عربي21:
2024-08-24@08:49:17 GMT

الربيع الذي انتهى والربيع الذي سيأتي

تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT

إحدى أهم الزوايا التي تُتابع من خلالها العديد من الأطراف مجريات الحرب على غزة ونتائجها هي ارتداداتها على المحيط والمنطقة، وتحديدا على الوضع الداخلي لبعض الدول.

ذلك أن مركزية القضية الفلسطينية وتاريخيتها من جهة، واستثنائية المعركة واختلافها عن كل ما سبقها من جهة ثانية، وارتباط قضايا المنطقة وتطوراتها ببعضها البعض من جهة ثالثة، يجعل من المرجّح أن يكون لهذه الحرب تبعاتها وانعكاساتها الخارجية، إن على مستوى المنطقة أو العالم.



ومما يعزز هذا الاعتقاد لدى الكثيرين أن له نموذجا سابقا، هو الثورات التي سميت بالربيع العربي نهاية 2010 وبداية 2011. فقد قامت الثورات في عدد من الدول العربية لأسباب داخلية في معظمها مثل الفساد والأزمات الاقتصادية والمعيشية، ولكن أيضا لأسباب تتعلق بالسياسة الخارجية مثل التبعية وضعف الدور والموقف من القضية الفلسطينية.

مركزية القضية الفلسطينية وتاريخيتها من جهة، واستثنائية المعركة واختلافها عن كل ما سبقها من جهة ثانية، وارتباط قضايا المنطقة وتطوراتها ببعضها البعض من جهة ثالثة، يجعل من المرجّح أن يكون لهذه الحرب تبعاتها وانعكاساتها الخارجية، إن على مستوى المنطقة أو العالم
وقد كان العدوان "الإسرائيلي" على غزة في 2008-2009 حاضرا في أذهان الشباب الذين ملأوا الميادين في تلك الاحتجاجات، من جهة بسبب دروس الحرب من صمود الفلسطينيين وأداء مقاومتهم رغم الحصار وقلة الإمكانات، ومن جهة أخرى بسبب ضعف الموقف الرسمي العربي المتراوح بين العجز والفشل. وهكذا سمعنا من شباب ميدان التحرير وأشقائه أن الاحتجاجات كانت تستلهم من غزة فكرة الإمكان رغم ضعف الإمكانات، وتحتج على أنظمتها التي خذلت غزة.

طويت صفحة "الربيع العربي" في موجة 2011 منذ سنوات، ولعل المصالحة الخليجية أولا ثم مسار المصالحة بين تركيا وبعض الدول العربية التي ناصبتها العداء لعقد كامل ثانيا؛ بمثابة إعلان غير رسمي بأن كافة دول المنطقة ومن الجانبين قد وضعت ملف الثورات وراء ظهرها بشكل كامل ونهائي، وربما يكون حديث أنقرة عن لقاء محتمل بين أردوغان والأسد آخر فصول هذا الإعلان، لكن هذا لا يعني أن هذا الحدث انتهى بلا رجعة.

في تفسير التاريخ وتوصيفه نظريات عديدة، بعضها ينظر للمسار التاريخي على أنه خط مستقيم لا يعود للخلف، وبعضها الآخر يراه ضمن موجات مد وجزر، وبعضها الآخر ينظّر للمسار "الدوري" أو "الدوراني"، وأخرى تتحدث عن "نهر التاريخ"، لكن معظم هذه القراءات تقر بإمكانية تكرر بعض الأحداث أو تشابهها، لا سيما إذا ما توفرت لها ظروف وسياقات ودوافع متقاربة. ولعل أكثر الظواهر السياسية- الاجتماعية القابلة للتكرر هي الاحتجاجات والثورات، ولذلك لطالما قُيّمت ضمن "موجات" أو مراحل ثورية متتالية.

استمرار المجازر البشعة بحق المدنيين من نساء وأطفال حتى وهم في مخيمات النازحين التي أنشئت في المناطق المعلنة "آمنة" من قبل الاحتلال؛ لم يدفع إلى موقف حقيقي تجاه الاحتلال من النظام الرسمي العربي، لا فعلا ولا تلويحا ولا حتى تلميحا
يتحدث العديد من الباحثين عن أن الأسباب التي دفعت الناس للانفجار في نهاية 2010 في عدد من الدول العربية ما زالت قائمة، ويكاد يكون أي منها لم يُحلَّ أو يُخفف، بل تفاقم بعضها أضعافا مضاعفة، ولا سيما ما يتعلق بمعاناة المواطن اليومية من الأوضاع الاقتصادية الخانقة من جهة والانسداد السياسي والفساد والمظالم من جهة أخرى.

في المقابل، فإن النظر إلى حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على غزة بأهلها ومقاومتها يدفع للقول بأن مشاعر الشارع العربي اليوم بخصوص موقف بعض الأنظمة تجاه الإبادة في غزة؛ تتخطى بمراحل ما شعر به في 2008 وما تلاها من حروب وعدوانات. إن موقف بعض الأنظمة العربية يُتعذر معه التفسير بالعجز (الإخفاق بدون محاولة) والفشل (الإخفاق بعد المحاولة) في دعم الفلسطينيين إلى مستويات التواطؤ (السكوت والرضا)، بل والانخراط المباشر وغير المباشر في المعركة إلى جانب الاحتلال.

ذلك أن استمرار المجازر البشعة بحق المدنيين من نساء وأطفال حتى وهم في مخيمات النازحين التي أنشئت في المناطق المعلنة "آمنة" من قبل الاحتلال؛ لم يدفع إلى موقف حقيقي تجاه الاحتلال من النظام الرسمي العربي، لا فعلا ولا تلويحا ولا حتى تلميحا. أكثر من ذلك، فقد أظهرت بعض الأنظمة رضا ضمنيا واستمرت بعلاقاتها مع الاحتلال، بما في ذلك التعاون وكأن شيئا لم يكن.

رغم الإبادة بل خلالها، لم توقف أي دولة عربية علاقاتها التطبيعية مع الاحتلال، ولا حتى هددت بذلك، ولم تسحب سفيرها ولم تطرد سفير الاحتلال، وبقيت العلاقات التجارية والاقتصادية، وجلس سفير الإمارات على مائدة الرئيس "الإسرائيلي" في بيت الأخير، وشارك صحافي سعودي في مؤتمر هرتسيليا الأمني- العسكري في دولة الاحتلال، ويستمر "الجسر البري" الذي تنقذ من خلاله عدة دول عربية اقتصاد الحرب في دولة الاحتلال وتعوضها ما تخسره من عمليات "أنصار الله" في اليمن، وشاركت بعض الدول العربية في حماية دولة الاحتلال من صواريخ إيران ومسيّراتها، فضلا عن الاجتماع الذي عقد بين قيادات عسكرية عربية رفيعة وقائد أركان جيش الاحتلال في المنامة برعاية أمريكية.

اتخاذ المواقف الصحيحة من الحرب على غزة والوقوف في الجهة الصحيحة من التاريخ كما يقال؛ ليس فقط موقفا أخلاقيا مبدئيا صحيحا، ولا يخدم الأمن القومي العربي من باب أن الكيان الصهيوني عدو للجميع ويستهدف الكل وحسب، وإنما يمكن أن يساهم في نزع فتيل انفجار كبير قادم على المنطقة
يقرأ الشارع العربي هذا الموقف، ولا يصدق -في غالبيته الساحقة- الكلام الدعائي للأنظمة بدعم الفلسطينيين وشجب للعدوان والعمل على وقفه.

ومن جهة أخرى، فإن القوى الحية التي انخرطت في الاحتجاجات الواسعة وسعت للتغيير في بلادها ثم دفعت ثمن فشل الثورات وتحكّم الثورات المضادة؛ بقيت خاملة لسنوات طويلة لأنها افتقدت للشعور بالجدوى بشكل أساسي، بينما يرى شبابها اليوم في غزة -مقاومة وشعبا- نموذجا يُقتدى في العمل والإنجاز رغم ندرة الإمكانات وبالتالي جدوى العمل بل ضرورته.

ولذلك، فليس من باب المبالغة القول إن الحرب الحالية على غزة تعزز فكرة تكرر الانفجار الاجتماعي- السياسي في العالم العربي، ولعلها تقرّب من موعده. فإذا كان ثمة من يخشى من هذه الموجة القادمة فعليه أن يسعى لعلاج أسبابها وتخفيف السياقات التي تدفع باتجاهها.

من هذه الزاوية، فإن اتخاذ المواقف الصحيحة من الحرب على غزة والوقوف في الجهة الصحيحة من التاريخ كما يقال؛ ليس فقط موقفا أخلاقيا مبدئيا صحيحا، ولا يخدم الأمن القومي العربي من باب أن الكيان الصهيوني عدو للجميع ويستهدف الكل وحسب، وإنما يمكن أن يساهم في نزع فتيل انفجار كبير قادم على المنطقة وخصوصا بعض دولها؛ لن يستطيع أحد التنبؤ بتوقيته ولا التحكم بمساره ونتائجه وتداعياته.

هذا، وإلا فعلى الجميع الاستعداد لذلك اليوم الآتي، وكلُّ آتٍ قريب.

x.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية الاحتجاجات العالم العربي احتجاجات فلسطين غزة الثورة العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول العربیة الصحیحة من على غزة من جهة

إقرأ أيضاً:

قبائل المنطقة الوسطى بأبين تصدر بيان هام وتوجه رسائل إلى قيادة التحالف العربي، ورئيس مجلس القيادة الرئاسية، ورئيس المجلس الانتقالي، والمبعوث الدولي لدى اليمن

شمسان بوست / أبين: 

في خطوة تصعيدية، عقدت قبائل محافظة أبين ( المنطقة الوسطى وآل فضل وآل باكازم) اجتماعاً موسعاً وأصدرت من خلاله بياناً حازماً، أكدت فيه على وحدة الصف وتصديها لكل المؤامرات التي تستهدف المحافظة وكذلك تم التداعي حول الخطوات التصعيدية القادمة بخصوص المخفي قسرا علي عشال الجعدني وجميع المخفيين، وضم اللقاء كبار قبائل وشخصيات المنطقة من مشائخ وشخصيات اجتماعية :

وجاء البيان كالتالي :

بسم الله الرحمن الرحيم

اللقاء القبلي الموسع لقبائل محافظة أبين ( المنطقة الوسطى وآل فضل وآل باكازم )
الحمدلله والصلاه والسلام على رسول الله ، قال تعالى (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ))
أمام ماتمر به المحافظة من مؤامرات ودسائس وتهم سياسية تحت مسمى الإرهاب والتخابر مع الحوثي الغرض منها شيطنة المحافظة وعسكرتها بعناصر من خارج المحافظة..
تداعت قبائل ابين لتقول كلمتها لمن يريد النيل من هذه المحافظة الباسلة المعطاءة الثائرة في كل مراحل الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني والحوثي المجوسي وتتعهد أمام الله في ما بينها على النحو التالي /

1- توحيد الكلمة والصف ونبذ خلافات الماضي بكل أشكاله سواء كان الخلاف سياسي أو قبلي .

2- الوقوف بحزم أمام كافة المؤمرات التي تحاك ضد المحافظة تحت مسمى الإرهاب أو التخابر مع الحوثي لانها هي من دفعت الثمن في مواجهة تلك الآفات حين قال البعض بأن الحرب لاتعنيه .

3- تدين وتستنكر قبائل أبين كل الأعمال الإرهابية التي يروح ضحيتها الجنود الأبرياء والتي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار والتنمية بالمحافظة. .

4ـ التصدي لكل من يعبث بأمن واستقرار المحافظة مهما كانت هويته وانتمائه الحزبي.

5ـ الوقوف مع المختطفين والمخفيين قسراً من أبناء الجنوب حتى يتم الكشف عن مصيرهم وعلى رأسهم المقدم علي عشال .كما ترفض قبائل أبين تسويف قضية المختطفين والمخفيين قسراً حيث والمتهمين أعضاء في اللجنة الأمنية العليا للمجلس الانتقالي التي يرأسها احمد حسن المرهبي ، وكذا قياديين فيما يسمى بمكافحة الإرهاب الذي يرأسه شلال علي شائع .

6- تطالب قبائل ابين المجلس الرئاسي والانتقالي بالكشف عن مصير عشال وضبط المتهمين ومن يقف خلفهم مهما كان موقعه او منصبه في السلطة..

7- قبائل ابين تدعوا المجلس الانتقالي إلى تصحيح المنظومة الأمنية له و العمل على كشف وضبط الجناه بعيداً عن التخوين لكل من يطالب بتطبيق القانون

8- أقرت قبائل ابين الى إقامة مليونية في العاصمة زنجبار ويتم تحديد موعدها من قبل اللجنة التحضيرية.

9- قبائل ابين تدعوا جماهير الشعب إلى الالتفاف حول القضايا العادلة من أجل استعادة القانون الذي تم سرقته من قبل بعض الأجهزة الأمنية لتمرير مخطاطاتها على حساب شعب الجنوب لأغراض شخصية وسياسية .

11- تستنكر قبائل أبين استخدام لأجهزة الأمنية لتصفية الحسابات السياسية والمناطقية بعيداً عن العدالة السياسية والمجتمعية .

12- سحب كافة الوحدات العسكرية التي من خارج المحافظة كون أبناء المحافظة هم الاولى والاحق بالدفاع عن محافظتهم من خلال فتح معسكرات لهم .

13- تدين قبائل أبين الحملات الممنهجة الغير مبرره إعلاميا المدعومة من بعض الجهات العليا لتشوية الدور الوطني والفعال لمحافظتنا .
14- تعلن قبائل ابين وقوفهم وتضامنهم مع قبائل لقموش في مطالبتهم في الكشف عن ابنائهم المخفيين ومحاسبة الجناة .

15- تطالب قبائل أبين جميع المحافظات المحرره مؤازرة محافظتهم في جميع مطالبها العادلة.


هذا ماتم الاتفاق عليه والتعهد به أمام الله ثم امام أبناء المحافظة ..
والله خير الشاهدين ..

نسخه مع التحيه /
– قيادة التحالف العربي
– رئيس مجلس القيادة الرئاسية .
– رئيس المجلس الانتقالي
– المبعوث الدولي لدى اليمن

مقالات مشابهة

  • ناشطات وإعلاميات في حديث خاص لـ (الثورة ): اليمن في حضرة “الربيع المحمدي”.. ولاء واتباع وارتباط تاريخي
  • عربي21 تحاور أحد قادة التغيير ببنغلادش.. لسنا مصر وتعلمنا من الربيع العربي (شاهد)
  • بريطانيا وإيران: تشكُّل الخليج العربي الحديث.. قراءة في كتاب (2 من 2)
  • عربي21 تحاور أحد قادة التغيير ببنغلادش.. لسنا مصر وتعملنا من الربيع العربي (شاهد)
  • قائد طلابي لـعربي21: هناك تشابه بين مُسبّبات الربيع العربي واحتجاجات بنغلادش (شاهد)
  • واشنطن: الحرب التي لن يربحها أو يخسرها أحد
  • في روايته البحر الأسود المتوسط.. البراري يرصد انكسارات الإنسان بعد ثورات الربيع العربي
  • أستاذ علوم سياسية: المقترح المصري من الحرب على غزة يستحق التقدير (فيديو)
  • قبائل المنطقة الوسطى بأبين تصدر بيان هام وتوجه رسائل إلى قيادة التحالف العربي، ورئيس مجلس القيادة الرئاسية، ورئيس المجلس الانتقالي، والمبعوث الدولي لدى اليمن
  • أمانة المنطقة الشرقية تعتمد 3154 مخططًا سكنيًا