قدماء المصريين كانوا يعتبرون نهر النيل مصدر الحياة، لعب النيل دورا حيويا فى تاريخ البلاد وثقافتها الغنية، كان أيضا عاملا مهما جدا فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية ونجاح مصر القديمة، وبدون نهر النيل ربما لم تكن الحضارة القديمة العظيمة موجودة على الإطلاق لأن هطول الأمطار كان بنسبة معدومة على مصر.
فقد ساهم نهر النيل فى ازدهار مدن كانت تقع فى وسط الصحراء، كما كان لنهر النيل دور عظيم فى استقرار المصرى القديم على ضفافه وعمله بالزراعة حيث أصبح قادرا على إنتاج قوت يومه، ثم انطلق إلى ميادين العلم والمعرفة والتقدم الهائل ولقب المصريون القدماء نهر النيل بعدة ألقاب منها: رب الأسماك، وواهب الحياة، وجالب الخيرات، وخالق الكائنات، ورب الرزق العظيم.
نظر المصريون القدماء إلى النيل بعين القداسة واستخدموا مياه النهر للتطهر ولأداء الطقوس الدينية وغسل المتوفى، كان الاغتسال بماء النيل ضرورة حياتية مصرية كنوع من النظافة والتطهر البدنى والروحى، وهى عملية تحمل معنيين فعليا ورمزيا فى وجدان المصرى، أما الفعلى فهو يشمل نظافة الجسد والملبس والمأكل والمسكن فضلا عن التطهر كضرورة لتأدية الطقوس الدينية، أما الرمزى فيشمل طهارة النفس روحيا من كل شائبة، وبرز تقديس النيل من خلال حرص المصرى على طهارة ماء النهر من كل دنس كواجب مقدس، ومن يلوث الماء يتعرض لعقوبة انتهاكه غضب الآلهة فى يوم الحساب.
وأكد المصرى فى اعترافاته الإنكارية فى العالم الآخر ما يفيد عدم منعه جريان الماء درءاً للخير: «لم أمنع الماء فى موسمه، لم أقم عائقا أمام الماء المتدفق، أعطيت الخبز للجوعى، وأعطيت الماء للعطشى».
ظهر النيل بقوة فى مشاهد أدبية كثيرة سجلها الأدب المصرى بأنواعه لا سيما أشعار الغزل التى ظهرت بدءا من 1400 قبل الميلاد، وهى فترة تحررت فيها العادات وبعد عصر «الرعامسة» على وجه التحديد العصر الذى انطلق فيه الشعر الشخصى متحررا من كل قيد، وساعد النيل خيال المصرى على أن يخلق شراكة تجمع بين المرأة والطبيعة، تمتزج امتزاجا تاما تشكل عنصرى الخصوبة فى الكون، فالمرأة والزهور والثمار لا تختلف من حيث الجوهر إنها جميعها النموذج والشاهد على الحياة المتجددة، البشرية والنباتية على حد سواء.
وجاء ذكر أسطورة «عروس النيل» فى كتاب الأديب العربى عبدالرحمن بن عبدالحكم وتتلخص القصة فى أن مصريين جاءوا إلى عمرو بن العاص، وطلبوا منه السماح بإلقاء فتاة بكر فى مياه نهر النيل كعادتهم كل عام، وتقديمها قربانا للنهر ليفيض بالخير، وإن لم يفعلوا سيحل الجفاف، فرفض عمروبن العاص وقال لهم: «هذا لا يكون فى الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله»، وأرسل عمرو رسالة إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستشيره فى الأمر، فأرسل «عمر» رسالة جاء فيها: «من عبدالله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذى يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك»، فألقى عمرو بن العاص الرسالة فى النيل، وكان أهل مصر قد تهيأوا إلى الجلاء والخروج منها، لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل، وأصبحوا وقد أجراه الله تعالى 16 ذراعا فى ليلة واحدة وقطع تلك السنة السوء عن أهل مصر.
ترسخت الأسطورة فى الأذهان وتناقلتها الأجيال كموروث شفهى عن ابن الحكم فى مؤلفه، على الرغم من عدم ذكر النصوص المصرية القديمة من قريب أو بعيد لها، فالثابت فى المعتقد الدينى المصرى عدم تقديم قرابين بشرية إلى معبود مهما علا شأنه، كما توجد لوحات وبرديات تصف أحوال النيل وفيضانه وأزماته، ولم يرد فيها أى ذكر لـ«عروس النيل» العذراء التى تقدم كقربان للنيل.
ويرى بعض خبراء الآثار المصريين أن ابن عبدالحكم كتب هذه القصة بعد دخول العرب مصر بنحو 230 عاما، فإما أن تكون هذه الحكاية برمتها من تأليفه هو، بقصد تنفير المصريين من مظاهر حضارتهم وعقائدهم القديمة والدعوة إلى الإسلام، كما يقولون إن قصة إلقاء فتاة فى النيل التى رواها المؤرخ العربى ابن عبدالحكم لا تعدو أن تكون أكذوبة من الأكاذيب المدعاة على مصر القديمة أو سوء فهم لبعض ما قام به المصريون عند الاحتفال بوفاء النيل فى قصة عروس النيل، فهى قصة غير معقولة.
آمن المصريون القدماء بالنيل، الضامن لحياتهم من مهالك القحط والضيعة واعتبروه الفيض السماوى الذى يهطل على أرضهم بالخير، ترنموا بأناشيده على آلاتهم الموسيقية ورسموا به صورة حياة شكلت معنى التاريخ فى مصر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قدماء المصريين التنمية الاجتماعية والاقتصادية نهر النیل
إقرأ أيضاً:
توزيع 2200 كرتونة رمضان بقرى المنيا.. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في ظل توجيهات رئيس الجمهورية باستكمال خطة الحماية الاجتماعية لدعم الاسر الاولى بالرعاية، وتحت اشراف مديرية التضامن الاجتماعى بالمنيا، قامت جمعية الأورمان بالتعاون مع البنك الأهلى المصرى فى تنظيم احتفالية كبرى لتوزيع عدد 2200 كرتونة رمضان بقرى مراكز محافظة المنيا.
شملت الخطة التفصيلية قرى الفقاعي و بني عبيد ومنتوت وعزبه ابو وهبه وعزبه البوشي وجريس واتليدم ومنشيه النصر وعزبه محمد حسانين وعزبه النقطه وعزبه العرب والخياري وكوم الزهير وابو قرقاص البلد والشيخ مبارك وابيوها وعزبه الدليل وعزبه عطيه وعفرانه ومنشيه زعفرانه والسنبلاوين ورجائي وبني حسن وعزبه عزوز ومنشيه دعبس بمركز أبوقرقاص.
وأكد عبدالحميد الطحاوى، وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بالمنيا، ان توزيع الكراتين واللحوم جاء لإدخال روح البهجة على الأسر الأولي بالرعاية، والتخفيف عن كاهلهم وخاصة فى الأيام المباركة فى شهر رمضان، فضلاً عن العمل جنباً إلى جنب مع الجهاز التنفيذي للتيسير عن المواطنين وتوفير إحتياجاتهم من خلال تقديم الرعاية الإجتماعية لهم.
من جانبه قال اللواء ممدوح شعبان، مدير عام جمعية الأورمان، ان التوزيع جاء ضمن التعاون المبرم بين جمعية الأورمان والبنك الأهلىالمصرى لتوزيع عدد 44 ألف كرتونة مواد غذائية بقرى ونجوع محافظات الجمهورية المختلفة وذلك تزامنًا مع شهر رمضان المبارك، وأن نصيب محافظة المنيا 5500 كرتونة، مؤكدًا ان جميع الاسر المستفيدة من الأرامل والمرضى ومحدودي الدخل وذوي الهمم من أبناء المحافظة.
موضحًا أن الجمعية ترحب بالتعاون المثمر مع كل المؤسسات الاقتصادية المصرية العريقة لخدمة فئات غير القادرين في ربوع مصر المترامية مؤكدا على أن التعاون مع البنك الاهلى المصرى وقياداته يعزز من قدرات الجمعية لأداء دورها الإنساني في خدمة غير القادرين في ربوع مصر وبخاصة في القرى والنجوع في كل المحافظات المصرية.
وأشار شعبان إلى أن التعاون بين البنك الأهلى المصرى وجمعية الأورمان ليس الأول من نوعه مشيراً إلى أن الجمعية على تعاون دائم مع البنك الأهلى المصرى خلال السنوات السابقة وهو ما يدل على دور البنك الأهلى المصرى الممتد والفعال في خدمة المجتمع المدني.
WhatsApp Image 2025-03-11 at 3.21.19 PM (1) WhatsApp Image 2025-03-11 at 3.21.19 PM