خطوة صادمة لمصر والسودان.. ماذا بعد دخول اتفاقية عنتيبي لحوض النيل حيز التنفيذ؟
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
في خطوة مفاجئة، صادقت دولة جنوب السودان على اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل، المعروفة إعلاميا باسم اتفاقية عنتيبي، مما أعاد الاتفاقية المثيرة للجدل، إلى الواجهة من جديد.
في 14 مايو 2010 وقعت دول إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا على اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل، ثم انضمت كينيا وبوروندي إلى الاتفاقية لاحقا.
ولم تتم المصادقة على الاتفاقية رسميا إلا بعد نحو 3 سنوات من التوقيع، إذ صادقت عليها إثيوبيا في يونيو عام 2013، وتلتها رواندا في أغسطس من ذات العام.
وبعد عامين، وتحديدا في 2015 صادقت تنزانيا على الاتفاقية، وتبعتها أوغندا في 2019، ثم بوروندي في عام 2023، في حين لم تصادق عليها كينيا، التي كانت جزءً من التوقيع الأولي.
وتعارض مصر والسودان اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل، وتتمسكان باتفاقيات 1902 و1929 و1959 التي ترفض الإضرار بدول المصب، كما تقر نسبة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل لمصر، ونسبة 18.5 مليار متر مكعب للسودان.
ولم يصدر تعليق رسمي من الحكومة المصرية أو الحكومة السودانية على قرار جنوب السودان بالمصادقة على اتفاقية عنتيبي في 8 يوليو الجاري.
ووصف أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، خطوة جنوب السودان بالمفاجئة، والصادمة لمصر والسودان.
وقال شراقي لموقع الحرة إن "جنوب السودان دولة معتدلة، ولم تصدق على اتفاقية عنتيبي خلال الـ14 عاما الماضية، ولذلك فإن موقفها الجديد سيولد شرخا في علاقتها مع القاهرة".
وأشار إلى أن مصر لديها اعتراضات على الاتفاقية، "لأنها تحوي بندا يمنح دول المنبع حق إقامة المشروعات دون الرجوع أو التوافق مع دول المصب، أو حتى دون الإخطار المسبق".
ولفت أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إلى أن هذا البند يتعارض مع القوانين الإقليمية والدولية التي تنظم حق الانتفاع بالأنهار والمجاري المائية المشتركة بين الدول.
وبدوره، يرى الخبير السوداني في مياه النيل، عبد العظيم عبد القادر، أن موقف دولة جنوب السودان سيعيد الخلافات عن مبادرة دول حوض النيل المكونة من 11 دولة.
وقال عبد القادر لموقع الحرة إن "مصادقة جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي ستعطي مشروعية لتأسيس مفوضية حوض النيل، كأداة جديدة للإشراف على قضايا مياه النيل، بدلا عن سكرتارية مبادرة حوض النيل الموجودة في عنتيبي بأوغندا".
ولفت إلى أن السكرتارية تأسست بناء على مبادرة حوض النيل التي طُرحت في 1999، منوها إلى أن السكرتارية تجد قدرا من التوافق والإجماع، على عكس المفوضية الجديدة، التي ستكون بؤرة للخلاف بين دول المنبع ودول المصب.
ولم يستبعد الخبير السوداني وجود أجندة سياسية، جعلت دولة جنوب السودان تغير موقفها بعد 14 عاما، مشيرا إلى أن الصراع لن يكون محصورا على دول المنبع والمصب، وستدخل عليه دول أخرى، لها مصلة في مياه النيل.
وتوقع المستشار السابق لقوانين المياه بالبنك الدولي، سلمان محمد أحمد سلمان، أن تنال مفوضية حوض النيل التي من المتوقع تأسيسها وفقا لاتفاقية عنتيبي "القبول والمساندة التامة" من الدول والمنظمات التي تعمل في مجال المياه والتمنية والتمويل.
وقال سلمان في مقال بمنصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "المفوضية ستنال التأييد الإقليمي والدولي وستصبح الناطق الرسمي والممثل القانوني لحوض النيل ودوله".
ولفت إلى أن بنود الاتفاقية تشير إلى دخولها حيز التنفيذ بعد 60 يوماً من مصادقة 6 من الدول الأعضاء، "مما يعني أن الاتفاقية أصبحت واقعا عمليا بعد مصادقة جنوب السودان عليها".
ويتفق شراقي مع سلمان بخصوص البند الخاص بدخول الاتفاقية إلى حيز التنفيذ بعد مصادقة 6 دول، لكنه شدد على أن "ذلك لا يعطي الاتفاقية الشرعية القانونية المطلوبة والمتفق عليها".
وأشار إلى أن دول المنبع تظن أن مصادقة جنوب السودان تمنحها الحق في اتخاذ قرارات دون الرجوع إلى دول المصب، مع أن هذا غير صحيح، وغير ممكن وفقا للقوانين الدولية الخاصة بإدارة المجاري المائية الدولية.
وأضاف "مصادقة جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي لا تعني أن دول المنبع لها الحق في فرض قرارات أو إجراءات تضر بمصر والسودان".
ويرى عبد القادر أن "الاتفاقية تظل مجرد توافق بين دول بعينها، ما لم يتم ايداعها لدى المنظمات الإقليمية والدولية مثل الاتحاد الإفريقي ومؤسسات البنك الدولي المعنية بقوانين المياه وغيرها، لاعتمادها رسميا".
ولفت إلى أن هناك معركة قانونية وسياسية طويلة تنتظر دول المنبع، لكي تصبح الاتفاقية واقعا معترفا ومعمولا به.
وأضاف قائلا "لا اتوقع أن تتخلى دول المصب عن حصتها من المياه التي ضمنتها لها اتفاقيات تاريخية معترف بها إقليميا، ودوليا، لصالح اتفاقية حديثة، لا تخلو من الأجندة والصراع السياسي".
ويعود شراقي مؤكدا أن "تنفيذ اتفاقية عنتيبي، دون توافق أو اتفاق، سيقود إلى شرخ في العلاقات بين دول المنبع والمصب، وسيزيد من التفرقة".
وأضاف "لا اعتقد أن الاتحاد الأفريقي يسعى للتفرقة بين دول المنبع وبين دول المصب، ولذلك عليه أن يكون وسيلة لحل المشكلة وليس تعقيدها، وأن يعمل للتوافق على النقاط الخلافية في الاتفاق".
من جانبه، دعا سلمان مصر والسودان لمراجعة موقفهما الرافض للاتفاقية والتخلي عن التمسك بالاتفاقيات السابقة.
وأشار إلى أن دول المنبع أعلنت أنها ستضيف بندا يلزمها بالإخطار المسبق لأي مشروعات تنوي تنفيذها، إذا تخلّت مصر والسودان عن الاتفاقيات السابقة والحديث عن الأمن المائي.
بدوره، أكد وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام، أن "دول حوض النيل ليست في حاجة إلى نصيب من حصتي مصر والسودان من مياه النيل"، مشددا على أنها "في حاجة إلى التخلص من مياه الفيضانات ومشاكلها".
وقال علام في صفحته على موقع فيسبوك، إن "بعض دول الحوض، وبتوجيهات دولية تحاول خلق حالة دائمة من القلق خاصة لمصر، لأنها دولة تعتمد على نهر النيل".
ولفت إلى أن "مبادرة حوض النيل تعتبر أخطر محاولات الالتفاف من الغرب، للوصول إلى توافق بين دول الحوض، لإلغاء الاتفاقيات التاريخية وإلغاء الحصص المائية لمصر والسودان، وإعادة توزيعها ووضع مصر تحت مقصلة الغرب".
وأشار وزير الري المصري الأسبق إلى أن "مصادقة دولة جنوب السودان، التي لم تكن دولة مستقلة أثناء المفاوضات في 2010، لن تغير من موقف اتفاقية عنتيبي التي وُلدت ميتة، وما زالت ميتة، بعد مرور 14 عاما من محاولات الالتفاف على حقوق مصر والسودان".
وترتبط مصر ودولة جنوب السودان التي انفصلت عن السودان، في 2011، بعلاقات دبلوماسية رسمية، إذ اعترفت القاهرة مبكرا بالدولة الوليدة. كما سبق أن زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جنوب السودان في نوفمبر 2020.
وكان وزير الري المصري، هاني سويلم، افتتح، في يونيو الماضي، عددا من المشاريع في جنوب السودان، أبرزها مشروع تطهير بحر الغزال من الحشائش المائية، بجانب تدشين مركز التنبؤ بالأمطار والتغيرات المناخية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: دولة جنوب السودان مصر والسودان دول المنبع میاه النیل حوض النیل بین دول
إقرأ أيضاً:
«فيها حاجة حلوة».. سيدة توزع المسابح الالكترونية على ممشى دهب وتطلب الدعاء لمصر|شاهد
تُوزَّع المسابح الإلكترونية كل عام على الصائمين عقب إفطار دهب الرمضاني، الذي يضم جميع أهالي دهب على الممشى السياحي.
إنها السيدة إيمان محمد، التي تعمل في مجال المشغولات اليدوية، وتطالب بالدعاء لمصر بأن يمنَّ الله عليها دائمًا بالأمن والأمان والرخاء.
تقول السيدة إيمان محمد إنها جاءت إلى مدينة دهب مع زوجها الذي يعمل في السياحة، وتحب المدينة لأنها هادئة وأهلها طيبون، مشيرةً إلى أنها تعمل في مجال المشغولات اليدوية "الهاند ميد".
وأضافت أنها تشارك كل عام في إفطار دهب الجماعي على الممشى السياحي، مشيرةً إلى أنها قامت هذا العام بتوزيع مسابح إلكترونية على الصائمين.
وقد شهدت مدينة دهب بمحافظة جنوب سيناء تنظيم أطول مائدة إفطار جماعي على شاطئ المسبط الواقع على خليج العقبة، بحضور الآلاف من السائحين والمواطنين.
وامتدت المائدة لمسافة تجاوزت 160 مترًا على الممشى السياحي، تحت رعاية الدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، ضمن احتفالات المحافظة بذكرى العاشر من رمضان، وبمشاركة العديد من رجال الأعمال وأصحاب المطاعم والمحلات الموجودة على الممشى السياحي.
ووجَّه المحافظ تحية اعتزاز وتقدير لأرواح شهداء الوطن الأبرار من رجال القوات المسلحة والشرطة وأبناء مصر الذين ضحَّوا بدمائهم الغالية دفاعًا عن الوطن، كما بعث بتحية تقدير لأسر الشهداء وذويهم.
من جانبه، قال محمد الغنام، القائم على تنظيم المائدة، إنه يتم إعداد هذه المائدة في العاشر من رمضان من كل عام، وتشهد إقبالًا كبيرًا من المواطنين والسائحين عامًا بعد آخر، وأصبحت حديث السائحين الذين يحرصون على زيارة المدينة في هذا التوقيت للمشاركة في المائدة، التي تُضفي أجواء من البهجة والسعادة على وجوه الجميع.
وأوضح "الغنام" أنه تم تجهيز وجبات تكفي لنحو 2000 فرد من مختلف أطياف المجتمع السيناوي والسائحين، لافتًا إلى أن تنظيم هذه المائدة يتم تحت رعاية اللواء خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، وبإشراف مجلس المدينة، وبدعم كبير من المستثمرين ورجال الأعمال بالمدينة.
وأكد أن هذه المائدة تُعد دعاية مجانية للسياحة في مدينة دهب، حيث يحرص السائحون على تصوير المائدة التي تقع على الممشى السياحي ذي الطبيعة الخلابة، وينشرون الصور والفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن المائدة تعكس روح المودة والتعاون بين مواطني سيناء بمختلف طوائفهم، ومدى الترحيب بالسائحين، مما يؤكد على قيم التسامح في جنوب سيناء. كما شهدت المائدة إقبالًا كبيرًا من السائحين، الذين أعربوا عن سعادتهم بالمشاركة في الإفطار الجماعي، وإعجابهم بروح التعاون والود بين المصريين بشكل عام، ومواطني جنوب سيناء بشكل خاص.
وأشار إلى أن المائدة تضمنت وجبات فاخرة وعصائر وحلويات وزجاجات مياه، وتم تنظيمها بالتنسيق بين كافة الجهات الداعمة، لتوفير جميع السلع الغذائية اللازمة لطهي وإعداد وجبات إفطار تكفي هذا العدد الكبير.
وفي الختام، قدَّم "الغنام" التهنئة لرجال القوات المسلحة الذين يقدِّمون أرواحهم فداءً للوطن، كما وجَّه التحية والتقدير لأرواح الشهداء الذين ضحَّوا بأرواحهم من أجل كل شبر من أرض سيناء.