أول كلمة ترددت في الولايات المتحدة الأمريكية بعد حادث محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق ترامب كانت «الاتحاد»، وهي الكلمة التي تحدث عنها ترامب نفسه بعد لحظات قليلة من نجاته حيث قال مخاطبا الأمريكيين: «من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نقف متحدين».
وحديث الاتحاد في اللحظات الصعبة ليس استثناء أمريكيا، بل هو حديث مفتاحي ومبدئي في كل اللحظات الحاسمة والمصيرية التي تمر على الأمم والشعوب التي تريد الحفاظ على استقرارها ووحدتها الوطنية وتعزيز الثقة بين المواطنين وحفظ البلاد/ الأمة من الانقسامات الداخلية وتحفز العمل الجماعي.
تدرك حماس، التي على العرب وجميع الفلسطينيين أن ينظروا لها باعتبارها حركة مقاومة وطنية أو حركة تحرر وطني، أن أصوات العرب تجاهها وتجاه مقاومتها ونضالها متفرقة ومتباينة، بل إن مواقفهم من القضية الفلسطينية تغيرت كثيرا وتحول بعضها إلى النقيض، فباتت تتخندق في السر، على أقل تقدير العار، إلى جوار العدو الصهيوني وتقدم دعمها الواضح والصريح له.
هذا التشرذم وغياب الصوت العربي الواحد جعل بعض دول العالم تبني مواقفها من الحرب في غزة بناء على بعض المواقف العربية كما حدث في دول آسيوية لها ثقلها الاقتصادي إن لم يكن السياسي، الأمر الذي أفقد القضية الفلسطينية بعض داعميها التقليديين وخسرت أصواتا كان يمكن كسبها من وضوح عدالة القضية وإنسانيتها.
هذا خذلان كبير تشعر به كل فصائل المقاومة بعد أكثر من عشرة أشهر من الصمود في وجه الطغيان وفي وجه الإبادة الجماعية الممنهجة المدعومة من الآلة الغربية المتوحشة، هذا الخذلان هو الذي دفع حماس إلى التخلي عن بعض شروطها العادلة للدخول في أي مفاوضات مع العدو، وتجاوبت بروح بناءة ومسؤولة مع مبادرة وقف إطلاق النار التي طرحتها الولايات المتحدة رغم أن حركات المقاومة في العالم وعبر التاريخ لا تعترف بوقف إطلاق النار حتى تنجح في تحقيق النصر ودحر العدو وتحريك الوطن.
رغم ذلك فإن حماس وبقية حركات المقاومة ولأسباب إنسانية وافقت وتجاوبت مع المقترح الأمريكي الذي دعمته دول عربية وعالمية ودفعت نحوه كما فعلت سلطنة عمان، وهي تعرف أنه لا يخدم نضالها الوطني في هذا الوقت العصيب ولكن الأسباب الإنسانية تستدعي مثل هذا القرار الصعب في بعض الأوقات. أما دولة الاحتلال الإسرائيلي التي يفترض أنها أكثر تقبلا للمقترح الأمريكي، وبوصفها «دولة» لا حركة تحرر وطني أو حركة مقاومة، ما زالت تقف في وجه المبادرة وتعطلها كلما اقتربت من لحظتها «التاريخية» ولا هدف لها إلا مصالح سياسية فردية آنية، إضافة إلى أحقاد تاريخية مبنية على أوهام وأساطير وثقافة إجرامية وتوحش.
إن أمة مثل الأمة العربية لا يمكن أن تكون في لحظة من اللحظات في خارج التاريخ وإنْ بدت لوهلة أنها على هامشه، مطالبة في هذه اللحظة الحاسمة والمفصلية من لحظات تاريخها، أن تبلور موقفا واحدا موحدا تجاه القضية الفلسطينية، وفي الحقيقة تجاه مستقبلها ومستقبل أبنائها؛ لأن الأمة العربية والمنطقة برمتها لن تكون بخير أبدا (وهل هي بخير الآن؟!) إذا ما نجحت إسرائيل ومن ورائها الغرب في تحقيق أهدافها/هم في غزة، ولو نجحت فإن على الأمة أن تقرأ على نفسها ومستقبلها «الفاتحة» وتنظر لنفسها وهي تتدحرج بعيدا حتى عن هامش الهامش.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة الأمة العربیة
إقرأ أيضاً:
الأمين العام للأمم المتحدة: جهود مصر لدعم القضية الفلسطينية محورية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن امتنانه، بالدور المصري في تعزيز حقوق الشعب الفلسطيني، وتوفير الدعم اللازم من أجل الوصول إلى حل عادل وشامل، كما نوه بتعاون مصر المستمر مع الأمم المتحدة والجهات الدولية الأخرى في مساعيها لحماية المدنيين، والحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، وفقًا لما ذكرته فضائية القاهرة الإخبارية، في نبأ عاجل.
وأضاف جوتيريش، خلال لقائه مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، إن الجهود المصرية المبذولة لدعم القضية الفلسطينية محورية، مؤكدًا الدور المحوري الذي تلعبه مصر في تحقيق الاستقرار في المنطقة.