بوابة الوفد:
2025-03-10@18:43:33 GMT

خرافة عروس النيل!

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

قدماء المصريين كانوا يعتبرون نهر النيل مصدر الحياة، لعب النيل دورا حيويا فى تاريخ البلاد وثقافتها الغنية، كان أيضا عاملا مهما جدا فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية ونجاح مصر القديمة، وبدون نهر النيل ربما لم تكن الحضارة القديمة العظيمة موجودة على الإطلاق لأن هطول الأمطار كان بنسبة معدومة على مصر.

فقد ساهم نهر النيل فى ازدهار مدن كانت تقع فى وسط الصحراء، كما كان لنهر النيل دور عظيم فى استقرار المصرى القديم على ضفافه وعمله بالزراعة حيث أصبح قادرا على إنتاج قوت يومه، ثم انطلق إلى ميادين العلم والمعرفة والتقدم الهائل ولقب المصريون القدماء نهر النيل بعدة ألقاب منها: رب الأسماك، وواهب الحياة، وجالب الخيرات، وخالق الكائنات، ورب الرزق العظيم.

نظر المصريون القدماء إلى النيل بعين القداسة واستخدموا مياه النهر للتطهر ولأداء الطقوس الدينية وغسل المتوفى، كان الاغتسال بماء النيل ضرورة حياتية مصرية كنوع من النظافة والتطهر البدنى والروحى، وهى عملية تحمل معنيين فعليا ورمزيا فى وجدان المصرى، أما الفعلى فهو يشمل نظافة الجسد والملبس والمأكل والمسكن فضلا عن التطهر كضرورة لتأدية الطقوس الدينية، أما الرمزى فيشمل طهارة النفس روحيا من كل شائبة، وبرز تقديس النيل من خلال حرص المصرى على طهارة ماء النهر من كل دنس كواجب مقدس، ومن يلوث الماء يتعرض لعقوبة انتهاكه غضب الآلهة فى يوم الحساب.

وأكد المصرى فى اعترافاته الإنكارية فى العالم الآخر ما يفيد عدم منعه جريان الماء درءاً للخير: «لم أمنع الماء فى موسمه، لم أقم عائقا أمام الماء المتدفق، أعطيت الخبز للجوعى، وأعطيت الماء للعطشى».

ظهر النيل بقوة فى مشاهد أدبية كثيرة سجلها الأدب المصرى بأنواعه لا سيما أشعار الغزل التى ظهرت بدءا من 1400 قبل الميلاد، وهى فترة تحررت فيها العادات وبعد عصر «الرعامسة» على وجه التحديد العصر الذى انطلق فيه الشعر الشخصى متحررا من كل قيد، وساعد النيل خيال المصرى على أن يخلق شراكة تجمع بين المرأة والطبيعة، تمتزج امتزاجا تاما تشكل عنصرى الخصوبة فى الكون، فالمرأة والزهور والثمار لا تختلف من حيث الجوهر إنها جميعها النموذج والشاهد على الحياة المتجددة، البشرية والنباتية على حد سواء.

وجاء ذكر أسطورة «عروس النيل» فى كتاب الأديب العربى عبدالرحمن بن عبدالحكم وتتلخص القصة فى أن مصريين جاءوا إلى عمرو بن العاص، وطلبوا منه السماح بإلقاء فتاة بكر فى مياه نهر النيل كعادتهم كل عام، وتقديمها قربانا للنهر ليفيض بالخير، وإن لم يفعلوا سيحل الجفاف، فرفض عمروبن العاص وقال لهم: «هذا لا يكون فى الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله»، وأرسل عمرو رسالة إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستشيره فى الأمر، فأرسل «عمر» رسالة جاء فيها: «من عبدالله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذى يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك»، فألقى عمرو بن العاص الرسالة فى النيل، وكان أهل مصر قد تهيأوا إلى الجلاء والخروج منها، لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل، وأصبحوا وقد أجراه الله تعالى 16 ذراعا فى ليلة واحدة وقطع تلك السنة السوء عن أهل مصر.

ترسخت الأسطورة فى الأذهان وتناقلتها الأجيال كموروث شفهى عن ابن الحكم فى مؤلفه، على الرغم من عدم ذكر النصوص المصرية القديمة من قريب أو بعيد لها، فالثابت فى المعتقد الدينى المصرى عدم تقديم قرابين بشرية إلى معبود مهما علا شأنه، كما توجد لوحات وبرديات تصف أحوال النيل وفيضانه وأزماته، ولم يرد فيها أى ذكر لـ«عروس النيل» العذراء التى تقدم كقربان للنيل.

ويرى بعض خبراء الآثار المصريين أن ابن عبدالحكم كتب هذه القصة بعد دخول العرب مصر بنحو 230 عاما، فإما أن تكون هذه الحكاية برمتها من تأليفه هو، بقصد تنفير المصريين من مظاهر حضارتهم وعقائدهم القديمة والدعوة إلى الإسلام، كما يقولون إن قصة إلقاء فتاة فى النيل التى رواها المؤرخ العربى ابن عبدالحكم لا تعدو أن تكون أكذوبة من الأكاذيب المدعاة على مصر القديمة أو سوء فهم لبعض ما قام به المصريون عند الاحتفال بوفاء النيل فى قصة عروس النيل، فهى قصة غير معقولة.

آمن المصريون القدماء بالنيل، الضامن لحياتهم من مهالك القحط والضيعة واعتبروه الفيض السماوى الذى يهطل على أرضهم بالخير، ترنموا بأناشيده على آلاتهم الموسيقية ورسموا به صورة حياة شكلت معنى التاريخ فى مصر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: قدماء المصريين التنمية الاجتماعية والاقتصادية نهر النیل

إقرأ أيضاً:

انتصارات رمضان.. خطة الدهاء المصرى تكتب النصر لمصر.. واعترافات جنرالات الجيش الإسرائيلى تؤكد: الواقع يحطم الأسطورة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحديات كبيرة واجهها الجيش المصري ونجح في تخطيها ليحقق انتصار أكتوبر في العاشر من رمضان، حيث يعد الانتصار واحدًا من أبرز انتصارات العصر الحديث، فحرب يوم السادس من أكتوبر لعام ١٩٧٣، الموافق يوم العاشر من رمضان لعام ١٣٩٣ للعام الهجري، وخلافا لأي تصورات تفيد بأن العرب والمسلمين قد يميلون إلى الخمول والكسل في شهر رمضان المبارك، فإن التاريخ يثبت بوضوح شديد كيف غامر المسلمون أمام جيوش ضخمة، وأعداء يملكون من القوة والبأس الكثير، منهم الفرس والروم والإسبان قديما، وأما حديثا فقد نجحت قوات الجيش المصري من عبور المانع المائي الصعب، قناة السويس، وتحطيم خط بارليف في مفاجأة أذهلت العالم وحطمت غرور وطموحات دولة الاحتلال في المنطقة.
وتسلح المصريون بالعزيمة والإصرار والإيمان، وتحمسوا لخوض معركة منتظرة، لرد الكرامة والأرض من العدو الغاصب، فلم يفكر أحد في شيء سوى النصر التام. وبحسب الكاتبة الصحفية فريدة النقاش، فإن انتصار أكتوبر كان بمثابة نقلة عظيمة في تاريخ المنطقة بأثرها وليس في تاريخ مصر فقط، لأن هذا الانتصار محى أثار هزيمة ١٩٦٧ وغير مفاهيم الحرب والسلام حول العالم.

تطوير المناورة إلى حرب

نجح الجيش المصري في استكمال خطة الخداع التي لعبها قبل اندلاع حرب السادس من أكتوبر للعام ١٩٧٣، حيث تمكن من مفاجأة العدو الإسرائيلي وإحراز الانتصارات منذ اللحظات الأولى للحرب.
في كتابه «حرب يوم الغفران.. الواقع يحطم الأسطورة»، سرد إيلي زعيرا رئيس المخابرات العسكرية آنذاك، عددًا من الخطوات التي اتخذها الجانب المصري لإيهام إسرائيل، إلى جانب اعتماد المصريين على خطط بسيطة في الحرب ليست معقدة.
قال «زعيرا» إن الجانب المصري قرر أن تقوم جميع الوحدات المتمركزة منذ أشهر أو سنوات على طول القناة، بعبور القناة من قطاع تمركزها، وليس هناك داع لتحريك وحدات من قطاع إلى قطاع، والتعرف من جديد على المنطقة، أي أن تعمل جميع الوحدات من أماكنها ومهمتها هي عبور المانع المائي الذي يتمركزون على طول شاطئه ثم التمركز على الضفة المقابلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن جميع المناورات منذ بداية عام ١٩٧١ كان هدفها إعداد الجيش المصري لتنفيذ هذه الخطة البسيطة.
ويعتقد «زعيرا» أن مصر استفادت فكرة تطوير المناورة إلى حرب من الجانب الروسي، قائلا: إن تطوير المناورة إلى حرب هي نظرية روسية، وقد تم تنفيذ هذه النظرية بالفعل عندما غزا الجيش السوفييتي تشيكوسلوفايكا عام ١٩٦٨.

الإيهام والخداع

وعن الإيهام والخداع أشار إلى أنه من أجل التأكيد على إيهام الجيش الإسرائيلي بأن مصر تقوم بمناورة، اتخذ المصريون عدة إجراءات كانت ضرورية من وجهة نظرهم، لإبلاغ المخابرات الإسرائيلية بما يريدون ولقد كانوا على حق. وتابع: من خلال أجهزة جمع المعلومات المتطورة في جيش الدفاع الإسرائيلي علم أن الجيش المصري ينوي إجراء مناورة على غرار مناورات الخريف السنوية، وسوف تبدأ يوم ١أكتوبر وتنتهي يوم ٧ أكتوبر، وأن الضباط المصريين الذين ينوون القيام بمناسك الحج سيتاح لهم ذلك بعد انتهاء المناورة، كما سيبدأ تسجيل أسماء الضباط الراغبين في الحج بدءا من يوم ٩ أكتوبر، ووحدات الاحتياط المشتركة في المناورة سيتم إنهاء الاستدعاء بداية من ٤ أكتوبر، وسيتم إشراك الدارسين في كلية القادة والأركان في هذه المناورة حتى يوم ٩ على أن تستأنف الدراسة في الثامنة والنصف صباح يوم ٩ أكتوبر.
وأضاف: وفي يوم ٢٧ سبتمبر تم تعبئة حوالي ١٢٠ ألف فرد للاشتراك في المناورة "تحرير٤١" ثم تم إنهاء استدعاء ٢٠ ألف فرد منهم وعادوا إلى منازلهم يوم ٤ أكتوبر، ولقد أنهى استدعاء هؤلاء الأفراد لتأكيد المعلومات التي نقلت بالطرق المختلفة، والتي أفادت بإنهاء استدعاء وحدات الاحتياط المشتركة في المناورة، بداية من يوم ٤ أكتوبر، وهذه المعلومات كانت جزءا من عملية الخداع، وهي معلومات حقيقية من أجل خلق انطباع معين لدى العدو-إسرائيل.
ووصل «زعيرا» إلى نتيجة منطقية ترسخت لدى المخابرات، قائلا: وبناء على ذلك فقد كانت شعبة المخابرات على علم مسبق بما سوف يحدث من إنهاء استدعاء الاحتياط يوم ٤ أكتوبر، وعندما حان الموعد تأكد صدق المعلومات على الواقع. وهذا الأمر أكد لضباط المخابرات المختص بتقدير الموقف بأن الأمر ليس أكثر من مناورة.

نجاح عنصر المفاجأة 

عقب الانتصار العظيم الذي أحرزته مصر في حرب السادس من أكتوبر ١٩٧٣، أعاد القادة العسكريون في إسرائيل تفسير التحركات المصرية الملغزة قبل اندلاع الحرب، وخلال ذلك اتهموا بعضهم بتحمل مسئولية الهزيمة الساحقة، كان من بين هؤلاء حاييم بارليف رئيس الأركان في الفترة ١٩٦٩-١٩٧٢ الذى قال في شهادة له إن مسئولية الخداع من الجانب المصري تقع على عاتق القائد الأعلى للجيش، فهو المسئول عن نجاح عنصر المفاجأة للجيشين المصري والسوري في اللحظات الأولى للحرب.
وفي كتابه «حرب يوم الغفران» يورد إيلي زعيرا، شهادة بارليف الذي عُرفت باسمه التحصينات القوية المقامة على خط القناة «خط بارليف»، حيث قال: أيا كان تقدير رئيس المخابرات العسكرية، فإن المسئولية وما يستتبعها تقع على القائد الأعلى، فحتى لو قدر رئيس المخابرات العسكرية مثلا أن التحركات التي يقوم بها جيش العدو على الساحة تعني القيام بمناورة، فإن مسئولية القائد الأعلى تلزمه بأن يتخذ إجراءات حذر، مهما كلفه الأمر، لأن الوضع هنا يتعلق بخط الجبهة. ومن أجل الحيلولة دون وقوع مفاجأة فالأمر لا يحتاج إلى جهود فكرية خاصة، بل يجب أن نكون منتبهين للإجراءات التي يقوم بها العدو على الساحة، بدون أي ارتباط بالنوايا الكامنة وراء هذه التحركات والخطوات.
وأضاف «بارليف» في شهادته: وهذا لا يعني رفض تقدير رئيس المخابرات بل إن هذا من واجب مسئولية القائد الأعلى.. يحتمل إذن أن من الأفضل ألا يطلب القائد الأعلى من رئيس المخابرات أن يكون مستشارا أو أن يعبر عن رأيه الشخصي حول مسألة التصرف المحتمل للعدو، وليس فقط تحديد الخطوات التي يقتضيها هذا التقدير.

قبل الحرب بيوم

قبل أن تبدأ الملحمة الوطنية المصرية الكبيرة، التي استرد فيها العرب كرامتهم وأرضهم المسلوبة، كانت هناك حالة من الارتباك تسبب فيها خطة الخداع الاستراتيجي التي نفذتها كل من مصر وسوريا بنجاح كبير شهد له العالم كله، وأثبت نجاحه في إحراز النصر منذ اللحظات الأولى للحرب.
يذكر الجنرال الإسرائيلي إيلي زاعيرا في مذكراته التفاصيل الكاملة لما حدث في يوم الجمعة الخامس من أكتوبر لعام ١٩٧٣، ويصف هذا اليوم بأنه «أحد الأيام القليلة في حياتي المحفورة في ذاكرتي والتي لا يمكن نسيانها»، كما أنه يصف هذا اليوم بـ«الطويل جدًا».
يقول «زاعيرا» متحدثا عن تلك المدة القليلة التي سبقت الحرب: «في هذا الأسبوع لم أذهب منذ بعض الأيام إلى مكتبي بسبب مرضي، ومع مساء يوم الخميس بدأت تصل إلى منزلي معلومات غريبة وليس لها تفسير عن ترحيل سريع لعائلات الخبراء الروس من سوريا، ولقد تم إبلاغي أن عائلات الخبراء الروس سترحل على الفور من سوريا جوًا بواسطة طائرات نقل ستصل من الاتحاد السوفيتي، وبحرًا بواسطة سفن سوفيتية ترسو في ميناء اللاذقية.. وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل اتصلت تليفونيا برئيس الموساد "تسفى زامير» وأبلغته عما يحدث في سوريا، وأتذكر أن هذه الأيام هي المرة الأولى التي أتصل فيها برئيس الموساد تليفونيا بعد منتصف الليل منذ أن عُينت رئيسًا لشعبة المخابرات وقد أبلغني «زاميرا» أنه حصل على معلومات من مصدر موثوق تفيد بأن شيئًا ما سوف يحدث، ولذلك فهو سوف يسافر إلى خارج البلاد لإجراء لقاء وجهًا لوجه مع مصدر هذا الخبر، ولكي يحصل منه على مزيد من المعلومات وقلت له: إذا كانت هناك أخبار تحذيرية يجب أن تتصل بي تليفونيا على الفور وإبلاغي بالأخبار دون انتظار.

«ليس لدي تفسير لذلك»

يقول «زاعيرا»: «هنا لابد أن أؤكد أن هذه هي المرة الأولى والوحيدة منذ أن توليت منصب رئيس شعبة الاستخبارات أن قلت لوزير الدفاع ليس لدي تفسير لظاهرة معينة.. هذه هي الحقيقة،  في هذه المباحثات في مكتب وزير الدفاع يوم ٥ أكتوبر سمع وزير الدفاع جملة واضحة (ليس لدي تفسير لذلك)، وأضاف، إن الحالة العقلية التي سيطرت على تقديرات قادة جهاز الدفاع يمكن وصفها بالثقة الكاملة  في قدرة القادة النظامية والسلاح الجوي على صد أي هجوم مصري سوري وقدرة القادة على تجميع قوات الاحتياط بسرعة والتحول على الفور إلى الهجوم المضاد ولم يكن لأحد أي مجال للشك في قدرة جيش الدفاع الإسرائيلي. وشرح أن الفجوة بين التوقعات فيما يتعلق بالقدرات القتالية لجيش الدفاع الإسرائيلي وبين الواقع الذي اتضح خلال الـ٤٨ ساعة الأولى من القتال أدت إلى احتلال مصر لخط بارليف، وفشل السلاح الجوي في تقديم المعونة للقوات البرية، وفشل الهجوم المضاد على منطقة القناة، مشيرا إلى أنه "كان وقتا عصيبا ومن أقسى الأوقات في تاريخ دولة إسرائيل».

صباح يوم الحرب

صباح يوم الحرب، عقد قادة إسرائيل اجتماعا مطولا، طرحوا فيه العديد من الأفكار لتفسير التحركات على الجبهتين المصرية والسورية، إلا أنهم لم يتمكنوا من اتخاذ القرار الصحيح، الذي يحميهم من هبة الجيش المصري الذي دك حصونهم القوية.
عن هذا الاجتماع يسرد «زاعيرا»، قائلا: في التاسعة صباحا أجرى وزير الدفاع مشاورات في مكتبه وقد استدعى إلى هذه المشاورات مساعد وزير الدفاع الفريق «تسفى تسور» ورئيس الأركان العامة الفريق «ألعازر» ونائب رئيس الأركان العامة اللواء «يسرائيل طل» ومدير عام وزارة الدفاع «عيروني» ورئيس شعبة المخابرات اللواء «إيلى زاعيرا» والسكرتير العسكري لوزير الدفاع ورئيس منكتب رئيس الأركان ومعاون وزير الدفاع.
دار نقاش بين القيادات واتخذوا عدة قرارات مثل: إلغاء الإجازات على الجبهتين المصرية والسورية، وإلغاء إجازات في السلاح الجوي، ويظل الطيارون في قواعدهم في حالة استعداد كاملة.
تمت مناقشة التحركات المصرية السورية على نحو الخوف من هجوم مفاجئ لإسرائيل على الأراضي المصرية وكانت تلك المخاوف جزء من خطة الخداع المصرية السورية.
وتساءل زاعيرا من جديد عن قيام السوفيت بترحيل النساء والأولاد مع ترحيل الخبراء وأعطى مجموعة من الاحتمالات، الأول: هو أن الروس يعلمون بنوايا مصر وسوريا الهجومية وهم يدركون أن الهجوم الإسرائيلي المضاد سوف ينجح وسيصل إلى العمق وإلى عائلاتهم، أو أنهم يبلغون مصر وسوريا عدم رضاهم عن النوايا الهجومية لذلك يقومون بترحيل عائلاتهم.
الثاني: الروس يخشون من هجوم إسرائيل وأنا أرى أنه إذا كان الروس يعتقدون ذلك لكانوا طلبوا من أمريكا التدخل لوقف ذلك الهجوم، والأمريكان لم يخبرونا بشيء. الثالث: ما يجري أمور متعلقة بالشئون الداخلية في العلاقات بين روسيا وسوريا ولا أعرف إذا كانت هناك احتكاكات لا نعرفها وما يزعجني حدوث ذلك في مصر أيضا. ولكن يمكن أن أقول إنه ربما يحدث في مصر شيء لا نعرفه، أو ربما يرى الروس أنه إذا كانت مهمتهم قد انتهت في سوريا فعليهم أن ينهوا مهمتهم أيضا في مصر لأن المصريين بالتأكيد سوف يحذون حذو سوريا. من الممكن تفسير الاستعدادات المتزايدة في مصر وسوريا بأنها بسبب الخوف من هجوم إسرائيلي ولكنه يشك في ذلك.
وافق وزير الدفاع موشيه ديان على إعلان حالة الطوارئ فيما يتعلق بالاستعدادات العسكرية دون أن يصدر أوامره بتعبئة قوات الاحتياط، لأن مخاوف موشيه ديان لم تكن عسكرية كان يدور في رأسه اعتباران وكلاهما سياسيان: الاعتبار الأول متعلق بالسياسية الخارجية: ما هو رد الفعل العالمي وبصفة خاصة رد فعل أمريكا إذا ما قامت إسرائيل بتعبئة قوات احتياط علانية؟ والاعتبار الثاني داخلي: الخوف من إحداث ذعر داخل إسرائيل.
ولم يبد أحد الحاضرين مخاوف من النتائج العسكرية للهجوم المفاجئ ولم يطرح أحد اقتراحا بتعزيز الجبهات فورا بقوات الاحتياط فالشعور العام السائد هو أن القوات النظامية والسلاح الجوي يمكنهما صد الهجوم. وأوضح ديان أن هناك أمر لا مناص من عمله وهو أن يسأل الأمريكان الجانب الروسي عن سبب ترحيل عائلاتهم، فالأمر لم يعد سرا والجميع يعرفون ذلك.
خوفا من أي تحركات تحسب على الجانب الإسرائيلي، قرر ديان أن تلجأ أمريكا لسؤال الروس عما يحدث في مصر وسوريا، كما أراد أن يوجه إنذارا يفيد بأن إسرائيل لا تنوي القيام بأي هجوم، وأنهم على علم بما يحدث في مصر وسوريا فعنصر المفاجأة غير وارد.
والحقيقة أن هذه اللحظات كان مربكة لقادة إسرائيل، وقد عجزوا عن فك شفرة التحركات المصرية السورية، وجرى خداعهم بشكل فضح قوتهم أمام العالم، وذلك في العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، فما هي إلا ساعات بعد الاجتماع الصباحي الإسرائيلي حتى جاء التفسير الصحيح للتحركات المصرية.

انتصارات العاشر من رمضان

مقالات مشابهة

  • "رمضان المصرى وأصحابه" يكشف أسرار أغنية المسحراتي
  • الرئيس السيسي في ذكرى انتصار العاشر من رمضان: يوم عظيم يذكرنا بصلابة الشعب المصري
  • الرئيس السيسي: ذكرى العاشر من رمضان تمثل صلابة الشعب المصرى وقدرته على صد العدوان
  • برلماني: ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي يعكس الثقة فى مستقبل الاقتصاد المصرى
  • المالية: ارتفاع الإيرادات الضريبية خلال النصف الأول من العام المالى الحالى بنسبة 38%
  • «الحريرة».. عروس المائدة المغربية
  • البدء بترميم 13 منزلا متضررا في صنعاء القديمة
  • رمضان في الحارات الصُورية القديمة
  • ستر يتيمة.. سوهاج تدعم زواج 1294 عروس بقرى ونجوع المحافظة
  • انتصارات رمضان.. خطة الدهاء المصرى تكتب النصر لمصر.. واعترافات جنرالات الجيش الإسرائيلى تؤكد: الواقع يحطم الأسطورة