الإمارات وإندونيسيا.. شراكة اقتصادية شاملة وآفاق واعدة
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
مصطفى عبد العظيم (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتنطلق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إندونيسيا نحو مرحلة جديدة من النمو والازدهار مرتكزة على مبادئ اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تم توقيعها بين البلدين ودخلت حيز التنفيذ في سبتمبر 2023، ويعمل البلدان للانطلاق معاً نحو المستقبل، عبر الشراكة الاقتصادية الشاملة، بين ثاني أكبر اقتصاد عربي وأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، ليشكلا قوة اقتصادية مؤثرة في المشهد الاقتصادي والتجاري الإقليمي والعالمي؛ بفضل ما يتمتعان به من مقومات وفرص مشتركة في العديد من القطاعات، ويسعى البلدان من خلال الشراكة الاقتصادية الشاملة للوصول بالتجارة الثنائية إلى نحو 37 مليار درهم سنوياً.
مزايا الشراكة الشاملة
مع دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة حيز التنفيذ، يمكن للشركات في البلدين الاستفادة من العديد من المزايا الجديدة، بما في ذلك توفير وصول أفضل للمنتجات الإماراتية إلى السوق الإندونيسية، بما يغطي أكثر من 90% من خطوط التعريفة الجمركية و94% من قيمة التجارة مع إندونيسيا، والبيئة المفتوحة وغير التمييزية للتجارة عبر الحدود مع إندونيسيا، فضلاً عن تعزيز الوصول إلى الأسواق لمقدمي الخدمات في الإمارات. ومن مزايا الاتفاقية التي تشتمل على 18 فصلاً، إزالة الحواجز التقنية غير الضرورية للمصدرين الإماراتيين والإندونيسيين، واستخدام المعايير الدولية كأساس للوائح الفنية، وتعزيز وصول الشركات الإماراتية إلى فرص الشراء الحكومية الإندونيسية، ودعم الشركات الإماراتية، من خلال تفضيل سعر بنسبة 10% في مناقصات المشتريات الحكومية الإندونيسية، وضمان أن المنتجات الإماراتية لن تخضع لتحقيقات مكافحة الإغراق في إندونيسيا، حيث يتم نقل هذه المنتجات فقط. وتسهم الاتفاقية في زيادة إجمالي تجارة الخدمات بين البلدين، وصولاً إلى 630 مليون دولار بحلول عام 2030، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتسهيل ممارسة الشركات الإماراتية أنشطة الأعمال مع أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، والذي يُتوقع نموه نسبة 5.4% عام 2022، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.
وتستهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة خلق مزيدٍ من الفرص في قطاعات الاقتصاد الإسلامي سريعة النمو، والذي تشير التقديرات إلى بلوغ قيمته 3.2 تريليون دولار بحلول عام 2024.
كما تؤدي الاتفاقية إلى تسريع وتيرة ما تصل قيمته إلى 10 مليارات دولار من المشاريع الاستثمارية في القطاعات ذات الأولوية المشتركة، مثل الزراعة والطاقة والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، بالتوازي مع تشجيع التعاون المستقبلي في مجالات السياحة وريادة الأعمال والرعاية الصحية.
وتهدف الاتفاقية إلى تحقيق تقدم تكنولوجي سريع في قطاعات واعدة، تشمل تكنولوجيا الطاقة النظيفة والمتجددة والحوسبة السحابية والأتمتة، مما يؤدي إلى مزيد من التقدم الاجتماعي والاقتصادي في البلدين، بالإضافة إلى تعزيز مكانة الممر الجنوبي - الجنوبي للتجارة العالمية.
ويواصل البلدان التعاون بشكل أوثق عبر العمل معاً على مجموعة واسعة من المشاريع الاستراتيجية، حيث أعلنت شركة «مبادلة» للطاقة اكتشافاً ضخماً للغاز في بئر «تانكولو-1» الاستكشافية في جنوب أندامان شمال سومطرة، وتعد هذه ثاني بئر بعد اكتشاف «لاياران-1» التي يبلغ حجمها 6 تريليونات قدم مكعبة.
كما تعهدت الإمارات بتقديم 10 مليارات دولار لهيئة الاستثمار الإندونيسية، وفي الوقت نفسه أصبحت الحكومة الإندونيسية أكبر جهة إصدار للصكوك في «ناسداك دبي» في مايو 2019.
فرص جديدة
أسهمت الاتفاقية في ترسيخ مكانة الإمارات بوابةً عالميةً رئيسة لتدفق التجارة والاستثمار، وتحقيق خطط مضاعفة حجم الاقتصاد الوطني، وصولاً إلى 3 تريليونات درهم بحلول عام 2030، وتعكس الاتفاقية رؤية دولة الإمارات باستخدام التجارة والاستثمار كمحركين رئيسين للنمو المستدام للاقتصاد الوطني، فضلاً عن تعزيز الصادرات، وتشجيع تدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
السلع والمنتجات
بحسب البيانات، تشمل أهم 3 سلع يتم تصديرها من الإمارات إلى إندونيسيا الألومنيوم والخام والذهب الخام وبوليمرات الروبلين، فيما تشمل أهم 3 سلع تتم إعادة تصديرها أجهزة الاتصالات والسيارات وأجزاء المركبات الجوية، في حين تضم أهم سلع يتم استيرادها من إندونيسيا، الحلي والمجوهرات وأجزاءها من معادن ثمينة، والسيارات وزيت النخيل والأخشاب والمنسوجات والشاي والبن والورق بمختلف أنواعه، والمعدات الكهربائية، والمطاط ومنتجاته.
تأثيرات ملموسة
تشكل دولة الإمارات وجهة للشركات الإندونيسية في الشرق الأوسط، باعتبارها مركزاً مالياً ولوجستياً عالمياً تتمتع بكفاءة السياسات الجاذبة للأعمال. وانعكست اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بشكل مباشر على تنمية التبادل التجاري، وفقاً لمسؤولين إندونيسيين توقعوا أن تسهم الاتفاقية في مضاعفة التبادل التجاري والاستثمار خلال السنوات القليلة المقبلة. وأكد ديدي سوميدي، المدير العام لتنمية الصادرات الوطنية في وزارة التجارة في جمهورية إندونيسيا، أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة حققت نتائج ملموسة على التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، خلال الأشهر الماضية ومنذ تفعيل الاتفاقية. وأضاف: «كان هناك نمو كبير في التبادل التجاري بين البلدين خلال العامين الماضيين»، لافتاً إلى أن إجمالي التجارة البينية وصل إلى 4 مليارات دولار في 2021، ونمت لتتجاوز 5 مليارات دولار، تشكل التجارة غير النفطية منها إلى نحو 4 مليارات دولار».
تسوية المعاملات التجارية بالدرهم والروبية
وقعت الإمارات وإندونيسيا، مذكرة تفاهم لإرساء إطار استخدام العملات المحلية في تسوية المعاملات البينية، وتتضمن مذكرة التفاهم التي وقعها في مايو 2024 كل من خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات المركزي، وبيري وارجيو، محافظ بنك إندونيسيا، إطاراً يشتمل على عدد من العناصر والتدابير لتسهيل تسوية المعاملات التجارية بالعملتين المحليتين للبلدين (الدرهم الإماراتي والروبية الإندونيسية)، وفق ما يتم الاتفاق عليه بين المستوردين والمصدرين. كما يحدد هذا الإطار أنواع المعاملات المؤهلة، والشروط لدعم أنشطة التحوّط وإدارة السيولة بالدرهم الإماراتي والروبية الإندونيسية. بموجب هذه المذكرة، سيعمل مصرف الإمارات المركزي وبنك إندونيسيا على ترسيخ الجهود لتعزيز استخدام العملات المحلية للبلدين من خلال دعم التطبيق التدريجي لهذا الإطار، الذي يهدف أيضاً إلى تطوير الأسواق المالية وتحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار المالي.
24 مليار دولار صكوك إندونيسية في «ناسداك دبي»
ارتفع إجمالي إصدارات الصكوك الإندونيسية في بورصة ناسداك دبي حتى يوليو 2024 إلى 20 إدراجاً بقيمة إجمالية بلغت 24.1 مليار دولار، بما يعكس مكانة إندونيسيا كأحد أكبر المُصدرين الرئيسين للصكوك في البورصة. ورحّبت ناسداك دبي في يوليو الجاري، بثلاثة إصدارات لصكوك صادرة من قبل جمهورية إندونيسيا «بيروساهان بينربيت إس بي إس إن إندونيسيا III» بقيمة 2.35 مليار دولار، في إطار برنامجها لإصدار شهادات الائتمان بقيمة 35 مليار دولار، حيث عززت هذه الصكوك من مكانة دبي مركزاً محورياً في العالم لإدراج الصكوك، حيث بلغت قيمتها الإجمالية 96.39 مليار دولار، وشملت إدراجات الصكوك الثلاثة شهادات ائتمان بقيمة 750 مليون دولار أميركي مُستحقة في عام 2029، وشهادات ائتمان بقيمة مليار دولار مُستحقة في عام 2034، إلى جانب صكوك خضراء بقيمة 600 مليون دولار وتستحق في عام 2054.
التبادل التجاري بين البلدين بالمليار درهم
ازدهار التجارة
يستهدف البلدان رفع التبادل التجاري بينهما من 16.08 مليار درهم (4.3 مليار دولار) في العام الماضي 2023 إلى 37 مليار درهم (10 مليارات دولار) سنوياً، بلغ إجمالي التجارة الثنائية غير النفطية، خلال السنوات العشر الماضية، أكثر من 102 مليار درهم، بعد أن حقق قفزات نوعية بارتفاعه من 10 مليارات درهم في 2014 ليصل إلى 16.08 مليار درهم في 2023، بنسبة نمو أكثر من 60% للسنوات العشر الماضية، وفقاً لوزارة الاقتصاد.
وأظهرت البيانات التي حصلت «الاتحاد» على نسخة منها، ارتفاعاً تدريجياً في التجارة الثنائية بين البلدين خلال العقدين الماضيين لتصل في 2005 إلى أكثر من 3.2 مليار درهم، قبل أن تتضاعف في أقل من ثلاث سنوات إلى 6.8 مليار درهم في 2008، وواصلت ارتفاعها لتصل إلى 7.8 مليار درهم في 2011، وإلى 8.3 في 2013، وإلى 10 مليارات درهم في 2014، قبل أن تقفز مجدداً إلى 11.4 مليار درهم في 2021، بنمو نسبته 62% عن عام 2020. ووفقاً لبيانات وزارة الاقتصاد، بلغ حجم التجارة الخارجية بين الإمارات وإندونيسيا خلال 2023، أكثر من 16.08 مليار درهم، مقارنة مع 14.99 مليار درهم في 2022، بنمو نسبته 6.6% ونحو 11.44 مليار درهم في 2021، و7.06 مليار درهم في 2020.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات إندونيسيا الاقتصاد الاستثمار التجارة اتفاقیة الشراکة الاقتصادیة الشاملة التبادل التجاری ملیارات دولار ملیار درهم فی ملیار دولار بین البلدین ناسداک دبی أکثر من
إقرأ أيضاً:
الإمارات والولايات المتحدة.. شراكة تنشد التنمية وتعزيز الاستقرار العالمي
تستند الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية إلى أكثر من 5 عقود من التنسيق والتعاون في مختلف المجالات بما يعزز التنمية والازدهار في كلا البلدين الصديقين.
تأتي الزيارة الرسمية، التي يقوم بها سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، إلى الولايات المتحدة الأميركية في إطار مواصلة نهج تعزيز جسور التواصل والحوار بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين.
تعد الإمارات من أبرز شركاء الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة والعالم، إذ يلتزم البلدان بالتعاون والسعي المستمر لتعزيز الأمن الإقليمي والعالمي، وتحقيق الازدهار الاقتصادي، ومواجهة التحديات في مختلف أرجاء العالم.
ونجح البلدان في وضع أسس متينة لتعاون طويل الأمد في المجال الاقتصادي، وإقامة شراكات مبتكرة في مجالات جديدة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي، والطاقة النظيفة، واستكشاف الفضاء، وغيرها من المجالات ذات الأولوية في العلوم والتعليم والثقافة.
ويرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، إذ يقترب حجم التجارة الثنائية بينهما (غير النفطية) إلى مبلغ 40 مليار دولار أميركي، فيما ارتفع حجم تجارة السلع بنسبة 9.47%، ليصل إلى 34.43 مليار دولار (126.46 مليار درهم)، خلال عام 2024، وفقاً لأحدث بيانات صادرة عن وزارة التجارة الأميركية، مقارنة مع 31.45 مليار دولار (115.51 مليار درهم) في 2023.
بلغت استثمارات الإمارات في الولايات المتحدة الأميركية حوالي 3.7 مليار دولار بين عامي 2018 و2023، بينما بلغت استثمارات الولايات المتحدة الأميركية في الإمارات حوالي 9.5 مليار دولار خلال المدّة ذاتها.
ويعمل البلدان على تعزيز الاستثمارات المتبادلة في مجال الطاقة، إذ تمتلك الإمارات استثمارات مهمة في سوق الطاقة الأميركي بأكثر من 70 مليار دولار حتى الآن من خلال أدنوك ومصدر وXRG.
تشمل القطاعات الرئيسية لاستثمارات الإمارات في الولايات المتحدة الأميركية، الطاقة المتجددة، والاتصالات، والطاقة، والعقارات، والخدمات البرمجية، إضافة إلى تكنولوجيا المعلومات.
وشهد العام الماضي، توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة والاستثمار بين البلدين، في المجال التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. ففي أبريل 2024، أعلنت كل من G42، الشركة القابضة الرائدة في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بدولة الإمارات، ومايكروسوفت عن استثمار استراتيجي قدره 1.5 مليار دولار من مايكروسوفت في G42.
وفي يونيو 2024، وقعت شركة World Wide Technology، وهي شركة تكامل تكنولوجي رائدة مقرها الولايات المتحدة الأميركية، اتفاقية استراتيجية مع NXT Global، لإنشاء وتطوير أول مركز تكامل للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر في الإمارات.
وأعلنت مجموعة "جي 42" ومايكروسوفت في فبراير الماضي عن إطلاق "مؤسسة الذكاء الاصطناعي المسؤول" - المركز الأول من نوعه في الشرق الأوسط، ويهدف إلى تعزيز معايير الذكاء الاصطناعي المسؤول وترسيخ أفضل الممارسات في منطقة الشرق الأوسط والجنوب العالمي.
وشهد سبتمبر 2024، الإعلان عن إطار للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية، إذ أكد الجانبان عزمهما على التعاون في العديد من المجالات أهمها: تعزيز الذكاء الاصطناعي الآمن والموثوق ودعم البحث والتطوير الأخلاقيين له، وبناء أطر تنظيمية لتعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى توسيع وتعميق التعاون في مجال حماية الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتطوير المواهب في هذا المجال، إلى جانب دعم الطاقة النظيفة لمتطلبات أنظمة الذكاء الاصطناعي وتعزيز الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة في البلدان النامية.
وأدى إطلاق دولة الإمارات لمسبار الأمل في عام 2021، إلى تعزيز التعاون العلمي في مجال استكشاف الفضاء بين الإمارات والولايات المتحدة الأميركية، الذي ظهر جليا من خلال مهمة الإمارات الجديدة إلى حزام الكويكبات بالتعاون مع جامعة كولورادو بولدر.
في السياق ذاته، تؤدي الإمارات دورا رئيسا في مشروع NASA,s Lunar Gateway، إذ ستطور وحدة مخصصة لإقفال الهواء الخاصة بالطاقم والعلماء، كما سترسل أول رائد فضاء إماراتي إلى مدار القمر، وذلك وفقا لمبادرة تم الإعلان عنها في يونيو الماضي. ومن المقرر إطلاق الوحدة التي تعد ضرورية لأمان الرواد وعمليات المهمة بحلول عام 2030.
يعد العمل المناخي، أحد أهم أوجه التعاون المثمر بين البلدين، ويبرز ذلك من خلال الشراكة من أجل تسريع الطاقة النظيفة PACE، التي تهدف إلى تعبئة 100 مليار دولار لإنتاج 100 غيغاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2035.
وتشارك الإمارات في قيادة مبادرة AIM for Climate مع الولايات المتحدة الأميركية التي تشمل أكثر من 50 دولة و500 شريك، لتعزيز الزراعة المستدامة. إضافة إلى ذلك، استثمرت شركة مصدر في 11 مشروعا للطاقة النظيفة في الولايات المتحدة الأميركية، بما في ذلك مشروع الطاقة الشمسية والبطاريات Big Beau بالقرب من لوس أنجلوس.