سراج منير.. أصيب بذبحة صدرية بسبب "حكم قراقوش"
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
تحل اليوم ذكري ميلاد الفنان سراج منير الـ 120 الذي ترك لجمهوره إرثًا فنيًا وشارك فى أعمال عديدة تركت بصمة مع جمهوره.
ولد سراج منير عبد الوهاب منير يوم 15 يوليو 1904 وتوفي 13 سبتمبر 1957، وهو ممثل مصري ولد في القاهرة، ومن أشهر الأدوار التي أداها هو دور عنتر في فيلم عنتر ولبلب مع الفنان الشعبي محمود شكوكو.
لعب الكثير من الأدوار في أفلام الأبيض والأسود.
والده هو عبد الوهاب بك حسن وكان مديرا للتعليم في المعارف، ومن أخواته المخرجان السينمائيّان حسن وفطين عبد الوهاب درس سراج منير في المدرسة الخديوية، وكان عضواً في فريق التمثيل في المدرسة، وقد بدأت عنده هواية التمثيل بعد حادثة طريفة حدثت لهُ عام 1922، فقد دعاه بعض أصدقائه إلى سهرة في منزل أحد الزملاء، وحينما وصل إلى المنزل المقصود، فوجيء سراج منير بأن السهرة عبارة عن مسرح نصب في حوش المنزل والحاضرون يشتركون في تمثيل إحدى المسرحيات، وكان سراج منير هو المتفرج الوحيد.
وقد تركت هذه الحادثة أثراً في نفسهِ حيث ولدت في داخلهِ هواية التمثيل، وبالتالي أصبح عضواً في فريق التمثيل بالمدرسة، واستمر كذلك حتى أنهى دراسته الثانوية وسافر إلى ألمانيا لدراسة الطب.
تغير مسار حياته فى ألمانيا
وفي ألمانيا حدثت تطورات غيرت مسار حياة سراج منير، فقد كان المبلغ الذي ترسله لهُ أسرته قليلاً، مما جعله يفكر في البحث عن مصدر آخر يزيد به دخله أثناء الدراسة. عندها تعرف في أحد النوادي على مخرج ألماني سهل لهُ العمل في السينما الألمانية مقابل مرتب ثابت. وبدلاً من العكوف على الدراسة، أخذ يطوف استوديوهات برلين، عارضاً مواهبهُ حتى استطاع أن يَظهر في بعض الأفلام الألمانية الصامتة، وبالتالي صَرفهُ الاهتمام بالسينما عن دراسة الطب، فهجرها لدراسة السينما.
دراسته الاخراج مع محمد كريم فى ألمانياوفي ألمانيا التقى سراج منير بالفنان محمد كريم، حيث درسا الإخراج السينمائي معاً، وبعد عام واحد في برلين، انتقل إلى ميونخ حيث كان يوجد أكبر مسرح في ألمانيا، وكان معه في تلك الفترة الفنان فتوح نشاطي.
وقبل أسابيع من بداية الحرب العالمية الثانية، تلقى سراج منير برقية من فرقة مصرية للمسرح تستدعيهِ للعمل معها، فترك ألمانيا عائداً إلى وطنهِ، وكانت هذه البرقية بمثابة المنقذ من الأسر بالنسبة لسراج منير، حيث بدأت ألمانيا الحرب بدخول النمسا وتفاقمت الأوضاع، ولم يتمكن أي مواطن مصري من الخروج وقتها من ألمانيا إلا بعد ست سنوات، أما هو فقد أفلت من الأسر ببرقية.
بعد عودته إلى مصر، عمل مترجماً في مصلحة التجارة، إلا أن حنينه للتمثيل جعلهُ ينضم لفرقة يوسف وهبي (فرقة رمسيس)، ثم للفرقة الحكومية، بعدها اختاروه للعمل ممثلا في الأفلام، فقد اختاره صديقه محمد كريم لبطولة فيلمهِ الأول «زينب» وهو فيلم صامت أنتج عام 1930 ومثل فيه أمام الفنانة بهيجة حافظ، وكان هذا الدور من أول أدواره في السينما المصرية.
حزنه بسبب عدم استكمال دراسته للطبلقد كان سراج منير كفنان يبذل أقصى جهده لكي يصبح علماً بارزاً من أعلام الفن، فقد كان يشعر في قرارة نفسه بالندمِ لأنه لم يستكمل دراسته للطب، وعاد من ألمانيا ليجد كل أفراد أسرته قد اعتلوا مناصب بارزة ونالوا شهرة واسعة في الحياة الاجتماعية، ولم يكن الفن في ذلك الوقت من الأعمال المرموقة في الأوساط الاجتماعية التي كان ينتمي إليها سراج منير.
لهذا سعى ليكون من المشاهير في دنيا الفن، ليعوض ذلك النقص الذي كان يشعر بهِ في وسطهِ الاجتماعي.
وقد حرص في بداية حياته المسرحية على أن يقوم بأدوار معينة تتميز بالجد والرزانة ويتمسك بأدائها، وذلك حرصاً على مظهره الاجتماعي. إلا أن الفنان زكي طليمات أثناء إعداده لإخراج أوبريت «شهرزاد»، قد رشحه للقيام بدور «مخمخ» فثار سراج منير وغضب واتهم زكي طليمات بأنه يريد تحطيم مكانته الفنية، لكن طليمات، الذي كان عنيداً جداً في عمله، أصر على إسناد الدور لسراج منير، والذي بدوره انصاع لذلك، وعرضت المسرحية وارتفع اسم سراج منير إلى قمة المجد كممثل مسرحي، واكتشف في نفسهِ موهبة جديدة كممثل كوميدي، كما أسند إليهِ أيضاً دور البطولة في مسرحية «سلك مقطوع» الهزلية، وذلك بسبب مرض بطلها فؤاد شفيق، فنجح سراج منير نجاحاً ملحوظاً.
وبالإضافة إلى أدواره في المسرح، كانت هناك السينما التي أعطاها الكثير من فنه، فقد خاض سراج منير معترك الحياة السينمائية ممثلاً ومنتجاً، وقدم مايقارب المائة فيلم سينمائي، قام ببطولة 18 منها، أما فيلمه «عنتر ولبلب» عام 1945 فقد كان نجاحه الجماهيري أكبر تعويض له عن شعوره بالنقص، ؛ حيث إن شهرته في هذا الفيلم قد جعلت لشخصيته في الحياة توازناً اجتماعيا يتناسب مع وسطه الاجتماعي.
وفي خِضَمّ عمله في السينما، لم ينس المسرح، فقد انضم لفرقة الريحاني، وأصبح منذ اليوم الأول من نجومها، وكان نداً للكوميدي الكبير نجيب الريحاني، وعندما مات الريحاني استطاع سراج منير أن يسد بعض الفراغ الذي تركه هذا الكوميدي العظيم في فرقته، وأن يسير بهذه الفرقة إلى طريق النجاح بعدما تعرضت لانصراف الناس عنها.
وكان سراج منير محباً للجميع يمد يد العون والمساعدة لكل من يلجأ إليه طلباً لمعونته، لدرجة أنه في السنوات الأخيرة من حياته أراد أن يجعل من فرقة الريحاني مدرسةً تُخرّج جيلاً جديداً من فناني المسرح الكوميدي، وبالفعل ضم عدداً كبيراً من الشبان وأراد أن يَكون صاحب هذه المدرسة، إلا أن غالبية هؤلاء الشبان قد انصرفوا عن الفرقة ولم يبق منهم إلا قلة.
وفي الوقت الذي تدهورت فيه صناعة السينما وفقدت سمعتها وهبطت فيها مواضيع الأفلام، بعد أن اقتحم السينما أغنياء الحرب، نزل سراج منير إلى ميدان الإنتاج، وكان هدفه أن يكون منتجاً مثالياً يرقى بصناعة السينما.
إصابته بذبحة صدريةفقد اختار قصة وطنية تصور حقبة من تاريخ مصر وتعالج الفساد والرشوة التي عاشت فيها البلاد، فكان فيلم «حكم قراقوش» عام 1953، والذي تكلف إنتاجه أربعين ألفاً من الجنيهات، بينما إيراداته لم تتجاوز العشرة آلاف، مما اضطر سراج منير من أن يرهن الفيلا التي بناها لتكون عش الزوجية مع زوجته الفنانة ميمي شكيب (التي عاش معها حياة زوجية استمرت 15 عاماً) وقد كانت هذه الخسارة أو الصدمة عنيفة أصابته بالذبحة الصدرية وهو في تمام عافيته.
تم زفافهما عام 1942، واستمر زواجهما قائما حتى رحل الفنان سراج منير عن الحياة عام 1957. اعتبر هذا الزواج في وقته أحد أقوى الارتباطات الفنية حيث كان زواجا مبنيا على التفاهم والحب والاحترام بين النجمين الكبيرين في تلك الفترة وخاصة أنه استطاع التغلب على العديد من الصعاب التي واجهت الزوجين وأهم هذه الصعاب ماتردد بقوة عن المعاناة الكبيرة التي عاشها الفنان الكبير سراج منير لفترة طويلة محاولا إقناع أسرة ميمي شكيب التي كانت رافضة إتمام هذا الزواج بشدة وإن كنا لاندرى السبب وراء ذلك حتى الآن. ولم ترد أية أخبار عن زواج الفنانة ميمى شكيب بعد وفاة الفنان الكبير سراج منير طوال حياتها وحتى وفاتها بعده بحوالى خمسة وعشرين سنة عام 1982. ومن أشهر الأفلام التي جمعت بين النجمين الكبيرين وكانا في معظمها يجسدان دور الحبيبين أو الزوجين، نذكر «الحل الاخير» عام 1937 و«بيومى افندى» عام 1949 و«نشالة هانم» عام 1953 و«ابن ذوات» و«كلمة الحق» عام 1953.
أفلامه
1930 زينب
1932 أولاد الذوات
1934 ابن الشعب
1937 الحل الأخير
1938 ساعة التنفيذ
1941 سي عمر
1943 وادي النجوم
رابحة مـهـنّـَـى
البؤساء
1944 حنان
حبابة
رصاصة في القلب
1945 الفنان العظيم
بنات الريف
قلوب دامية
عنتر وعبلة
هذا جناه أبي
1946 الملاك الأبيض
سر أبي عادل باشا
النائب العام
ملاك الرحمة
يد الله
شمعة تحترق
1947 القناع الأحمر
ضربة القدر
أبو زيد الهلالي
أسير الظلام
التضحية الكبرى
المتشردة
ملائكة في جهنم
أحكام العرب
ابن عنتر
ثمرة الجريمة
شبح نص الليل
جحا والسبع بنات
1948 الشاطر حسن
البوسطجي
شمشون الجبار
هارب من السجن
مغامرات عنتر وعبلة
ليت الشباب
الواجب
الحب لا يموت
آه يا حرامي
1949 بيومي أفندي
كرسي الاعتراف
أمينة
1950 المظلومة
دماء في الصحراء
المليونير
أمير الانتقام
معلش يا زهر
1951 ورد الغرام
ليلة الحنة
قطر الندى
السبع أفندي
جزيرة الأحلام
أولاد الشوارع
انتقام الحبيب
الدنيا حلوة
نهاية قصة
ظهور الإسلام
بيت الأشباح
الشرف غالي
1952 الإيمان
عايزة أتجوز
عنتر ولبلب
المنزل رقم 13
بنت الشاطيء
المهرج الكبير
سيدة القطار
من القلب للقلب
لحن الخلود
1953 حكم الزمان
دهب
مؤامرة
وفاء
قطار الليل
السيد البدوي
حكم قراقوش
كلمة حق
نشالة هانم
1954 عفريتة إسماعيل ياسين
جعلوني مجرماً
ليلة من عمري
انتصار الحب
الملاك الظالم
أرحم دموعي
1955 قصة حبي
أيام وليالي
الحبيب المجهول
إني راحلة
سيجارة وكاس
نهارك سعيد
دموع في الليل
أيامنا الحلوة
القلب له أحكام
مدرسة البنات
الجسد أمين
عهد الهوى
الله معنا
1956 إزاي أنساك
العروسة الصغيرة
سمارة مدير المباحث
شباب امرأة
1956 (فيلم)
وداع في الفجر
1957 الحب العظيم
أنت حبيبي
المجد
نهاية حب
علموني الحب
نساء في حياتي
تمر حنة
الوسادة الخالية
بنات اليوم
1958 حتى نلتقي
أنا الشرق
وفاته
كان سراج يعاني من مرض القلب، توفي في عام 1957 بشكل مفاجئ، وذلك بعد عودتهِ من الإسكندرية في رحلة فنية مع فرقة الريحاني.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سراج منير سراج منير الفنان سراج منير سراج منیر
إقرأ أيضاً:
منير أديب يكتب: المقاتلون الأجانب فى أفغانستان.. منصة الإرهاب العالمى فى آسيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق شبكة معقدة للجماعات المتشددة فى المنطقة وأهدافهم عابرة للحدود.. وتصل أعدادهم إلى ثلاثة آلاف مقاتل خطورة المقاتلين تتمثل فى توفير حاضنة لكل التيارات المتطرفة فى أفغانستان منذ وصول طالبان للسلطة فى العام 2021الحكومة الأفغانية تستخدم ورقة المقاتلين الأجانب والإيجور للضغط على بكين ومحاولة استنزافها
أفغانستان باتت منصة الإرهاب العالمي وبوابته الرئيسية فى آسيا منذ أكثر من ستين عامًا وتحديدًا منذ وفود ما سُمى بالمقاتلين العرب أو المجاهدين العرب فى العام 1979، وما تلى ذلك من سيطرة حركة طالبان على السلطة، وهو ما اضطر واشنطن إلى غزوها فى العام 2001 حتى خرجت بعد 20 عامًا وتحديدًا فى العام 2021.
وصلت الحركة إلى السلطة مرة أخرى بعد خروج القوات الأمريكية قبل ٤ سنوات، حيث سلمت واشنطن السلطة بعد عقدين لمن كانت تُحاربهم فى أفغانستان، وكان الملاحظ أنّ الحركة لم تتغير، النسخة الثانية مثل الأولى تمامًا مع بعض الفروق التى راعت إلى حد عدم استفزاز المجتمع الدولي.
فالحركة التى احتضنت أسامة بن لادن بعد تفجيرات برجى التجارة العالمي، هى نفسها التى وفرت الحماية له لسنوات طويلة، وقد تم غزو أفغاسنان من أجل الحصول على رأس الرجل، نفس الحماية وفرتها لخليفته أيمن الظواهرى حتى قتل بعد خروج القوات الأمريكية بفترة قصيرة حتى تم مراقبة تحركاته وقتل داخل منزلة فى حى السفارات وعلى مقربة من مقر الحكومة الأفغانية.
على كل الأحوال الحركة وفرت ملاذًا آمنًا لكل المقاتلين الأجانب من كل الأقطار، حتى أصبحت منصة الإرهاب الأولى فى العالم، ومن هؤلاء المقاتلين الأجانب، الإيجور، وهم مسلمو تركستان الشرقية، ولأن هناك حدودا جغرافية ومصالح اقتصادية بين البلدين أفغاسنان والصين، فإنّ التهديد بات كبيرًا.
تهديدات مقاتلى الإيجور
مقاتلو الإيجور فى أفغانستان يمثلون تهديدًا استراتيجيًا للمصالح الصينية؛ حيث يتراوح عدد هؤلاء المقاتلين ثلاثة آلاف مقاتل، خاصة وأنّ السلطات الأفغانية ترفض الإفصاح عن أى معلومات ترتبط بأعداد هؤلاء المقاتلين، وهنا تبدو مشكلة أخرى ترتبط بحصر الأعداد.
كما أنّ الحكومة الأفغانية تستخدم ورقة المقاتلين الأجانب عمومًا ومقاتلى الإيجور على وجه الخصوص للضغط على الصين أو محاولة استنزافها من أجل تحقيق مصالحها أو على الأقل مواجهة التوغل الأمريكى السابق بالوجود الصينى الحالي.
فى نفس الوقت تقوم الحكومة الأفغانية بين الوقت والآخر بإصدار تطمينات إلى الحكومة الصينية، خاصة وأنها تحتاج إلى الحليف الصيني، تحتاج إلى الصين وتضغط عليها فى نفس الوقت، فهناك هدف استراتيجى يرتبط بتحقيق مصالح الحركة الموجودة على رأس السلطة.
وهناك من يرجح أنّ عدد المقاتلين الإيجور فى أفغانستان يتراوح بين سبعمائة إلى ثمانمائة، وقد تتداول الحكومة الأفغانية أرقامًا أقل من ذلك بكثير، بينما الواقع على الأرض وفق المصادر الميدانية يشير إلى أنّ العدد يصل إلى ثلاثة آلاف ومرشح للزيادة.
يستخدم المقاتلون الأيجور أفغانستان نقطة انطلاق إلى مناطق الحروب والصراعات، سواء فى ليبيا أو سوريا، كمثال، كما أنّ هناك عددا غير قليل من الصينيين الذين يقيمون فى أفغانستان، وهنا تتعمد الحكومة الأفغانية إلى إخفاء المعلومات الحقيقية والواقعية الخاصة بهم.
الخطورة تبقى الهجرة العسكرية لهؤلاء المقاتلين من مناطق الصراع لأفغانستان، أو العودة إلى مناطق وجودهم ونفوذهم فى الدولة الحدودية، فهناك معلومات تُشير إلى استعداد قرابة ألفين من هؤلاء المقاتلين إلى العودة إلى أفغانستان.
أولًا: أسباب وجود المقاتلين فى أفغانستان
توفير حاضنة لهؤلاء المقاتلين من قبل حركة طالبان التى وصلت إلى السلطة فى البلاد فى العام ٢٠٢١.
الضغط على الحكومة الصينية التى تسعى لملء الفراغ الأمريكى فى أفغانستان بعد انسحاب الأخيرة.
استخدام أفغانستان كمحطة جهادية تنطلق من خلالها إلى العديد الدول التى تنتشر فيها الحروب والصراعات.
استخدام أفغانستان كمنطقة تدريب وتأهيل لتنفيذ عمليات مسلحة فى إقليم تشانج يانج وباقى الأراضى الصينية، والتى يدعى هؤلاء المقاتلين أنهم يُعانون اضطهادًا فيها.
صحيح توسعت العلاقات بين البلدين، وكان السفير الصينى أول مسئول أجنبى يلتقى مؤسس وزعيم طالبان الملا محمد عمر فى قندهار عام ٢٠٠٠، ولكن تبقى ورقة مقاتلى الإيجور فى الصين المهدد الرئيس والأساسى للعلاقات الإستراتيجية بين البلدن.
وهنا تحتاج الصين إلى ممارسة ضغوط فعليّة على الحكومة الأفغانية تُودى فى النهاية إلى نتيجة ترتبط بتفكيك أى وجود للمقاتلين الإيجار. وصحيح ان التقديرات الصينية بأنّ إقامة علاقات مع الحكومة الأفغانية أمر مقدم على أى خلاف سياسى أو تصدير مشكلة، ولكن هؤلاء المقاتلين سوف يظلون الورقة الخاسرة للصين فى أفغانستان، والتعايش معها قد يُهدد هذه العلاقات، ليس هذا فحسب وإنما سوف يُهدد الأراضى الصينية، فهؤلاء المقاتلون يُرسلون تهديدات بممارسة عمليات إرهابية أو ما يُطلقون عليه تحرير إقليم تركستان الشرقية.
ثانيًا: تفكيك الوجود الخاص بمقاتلى الإيجور
-فرض حصار على هؤلاء المقاتلين داخل الأراضى الصينية وخارجها، مع التنسيق الاستخبارى رفيع المستوى بين الحكومة الصينية والأفغانية.
-قطع شريان الاتصال والتواصل بين المقاتلين خارج الأراضى الصينية وبين نظرائهم المقيمين على الأراضى الصينية.
-تفكيك مجموعات المقاتلين خارج الأراضى الصينية عسكريًا وفكريًا، وهو ما يستلزم معلومات استخباراتية عنهم ومواجهة فكرية لما يطرحونه.
-تقنين أوضاع بعض هؤلاء المقاتلين القانونية فى حال تخليه عن العنف، على أنّ يظهر على شاشات التلفاز ووسائل الإعلام الأخرى للمساعدة فى تفكيك المنظومة الفكرية التى يؤمن بها هؤلاء المقاتلون والتحذير من واقع تجربته انغماس آخرين فى المشروع الجهادي.
-دراسة التوجه الفكرى والأيديولوجى مع دراسة التحركات العسكرية لهؤلاء المقاتلين، واستخدام هذا التوجه فى القضاء عليهم، وهو ما يحتاج إلى مزيد من الدراسات النقدية والبحوث فى هذا السياق، تكون قادرة على قراءة الأفكار المؤسسة التى يُؤمن بها هؤلاء المقاتلون.
-استغلال العلاقات الدبلوماسية بين الصين وأفغانستان والتى تمتد إلى خمسينيات القرن الماضى فى الضغط من أجل تفكيك الوجود الخاص بمقاتلى الإيجور.
-طرح مشاريع استثمارية واقتصادية جديدة تبدو مغرية للجانب الأفغانى من أجل تحقيق مزيد من المكاسب الخاصة بتفكيك الوجود الخاص بمقاتلى الإيجور، خاصة وأنّ البلدين يتمتعان بحدود يبلغ طولها ٧٦ كيلومترا فى جبال بامير شمالى أفغانستان، ولكن لم تستخدم هذه الحدود حتى الآن على مدى عقدين ماضيين من الزمن.
-تطوير العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الصين وأفغانستان إلى تعاون استخبارى أكبر يُساعد فى القضاء على تهديد المقاتلين الإيجور على أمن الصين.
_المطالبة بتسليم الحاجى فرقان من قبل الحكومة الأفغانية، وهو ما سوف يُساعد كثيرًا فى تفكيك الوجود الجهادى لهؤلاء المقاتلين على الأراضى الأفغانية.
-وضع خطة تتعلق بمواجهة المشروع السياسى والأيديولوجى الخاص بالمقاتلين الأيجور وتهديداتهم فى أفغاسنان، وهو ما يستلزم مزيدا من الكتابات التى قد تُساعد فى تحقيق هذا الغرض، خاصة وأنّ هؤلاء المقاتلين باتت لهم ارتباطات وثيقة بتنظيم "داعش" (ولاية خراسان)، فضلًا عن علاقة هؤلاء المقاتلين بفصائل "طالبان".
-تنشيط الوجود الاستخبارى الصينى فى مناطق انتشار المقاتلين الإيجوار وبخاصة في: ولايات بدخشان، تخار، وبادغيس شمال وشمال غرب أفغانستان.
ثالثًا: تطوير الوجود الصينى فى أفغانستان
الصين لها وجود قوى فى أفغانستان ولكنه يحتاج إلى تطوير ليس بهدف التنمية الاقتصادية ولكن بهدف القضاء على التهديدات الخارجية، ومنها مقاتلى الإيجور، خاصة وأنها أول دولة تسلم مقر السفارة الأفغانية لحركة طالبان عام ٢٠٢١ بعد الانسحاب الأمريكى مباشرة، وأرسلت سفيرها إلى كابل مباشرة، وبالتزامن مع التحركات الدبلوماسية، تدفق مئات المستثمرين الصينيين إلى العاصمة الأفغانية.
الوجود الصينى فى أفغانستان يحتاج إلى مزيد من التطوير وتعميق العلاقات، وربما يكون المقايس فى تطوير هذه العلاقات النفوذ الذى ينتهى بتفكيك خطر مقاتلى الإيجور، وليس فقط بزيادة الإستثمارات الصينية فى أفغانستان، أو تحقيق استفادة اقتصادية للصين من وراء ذلك.
وربما هناك فرصة للصين ترتبط بأنّ أفغانستان مشغولة فى الحرب الأوكرانية منذ ما يزيد عن أكثر من عامين، مع الإنسحاب الأمريكى من أفغانستان بعد أكثر من عشرين عامًا، وهنا تبدو قوة العلاقات فى الغطاء الأمنى والاستخباراتى للصين على الأراضى الأفغانية.
تبدو الصين الشريك والمتعاون الأقرب إلى أفغانستان، لكن هذه العلاقة تحتاج إلى دراسة وافية بحيث تجمع ما بين المصلحة والضغط بهدف تحقيق هدف الصين من تفكيك تهديدها الموجود على الأراضى الأفغانية.
ضرورة الاتجاه إلى وجود تعاون مستقبلى يرتبط بعدم استقبال أفغانستان للمقاتلين الإيجور، أو أنّ يضع هؤلاء على لوائح الإرهاب داخل الأراضى الأفغانية، أو توقيع اتفاق أمنى يقضى بتسليم هؤلاء المقاتلين من قبل سلطات الحكم فى أفغانستان.
الفراغ الأمريكى
الصين الدولة الوحيدة القادرة على ملء الفراغ الأمريكي، ولكنها لم تستطع أنّ تحقق كل مطالبها حتى الآن وبخاصة التى تتعلق بالأمن، رغم أنّ كل الظروف مهيئة لتحقيق ذلك، سواء ما حققته الصين فى السنوات الأربع الماضية أو وضع أمريكا وروسيا وإيران التى لم تستطع أنّ تبقى كحليف لحركة طالبان بسبب الاختلافات الأيدولوجية والنزاعات حول موارد المياه.
وفى نفس السياق تضررت علاقة السلطات فى أفغانستان بدولة باكستان بشكل خطير بسبب حركة طالبان الباكستانية الفترة الأخيرة، وهنا بات الظرف الجغرافى والسياسى معًا مهيئًا لتنامى العلاقات ما بين الصين وأفغانستان.
والصين مضطرة لضرورة استغلال الموقع الجغرافى المهم الذى تتمتع به افغانستان، والتى تتمتع بموقع جيوستراتيجى فريد، حيث تربط بين جنوب آسيا وآسيا الوسطى وشرق وغرب آسيا فى نفس الوقت.
رابعًا: محاربة الأهداف الاستراتيجية للإيجور
من المهم رصد الأهداف العليا للمقاتلين الإيجور، خاصة وأنّ هذه القوات تسعى لاستهداف المصالح الصينية فى المنطقة، كرد فعل ما يروج هؤلاء المقاتلون على السياسات التى تتبعها الحكومة الصينية ضد المسلمين الإيغور فى إقليم شينجيانج، وهو ما يستلزم تفكيك خطاب هؤلاء المقاتلين والرد عليه.
كما من المهم تفكيك تحركات المقاتلين الإيجور والتى تسعى إلى إقامة دولة إسلامية داخل الأراضى الصينية، ومحاولة اكتساب تعاطفى عربى وإسلامى وكذلك من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
كما أنه من الضرورى الكشف عن العلاقة الوثيقة بين تنظيم داعش – فرع خراسان، ففك هذا الارتباط قد يُساعد كثيرًا فى التقليل من مخاطر هؤلاء المقاتلين تمهيدًا للقضاء بصورة كاملة على خطرهم.
خاصة وأنّ هناك تقارير ميدانية أكدت وجود تنسيق جزئى وتعاون ميدانى بين بعض بعض مقاتلى الإيجور فى أفغانستان وبين وحركة طالبان، خصوصًا فى المناطق الحدودية الوعرة، حيث تتقاطع المصالح الأمنية والعسكرية.
الانتباه إلى وجود المقاتلين الأيجور فى معاقل خاصة بهم فى منطقة وردوج بولاية بدخشان، وتستفيد من التضاريس الجبلية لتأمين وجودها وتنفيذ عملياتها، وهو ما يحتاج إلى تفكيك أمن وعسكرى عبر التنسيق مع الحكومة الأفغانية.
خامسًا: التهديدات الدولية والأقليمية
يمثل المقاتلين الأيجور تهديدًا أمنيًا كبيرًا للصين ولمحيطها، هذا التهديد مباشر، وهو ما يثير قلق دول الجوار أيضًا، خاصة وأنّ تعاون المقاتلين الإيجور مع المقاتلين الأجانب من دول أخرى وداعش- ولاية خرسان، فضلًا عن التعاون مع حركة طالبان المسلحة، كل هذا يخلق وضعًا يبدو صعبًا من الناحية الأمنية على الصين والمنطقة.
فوجود هؤلاء المقاتلين بكثافة فى شمال أفغانستان يُعقد من المشهد الأمنى والأضرار على الصين، وهو ما يستلزم سرعة المواجهة ومحاولة التفكك. ويعد المقاتلون الإيجور فى أفغانستان يمثّلون جزءًا من المشهد المعقد للجماعات المتشددة فى المنطقة. أهدافهم العابرة للحدود، وعلاقاتهم المتعددة بطالبان وداعش، تجعلهم عاملًا مؤثرًا فى معادلات الأمن الإقليمي، وتستدعى معالجة شاملة تضم الجوانب الأمنية والفكرية والسياسية، كما أنه يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتحليل لمعالجة الأثار والتدعيات بصورة سريعة.