المشاهد الآتية من قطاع غزة، أكثر رعبًا وبشاعة وألمًا، وصور المجازر الوحشية اليومية لا يمكن وصفها أو تحملها أو اختزالها، لأن من قَضَوْا نَحْبَهُم ليسوا مجرد رقمٍ عابرٍ، تجاوز الـ38500 شهيد، و90 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ!
غاب الضمير الإنساني عن مشاهد الدمار الهائلة، على مدار 282 يومًا، ولم يعد يشغل بال العالم تلك الدماء الطاهرة البريئة التي تُسفك، والقصف المروع، الذي خلَّف أعدادًا لا حصر لها تحت الركام والأنقاض، وغضّ الطرف عن انتهاك سافر للإنسانية، مع ثلاثية التجويع والحصار والتهجير.
لم يعد حجم الدمار في غزة قابلًا للتّحمل، بعد أن سقط ضمير العالم، لكن الشيء الوحيد الاستثنائي الذي يستحق التوقف عنده، هو أن ما حصل في «القطاع» غيَّر حقائق تاريخية لسنوات طويلة، وربما لأجيال قادمة، بغض النظر عن نتائج الحرب.
لقد دُمرَت غزة تمامًا، وهُجِّر الشعب الفلسطيني وأُبيد، لكن أهم نقطة في هذه الحرب الظالمة، هو أن «الصهيونية العالمية» التي سيطرت على «الرواية»، منذ نشأة القضية الفلسطينية قبل سبعة عقود، نراها لأول مرة تفقد السيطرة على كذباتها، لأن تلك الحرب هي حرب الوعي والحقيقة، ومن يربحهما يربح المعركة.
للأسف الشديد، اعتقدَ معظم الناس أن القضية الفلسطينية انتهت إلى غير رجعة، لكن ما حصل في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، جعلها تستعيد مكانتها الحقيقية، أي ما قبل «أوسلو»، وما قبل ما يسمى بـ«عملية السلام»، لتعود القضية إلى جوهرها.. وهي باختصار «محتل غاصب يقاتل صاحب الأرض».
لقد اعتقد «الصهاينة» ـ وفقًا لسياستهم الدائمة ـ أن تَقَادُم القضية، وكثرة المُطَبِّعين الرسميين، سيؤدي لظهور أجيال تنسى القضية، لكنهم تناسوا أن التمسك بالقضايا هو الذي يحمي الشعوب والأرض، ويُبقي القضية حيَّة، لأننا عندما نخسر القضية سوف نخسر الأرض.
لعل الحقيقة الدامغة، غير القابلة للجدال أو التأويل، هو أن المقاومة مرَّغت أنف «إسرائيل» ـ ومن يدعمها ـ في التراب، رغم كل الدعم الأمريكي والأوروبي، وهنا لا مجال لحديثٍ عن مَن خسر، ومَن ربح المعركة حتى الآن!
يقينًا، لا تقاس الأمور في القضايا المصيرية من منطلق بورصة الربح والخسارة، خصوصًا إذا كان «الكيان الصهيوني» أضعف بكثير مما يتوهم معظم المنبطحين، لأنه يحمل عوامل الموت الذاتية، لكنه للأسف يحيا بالأوكسجين العربي والإسلامي!
أخيرًا.. لن يُوقف «الكيان الغاصب» مخططه المزعوم بشأن «إسرائيل الكبرى»، ولن يشفع لكل من طَبَّع مع إسرائيل أنه سيكون خارج هذا المخطط، أما القصائد العربية والإسلامية من رفضٍ وشجبٍ واستنكارٍ، فلن تُغَيِّر شيئًا، لأن «مخطط الصهاينة» يسير، وسيشمل الجميع.
فصل الخطاب:
يقول توفيق الحكيم: «أزمة الإنسانية الآن، وفي كل زمان، أنها تتقدم في وسائل قدرتها، أسرع مما تتقدم في وسائل حكمتها».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عملية السلام ضحايا المواصي حصار رفح الحرب على غزة محمود زاهر الغزو البري الاحتلال الإسرائيلي العدوان الصهيوني
إقرأ أيضاً:
عودة الحرب "على مراحل".. خيار إسرائيل البديل إن فشلت المفاوضات
توقعت مصادر في الجيش الإسرائيلي، أن تعطي حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الإذن باستئناف العمليات العسكرية في قطاع غزة "على مراحل"، إذا لم يحدث تقدم في مفاوضات استكمال صفقة إطلاق الرهائن.
ووفقا لما قالته مصادر عسكرية لصحيفة "جيروسالم بوست" الإسرائيلية، فإن الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن العام (الشاباك) والقيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، وسعت بنك الأهداف المحتملة في أنحاء قطاع غزة، خلال فترة وقف إطلاق النار.
وقالت المصادر: "بنك الأهداف سيمكن الحكومة من تصعيد العمليات على مراحل للضغط على قيادة حماس، إذا تعثرت مفاوضات إطلاق سراح الرهائن".
وأشارت "جيروسالم بوست"، إلى احتمال "إعادة احتلال مناطق شمالي قطاع غزة"، كأحد الخيارات المطروحة لمزيد من الضغط على حماس.
ومع ذلك، يؤكد مسؤولو الدفاع على ضرورة دراسة فرص وقف إطلاق النار والمفاوضات بشكل كامل، قبل أي تصعيد عسكري.
ومؤخرا عادت إسرائيل إلى شن عمليات عسكرية محدودة في قطاع غزة، كما زادت حالات استهداف الفلسطينيين في المناطق العازلة.
وشددت إسرائيل الخناق على القطاع المدمر، ومنعت دخول المساعدات الإنسانية إليه، مما ينذر بكارثة إنسانية.
وكانت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة انقضت منذ نحو أسبوعين، وترفض إسرائيل بدء المرحلة الثانية التي تعني فعليا إنهاء الحرب، وهو ما تتمسك به حماس.