بعد غناء كاهن مصري.. خبير آثار يطالب بضوابط لدراسة المومياوات المصرية
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
إدّعى علماء آثار فى إنجلترا أنهم قاموا بإحياء صوت كاهن مصري يدعى نسيامون، وغنى مدائح العبادة في معبد الكرنك مرددا كلمات للآلهة المصرية مثل نوت إلهة السماء بفضل التقدم المذهل في تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد
وفى ضوء ذلك أشار خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار إلى أن الدرسة منشورة علميًا في مجلة ساينتفيك ريبورتس، بقيام فريق من الباحثين في إنجلترا بإعادة بناء صوت نسيامون بعد ثلاثة آلاف عام اعتمادًا على جودة التحنيط بحفظ الجهاز الصوتى
وادّعى الفريق إنهم أنتجوا صورة ثلاثية الأبعاد للجزء الداخلي من حلق نسيامون تم دمجها مع الحنجرة الإلكترونية لإعادة بناء الصوت والمومياء نطقت ألفاظ مثل "أه وإيه" وأنه فى المستقبل من الممكن أن يتكلم كلمات واضحة
وأوضح الدكتور ريحان أن هذا الأمر لعبة دعاية تحت ستار علمى بدليل نشر الخبر هذه الأيام مع أنه منشور منذ عام 2020 لنفس الفريق العلمى بجامعتى لندن ويورك ومتحف ليدز ببريطانيا وذكروا فى الخبر القديم أنهم بالتقدم العلمى سيجعلون المومياء تتكلم ولم يحدث أى شىء جديد منذ 4 سنوات، دليل على أن ادعاءاتهم لا علاقة لها بالعلم بل هى دعاية لمتحف مدينة ليدز من المتاحف الشهيرة بإنجلترا أنشىء منذ عام 1868 والمحفوظة به مومياء نسيامون، واستغلوا عبارة مكتوبة على النعش "نسيامون صادق الصوت" وهى أمنية نسيامون في العالم الآخر فى إطار المعتقد المصرى وبدأوا اللعب على هذا الوتر لتحقيق أمنيته لإعطاء مصداقية لما قاموا به
ونوه الدكتور ريحان إلى شخصية الكاهن نسيامون، فهو كاهن مصرى ارتقى منزلة خاصة فى معبد آمون وعاش فى فترة حكم رمسيس الحادي عشر ما بين عامي 1099 و1069 قبل الميلاد، وكان بيتميز بصوت جهورى لقراءة الترانيم
وأضاف بأنه ليست المرة الأولى تأتى هذه الخرافات للدعاية لأنفسهم ومتاحفهم والإساءة للمومياوات والآثار المصرية بمتاحف العالم، ففى أكتوبر 2022 أثار المتحف الوطني بالعاصمة البولندية وارسو وجود مومياء حامل بالمتحف كنوع من الدعاية نقلًا عن علماء بولنديين نشروا بحثهم بمجلة العلوم الأثرية ونشرت بموقع «Ancient-Origins» بإجراء عمليات مسح بالأشعة السينية والمقطعية لجسد المومياء مما أسفر عن حدث فريد من نوعه وهو أن المومياء التى فارقت الحياة قبل ألفين عام لازال برحمها جنين بعمر يتراوح من 26 إلى 30 أسبوعًا، وتصدى لذلك العلماء المصريين وأكدت الدكتورة سحر سليم أن الحمل كاذب والبحث مجرد دعاية ودى حشوات اعتاد المحنطون المصريون وضعها داخل مومياوات كثيرة سبق فحصها لأسباب مرتبطة بعملية التحنيط ذاتها.
وتابع الدكتور ريحان بأنه فى 24 يونيو 2013 إدعت إدارة متحف بمدينة مانشستر البريطانية أن كاميرات المراقبة أظهرت تحرك تمثال مصري قديم داخل فاترينة العرض بمقدار 180 درجة نتيجة لعنة الفراعنة، وفسّر البعض أنه لو صح الخبر فربما نتيجة احتكاك بين التمثال وزجاج الفاترينة أو ذبذبات حركة الزوار
وأضاف بأن أحدث الإدعاءات التى تهين الحضارة المصرية كانت فى يونيو الماضى حين نشر متحف «الشرق الأدنى ومصر والبحر الأبيض المتوسط»، بجامعة سابينزا فى روما، مقالة علمية فى مجلة التراث الثقافي Journal of Cultural Heritage، المجلد 67 عدد مايو – يونيو 2024 تفاصيل استنساخ مومياء رمسيس الثانى بإنتاج نسخة طبق الأصل من مومياء رمسيس الثاني بمواد عضوية ومستدامة والسماح بعرضها بدون واجهة عرض وحتى لمسها من قبل الزوار في المتحف قمة الإهانة للحضارة المصرية
ومن هذا المنطلق ترفض حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان العبث بالمومياوات المصرية بالمتاحف العالمية الذى يتنافى مع قواعد الأخلاق المعروفة كما يعد إهانة لكرامة الأجداد، وفى حالة أى دراسات علمية يجب أن تكون بمشاركة علماء مصريين لنضمن أمانة احترام هذه المومياوات فى التعامل معها ونتائج الدراسات، وكيفية تصويرها دون اختراقها أو إتلافها
وتطالب حملة الدفاع عن الحضارة بمخاطبة الدولة لهذه المتاحف بحرمة المومياوات المصرية وكيفية التعامل معها فهى ليست مجرد آثار بل هم أجدادنا يحلّون ضيوفًا فى متاحفهم، والأمر يتطلب أمانة إدارات هذه المتاحف فى التعامل مع الأجداد، وفى حالة الدراسات العلمية يجب أن تكون فى وجود وبمشاركة علماء مصريين لضمان حرمة التعامل وعدم اختراق المومياوات أو إتلافها، لأهمية هذه الدراسات فى إلقاء المزيد من الضوء على معالم الحضارة المصرية والعلاقة بين الإنسان والبيئة والأمراض المنتشرة والمتوطنة والفيروسية وكيفية مقاومتها وسبل العلاج المختلفة، وفى حالة مخالفة هذه المتاحف للضوابط يتم قطع التعاون الثقافى معها المتمثل فى بعثات الحفائر والترميم والمعارض الخارجية وغيرها
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المومياوات المصرية كاهن مصري المجلس الأعلى للثقافة
إقرأ أيضاً:
مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «7»
متابعة لما سبق ذكره فـي الحلقة الماضية، يصير «الشَّيخ»، فـي طور آخر، مُؤنْثَنًا كما -على سبيل المثال لا الحصر- فـي فـيلم «تِن بان آلي» Tin Pan Alley (من إخراج وولتر لانغ Walter Lang، 1940) (1). و«الشَّيخ»، بطبيعة الحال واللقب، يمكن بسهولة أن يكون ديكتاتورًا بدائيّا متخلِّفًا، معاديًا للديمقراطيَّة والتَّحديث كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «مُغِيرو الصَّحراء» [Raiders of the Desert] (من إخراج جون راولنز John Rawlins، 1941). ولا غرو أبدًا فـي أن يتجلَّى «الشَّيخ» بوصفه نصيرًا متحمِّسًا للنَّازيَّة على الجانب الخاطئ من التَّاريخ، فـي خضم أحداث الحرب العالميَّة الثَّانية، كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «يانكيٌّ فـي ليبيا» [A Yank in Libya] (من إخراج آل هِرْمَن Al Herman، 1942). ويجد «الشَّيخ» نفسه وهو مُقَحَمٌ بوصفه مقامرًا فـي أحداث تدور فـي أوروبا خلال أواسط القرن التَّاسع عشر كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «الآثم العظيم» [The Great Sinner] (من إخراج روبرت سيادماك Robert Siodmak، 1949( المقتبَس من رواية «المُقامِر» لفـيودور دوستويفسكي Fyodor Dostoevsky المنشورة للمرة الأولى فـي 1886. ويتجلَّى «الشَّيخ» باعتباره خصمًا لأمريكا ومعاديًا لها كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «سيَّدة الفولاذ» [The Steel Lady] (من إخراج إدوَرد أندري دبونت Edward Andre Dupont، 1953). ويمكن أن يكون «الشَّيخ» ضحيَّة بريئة للاستهداف والتَّقصُّد كما -على سبيل المثال لا الحصر- فـي فـيلم «اهزم الشَّيطان» [Beat the Devil] (من إخراج جون هيوستن John Huston، 1945). وفـي جعبة «الشَّيخ» أيضًا فرصته فـي أن يكون أحمقَ وأخرقَ بالكامل وخائنًا لقومه كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «الظِّل العظيم» [Cast a Giant Shadow] (من إخراج ملفل شَفِلسُن Melville Shavelson، 1966(. و«الشيَّخ» كذلك مِثلِيٌّ جنسيٌّ ساديٌّ كما -على سبيل المثال لا الحصر- فـي فـيلم «نَرْسيّسوس الوردي» [Pink Narcissus] (من إخراج جم بِدْجُد Jim Bidgood، 1971). و«الشَّيخ» أيضًا ثريٌّ نفطيٌّ من إحدى دول الخليج، وهو غير مرئي للنَّاظرين، لكن أمواله «تشترينا ببساطة» كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «شبكة» [Network] (من إخراج سدني لومِت Sidney Lumet، 1976(. ولا يتورَّع «الشَّيخ» عن أن يكون مرتبطًا بأقرانه من رجال أعمال أمريكيين فاسدين قذرين كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «سينت آيفِس» [St. Ives] (من إخراج جي لي ثومبسُن J. Lee Thompson، 1976). و«الشَّيخ» يتجلى باعتباره خلاصة مقيتة للسَّاديَّة والانحرافات الجنسيَّة المَرَضيَّة كما -على سبيل المثال لا الحصر- فـي فـيلم «إلسا: حارسة حريم شيوخ النفط» [Ilsa: The Harem Keeper of the Oil Sheiks] (من إخراج دون إِدمُندز Don Edmonds، 1976). وطُموحات «الشَّيخ» غير السَّويَّة تجعله راغبًا، علاوة على ما ذُكر، فـي أن يشتري بأمواله التي لا حصر لها نساء أمريكيات إضافة إلى ابتياع جزء أو أجزاء من الولايات المتحدة الأمريكيَّة، كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «كَننانِبَل رَن» Cannonball Run (من إخراج هال نيدهَم Hal Needham، 1981) (2). وبالنَّظر إلى تاريخه المشبوه فإنه لا عجب أن نرى «الشَّيخ» متورطًا فـي التِّجارة الدوليَّة للمخدِّرات، كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «المعطف الواقي من المطر» [Trenchcoat] (من إخراج مايكل تتشنر Michael Tuchner، 1983). وبالنظر إلى ذلك فإنه لا غرابة فـي أن يكون «الشَّيخ»، فـي هذه المرَّة، «تاجر الأسلحة الأكثر ثراء فـي العالم» كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «صفقة القرن» [Deal of the Century] (من إخراج وِليَم فرِيدكِن William Friedkin، 1983). وبسبب صفاته الذَّميمة فـي تعاملاته مع البشر فلا غرابة فـي أن نجد «الشَّيخ»، من باب أولى، وهو يسيء معاملة الحيوانات ويقسو عليها كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «الحصان الأسود يعود» [The Black Stallion Returns] (من إخراج روبرت دالفا Robert Dalva، 1983). ويحدث أن يمر «الشَّيخ» ببعض المآزق المحرجَة؛ فهو مرغوبٌ أيروسيًّا بسبب شهرته وفحولته الجنسيَّة اللتين يُضرب بهما المثل، ولكنه أخرق وعديم الخبرة فـي الأداء الفعلي للممارسة الحميمة كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «بوليرو» [Bolero] (من إخراج جون دِرِك John Derek، 1984) (3). لكن «الشَّيخ» يخذل أو لا يخذل كثيرين، فـي الحقيقة، حين يصير مراهنًا خاسرًا كما، على سبيل المثال لا الحصر، فـي فـيلم «انطلاقة السِّباق قويَّة» [Off and Running] (من إخراج إدوَرد بِيانكي Edward Bianchi، 1992).
هذه التعدديَّة المذهلة، والمطواعيَّة الكبيرة، والوفرة الثيماتيَّة غير العاديَّة تنطبق كذلك، وبالمقدار نفسه، على التَّمثيلات (representations) العابرة للأجناس (cross-generic) فـي الشَّبكة الهائلة من التَّصويرات التي تظهر فـيها شخصيَّة «الشَّيخ»، وتعاود، وتغيِّر، الظُّهور. ومع أن القائمة التي سأوردها فـي الحلقة القادمة ليست شاملة جامعة مانعة، إلا إني آمل أن الأمثلة التي تحويها ستكون دالَّة بما فـيه الكفاية على ما ذكرتُ (4).
-------------------------------
(1): استمد الفـيلم عنوانه، فـي وقت إنتاجه، من اسم مكان وشركة إنتاج موسيقيَّة فـي مدينة نيويورك.
(2): يحمل الفـيلم عنوان سباق سيارات كان يبدأ فـي ولاية نيويورك وينتهي فـي ولاية كالِفورنيا.
(3): عنوان الفـيلم يتَّخذ نفس عنوان معزوفة موريس رافـيل Maurice Ravel الشَّهيرة.
(4): ستتضمن القائمة الأفلام ذات الإخراج و/أو التَّمويل الإنتاجي الأمريكي، ولا تتطرق إلى السِّينما الأوروبيَّة (التِّجارية أو المستقِلَّة) أو غيرها فـي الشَّأن الثِّيماتي ذاته. وأعتقد انه ينبغي بحث صورة «الشَّيخ» فـي نتاجات السِّينما الأوروبيَّة، والآسيويَّة، والإفريقيَّة، والأمريكيَّة الجنوبيَّة، لمعرفة حجم التَّأثير والتَّأثر، ويقع ذلك خارج أغراض هذا البحث.
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني