يتضاءل الأمل في قبول إسرائيل بمبادرة الهدنة التي أعلنها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، منذ نحو شهر، إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى تعمد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وضع عقبات أمام تنفيذ أي اتفاق يقود إلى تفعيل هدنة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

كشفت وسائل إعلام عبرية تعمد نتنياهو إطلاق تصريحات غير حقيقية بشأن صفقة الهدنة، في الوقت الذي كشفت فيه تقارير إعلامية أن نتنياهو قد وضع شروطًا جديدة أمام الوسطاء ليحاول من خلالها تعطيل أي تقدم في مفاوضات الهدنة.

نتنياهو

يستغل نتنياهو الظروف الدولية، حاليًا (لاسيما، الانتخابات الرئاسية الأمريكية) في المماطلة، كما يسعى نتنياهو للاستفادة من زيارته للولايات المتحدة الأمريكية (24 يوليو) عبر ابتزاز المشرعين الأمريكيين، خاصة الديمقراطيين، في الكونجرس، عبر إطلاق وعود يحاول من خلالها إيهام المجتمع الأمريكي بالحصول على مزيد من الدعم العسكري، والاقتصادي لكي يستمر في السلطة والحرب معًا لمدة أطول تبعده، ولو لبعض الوقت عن شبح المحاكمات الذي ينتظره.

كما أن العطلة الصيفية للكنيست الإسرائيلي (تبدأ 28 يوليو الجاري) أي بعد عودة نتنياهو من أمريكا مباشرة، ولن يستأنف أعماله إلا في شهر أكتوبر المقبل، أي بالتزامن تقريبًا مع البدء الفعلي للانتخابات الرئاسية الأمريكية مطلع شهر نوفمبر، وهي خطة يسعى نتنياهو لتنفيذها باعتبارها الحل الأمثل لمشاكله في السلطة الحالية.

رئيس وزارء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

يرى مراقبون أن مماطلات نتنياهو لإطالة أمد الحرب خاصة اعتماده على خطابه المرتقب أمام الكونجرس محاولة لتخفف الضغوط عليه وتمنحه المزيد من الفرص التي تتيح له البقاء على رأس السلطة في بلاده دون الدخول في دوامة حل الائتلاف الحكومي الذي يترأسه، ويتحكم فيه مجموعة من المتطرفين الذين يرفضون أي صفقة لوقف إطلاق النار أو إقامة هدنة مع المقاومة، بل يرغبون في احتلال كامل قطاع غزة، وطرد الفلسطينيين منه أو إبادتهم!

وتستعد دولة جنوب أفريقيا ومعها عدة دول أخرى بالذهاب مجددًا إلى محكمة العدل الدولية لإقامة دعوى جديدة ستطلب فيها وقف الحرب بشكل مباشر خاصة بعد أن دخلت شهرها العاشر، ومعظم ضحاياها مدنيون غير مسلحين ومعظمهم من الأطفال وكبار السن والنساء وهو ما يمثل حرب إبادة جماعية أمام أعين العالم.

وكشفت مباحثات الهدنة الأخيرة مراوغات وأكاذيب عديدة لنتنياهو وخاصة فيما ذكره أن رئيس الموساد وافق على الشروط والمبادئ الجديدة التي وضعها ليعلن رئيس الموساد فيما بعد كذب هذا الادعاء، ومشيرًا إلى أنه أعلن أنه ضد وقف إطلاق النار فقط إذا أخلت حماس بتعهداتها في وقف الأعمال العدائية أو تنفيذ التزاماتها التي وافقت عليها.

أصبح نتنياهو يتحكم في كل مفاوضات الهدنة، ويصر على أن كل الأعمال الخاصة بوقف إطلاق النار تحت إشرافه شخصيًا، ولا يمنح فريق التفاوض الإسرائيلي مساحات كافية للتفاوض، ويقيده بالعديد من القيود التي تجعله عاجزًا عن اتخاذ أي قرارات مهمة في مشاورات الهدنة، ووقف إطلاق النار.

بنيامين نتنياهو

يسعى نتنياهو لإلقاء الكرة في الملعب المصري بورقة محور فيلادلفيا، ومعبر رفح من خلال محاولاته المتكررة في مساومة مصر على وقف إطلاق النار إذا أبدت مرونة في منح الدولة العبرية الحق في مراقبة معبر رفح بزرع كاميرات لمراقبة حركة مرور البضائع والأفراد من خلاله وهو ما رفضته مصر التي رفضت أيضًا بناء حائط تحت الأرض على الحدود بينها، وبين قطاع غزة لمنع تهريب البضائع والأسلحة إلى القطاع مؤكدة أنه لا توجد أي عمليات لتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة منذ سنوات.

كان الموقف المصري محل إشادة، وتقدير من جانب القادة الفلسطينيين الذين عبروا عن تقديرهم واحترامهم للدور المصري سواء من خلال حرصه على إتمام الوساطة، أو تمسكه بالحقوق الفلسطينية والوقوف أمام المحاولات المتعددة من جانب الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير سكان قطاع غزة إلى خارجه أو تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن وهو الموقف الثابت الذي حرصت عليه الدولة المصرية منذ بدء العمليات في 7 أكتوبر الماضي، وما زالت متمسكة بموقفها العروبي المحترم رغم الضغوط الشديدة، والمؤامرات التي تحاك على الدولة المصرية سواء كانت ضغوطًا دوليةً، أو اقليمية أو حتى داخلية من جانب بعض العملاء.

في خضم المماطلات التي يقوم بها نتنياهو يؤكد بايدن وفريقه أنهم مصممون على إنجاح صفقة الهدنة وتبادل الأسرى والمحتجزين وفقًا لمبادئ الخطة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن في مايو الماضي والتي تتضمن المبادئ الأساسية لصفقة التبادل، وعودة الهدوء التام في قطاع غزة والتي تعد أساس المفاوضات بين حماس وإسرائيل وهي تأكيدات أمريكية تأتي في ظل تعنت واضح ومراوغات خبيثة من جانب نتنياهو للتلاعب بكل الأطراف وإطالة أمد الحرب.

نتنياهو يحاول التهرب من الضغوط الداخلية من جانب أهالي المحتجزين الذين لا يكفون عن التظاهر يوميًا وإغلاق الشوارع الرئيسية في تل أبيب والمدن الكبرى ويطالبونه بإبرام صفقة تبادل الأسرى، ويتهمونه بتعمد عدم اتمامها خوفًا من حل حكومته وتعرضه للمحاكمة الجنائية هو وبعض أفراد عائلته فضلاً عن المحاكمة السياسية التي يمكن أن تدينه في الإخفاقات التي جرت في 7 أكتوبر. وادعى أن "حماس" متمسكة بمطالب تعرض أمن إسرائيل للخطر وقال: إن أي مقترح صفقة تؤول إليه المفاوضات الحالية يجب أن يتيح لتل أبيب العودة إلى القتال!

من جانبها أدانت حركة حماس مماطلة نتنياهو التي يحاول أن يتهرب بها للتنصل من أي تعهدات حقيقية في سبيل وقف إطلاق النار وعلق بعض قادتها على أن محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إضافة مطالب جديدة لم ترد في كل المقترحات السابقة المتداولة مع الوسطاء تؤكد أنه لا يزال يتلكأ ويماطل ويبحث عما يعطل اتفاق تبادل الأسرى.

في حين أن مسؤولين إسرائيليين كبار أكدوا أن نتنياهو أضاف مبادئ تخالف ما تم التفاهم بشأنه مع الوسطاء وأن تصرفه هذا يثير القلق الشديد حول إمكانية الاستمرار في هذه الصفقة، وأعربوا عن تخوفهم من أن تكون هذه هي الفرصة الأخيرة التي يمكن من خلالها الإفراج عن المحتجزين لدى فصائل المقاومة.

اقرأ أيضاًبايدن: الانتخابات الرئاسية ستشكل مستقبل أمريكا والعالم لعقود قادمة

بايدن: سعيد لسلامة ترامب.. سنأخذ خطوة للوراء بعد الحادث

ترامب يُغادر المستشفى بعد تلقيه العلاج.. وبايدن يقطع إجازته ويعود لواشنطن

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: قطاع غزة أمريكا جو بايدن نتنياهو محور فيلادلفيا بنیامین نتنیاهو وقف إطلاق النار قطاع غزة من جانب

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غزة

تركيا الآن

 

استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. يدعو إلى وقف إطلاق النار في حرب إسرائيل على قطاع غزة، وهو ما اعتبرته فصائل المقاومة الفلسطينية شراكة في حرب الإبادة ضد القطاع.

 

ويقضي مشروع القرار، الذي أيدته 14 دولة وعارضته الولايات المتحدة وحدها، بضرورة “الوقف الفوري وغير المشروط والدائم لإطلاق النار يجب أن تحترمه كل الأطراف”، و”الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن”.

 

كما أكد المشروع على ضرورة التزام الأطراف بالقوانين الدولية فيما يتعلق بالأشخاص المحتجزين، وتمكين السكان المدنيين في غزة من الحصول الفوري على الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة.

 

وشدد المشروع على رفض أي إجراءات تؤدي إلى تجويع الفلسطينيين، وطالب بتيسير دخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع ودون عوائق إلى جميع مناطق قطاع غزة، خاصة إلى المدنيين في شمال غزة المحاصر.

 

 

وفي ردود الفعل، دانت حركة حماس استخدام الولايات المتحدة للفيتو، مؤكدة أنها “شريك مباشر في العدوان على شعبنا”.

 

مقالات مشابهة

  • بسبب فرنسا.. خلافات تعيق اتفاق الهدنة في لبنان
  • غزة.. مفاوضات لوقف إطلاق النار لمدة 42 يوما
  • «هوكستاين» يلتقي نتنياهو من أجل وقف إطلاق النار بلبنان
  • اليوم.. هوكشتاين يلتقي نتنياهو لمناقشة وقف إطلاق النار في لبنان
  • لبنان يريد دولة عربية.. لماذا تشكّل آلية المراقبة عقبة أمام الهدنة؟
  • الجهاد الإسلامي تتهم واشنطن بإدارة حرب الإبادة في غزة
  • الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غزة
  • نتنياهو يلتقي هوكشتاين لمناقشة وقف إطلاق النار في لبنان.. غدًا
  • من جديد.. واشنطن تعرقل مشروع وقف إطلاق النار في غزة
  • الأمين العام لـ"حزب الله" يضع شرطاً لقبول الهدنة