لماذا تزايد تنبؤ نخب في إسرائيل بزوالها؟ محللان يجيبان
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
اتفق محللان سياسيان على أن تزايد حديث نخب سياسية وفكرية في إسرائيل عن تعرض بلادهم لهزيمة نكراء بعد طوفان الأقصى وتخوف عدد منهم من أن يكون مآل ذلك زوال دولتهم، يأتي في إطار تكشف نقاط ضعف قاتلة دفعتهم إلى تلك التنبؤات، مما يشير إلى انهيار وجودي محتمل.
وكان آخر تلك التصريحات حديث زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان عن أن الوضع الراهن في إسرائيل يثير قلقه الشديد نظرا لحالة الانهيار التي تمر بها الدولة في مختلف الأصعدة، مع تنبؤه بزوال إسرائيل في أفق 2026 إذا استمر الخلاف القائم حاليا بين الائتلاف الحاكم والكنيست.
وفي هذا الإطار، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية الدكتور حسن أيوب، أن الخلافات العميقة في إسرائيل تعود لطبيعة بناء المجتمع السياسي القائم على عسكرة المجتمع، حيث كان الجيش يلعب دورا تاريخيا رئيسيا في لملمة الخلافات الداخلية، لكن عملية "طوفان الأقصى" كشفت نقاط ضعف بنيوية في المؤسسة العسكرية.
ويشير أيوب -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- إلى أن المؤسسة العسكرية لم تعد تشعر بالارتياح للقرارات السياسية التي يتخذها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذ يبدو أن هذه القرارات لا تأخذ بعين الاعتبار مواطن الخلل في الجيش، خاصة في ظل تحول الجيش إلى نموذج الجيوش الصغيرة والذكية التي تعتمد على التكنولوجيا والحروب الخاطفة.
تدهور الوضع البنيويويؤكد أيوب أن المواجهة الطويلة الأخيرة أظهرت تدهور الوضع البنيوي والمعنوي للجيش الإسرائيلي، وهو ما كشفه اعتراف الجيش خلال مداولات أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية، بخسائر فادحة في دباباته ومدرعاته، مما يوضح إصراره على وقف إطلاق النار والتوصل لصفقة بسبب حساباته العسكرية.
ويشير أيوب إلى أن الجيش كان دائما قوة متحالفة مع قوى المجتمع المدني ورأس المال وعالم الأعمال في إسرائيل، في مواجهة القوى الدينية والقومية التي يمثلها نتنياهو وائتلافه الحاكم، وكان لهذا التحالف دور في الاحتجاجات التي اجتاحت إسرائيل قبل عملية "طوفان الأقصى" والسابع من أكتوبر/تشرين الأول.
يعتقد أيوب أن الجيش الإسرائيلي يواجه تحديا غير مسبوق في تاريخه، حيث لم يسبق له أن تعرض لمثل هذا التحدي العسكري والإستراتيجي الداخلي مع الفلسطينيين، وقد أدى هذا التحدي إلى تحالف قوى المقاومة الخارجية ضد إسرائيل، مما يجعل الضغط عليها من الأطراف الأخرى أكثر صعوبة.
ويستنتج أيوب أن الوضع الحالي في إسرائيل يكشف عن أزمة إستراتيجية عميقة، في ظل استمرار نتنياهو وحكومته بدفع إسرائيل نحو الفاشية، مما قد يمثل بداية نهاية دولة إسرائيل كما كانت تُعرف سابقا.
أزمة أعمقمن جانبه، يرى مدير مكتب القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي، أن المسألة أعمق مما قاله ليبرمان، مرجعا ذلك إلى أن إسرائيل تمر بأزمة كبيرة على المستوى السياسي والمجتمعي والبنيوي، وتعاني من استقطاب حاد بين الدينيين والعلمانيين، وبروز الهويات الثانوية داخل المجتمع.
ويشير الرنتاوي إلى أن تكوين المجتمع الإسرائيلي يميل لصالح الحريديم والسفارديم على حساب النخب الأوروبية العلمانية المؤسسة للدولة، وأن تزايد دور الدين في السياسة ومؤسسات صنع القرار أدى إلى انقسام حاد، مما يجعل الحكومة الحالية ليست الوحيدة المسؤولة عن حالة الخراب.
ويعتقد الرنتاوي أن الحرب في غزة كشفت عن تآكل قدرات الردع للجيش الإسرائيلي، حيث أظهرت التسريبات والتصريحات الرسمية ضعف الجيش وإعياءه في قطاع غزة، كما أن تنامي الفاشية في إسرائيل دليل ضعف وليس قوة، مما يشير إلى انهيار وجودي محتمل.
ويشدد الرنتاوي على أن السابع من أكتوبر فجّر كل العناصر التي قد تهدم الكيان بصورته الردعية وإرثه كربيب للمنظومة الغربية، لافتا إلى الهجرة العكسية لرجال الأعمال والجماعات الغربية، مما يوضح أن إسرائيل لم تعد وطنا آمنا ومزدهرا لليهود.
ويرى مدير مكتب القدس للدراسات السياسية أن كل هذه العناصر تشير إلى ضعف وتآكل الكيان الإسرائيلي، وأن طوفان الأقصى والحرب على غزة فتحت فصلا جديدا على الساحة الدولية، وأعادت الروح إلى الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الإطار، يشير كذلك إلى أن تزايد التظاهرات الدولية، مثل تلك التي خرجت اليوم في اليابان، دليل على التغيرات الكبيرة التي تؤكد أن المستقبل لصالح الفلسطينيين، وأن بضاعة نتنياهو لم تعد تجد من يشتريها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات طوفان الأقصى فی إسرائیل إلى أن
إقرأ أيضاً:
لماذا تكرر إسرائيل غاراتها على سوريا؟ وماذا تستهدف؟
القدس المحتلة- كثف سلاح الجو الإسرائيلي الغارات والهجمات على منطقة درعا جنوب سوريا، وصرح المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه تم استهداف مواقع عسكرية تحتوي على أسلحة ومعدات عسكرية للنظام السوري السابق، والتي تحاول تنظيمات مسلحة موالية للنظام الجديد استخدامها حاليا.
واستهدفت الهجمات مواقع عسكرية في ريف درعا، ومخازن أسلحة وذخيرة، والفوج 175 والمساكن العسكرية واللواء 12، في مدينة إزرع، بالإضافة إلى اللواء 15 في مدينة إنخل بريف درعا الشمالي، وطالت الغارات مواقع عسكرية موالية للنظام السوري الجديد.
كما أن الهجمات استهدفت اللواء 132 لجيش نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وموقعا عسكريا سيطرت عليه المليشيات الإيرانية في المنطقة، كما شملت الغارات مواقع في الكسوة بريف العاصمة دمشق، ومواقع عسكرية في تل المانع بمحيط مدينة الكسوة في ريف دمشق.
ولتبرير الهجمات الجوية على سوريا، أكدت هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي في بيان أن "وجود هذه الأسلحة في جنوب سوريا يشكل تهديدا لدولة إسرائيل، وعليه لن تسمح المؤسسة العسكرية بوجود تهديد عسكري بالقرب من المنطقة العازلة وعلى طول خط وقف إطلاق النار، وستعمل ضده"، وفق ما أفادت القناة 13 الإسرائيلية.
إعلان دوافعيوضح الجيش الإسرائيلي أن أحد الأسباب الرئيسية للتوغل جنوب سوريا في ديسمبر/كانون الأول، كان جمع أسلحة نظام الأسد، وذلك رغم أن هذه المعدات العسكرية لم تكن موجهة ضد إسرائيل، التي تخشى بدورها وقوع هذه المعدات والأسلحة في أيدي تنظيمات موالية للنظام السوري الجديد، الذي يشكل تهديدا على أمن إسرائيل.
وفي سياق تكثيف الهجمات على سوريا، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه قسم جنوب سوريا إلى 3 مناطق:
المنطقة العازلة: بعرض يتراوح بين كيلومتر واحد و5 كيلومترات، وتضم نقاط مراقبة إستراتيجية. المنطقة الأمنية: تمتد حتى 15 كيلومترا من الحدود. منطقة النفوذ: تمتد لمسافة 65 كيلومترا أخرى من الحدود، وتصل حتى الطريق المؤدي إلى دمشق.وفي قراءة للهجمات والغارات المكثفة، التي يشنها سلاح الجو الإسرائيلي على سوريا، أجمعت تقديرات المحللين أن "الجيش الإسرائيلي يستعد للبقاء في سوريا لفترة غير محددة من الزمن، من أجل الحفاظ على المنطقة الأمنية وجبل الشيخ، وضمان أن تكون المنطقة الأمنية بأكملها في جنوب سوريا منزوعة السلاح وخالية من الأسلحة والتهديدات".
تقول مراسلة القناة 12 الإسرائيلية للشؤون العربية سابير ليبكين إن هذه الهجمات "تندرج في إطار السياسة الإسرائيلية الرامية إلى منع النظام السوري الجديد، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، من التسلح بأسلحة النظام السابق".
وأشارت المراسلة إلى أن الجيش الإسرائيلي يسعى لفرض أمر واقع على طول منطقة خط وقف إطلاق النار وفي جنوب سوريا، من خلال تقسيم المنطقة إلى مناطق، بهدف منع النظام الجديد من ترسيخ وجوده، وتمكين السيطرة الإسرائيلية على مختلف المستويات، من الحدود إلى دمشق.
وأوضحت ليبكين أن الجيش الإسرائيلي نفذ مؤخرا موجة غير عادية من الهجمات في سوريا في 4 محافظات مختلفة، تنشط بها جماعات مسلحة تشكل تهديدا لإسرائيل، وكذلك شن هجمات وغارات مكثفة على طوال الحدود بين سوريا ولبنان، وذلك لمنع تهريب ونقل الأسلحة إلى حزب الله.
إعلانوعن طبيعة الأهداف التي يهاجمها الطيران الحربي الإسرائيلي، قالت ليبكين إن "إسرائيل هاجمت عشرات الأهداف في جنوب سوريا، من بينها مدافع في منطقة خان أرنبة، ورادارات ومعدات كشف تستخدم لبناء صورة استخباراتية جوية، ومقرات ومواقع عسكرية تحتوي على أسلحة ومعدات عسكرية للنظام السوري السابق في ريف دمشق".
الوجود العسكري الإسرائيلييقول المراسل العسكري للموقع الإلكتروني "وي نت" إليشع بن كيمون إن سلسلة الهجمات الإسرائيلية الأكثر أهمية وواسعة النطاق في سوريا مستمرة منذ أكثر من شهرين، حيث تم مؤخرا استهداف رادارات ومعدات رصد وكشف في جنوب سوريا، إلى جانب مقرات ومواقع عسكرية للنظام السوري الجديد، وذلك تحت ذريعة "إزالة التهديدات المستقبلية"، في إشارة إلى أن إسرائيل ترى في نظام الشرع تهديدا.
وأوضح المراسل العسكري أنه في الأسبوع الأخير تركزت الغارات الإسرائيلية بشكل رئيسي على أهداف ضد نظام الشرع، وذلك خلافا لما كان سابقا حين كانت تتركز الهجمات على مقرات ومواقع نظام الأسد.
وعن الأسباب وراء هذه الغارات وطبيعة الأهداف التي يتم مهاجمتها، قال بن كيمون إن "الجيش الإسرائيلي لن يسمح بوجود هذه الأصول العسكرية في جنوب سوريا التي تشكل تهديدا على إسرائيل، وقد تم مهاجمة هذه الأهداف بهدف إزالة التهديدات المستقبلية، وكذلك إحباط أي تهديدات ممكن أن تعترض التوغل والوجود الإسرائيلي بالمنطقة".
يعتقد محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي أنه "بعد سقوط نظام الأسد وهشاشة النظام الجديد المدعوم من تنظيمات مسلحة، تعزز تصور إسرائيل بأن نظام الشرع والتنظيمات الموالية له تمثل تهديدات ناشئة، الأمر الذي يتطلب من إسرائيل الاستعداد المسبق لإحباطها".
وقال بن يشاي إن "هذا ليس مجرد تهديد من جانب التنظيمات المسلحة الذين استولوا على السلطة مع الجولاني، ويحاولون تقديم صورة معتدلة ومستقرة، بل أيضا تصور مفاده أن سوريا قد تصبح مركزا للاستقرار السياسي الهش، الذي يشمل قواعد عسكرية من الإمبراطورية العثمانية، التي يحاول رجب طيب أردوغان إعادة تأسيسها".
إعلانومن بين التهديدات التي تتطور بسرعة في سوريا والتي تثير قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشكل خاص، حسب ما يضيف بن يشاي، "فهي تلك التي تشكلها حماس والجهاد الإسلامي، اللتان قد ترغبان في العمل من سوريا ضد المستوطنات الحدودية الإسرائيلية في مرتفعات الجولان ومنطقة الجليل، وهناك مخاوف أخرى تتعلق بقيام تركيا بتسليح وتدريب الجيش السوري الجديد الذي يشكله الشرع".
وخلص للقول "في ضوء التهديدات العديدة، تحاول إسرائيل محاولة تشكيل واقع جديد في المنطقة القريبة من جنوب دمشق، فإسرائيل لن تكون مستعدة لتواجه مسلحي النظام الجديد في دمشق جنوبا، ولا لوُجود المسلحين السنة في مرتفعات الجولان السورية، هناك العديد من المواقع المتقدمة في هذه المنطقة التي هجرها الجيش السوري السابق، لكنها مليئة بالأسلحة، وقد تستعملها عناصر معادية لإسرائيل".