عربي21:
2024-12-22@11:40:22 GMT

الأسد.. جيفة سياسية

تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT

لم يعد نظام الرئيس السوري بشار الأسد مالكا لنفسه، في ظل وجود عشرة جيوش أجنبية وأكثر من 66 مليشيا طائفية عابرة للحدود على الأرض السورية، وفي ظل تفسخ النظام بشكل خطير، حتى غدا هذا التفسخ ينعكس على دول الجوار، لكنه ومع هذا يسعى إلى الاستثمار في حالة تفسخه، كي يؤذي جيرانه أكثر مما آذاهم. لكن يبقى أن النظام السوري ميّت سياسيا، ومرتبط ارتباطا عضويا بالدول التي أبقته على قيد الحياة السياسية طوال سنوات الثورة، بعد أن أكد غير مرة المسؤولون الروس والإيرانيون أنه لولاهم لسقط النظام منذ بداية الثورة.

وتلك حقيقة لا يمكن نكرانها، إذ كانت قوات المعارضة بدية الثورة على أبواب دمشق، لكن ما حال دون تقدمها هو التدخل الإيراني ثم الروسي.

تأخر النظام السوري في الرد على العروض التركية الأخيرة في عقد مفاوضات مباشرة بين الرئيسين أكد هذه الحقيقة، وهي أن النظام ليس ملك نفسه، ولا قراره من عندياته، فقد كان الفيتو الإيراني أقوى حتى من الفيتو الروسي الذي ظن البعض أنه سيفرضه على النظام، بعد أن تمكنت إيران من مفاصل الدولة السورية، ونجحت في تغيير ديمغرافية سوريا عبر تشريد أكثر من 14 مليون سني، فلا يمكن لها أن تتسامح اليوم بعد هذا النجاح الذي حلمت به؛ مع عودة اللاجئين السوريين إلى أراض ابتلعتها مع مليشياتها.

تأخر النظام السوري في الرد على العروض التركية الأخيرة في عقد مفاوضات مباشرة بين الرئيسين أكد هذه الحقيقة، وهي أن النظام ليس ملك نفسه، ولا قراره من عندياته، فقد كان الفيتو الإيراني أقوى حتى من الفيتو الروسي الذي ظن البعض أنه سيفرضه على النظام
ونحن نرى ونتابع مشاهد الإذلال والتعذيب والقتل الهمجي الذي تمارسه مليشيات النظام السوري مع العائدين إلى سوريا، وتقارير منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية عن سجن العائدين، واختفاء الكثيرين وراء القضبان، فضلا عن تصفية العشرات منهم. كل هذا ليؤكد أن ما تطمح به الدول المجاورة والمفاوضة للنظام من إعادة اللاجئين هو حلم، لن يقبل به النظام وحلفاؤه، ودليله هو رفضه لذلك مع الدول التي سعت للتطبيع معه خلال السنوات الماضية، فلم يعد لاجئ واحد.

المتابع للنظام السوري وخطابه، ومعه خطاب حلفائه الإيرانيين والروس، يجد أن الجميع لم يُغير حرفا واحدا في خطابهم تجاه الثورة السورية أو تجاه الدول التي دعمت الثورة السورية، خطاب اقتصر على أن ما جرى في سوريا إرهاب وتدخل خارجي، وأن الأوضاع ينبغي أن تعود إلى ما قبل عام 2011، بل ويطالبون داعمي الثورة بالاعتذار عن كل ما فعلوه من دعم خيارات الشعب السوري، في مقابل تراجع حلفاء الثورة السورية عن خطاباتهم التي ظهرت متماهية في كثير من جانبها مع خطاب النظام وحلفائه، مما يعني استحالة التوصل إلى نقاط مشتركة مع هذا النظام، الذي يصر على مواقفه وحكمه وتشبثه بالسلطة، فضلا عن التمسك بخياراته وكأن شيئا لم يحصل طوال 13 عاما من قتل وتعذيب وتشريد واستخدام للكيماوي والبراميل المتفجرة، ونحو ذلك من الجرائم المخيفة بحق الإنسانية.

المتابع للنظام السوري وخطابه، ومعه خطاب حلفائه الإيرانيين والروس، يجد أن الجميع لم يُغير حرفا واحدا في خطابهم تجاه الثورة السورية أو تجاه الدول التي دعمت الثورة السورية
اللافت أنه مع كل تنازل تقدمه الدول التي دعمت الثورة السورية نرى تصعيدا على الأرض من قبل النظام السوري وحلفائه، كما حصل مؤخرا في التصعيد الذي لجأت إليه القوات الروسية والإيرانية وحتى قوات النظام السوري بقصف مناطق إدلب؛ إما عبر طائرات الدرون الانتحارية الإيرانية، أو من خلال قصف الشمال السوري المحرر بالصواريخ الفراغية الروسية شديدة الانفجار، ومعها قذائف المدفعية والصواريخ المتخصصة بها مليشيات النظام السوري. كل ذلك يؤكد على أن هذا المحور يستغل تنازل وتقرب الدول الداعمة للثورة باتجاه النظام، في ممارسة مزيد من الضغوط على الثورة السورية وحاضنتها.

بقي أن نقول حقيقة مهمة قد تغيب عن أذهان الكثيرين، وهي أن حالة المنطقة بشكل عام حالة سيولة، لم تتشكل، واتخاذ قرارات استراتيجية لها آثارها البعيدة والاستراتيجية على المنطقة خطأ فاحش، ولعل ذلك تجلّى بشكل واضح وجلي في حرب غزة، فكل من راهن على أن الوضع قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر في صالح الصهاينة، فراح يتقرّب إليهم بالتطبيع واللقاءات الحميمة، تكشف له بعد السابع من أكتوبر أن ظاهر الحياة السياسية مختلف عن باطنها. وهذا في حالة الكيان الصهيوني البغيض الذي يرى الجميع قوته وجبروته، فكيف يمكن التعويل على نظام متفسخ ميت سياسيا، غدا جيفة سياسية، تقضي على كل من يقترب منها، تقضي عليه فيزيائيا أو سياسيا، أو شعبيا وسط الأمة المسلمة التي تضامنت ودعمت وساندت ولا تزال الثورة السورية؟

فإياكم من الاقتراب من جيفة سياسية برقبتها أكثر من مليون شهيد ومليوني معتقل وجريح، و14 مليون جريح، وبرقبتها استخدام لسلاح الدمار الشامل الكيماوي لـ217 مرة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد الثورة سوريا سوريا الأسد تركيا أردوغان الثورة مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الثورة السوریة النظام السوری الدول التی

إقرأ أيضاً:

مخاوف الأقليات السورية من هجمات انتقامية بعد سقوط نظام الأسد الهارب

سرايا - يوسف الطورة - رصد خاص - تزايدت مخاوف الأقليات السورية، بعد حالة الفوضى التي تسيطر على مناطق في البلاد، في اعقاب سقوط نظام بشار الأسد، خاصة مع هجمات انتقامية تسعى لتصفية الحسابات الشخصية والطائفية، في محافظة اللاذقية، حيث تسكن الطائفة العلوية المؤيدة للأسد.

وتعيش العائلات في خوف دائم من الهجمات الانتقامية التي طالت قرى مثل "الحكيم"، حيث أُحرقت منازل، وفر السكان المحليين، إلى جانب تجمعات بصفتها معاقل النظام.

في دمشق وحماة، رصدت عمليات إعدام ميدانية وعمليات قتل خارج نطاق القانون استهدفت عناصر سابقة من النظام، حيث ظهر مسلح يطلق النار على شخصين أيديهما موثوقة، بينما يتوسلان للحصول على فرصة للبقاء على قيد الحياة.

"هيئة تحرير الشام"، التي سيطرت على دمشق وتسعى لفرض النظام، تعهدت بحماية الأقليات وإعادة الأمن، لكن على أرض الواقع، تجد الهيئة صعوبة في كبح الهجمات الانتقامية، حيث تستغل الفوضى لتصفية الحسابات.

في مركز "المصالحة" باللاذقية، يصطف أفراد من الشرطة والجيش السابقين لتسوية أوضاعهم على أمل الحصول على الأمان، في حين يتردد كثيرون في تسليم أسلحتهم تحسباً من الحاجة للدفاع عن أنفسهم مستقبلاً.

في "مصياف"، حيث يعيش مسيحيون وعلويون وشيعة، يعيش السكان في حالة انقسام وتوتر بعد حوادث اختطاف وقتل لأفراد من مجتمعهم.

في مشرحة محلية، تجمع الأهالي بحثاً عن جثث أحبائهم المفقودين، حيث قوبل الحزن بالغضب والوعيد، حيث تصرخ امرأة فقدت ولديها منذ 2015 قائلة: "نريد الانتقام"، مما يعكس عمق الانقسامات والمخاوف التي تواجه البلاد في المرحلة الانتقالية.

بين وعود هيئة تحرير الشام بإعادة وفرض الاستقرار، وتصاعد الهجمات الانتقامية في أجواء الفوضى، تواجه سوريا مرحلة معقدة تتطلب حلولاً عاجلة لتهدئة المجتمع تحسبا لتداعيات الانتقام.

وفر رئيس النظام السوري بشار الأسد برفقة أفراد عائلته إلى روسيا التي منحته لجوء إنساني، بعد سيطرة الفصائل المسلحة على اخر معاقله العاصمة دمشق.

وعرفت الأقليات السورية خاصة الطائفة العلوية التي تنحدر منها الأسرة الحاكمة، تأييدهم للأسد، كأحد أبرز اذرع النظام التي واجهت الثورة الشعبية في بدايتها، قبل تدخل الحلفاء الروسي والإيراني والميليشات العراقية وحزب الله، لمواجهة الفصائل المسلحة، وفقا للرواية النظام الرسمية، في تبربر هجماته على معاقل الثورة.





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 828  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 19-12-2024 07:18 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
مشهد مرعب .. قطار اصطدم بصهريج! (فيديو) جريمة لا تُصدق في بلد عربي .. طعنوه وعذبوه ونشروا الفيديو على مواقع التواصل حادث مأساوي .. وفاة صياد بعد سقوط دب من شجرة عليه لدغته خطيرة .. القضاء على "الدبور القاتل" في هذا البلد بعد طرده من اجتماع اللجنة المالية .. أمين عام... بالفيديو .. رئيس مجلس النواب يتدخل وينهي الخلاف... الإفراج عن صاحب شركة مضاربات مالية ومنعه من السفر -... صحيفة تركية تكشف المستور .. الأسد قدم إحداثيات... بالفيديو .. مشادة كلامية بين نواب وأمين عام ديوان... السيسي يرفض فصل غزة عن الضفة ويدين انتهاكات...تسلل 4 إسرائيليين إلى لبنان .. والشرطة توقفهم 3 بيانات .. روايات إسرائيلية متضاربة بشأن صاروخ يمنيبوتين: نأمل أن تغادر إسرائيل الأراضي السوريةصنداي تايمز تكشف معلومات مثيرة عن أقارب الأسد وثرواتهموزير النقل السوري: الطيران في الأجواء السورية...مقاتل قسامي يطعن ضابطًا إسرائيليًا و 3 جنود و يجهز...بوتين: أعتزم التحدث مع الأسد وأسأله عن صحفي أميركي...أحمد الشرع: علاقتنا بتنظيم القاعدة أصبحت من الماضي إيمي طلعت زكريا تُحيي ذكرى ميلاد والدها بهذه الطريقة رجل أعمال يطلب الزواج من حياة الفهد بمهر خرافي شرط وحيد وضعه الزعيم عادل إمام للعودة للتمثيل كارلا حداد تعلن انفصالها عن زوجها وائل قسيس مفاجأة .. بشأن إمكانية عودة عادل إمام للتمثيل المنتخب الوطني لكرة القدم يحتل المركز 64 عالميا تصنيف فيفا .. الأرجنتين تواصل الصدارة مدرب توتنهام: التدريب في إنجلترا أصعب من رئاسة الوزراء منتخب النشامى يحافظ على مركزه في التصنيف العالمي ريال مدريد يتوج بطلاً لكأس القارات للأندية 2024 بسبب عيد الميلاد المجيد .. ألمانيا تطلق سراح مئات السجناء! في حادث مرور بباريس .. مصرع عارضة أزياء روسية معروفة ترامب معجب بشكل خاص بالبرغر والصودا .. رئيس الطهاة السابق في البيت الأبيض يكشف عن عاداته الغذائية الذكاء الاصطناعي يؤلف أغنية لصاروخ "أوريشنيك" جريمة راح ضحيتها طفلٌ .. وهذه هويّة القاتل عروس أوجعت قلوب المصريين .. الكفن بديل فستان الزفاف - صور هل سمعتم يومًا بالدكتاتور الذي تسبب في حرب قتل بها 90% من الذكور ببلاده؟ استأجرت الأهرامات .. "مستر بيست" يفجر جدلاً وحواس يوضح ثالث جراحة عالمياً لزراعة كُلية حيوان لمريضة أمريكية صينية تتظاهر 5 سنوات بأنّها أختها المتوفاة

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • قمر قسوم تواصل البحث عن شقيقها المفقود في سجون النظام السوري بعد سقوط الأسد
  • من القمع إلى الحرية.. تحولات الإعلام السوري بعد سقوط النظام
  • إسرائيل تحتل قريتين في حوض اليرموك بمحافظة درعا السورية
  • الأسلحة الكيميائية.. سر نظام الأسد المظلم الذي يخشاه الغرب وإسرائيل
  • موقف حركة النهضة وحلفائها من الثورة السورية
  • وزارة الإعلام السورية تدعو المنشقين للعودة لبناء إعلام حر
  • أدوات تعذيب متنوعة داخل أحد فروع أمن النظام السوري بحلب (شاهد)
  • بالتفصيل.. الرواية الكاملة لهروب رئيس النظام السوري السابق «بشار الأسد»
  • مخاوف الأقليات السورية من هجمات انتقامية بعد سقوط نظام الأسد الهارب
  • وزير النقل السوري: الطيران في الأجواء السورية آمن ومفتوح