حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الثالثة والرابعة.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن قراءةَ السورة بعد الفاتحة في غير الركعتين الْأُولَيَيْنِ؛ كالركعة الثالثة في المغرب، والثالثة والرابعة من الصلوات الرباعية غير مطلوبة، وذلك بالنسبة للإمام أو المنفرد، وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، ولو قرأ فلا كراهة، ومع قول المالكية بالكراهة إلا أن ذلك لا يعني بطلان صلاة من قرأ، بل صلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها.
وأضافت دار الإفتاء أن اتفق الفقهاء على أنَّه يُستحبُّ قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة في الصلاة في الركعتين الأُوليَيْنِ؛ وذلك لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: «فِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ، فَمَا أَسْمَعَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَسْمَعْنَاكُمْ، وَمَا أَخْفَى مِنَّا أَخْفَيْنَاهُ مِنْكُمْ، وَمَنْ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ، وَمَنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ» أخرجه الشيخان في "صحيحيهما".
وتابعت الإفتاء: قال الإمام النَّوويُّ في "شرحه على صحيح مسلم" (4/ 105، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه دليلٌ لوجوب الفاتحة، وأنَّه لا يُجزِي غيرها، وفيه استحبابُ السورة بعدها، وهذا مُجمَعٌ عليه في الصبح والجمعة والأُوليَيْنِ مِن كلِّ الصلوات، وهو سُنَّةٌ عند جميع العلماء] اهـ.
وأردفت الإفتاء: كما نقل الإمام ابن قُدَامة الإجماع على ذلك؛ فقال في "المغني" (1/ 354، ط. مكتبة القاهرة): [لا نعلم بين أهل العلم خِلافًا في أنَّه يُسنُّ قراءةُ سورة مع الفاتحة في الركعتين الْأُولَيَيْنِ من كلِّ صلاة] اهـ.
وأوضحت الإفتاء: ثم اختلفوا بعد ذلك في حكم قراءة السورة بعد الفاتحة في الركعتين الثالثة والرابعة، فذهب الجمهور من الحنفية والشافعية في القديم -وهو المعتمد عندهم- والحنابلة إلى أن قراءةَ السورة بعد الفاتحة في الركعتين الْأُخْرَيَيْنِ غيرُ مطلوبة شرعًا، فإن قرأ فيهما جاز بلا كراهة، وذلك مستفادٌ من عباراتهم على اختلافها.
واستدلوا على ذلك بما جاء عن سيدنا أبي قتادة رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما".
وتابعت الإفتاء: قال الإمام البدر العَيْنِي الحنفي في "البناية" (2/ 272، ط. دار الكتب العلمية): [(قال) ش: أي القدوري م: (ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب وحدها) ش: ولا يضم السورة معها فيهما... م: (لحديث أبي قتادة...)]ـ.
وأضافت الإفتاء: وقال العلامة الحَصْكَفِي الحنفي في "الدر المختار شرح تنوير الأبصار" (ص: 64، ط. دار الكتب العلمية) عند ذكر واجبات الصلاة: [(وضم) أقصر (سورة) كالكوثر أو ما قام مقامها، وهو ثلاثة آيات قصار... (في الأُوليين من الفرض) وهل يكره في الأُخريين؟ المختار: لا].
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (3/ 386-387، ط. دار الفكر) بعد ذكر القولين في المسألة: [وصحَّحت طائفة عدم الاستحباب، وهو الأصح، وبه أفتى الأكثرون، وجعلوا المسألة من المسائل التي يُفتى فيها على القديم].
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 361، ط. دار الكتب العلمية): [(وتُسنُّ) للإمام والمنفرد (سورةٌ) يقرؤها في الصلاة (بعد الفاتحة) ولو كانت الصلاة سرية (إلا في الثالثة) من المغرب وغيرها (والرابعة) من الرباعية (في الأظهر)].
وقال العلامة البُهُوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 202، ط. عالم الكتب): [(ويُصلِّي الباقي) من صلاته وهو ركعة من مغرب وركعتان من رباعية (كذلك) أي: كالركعة الثانية (إلا أنه يُسِرُّ) القراءة إجماعًا (ولا يزيد على الفاتحة)؛ لحديث أبي قتادة].
وقال العلامة الخَلْوَتِي في "حاشيته على شرح منتهى الإرادات" (1/ 305، ط. دار النوادر): [ (ولا يزيد... إلخ)؛ أيْ: لا يُسَن أن يزيد، لا أنه يكره].
مذهب المالكية والشافعي في المذهب الجديد
وقالت الإفتاء: قال المالكية بكراهة قراءة السورة بعد الفاتحة في ثالثة المغرب وأخيرتي الصلاة الرباعية.
وأضافت: قال الإمام الدردير في "الشرح الصغير" بحاشية الصاوي (1/ 342، ط. دار المعارف): [(و) كُرِهَ (سُورَةٌ) أو آية أي: قراءتُها (فِي أَخِيرَتَيْهِ) أي: في الركعتين الأخِيرَتَيْنِ] اهـ. وينظر معه: "شرح الإمام عبد الباقي الزُّرْقَاني على مختصر خليل" بحاشية البُنَاني (1/ 359، ط. دار الكتب العلمية).
وذهب الإمامُ الشافعيُّ في القول الجديد إلى استحباب قراءة السورة بعد الفاتحة في غير الأُوليَيْن. واستدل على ذلك بما جاء عن سيدنا أبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً -أَوْ قَالَ نِصْفَ ذَلِكَ-، وَفِي الْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ قِرَاءَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ نِصْفِ ذَلِكَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
فقد أفاد ذلك وقوع القراءة في الركعتين الأخيرتين في الظهر والعصر، وأنها على النصف في القدر من القراءة في الأُوليين منهما، مما يدل على استحبابها فيهما.
وقد ذكر تحقيقَ القولين في مذهب الشافعية إمامُ الحرمين الجُوَيْنِي في "نهاية المطلب" (2/ 153-154، ط. دار المنهاج) حيث قال: [ثم قراءة السورة بعد الفاتحة مسنونة في حق المنفرد والإمام في الركعتين الأُولَيَيْن، وفي ركعتي الصبح، وهل تستحب قراءة السورة في الثالثة من المغرب، والركعتين الأخريين من الصلوات الرباعية؟ فعَلى قولين منصوصين: أحدهما -وإليه ميل النصوص الجديدة- أنها مستحبة في كل ركعة على إثر الفاتحة...، والقول الثاني -وعليه العمل- أن قراءة السورة لا تستحب بعد الركعتين الأُوليين] اهـ.
هذا، وقد نحا بعض العلماء منحى الجمع والتوفيق بين حَدِيثَيْ أبي قتادة وأبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنهما، بأن حملوا حديث سيدنا أبي قتادة رضي الله عنه على الغالبِ والأكثرِ من فعل الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وحديث سيدنا أبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه على أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يزيدُ على الفاتحة في الركعتين الْأُخْرَيَيْنِ أحيانًا.
قال الإمام ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (1/ 266، ط. دار عالم الكتب) مُعَلِّقًا على حديث أبي قتادة رضي الله عنه: [وقد يُسْتَدَلُّ بهذا الحديث على اختصاص القراءة بِالْأُولَيَيْنِ فإنه ظاهر الحديث، حيث فَرَّقَ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَالْأُخْرَيَيْنِ فيما ذكره من قراءة السورة وعدم قراءتها، وقد يَحْتَمِلُ غير ذلك، لاحتمال اللفظ لأن يكون أراد تخصيص الْأُولَيَيْنِ بالقراءة الموصوفة بهذه الصفة، أعني التطويل في الأُولى والتقصير في الثانية] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دار الإفتاء دار الافتاء المصرية الفقهاء القرآن الفاتحة قراءة السورة بعد الفاتحة سورة بعد الفاتحة فی الرکعتین دار الکتب العلمیة الثالثة والرابعة وقال العلامة رضی الله عنه ال أ خ ر ی ی ن دار الإفتاء ال أ ول ی ی ن قال الإمام سیدنا أبی ف ی الر الأ ول فی الأ ى الله
إقرأ أيضاً:
الإفتاء توضح أفضل أوقات قراءة لقرآن الكريم
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن أفضل وقت لقراءة القرآن الكريم كما يقول بعض العلماء بعد صلاة الفجر وحتى موعد شروق الشمس، من يفعل ذلك له أجر عظيم عند الله- عز وجل، إذ ورد في قوله تعالى : ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) الآية 78 من سورة الإسراء .
وقالت الإفتاء إن المراد من قوله تعالى : ( وقرآن الفجر ) أي صلاة الفجر، وقد اثبتت السنة النبوية المطهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواترا من أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الأوقات، على ما عليه عمل أهل الإسلام اليوم ، مما تلقوه خلفا عن سلف.
وجاء في تفسير قوله عز وجل : ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال الأعمش ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود - وعن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية : ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال : " تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار " .
وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة - وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة ، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر " . ويقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أسباط ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - وحدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال : " تشهده ملائكة الليل، وملائكة النهار ".
حكم قراءة سورة السجدة في الفجر
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن قراءة سورة السجدة في صلاة فجر يوم الجمعة سنةٌ حافظ على أدائها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وسار عليها الصحابة والسلف من بعده صلى الله عليه وآله وسلم.
حكم قراءة سورة السجدة في صلاة الفجر
وقالت الإفتاء إن قراءة سورة السجدة في صلاة الفجر يوم الجمعة من السنن التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد ذلك في "الصحيحين"، بل جاء في رواية الطبراني أنه صلى الله عليه وآله وسلم "كان يُديم ذلك"، وهذا يدفع اعتراض مَن ينكر المداومة على ذلك، أو من يدَّعي أن من السنة ترك السنة؛ فإن هذا كلام غير صحيح على عمومه، ولو فُهِم على ظاهره لكان تناقضًا؛ إذ حقيقة المستحب والمندوب والسنة هو ما أُمِر بفعله أمرًا غير جازم؛ فهو مأمور به وليس بمستحبٍّ تركُه أصلًا، بل المستحبُّ تركُه إنما هو المكروه الذي نُهِيَ عن فعله نهيًا غير جازم، فصار تركُه لذلك مستحبًّا.