صحيفة تركية: العنصرية في تركيا لا تقل خطورة عن محاولة الانقلاب
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
تقول صحيفة "فوكس بلس" التركية إن العنصرية في تركيا من أخطر الملفات التي تواجه الحكومة حاليا، ولا تقل خطرا عن محاولة انقلاب 15 يوليو/تموز 2016 في تشابه الغايات بزعزعة الاستقرار الداخلي للبلاد.
وفي هذا السياق، نشرت الصحيفة مقالا للكاتبة برن بيرسايغيلي موت، تحدثت فيه عن تجربة جيرانها السوريين، خاصة امرأة تُدعى مفيدة وابنها إبراهيم، اللذين خرجا خلال محاولة الانقلاب الفاشلة من منزلهما وشاركا في المسيرات لدعم الحكومة التركية.
وقالت الكاتبة إن إبراهيم (16عاما) كان يعاني من صعوبات في التعلّم، ويسير في الشوارع حاملا العلم التركي ويصرخ "تركيا".
وتشرح مفيدة والدة الطفل كيف كان قلب ابنها يخفق بشدة تلك الليلة، وكيف شعرا بالخطر المحدق وأرادا أن يفعلا شيئا لمقاومته، فكانا يصرخان باسم تركيا، فلا شك أن الهزيمة كانت ستعني مستقبلا مظلما للجميع في تلك الليلة، بما في ذلك إبراهيم.
دعاء المظلومينوتشير الكاتبة إلى أن أحد أهم أسباب النصر في ليلة 15 يوليو/تموز كان دعاء المظلومين، فقد اتصل بها صديق فلسطيني بعد الأحداث، وهو يبكي، ليخبرها بأن دعاء المظلومين هو الذي أنقذهم، فقد كان الأطفال وكبار السن، وحتى في مناسبات الإفطار الجماعية، يدعون لتركيا، وإن هذه الأدعية كانت السبب في إنقاذ تركيا من حافة الهاوية، فدعاء المسلمين في أماكن مثل فلسطين وسوريا والصومال وإثيوبيا والسودان، هو ما ساعدهم على استعادة وطنهم من أيدي الانقلابيين.
وسلطت برن بيرسايغيلي موت الضوء على محاولات تسييس القومية التركية، قائلة إن هذا يشبه استخدام الدين الإسلامي من قبل جماعة فتح الله غولن للتلاعب بالجماهير، حيث إن هناك جهودا لتكرار أجواء التوتر والخوف، مما يدفع المجتمع نحو حافة هاوية جديدة، مثل ما حدث في 15 يوليو/تموز.
وتنتقد الكاتبة بعض الشخصيات والتيارات السياسية التي تروج للكراهية ضد الأجانب تحت قناع القومية، وينشرون أخبارا كاذبة عن المهاجرين، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقول إنه من المؤسف أن التصريحات الرسمية التي تثبت كذب هذه الأخبار لا تلقى الاهتمام الكافي، ومما لا شك فيه أن هذه الكراهية ضد الأجانب، خاصة ضد السوريين، تُدار من قِبل جهات خفية تهدف إلى خلق الفوضى والانقسامات في المجتمع.
مكانة متميزةوتشير الكاتبة التركية إلى الجهود الإنسانية والدبلوماسية التي تقوم بها تركيا من خلال مؤسساتها كمؤسستي "تيكا" و"المعارف"، و"معهد يونس إيمره"، موضحة أنها منحت تركيا مكانة متميزة في عيون دول العالم، حيث أبرزت أن لتركيا قلبا وروحا، وأنها نموذج لاحترام الإنسانية مقارنة بسياسات الاستعمار التي تتبعها الدول الغربية التي لا تقدّر الإنسان.
وتحذر برن بيرسايغيلي موت من أن التهديدات التي نراها اليوم ليست مجرد تهديد للمظلومين الذين لجؤوا إلى تركيا، بل تهدد سمعة تركيا الدولية أيضا، مشددة على ضرورة تدخل الحكومة فورا لمواجهة هذا النمط السائد من الانقسام الاجتماعي والاقتصادي والمخاوف الموجهة ضد اللاجئين، حيث إن عدم القيام بذلك قد يؤدي إلى تدمير كامل لصورة تركيا وسمعتها أمام العالم.
وفي الختام، أكدت الكاتبة أن مفهوم العداء للعرب تأسس في جوهره على العداء للإسلام، وأن هناك جهودا لجعل الجماهير في العالم الإسلامي تتصارع فيما بينها بهدف استعمارها واحدة تلو الأخرى من قبل الغرب، وشددت على أن كل شكل من أشكال القومية، عندما تسيطر عليه الدعايات السياسية الخبيثة أو الطابور الخامس في بلده، يتحول إلى حالة مرضية تعم فيه الكراهية للآخر، ويصبح بمثابة تهديد لجميع أفراد المجتمع، وتهديدا كبيرا لا يقل خطرا عن تهديد 15 يوليو/تموز، مشيرة إلى أن التاريخ القريب يثبت أن الحركات القومية هي التي مهدت لسقوط الإمبراطورية العثمانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات یولیو تموز
إقرأ أيضاً:
ترامبونوميكس .. القومية الاقتصادية في مواجهة العولمة يعطي قُبلة الحياة لـ أمريكا
نظم جناح المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية المشارك في فعاليات النسخة السادسة والخمسين من معرض القاهرة الدولي للكتاب، حفل توقيع لكتاب "عصر ترامب.. القومية الاقتصادية في مواجهة العولمة"، وذلك بحضور المدير العام للمركز الدكتور خالد عكاشة، عدد من الباحثين المختصين.
ويُقدّم الكتاب نظرة شاملة على "الترامبية الاقتصادية" أو ما يُعرف بـ"ترامبونوميكس"، التي تمثل النهج القومي والانعزالي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب القائم على إعطاء قُبلة الحياة لشعار "أمريكا أولًا" من خلال إعلاء المصالح الأمريكية على مبادئ التعاون الاقتصادي العالمي، وتقليص الاعتماد على التجارة الدولية لصالح تعزيز الاقتصاد الأمريكي، ودعم الصناعة وسوق العمل المحلي.
ويشير الكتاب إلى أن ظهور الفكر الترامبي تزامن من جديد مع التحولات والتطورات العميقة التي شهدتها بنية النظام الدولي على مدار العقد الماضي، والتي كانت جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية أبرز ملامحها، فلم تقتصر تداعيات تلك التحولات على اضطرابات سلاسل الإمداد والتوريد، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتشديد السياسة النقدية فحسب؛ بل امتدت لتضرب الجذور الثابتة منذ عقود للنظام الاقتصادي العالمي، وتكشف حالة الهشاشة التي تعتري مقوماته؛ إذ حفزت تلك الأزمات مختلف الدول وصناع القرار حول العالم على الارتداد عن طريق العولمة، والاتجاه نحو القومية والانكفاء على الذات.
ويبرز الكتاب أن انعكاسات "الترامبية الاقتصادية" لا تقف عند بوابة الاقتصاد الأمريكي نظرًا لكونه الاقتصاد الأكبر في العالم، ولكونه متشابكًا بخيوط متداخلة مع باقي اقتصادات العالم، وعليه، فإن الفكر الترامبي من شأنه أن يُعيد تشكيل الأسواق العالمية، ويرسم من جديد خريطة الطاقة والتجارة العالمية في ظل السياسات الحمائية والعقوبات الاقتصادية المُقرر اتباعها ضد الدول الأخرى والتي نادرًا ما تُحقق الهدف المرجو منها، والاستجابات المُحتملة من الشركاء التجاريين على التعريفات الجمركية، وفي ظل الرجوع إلى الوراء فيما يتعلق بدعم صناعات النفط والفحم والغاز الطبيعي، وتثبيط عملية تحول الطاقة والتخاذل عن سياسات العمل المناخي بما يفاقم من التحديات الاقتصادية العالمية التي تتزايد يومًا تلو الآخر.
وقال الباحث الدكتور أحمد بيومي، في تصريح على هامش حفل التوقيع، إن العالم شهد خلال العقد الماضي، سلسلة من التحديات الاقتصادية والأحداث العالمية التي شكلت مسار تطور الاقتصادات والنظم الاجتماعية في مختلف البلدان، حيث بدأت الأزمة الاقتصادية الكبرى في العديد من الدول الناشئة، وتأثرت أسواق العمل العالمية بالتغيرات التكنولوجية السريعة وأزمة فيروس كورونا في 2020 التي تسببت في ركود عالمي غير مسبوق.
وأضاف البحث الذي شارك في الكتاب: "كما عانت العديد من البلدان من تضخم الأسعار، والبطالة المرتفعة، وتأثيرات سياسية غير مستقرة، علاوة على ذلك، كانت الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، وروسيا واوكرانيا إضافة إلى الحروب الإقليمية والتغيرات المناخية، من العوامل التي أثرت على الاقتصاد العالمي".