نقض الاتفاقات والتهديد بعودة الحرب.. هروب حوثي من التزامات صرف المرتبات
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
تواصل مليشيا الحوثي اغتيال كل المساعي الرامية إلى إحلال السلام وإيقاف الحرب العبثية التي تقودها بإيعاز من إيران، دون مبالاة بأوضاع المواطنين الذين يمرون بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وصعدت المليشيا الحوثية من تحركاتها العسكرية في مختلف الجبهات، في محاولة منها لتأكيد تهديداتها التي أطلقتها مؤخراً بالعودة إلى خيار الحرب في حال لم يتم التراجع عن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها البنك المركزي اليمني وتسببت في عزل المليشيا مالياً عن الخارج.
وسجلت جبهات تعز خلال الـ24 ساعة الماضية، مواجهات عسكرية متصاعدة عقب شن مجاميع مسلحة حوثية هجمات منسقة على مواقع الجيش الحكومي المتمركز في الجبهات الشمالية والشرقية لمدينة تعز. وأسفرت المواجهات عن مقتل وإصابة عدد من العناصر الحوثية التي انكسرت وتراجعت عقب اشتباكات عنيفة مع قوات الجيش.
وبحسب مصادر عسكرية تركزت المواجهات في تبة ياسين، حيث حاولت المليشيا الحوثية التسلل إلى مواقع الجيش، إلا أن القوات الحكومية تمكنت من رصدها والتصدي لها، ما أسفر عن مصرع اثنين من العناصر المتسللة وإصابة 4 آخرين.
وذكر المركز الإعلامي لمحور تعز العسكري أن محاولة التسلل جاءت بالتزامن مع هجوم حوثي بالطيران المسير، وقصف مدفعي على جبهات الضباب، غربي المدينة.
نوايا مفضوحة
خلال الأسابيع الماضية، فشل مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن في تحقيق أي نتائج إيجابية في مباحثات "مسقط" بين وفدي الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ومليشيا الحوثي. وعلى الرغم من التصريحات التي تطلقها القيادات الحوثية بشأن نواياها تجاه ملفات إحلال السلام، إلا أن الواقع مغاير، فالاجتماعات والمشاورات التي تشارك فيها المليشيا لا تفضي إلى أي اتفاقات شاملة، بل تسعى وفودها المشاركة الحصول على مكاسب وامتيازات سياسية مقابل تجزئة الملفات والمماطلة.
في اجتماعات مسقط بشأن ملف الأسرى والمحتجزين، رفضت المليشيا كل محاولات مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بشأن إبرام صفقة تبادل شاملة وكبيرة على قاعدة "الكل مقابل الكل" خصوصاً وأن القيادات الحوثية المشاركة في الاجتماعات أكدت سابقاً على أن عودة مشاركتها لنقاش ملف الأسرى والمحتجزين سيكون على هذه القاعدة، وهو ما رفضت لاحقاً عقب وصولها إلى سلطنة عُمان.
ما جرى في مسقط ليس مغايراً عن اتفاق "طيران اليمنية" الذي تنصلت مليشيا الحوثي من تنفيذه في أقل من 24 ساعة. حيث رفضت المليشيا السماح بإقلاع طائرات اليمنية المختطفة في مطار صنعاء، تحت مبررات واهية، في محاولة ابتزاز مكشوفة فضحت حقيقة هذه المليشيا التي تعرقل جهود السلام في اليمن، وتتنصل من الاتفاقات لصالح أجندتها التدميرية التي تعمّق الأزمة وتزيد من أوجاع اليمنيين.
ومع تجمد كل الجهود الأممية الرامية إلى إحلال السلام وكذا جهود الوساطة العُمانية والسعودية لتنفيذ خارطة طريق السلام؛ عادت المليشيا الحوثية للتلويح بخيار الحرب وتهديد السعودية، رداً على عودة تصاعد المطالبات بصرف المرتبات المنهوبة من الإيرادات الحكومية التي تسيطر عليها المليشيا الحوثية. وكذا رداً على الإجراءات الصارمة التي تقودها الحكومة اليمنية والبنك المركزي اليمني لعزل هذه المليشيا مالياً ومصرفياً.
عجز المواجهة
مع الإجراءات المتصاعدة من قبل الحكومة والبنك المركزي في عدن، وجدت مليشيا الحوثي نفسها في نفق مظلم عاجزة عن مواجهة تلك الإجراءات التي ضيقت من سيطرتها على القطاع المصرفي المالي. فخرج زعيمها عبد الملك الحوثي بخطابات متكررة مؤخراً للتلويح بخيار عودة الحرب واستهداف السعودية وغيره من التصعيد الكلامي الرامي إلى الابتزاز بدرجة رئيسة، خصوصاً مع تعالي الأصوات في مناطق سيطرتها لأجل صرف المرتبات المنهوبة منذ نحو 9 سنوات.
الحكومة اليمنية أكدت أن إجراءات البنك المركزي ذات طابع سيادي وهدفها استعادة السيطرة على القطاع المالي والمصرفي الذي دمرته المليشيا الحوثية وتسببت في انهيار اقتصادي كبير، وقالت إن المليشيا قادت حرباً اقتصادية عنيفة على الحكومة بدءاً من منع تداول الطبعة الجديدة من العملة وصولاً إلى إيقاف تصدير النفط عبر ضرب موانئ التصدير بالطائرات المسيرة.
الكثير من التصريحات التي أطلقها برلمانيون وسياسيون ونشطاء في مناطق سيطرة الحوثيين تطالبهم بصرف المرتبات. وهذه المطالبات ردت عليها المليشيا الحوثية بالتصعيد عسكرياً تحت شماعة مواجهة "المؤامرة الدولية والإقليمية".
عسكرياً، أكد وزير الدفاع اليمني، الفريق ركن محسن الداعري، أن التهديد الحوثي بالتصعيد وعودة الحرب ليس بجديد على هذه المليشيا التي تطلق مثل هكذا تصريحات مع كل جولة مفاوضات؛ فهم يحاولون اختلاق كثير من الذرائع بهدف إفشالها، وبغرض الابتزاز والتنصل من أي اتفاق أو تسوية تم الاتفاق عليها.
وقال: "نحن لدينا تجربة كافية أن هذه المليشيا لا يمكن أن تفي بالعهود على الإطلاق وأنها تتنصل من أي اتفاقيات، كلما كانت الأمور في صالحها هي تستجيب وإذا كانت الأمور لا تخدمها تتمرد وتستخدم أساليب كثيرة للالتفاف على القرارات والاتفاقيات".
وأضاف وزير الدفاع اليمني: "الأشقاء في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان توصلوا إلى اتفاقات معينة وحاولوا تقديمها كخارطة طريق للسلام، لكن تهديدات زعيم المليشيا تؤكد أنه لا مجال أن يكون هناك سلام مع هذه المليشيا، ونحن مستعدون وجاهزون في أي وقت، وما ننتظره هو قرار سياسي يوجهنا لردع أي مغامرات وتهديدات من قبل المليشيا".
ورقة ابتزاز
ويرى المراقبون أن عرقلة الحوثيين لتنفيذ خريطة طريق السلام والتصعيد والتلويح بالعودة للحرب ما هي إلا ورقة ابتزاز تمارسها هذه المليشيا. كما أن هذه آخر الحيل الحوثية التي تحاول المليشيا اللجوء إليها لمواجهة الإجراءات الاقتصادية.
ربط المراقبون تصعيد الحوثي الإعلامي بالأزمة الداخلية التي يعيشونها من صراع الأجنحة والتنافس على السلطة، أو المتعلقة بالأوضاع المعيشية المتدهورة في مناطق سيطرتهم في ظل نهب المرتبات والإيرادات العامة وسياسة التنكيل والاضطهاد التي تنذر بثورة قادمة ضدهم.
تساؤل وجهه البرلماني البارز في صنعاء أحمد سيف حاشد، حول سبب زعيق من سماهم النهّابين واللصوص تجاه الموظفين البسطاء المطالبين بمرتباتهم المنقطعة منذ سنوات، مستغرباً كيف يتم التعامل مع كل من يطالب بمرتبه وكيف يتم إطلاق التهم عليه من الخيانة والعمالة والتآمر والنفاق وغيرها من الأوصاف.
وقال في تغريدة على حسابه في موقع "إكس": لما تحدث الموظفون عن مرتباتهم المنقطعة منذ عشر سنوات، أصبحت المطالبة بالمرتبات عنواناً عندها للعمالة والتآمر والنفاق". وأضاف: "لماذا عندما نتحدث عن المرتبات، النهابون واللصوص والفاسدون يزعقون هم وذبابهم؟!". وقال: "المطالبة بالمرتبات عند هؤلاء "وكأنك تكويهم بالنار".
ويؤكد الناشط السياسي في المكلا، محمد سعيد، أن التهديدات ما هي إلا ظاهرة صوتية ودائماً ما يلجأ إليها الحوثيون للخروج من أزماتهم وتضييق الخناق عليهم كما هو حادث اليوم مع القرارات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي بإيقاف البنوك ونقل مراكز المقار للمنظمات ومكاتب النقل وغيرها من صنعاء إلى العاصمة عدن.
وأضاف إن الحكومة استخدمت الطرق المشروعة لإنهاء الانقسام المالي والمصرفي واستعادة السيطرة على الجانب الاقتصادي والمالي وهو ما يخشاه الحوثي وجماعته الذين أصبحوا بفعل هذه القرارات في معزل عن العالم. وهذا الأمر جعلهم لا يملكون غير التهديد بالحرب وأنهم سوف يصعدون عسكرياً وضرب المطارات والموانئ هنا وهناك.
وقال الناشط الحضرمي: هذه المليشيا حقيقة لا تستطيع أن تعيش إلا في ظروف الحرب، وما جولة المحادثات في مسقط واتفاق "طيران اليمنية" إلا دليل على التعنت الحوثي وحقيقة على نواياهم في العودة للحرب.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الملیشیا الحوثیة هذه الملیشیا
إقرأ أيضاً:
فريق بايدن يدفع بقوة نحو تحقيق السلام في السودان
تطلق إدارة بايدن حملة في اللحظة الأخيرة لمعالجة الحرب الأهلية المدمرة في السودان والتي تحولت إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المستمرة في العالم، ويدرس مسؤولو الإدارة الأميركية خططاً لإعلان الفظائع في السودان بمثابة إبادة جماعية وإصدار حزمة
واشنطن - NatSec Daily - بقلم روبي جرامر ونهال الطوسي
18/12/2024
تطلق إدارة بايدن حملة في اللحظة الأخيرة لمعالجة الحرب الأهلية المدمرة في السودان والتي تحولت إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المستمرة في العالم.
ويدرس مسؤولو الإدارة الأميركية خططاً لإعلان الفظائع في السودان بمثابة إبادة جماعية وإصدار حزمة من العقوبات الجديدة على ميليشيا سودانية تتنافس على السلطة في الحرب، بحسب ما قاله أربعة مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الأمر لصحيفة "NatSec Daily".
وتشمل العقوبات المفروضة على قائد ما يسمى بميليشيا قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" ومؤسسات أخرى تابعة لقوات الدعم السريع.
واتهمت الولايات المتحدة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب، واتهمت قوات الدعم السريع بالتطهير العرقي.
ويضغط مسؤولون وخبراء آخرون من خارج الإدارة على فريق بايدن لتعيين مسؤول كبير في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للإشراف على استمرار تدفق المساعدات الأميركية والدولية إلى البلد المنكوب بالحرب بينما تستعد واشنطن لتغيير السلطة بين إدارتي جو بايدن ودونالد ترامب . وقد مُنح هؤلاء المسؤولون عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مداولات السياسة الداخلية بحرية.
وتأتي هذه الجهود في الوقت الذي يتوجه فيه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى نيويورك يوم الخميس لحضور اجتماع رفيع المستوى للأمم المتحدة بشأن السودان. وقبل اجتماع الأمم المتحدة، سعى المسؤولون الأميركيون إلى إنشاء ممرات إنسانية جديدة إلى المناطق المتضررة بشدة في السودان، بما في ذلك الخرطوم، عاصمة البلاد.
وبالنظر إليها مجتمعة، تعكس هذه التدابير الدفعة النهائية التي يبذلها فريق بايدن لدفع التقدم نحو إنهاء الحرب الأهلية السودانية بعد جولات متعددة من محادثات السلام الفاشلة والضغوط المتزايدة من المشرعين الأميركيين والمنظمات الإنسانية لبذل المزيد من الجهد خلال شهرهم الأخير في مناصبهم.
ورغم أن الصراع في السودان لا يحظى إلا بجزء ضئيل من الاهتمام العام أو تمويل الإغاثة الإنسانية الذي تحظى به الحروب في الشرق الأوسط أو أوكرانيا، فقد دفع الصراع في السودان ملايين البشر إلى شفا المجاعة. كما أصبح برميل بارود جيوسياسي، حيث تتنافس القوى الأجنبية بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإيران ومصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا على النفوذ بين الأطراف المتحاربة في حين تعمل على إطالة أمد الحرب وتفاقمها.
واجهت إدارة بايدن انتقادات حادة من المشرعين مثل السيناتور جيم ريش (جمهوري من ولاية أيداهو)، الرئيس القادم للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لعدم بذلها ما يكفي من الجهود لمحاسبة محركات الحرب الأهلية السودانية. كما انتقدت منظمات حقوق الإنسان إدارة بايدن لعدم محاسبة الإمارات العربية المتحدة علنًا على دورها في الصراع أيضًا. وقد اتُهمت الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على نطاق واسع بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع أثناء تنفيذها حملة من القتل الجماعي والاغتصاب في جميع أنحاء السودان.
وقال السيناتور بن كاردين (ديمقراطي من ماريلاند)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ المنتهية ولايته، لصحيفة NatSec Daily: "إن الولايات المتحدة بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود. كما يتعين على الإمارات العربية المتحدة أن تتوقف عن تأجيج النار هناك".
وقال كاميرون هدسون ، الخبير في العلاقات الأمريكية الأفريقية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن أي إجراءات نهائية من جانب إدارة بايدن بشأن السودان يمكن أن "تحرر ترامب من الاضطرار إلى اتخاذ تلك القرارات" وتمكن المشرعين الذين يركزون على الصراع من "استخدام هذا كوقود لمواصلة دفع ترامب لمواصلة القيادة الأمريكية في السودان".
وأضاف "إن أي زخم يمكن أن ينتج عن هذا هو أمر جيد إذا كان من الممكن أن ينتقل إلى الإدارة المقبلة".
يُنظر إلى تحديد الإبادة الجماعية أو الفظائع المتجددة على أنها أداة سياسية مهمة لحشد انتباه المجتمع الدولي إلى الأزمة. وقال مسؤولان إن وزارة الخارجية لا تزال تدرس إعلان الإبادة الجماعية، الأمر الذي يتطلب مراجعات قانونية وفنية داخلية مكثفة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بلينكين سيؤيد مثل هذا الإجراء. حذر خبراء الأمم المتحدة بالفعل من أن الصراع في السودان يشبه بشكل متزايد الإبادة الجماعية .
ورفضت وزارة الخارجية التعليق على الأمر بشكل محدد، قائلة إنها لا تناقش علنًا العقوبات أو القرارات الجديدة مسبقًا. وقالت إنها تدفع من أجل وقف فوري للأعمال العدائية وفتح ممرات إنسانية إلى السودان للوصول إلى المدنيين الأكثر ضعفًا في البلاد. ورفض مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض التعليق .
*_ساعد فى كتابة التقرير: بول ماكلياري، وفيليم كين، وكونور أوبراين، ودانييل ليبمان_*