأن هناك قوانين وهناك محاكم يمكن اللجوء إليها”.
وأضاف أحمد الشرع: أن عقل الثورة يصلح لاسقاط حكم ، ولكن عقل الثورة لا يصلح لإقامة دولة”، وقد أصاب الرجل -في اعتقادى الشخصى- في كلا النقطتين؛ فمن غير المقبول أن يقتص الناس لأنفسهم من الغير أو من الدولة سواء فى الشارع أو فى غير الشارع . كما أن عقل الثورة الذى سعى الى إسقاط نظام الدولة والتخلص منه قد يعجز عن إقامة الدولة؛ فهذا وهذا طريق . متفقون ويبقى السؤال الهام الذى يحتاج إلى إجابة شجاعة وينتظر الإجابة : هل تستطيع الثورة ذاتها والقائمون عليها التخلص من عقل الثورة واستبداله بعقل الدولة ؟ هل تستطيع الإدارة السورية الحالية إقناع الناس أجمعين بأن من خرجوا على النظام وقاموا بالثورة وهدموا النظام تبدلوا ويمكنهم التحول الى رجال دولة ومن حقهم أن يصبحوا رجال الدولة اليوم بعد أن كانوا رجال الثورة بالأمس؟
السوريون فرحون بالخلاص من بلطجة الأسد الذى أساء إلى ملك الغابة صاحب الهامة والهيبة والمقام العالى ، ويشعرون بالامتنان الحقيقى لمن وضع حياته رهنا لكل المخاطر حتى يسقط بشار السوء الذى جثم على صدور العباد هو وأبوه وعائلته لأكثر من نصف قرن من الزمن. ولذلك، يعتقد السوريون أن من حق من أنقذهم من ويلات الأسرة الحاكمة المجرمة أن يمنح فرصة ليحاول فيها إثبات نفسه وليحاول تحقيق حلمه ، مثلما حقق حلما غاليا للسوريين. ولذلك، ينادى البعض فى الشرق والغرب بمنح الرجل فرصة تاريخية لعل أحمد الشرع ينجح ولا يخزى، مبررين دعوتهم بأنه لطالما وقع الكثيرون من الشخصيات العالمية المعروفة فى جرائم وفى ممارسات أنكرها العالم وأدانها ووصمها ومرتكبيها بالارهاب والإرهابيين. ومن بعد الإدانة العالمية لتلك الشخصيات وما لهذه الإدانة من ثقل ومن تبعات غائرة عاد العالم ومنح هولاء الإرهابيين فرصة عظيمة وكريمة- في ضوء ما قدمت أيدى هولاء الإرهابيين السابقين من أعمال أعتبرها العالم تغيرا حقيقيا وبناء ويعزز من الأمن والسلام والاستقرار فى العالم- بل وكرمهم العالم ومنح بعضهم جائزة نوبل للسلام مثل الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات.
أن عقل الثورة ليس عقل الدولة، ولكن من الضرورة أيضا الإقرار بأن قيادة الدولة “ليست بجائزة” لأحد ولا لأفراد عائلة الحاكم يتولونها تباعا أو بتوارثونها ، وإنما هو عمل عظيم يستحق من يستطيع القيام به وتحمل تبعاته العائلة. وليس بالضرورة أن تكون مكافأة الثورة ومن يقومون بها أن تستولى الثورة وأن يستولي الثوار على قيادة الدولة ، لأن الثورات قامت وتقوم لإعادة الأمور إلى نصابها والى الميزان القسطاس.
أن حكم الدولة ليس بالجائزة، وإنما هو عمل عظيم ينبغي أن يساق فى اطار خواصه وفى اطار محدداته، ويلزم أن يضطلع به من يستطيع أن يقوم به على أساس من صيانة واحترام المشاركة الشعبية واحترام مبدأ المساءلة ومبدأ تداول السلطة بالطرق السلمية ، من أجل تحقيق السلام الاجتماعي المستدام وتحقيق النمو المستدام والوصول إلى التطور المستدام.