يوليو 15, 2024آخر تحديث: يوليو 15, 2024

رامي الشاعر

تابعت المناظرة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ومنافسه الرئيس السابق دونالد ترامب، وآلمني أن أرى السياسي المخضرم جو بايدن في هذه الحالة وهو من يعتزم تمثيل الولايات المتحدة الأمريكية.

ثم كانت قمة “الناتو” في واشنطن، وزلّات اللسان الجديدة، التي جعلت منه مثاراً للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي وما أكثرها في يومنا هذا.

وأرى أنه لم يعد هناك خيار آخر أمام رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية سوى حلحلة أزمتي غزة وأوكرانيا.

لهذا أرجح أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة خلال أيام معدودة، والبدء بمفاوضات تخص ترتيب الأوضاع في غزة والضفة الغربية، فيما يخص الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بشكل عام، وإرضاء لجميع من اعترفوا بالدولة الفلسطينية وملايين المؤيدين لذلك داخل المجتمع الأمريكي نفسه.

أما فيما يخص توتر العلاقات الدولية بشكل عام، نتيجة تصعيد حلف “الناتو” ضد روسيا والصين، فأغلبية المجتمع الدولي أصبحوا يدركون تماماً أن الإدارة الأمريكية الحالية هي الوحيدة التي يمكنها أن تبادر في نزع فتيل الأزمة العالمية خلال 48 ساعة، والبدء فوراً بمرحلة جديدة من التواصل واللقاءات على كافة المستويات، والتفاوض من أجل ترطيب الأجواء الدولية والابتعاد تدريجياً عن كل خطوات التصعيد، والأهم الابتعاد شيئاً فشيئاً عن خطر الصدام النووي الذي بدأ يلوح في الأفق ويرعب مليارات البشر حول العالم، واللجوء إلى اتخاذ خطوات فورية لتهيئة أجواء الحوار ومناقشة جميع القضايا الجدلية حول طاولة المفاوضات سلميا، لا سيما بين روسيا والاتحاد الأوروبي، وروسيا و”الناتو”.

لا أريد ولن أخوض في تفاصيل التصريحات الأخيرة للرئيس بايدن، ولا بتفاصيل الاتصالات التي جرت بين وزيري الدفاع الروسي أندريه بيلاوسوف، ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وأكتفي فقط بتكرار ما أعلن عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بأنه لا شيء يبرر العقاب الجماعي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأن مستوى القتل في غزة أضحى لا مثيل له. وأضيف أيضاً أن الرئيس بايدن وإدارته يعون تماماً أن مستوى التضحية بالشعب الأوكراني على هذا النحو لخدمة أهداف “الناتو” ضد روسيا، بعد أن أصبح من الواضح للجميع، من خبراء عسكريين ومحللين سياسيين وصولاً إلى المسؤولين رفيعي المستوى في أوروبا والولايات المتحدة، أن روسيا لا يمكن أن تهزم.

لهذا أرى أنه لم يعد أمام بايدن خيار آخر، في محاولة لكسب زخم ودعم الناخبين الأمريكيين في حملته الانتخابية سوى الاعتماد على هذه الخطوة الفورية بشأن القضية الفلسطينية وأزمة التوتر بين “الناتو” والاتحاد الأوروبي من جهة وروسيا والصين من الجهة الأخرى.

أرى أن المنطق والعقل يدفعون نحو هذا المسار، بمبادرة من بايدن وإدارته الآن (“والآن تعني يوم أمس” كما قال الرئيس باراك أوباما يوما).

أتمنى أن يكون تفاؤلي واقعياً وفي محله، وأن تكون الإدارة الأمريكية قد بدأت تفكر بشكل جدي في إنقاذ وضعها وموقفها الحرج، خاصة وأنّ التاريخ لا ينسى مثل هذه المواقف بخصوص الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، ومخاطر حدوث صدام نووي بين روسيا و”الناتو”.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

100 يوم على حكم ترامب.. معضلة المجد الشخصي والواقع الدولي

واشنطن- كانت أول 100 يوم من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية بمثابة خروج حاد عن عقود من الإجماع على أسس ومبادئ السياسة الخارجية الأميركية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والتي لم يختلف حولها أي من 13 رئيسا تناوبوا الحكم في واشنطن منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

لم يتوقع أحد أن يتعامل ترامب مع الشؤون والقضايا العالمية في فترة حكمه الثانية والأخيرة مثل أسلافه من الجمهوريين أو الديمقراطيين، ولا السرعة والحدة التي يتحرك بها لإعادة توجيه سياسة بلاده الخارجية بعيدا عن المسارات المستقرة منذ عقود طويلة.

وخلال الـ100 يوم، عكس ترامب طموحات واسعة، وتبنّى سياسات حاسمة أضاف إليها المزيد من الإثارة بتعبيره عن رغبته في توسيع بلاده لتشمل أراضي دول وأقاليم جديدة يهدف معها لتغيير خريطة الحدود الأميركية المستقرة منذ أمد بعيد.

نقاط أساسية

ودخل ترامب على خط أزمات دولية معقدة كحرب أوكرانيا والعدوان على غزة والملف النووي الإيراني، في الوقت الذي كرر فيه ودائرته من مستشاري السياسة الخارجية أن الصين هي القضية الأكثر تهديدا للهيمنة الأميركية.

ومن خلال تحليل مواقفه وتصريحاته على مدى الـ100 يوم الأولى، يمكن تلخيص سياساته الخارجية في 3 نقاط:

إعلان أولا: أميركا الضحية

وصل ترامب للبيت الأبيض متكأ على زعامة تيار أميركي شعبوي يميني جديد لم يعرف له التاريخ الأميركي مثيلا. وأطلق على هذا التيار اختصارا لفظ "ماغا" (لنجعل أميركا عظيمة مجددا) والذي وحد أفكار فئات مختلفة في توجهاتها وأهدافها، ومتناقضة في خلفياتها الاقتصادية والتعليمية.

وتفهم حركة ماغا أن التعاون الدولي التقليدي على أنه تهديد لحرياتهم الشخصية وسيادة دولهم، ويعارضون الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) ومنظمة التجارة العالمية باعتبارها تنتهك سيادة ومصالح الولايات المتحدة. من جانبه لا يخفي ترامب استهتاره وسخريته من "النظام الدولي القائم على القواعد".

وفي خطاب تنصيبه يوم 20 يناير/كانون الثاني 2025، تحدث ترامب عن القومية الأميركية الجريحة والخيانة ورؤية أكثر راديكالية. وكرس جزءا من خطابه الافتتاحي لفكرة "المصير الواضح"، وأن "التوسع الأميركي هو حقنا الإلهي".

من الممكن أن يكون كل هذا الحديث الإمبريالي صخبا. ولكن من الممكن أيضا أن يشعر ترامب بالتحرر في ولايته الثانية لتغيير عقيدته "أميركا أولا" التي استفاد منها لتحقيق مكاسب سياسية لسنوات، وجعل توسع الولايات المتحدة عنصرا أساسيا في إرثه.

وهكذا يبدو أن ترامب يتبنى سياسة خارجية قومية يراها أكثر إنصافا للمصالح الأميركية المادية التي تجاهلتها الإدارات السابقة. ولا يريد أن تنفق واشنطن على تكلفة وجود قواعد عسكرية لحماية بعض الدول خاصة الغنية منها.

ولا يُنتظر أن تغير الإدارات القادمة في عصر ما بعد ترامب من هذا النهج الذي يلقى دعما من الجمهوريين والديمقراطيين. وربما تدشن قومية السياسات الخارجية في عهده مبدأ أو عقيدة سياسية جديدة ينتهجها حكام البيت الأبيض في المستقبل.

 

ثانيا: الرغبة في تحقيق إرث ومجد شخصي

يسعى ترامب لتحقيق إرث شخصي توسعي لبلاده والظفر بجائزة نوبل للسلام. من هنا استدعى عظمة أميركا والحاجة لاستعادة كرامتها، وربط ذلك صراحة بالعودة إلى التوسع الإقليمي. ولواشنطن تاريخها الطويل في ذلك.

إعلان

وفي خطاب تنصيبه، قال ترامب "ستعتبر الولايات المتحدة نفسها مرة أخرى أمة متنامية، دولة تزيد ثروتنا، وتوسع أراضينا، وتبني مدننا، وترفع سقف توقعاتنا، وتحمل علمنا إلى آفاق جديدة وجميلة".

وأعلن عن عدة خطوات توسعية بداية من شراء جزيرة غرينلاند من الدانمارك، مرورا بالسيطرة على قناة بنما، وصولا لضم كندا لتصبح الولاية الأميركية الـ51. وسبق وعرض كذلك فكرة امتلاك بلاده لقطاع غزة وتحويله لريفييرا الشرق الأوسط، إلا أنه تراجع لاحقا عن هذا الطرح.

كما تتجلى رغبة ترامب في نيل جائزة نوبل للسلام، ويمكن تفهم لهفته في التوصل لصفقة توقف القتال بين روسيا وأوكرانيا. وبمجرد وصوله البيت الأبيض، أوقف المساعدات العسكرية لكييف داعيا إلى "سلام تفاوضي" مع موسكو وانتقد الحرب باعتبارها استنزافا للموارد الأميركية.

وضغط على حلفاء الناتو لزيادة الإنفاق الدفاعي أو المخاطرة بخفض التزام واشنطن الأمني تجاههم، في حين يستكشف "صفقة" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتجميد الصراع مقابل الحد من توسع الناتو.

كما يعمل فريق ترامب على التوصل لصفقة توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بصورة ترضي إسرائيل بالأساس، وأخيرا بدأ الدفع الجاد لحل أزمة البرنامج النووي الإيراني.

ويقول غريغوري كوجر، أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة ميامي بولاية فلوريدا للجزيرة نت، إن ما يكرره ترامب من رغبته في توسع بقعة الأراضي الأميركية يعكس هدفين مشتركين: الأول، طموح شعبوي لتوسيع حدود البلاد، والثاني شخصي لزيادة الأراضي الأميركية كجزء من إرثه الرئاسي.

الحرب التجارية بين الصين وأمريكا تصل إلى مستويات غير مسبوقة.. فما مسارات هذه الحرب بين البلدين؟⁣#الجزيرة_مسارات pic.twitter.com/vg7BZNdQCX

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) April 11, 2025

ثالثا: الصين أولا

يحرّك ترامب بصورة كبيرة إيمانه الصلب بخطر التهديدات الصينية كمصدر وحيد أمام الهيمنة الأميركية العالمية، ففكرة شراء غرينلاند والسيطرة على قناة بنما وضم كندا، كلها أفكار تنبع من زاوية مواجهة بكين المستقبلية.

إعلان

وفي الوقت الذي تنفق فيه الولايات المتحدة 3.4% من ناتجها المحلي الإجمالي على ميزانية الدفاع، أي نحو تريليون دولار، طالب ترامب بأن تزيد دول الناتو إنفاقها العسكري إلى 5% من ناتجها المحلي الإجمالي حتى يتمكن البنتاغون من تركيز قوته العسكرية والاقتصادية على احتواء الصين والسيطرة عليها.

ولا يمكن فهم ما يقوم به تجاه فرض تعريفات على بكين إلا من زاوية المواجهة التي يراها حتمية معها، وأنها يجب ألا تكون عسكرية بالأساس.

قوض خطاب ترامب التوسعي الأمن القومي لبلاده من خلال إضعاف تحالفاتها الأمنية حول العالم خاصة مع دول أوروبا الغربية وجنوب وشرق آسيا. ويساهم في تشكيك الدول الحليفة لواشنطن في الاعتماد على دولة لا يستبعد رئيسها والقائد الأعلى لقواتها المسلحة استخدام القوة لغزو أراضي دولة حليفة عضو بحلف الناتو.

وذكر ستيفن سيستانوفيتش، المسؤول السابق بالخارجية والخبير في مجلس العلاقات الخارجية والأستاذ الفخري بجامعة كولومبيا، للجزيرة نت، أنه إذا تمسك ترامب بالادعاءات التوسعية "فستصبح حتما جزءا من أجندة الإدارة، لكن كبار مستشاريه بالسياسة الخارجية لا بد أن يفكروا في هذا على أنه جنون رئاسي مع فرصة محدودة للنجاح".

وتساءل "مع وجود تكاليف عالية، وعمليا لا يوجد مردود حقيقي، هل سيخبرون ترامب بما يفكرون به حقا؟ ربما لا. هل سيعملون بجد لتحقيق أهدافه؟ أيضا مشكوك في ذلك جدا".

ويرى بعض المعلقين أن ترامب يقول هذه الأشياء كتكتيك تفاوضي للاستفادة من التنازلات في ملفات مثل الصفقات التجارية ورفع الإنفاق الدفاعي للناتو والتشدد في مواجهة الصين. إلا أن رؤية دول العالم تختلف عما يراه ودائرة مستشاريه.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تهدد بوقف وساطتها بين روسيا وأوكرانيا.. ما السبب؟
  • دعوة أممية لإنقاذ حل الدولتين
  • الرئيس عون: من مصلحة الولايات المتحدة أن يبقى لبنان بلدًا مستقرًا وآمنًا
  • 100 يوم على حكم ترامب.. معضلة المجد الشخصي والواقع الدولي
  • الولايات المتحدة تدعو روسيا لإنهاء الحرب مع أوكرانيا “فوراً”
  • سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية تزور الشلف
  • لافروف: روسيا مستعدة للمساعدة في الحوار بين الولايات المتحدة وإيران
  • الرئيس اللبناني: على الولايات المتحدة و فرنسا تحمل مسؤولياتهما إزاء انتهاكات الاحتلال
  • مديناً استهداف الضاحية.. الرئيس عون: على الولايات المتحدة وفرنسا ان يجبرا إسرائيل على التوقف عن اعتداءاتها
  • هل يشعل القطب الشمالي شرارة حرب نووية؟