كشفت دراسة أكاديمية عن ازدواجية المعايير في الإعلام الأمريكي والغربي بين اليمن وأوكرانيا، مشيرة إلى أن الاهتمام الإعلامي والتحيزات لا تتعلق بالعواقب الإنسانية، بل بقدر ارتباط الولايات المتحدة وعلاقتها بالأطراف المتحاربة.

الدراسة التي نُشرت في موقع (The Conversation)، وموقع الجامعة الأمريكية، وأجراها أكاديميان يعملان في كلية الخدمة الدولية، قامت بمقارنة عناوين صحيفة (نيويورك تايمز) خلال تغطيتها ما يقرب من سبع سنوات ونصف من الحرب المستمر على اليمن والأشهر التسعة الأولى من الحرب في أوكرانيا.

وأشارت الدراسة إلى أن أولت اهتمامًا خاصًا للعناوين الرئيسية المتعلقة بإصابات المدنيين والأمن الغذائي وتوفير الأسلحة، موضحة أنها اختارت صحيفة (نيويورك تايمز) بسبب شعبيتها وسمعتها كمصدر موثوق ومؤثر في الأخبار الدولية، وحصدها أكثر من 130 جائزة بوليتزر.

وأظهرت الدراسة البحثية تحيزات واسعة النطاق في كل من نطاق ونبرة التغطية، حيث تؤدي هذه التحيزات إلى نشر تقارير تسلط الضوء أو تقلل من شأن المعاناة الإنسانية في النزاعين بطريقة تتطابق على ما يبدو مع أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

أوكرانيا في دائرة الضوء

وبحسب الدراسة: "أسفر بحثنا الواسع في عناوين نيويورك تايمز المتعلقة بالتأثير المدني العام للنزاعين عن 546 قصة في اليمن بين 26 مارس 2015 و 30 نوفمبر 2022.

تجاوزت العناوين الرئيسية حول أوكرانيا هذه العلامة في أقل من ثلاثة أشهر ثم ضاعفتها في غضون تسعة أشهر".

وذكرت الدراسة أن "القصص التي تظهر على الصفحة الأولى عن أوكرانيا أصبحت شائعة منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022، وبالمقارنة، كانت القصص التي تظهر على الصفحة الأولى عن اليمن نادرة، وفي بعض الحالات، كما هو الحال مع تغطية الأمن الغذائي في البلاد، جاءت أكثر من بعد ثلاث سنوات من بدء الائتلاف عمليات الحصار التي أدت إلى الأزمة".

عناوين عرضية لليمن ورئيسية لأوكرانيا

وقالت الدراسة: عندما قمنا بتحليل العناوين الرئيسية حول اليمن وأوكرانيا، قمنا بتصنيفها إما على أنها "عرضية" ، بمعنى أنها تركز على أحداث معينة، أو "موضوعية"، مما يعني المزيد من السياق، مثال على عنوان عرضي هو (الضربة السعودية الظاهرة تقتل تسعة على الأقل في الأسرة اليمنية)، مثال على العنوان الرئيسي هو (الهجمات الروسية الشرسة تحفز اتهامات بالإبادة الجماعية في أوكرانيا).

وأضافت: أن عناوين نيويورك تايمز حول اليمن في الغالب ركزت على الأحداث، وشكلت 64 ٪ من جميع العناوين الرئيسية، في المقابل، تضمنت العناوين الرئيسية حول أوكرانيا تركيزًا أكبر على السياق، حيث تمثل 73 ٪ من إجمالي المقالات.

والسبب في أهمية ذلك هو أنه من خلال التركيز أكثر على القصص العرضية أو ذات السياق، فإن الصحف قادرة على توجيه القراء إلى تفسيرات مختلفة.

وتابعت: "قد تعطي العناوين الرئيسية العرضية حول اليمن انطباعًا بأن الضرر المبلغ عنه عرضي، وليس عرضًا لعنف التحالف، وفي الوقت نفسه، تتعقب المقالات السياقية حول أوكرانيا الآثار الأوسع للنزاع وتعكس قصصًا عن المسؤولية والمساءلة الروسية المستمرة".

الاختلافات في إلقاء اللوم

وورد في الدراسة البحثية أن: "المساءلة في التغطية هي أيضا مختلفة إلى حد كبير، وجدنا 50 عنوانًا رئيسيًا عن اليمن تحدثت عن هجمات محددة نفذها التحالف بقيادة السعودية، ونسب 18 منهم - 36٪ فقط - المسؤولية إلى السعودية أو التحالف،

من الأمثلة الصارخة التي تتجاهل المسؤولية هذا العنوان الرئيسي من 24 أبريل 2018:

(مواجهات اليمن تضرب حفل زفاف وتقتل أكثر من 20)، يمكن للقارئ بسهولة تفسير ذلك على أنه يعني أن متمردي اليمن كانوا وراء الهجوم وليس السعوديين - كما كان الحال".

وفي هذا الصدد، تقول الدراسة: "خلال الفترة التي نظرنا إليها، كان هناك 54 عنوانًا رئيسيًا حول هجمات محددة في أوكرانيا - 50 منها أبلغت عن هجمات روسية، بينما أبلغت الأربعة المتبقية عن هجمات أوكرانية.

هنا، من بين 50 عنوانًا رئيسيًا عن الهجمات الروسية، نُسب 44 منها - أو 88٪ - مسؤوليتها صراحةً إلى روسيا، في غضون ذلك، لم تُنسب أي من العناوين الأربعة المتعلقة بالهجمات الأوكرانية المسؤولية إلى أوكرانيا، يُظهر هذا انتقائية إسناد المسؤولية - وهو أمر واضح في أوكرانيا عند تغطية تصرفات روسيا، لكنه غالبًا ما يكون محجوبًا عندما يتعلق الأمر بهجمات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن".

وتوضح الدراسة أنه: "علاوة على ذلك، يصور عنوان رئيسي في يونيو 2017 التحالف على أنه قلق بشأن الدمار الذي تسبب فيه: (السعوديون يتحركون لمعالجة الخسائر المدنية في اليمن).

قارن هذا بكيفية رفض محاولات روسيا للتعامل مع المدنيين رفضًا قاطعًا: (تتلاشى تفسيرات روسيا لمهاجمة المدنيين تحت المراقبة)".

حكاية أزمتين إنسانيتين

وبينت الدراسة أن الطريقة التي تتحدث بها القصص الإخبارية عن الجوع في كلا البلدين لديها القليل من القواسم المشتركة.

وذكرت أنه: "تم تصوير الإجراءات الروسية التي تمنع تصدير الحبوب وتدمير المحاصيل والبنية التحتية الزراعية على أنها متعمدة ومُسلَّحة كسلاح: (كيف تستخدم روسيا جوع الأوكرانيين كسلاح حرب)".

في المقابل، "فإن حصار التحالف الذي تقوده السعودية، على الرغم من كونه المحرك الرئيسي للمجاعة وحتى أنه يعادل التعذيب من قبل المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، لم تذكر تغطية أزمة الجوع في كثير من الأحيان التحالف على الإطلاق، كما هو الحال في 31 مارس 2021، العنوان:

(المجاعة تطارد اليمن مع اندلاع الحرب وتراجع المساعدات الخارجية)".

ولفتت الدراسة أنه: "من بين 73 قصة عامة حول الأمن الغذائي في اليمن، عزا 4 فقط بشكل لا لبس فيه المجاعة المتزايدة إلى تصرفات التحالف وأدانوا دورهم".

الغضب الأخلاقي مقابل الحياد

وأفادت الدراسة أنه "وجدنا أن العناوين الرئيسية في أوكرانيا تميل إلى استدعاء الأحكام الأخلاقية، مقارنة بنبرة أكثر حيادية بشأن اليمن".

وتطرقت الدراسة إلى نماذج تم خلالها "تصوير روسيا على أنها شرير عنيف ولا هوادة فيه ولا يرحم: (القوات الروسية تقصف المدنيين...)، (روسيا تضرب أوكرانيا...) في المقابل، يتم تقديم الأوكرانيين على أنهم أبطال يقاتلون من أجل بقاء أمتهم، ويتم إضفاء الطابع الإنساني عليهم في معاناتهم: (لقد ماتوا على جسر في أوكرانيا.. هذه قصتهم)". في الجانب الآخر، أكدت الدراسة أن عناوين صحيفة نيويورك تايمز حول اليمن فشلت في استخدام روايات إدانة مماثلة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، هذا على الرغم من التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان ومتعقبي النزاعات والخبراء الدوليين والإقليميين الذين ألقوا باللوم على التحالف في الغالبية العظمى من معاناة المدنيين.

واعتبرت الدراسة أنه نتيجة لتلك الازدواجية الأخلاقية، "يصبح المدنيون اليمنيون ضحايا منسيين، ولا يستحقون الاهتمام، وتحجبهم الأرقام المبهمة، واللغة المنفصلة عن عواقب عنف التحالف، وروايات حتمية الحرب.

تحجب هذه القرارات التحريرية دور الولايات المتحدة في معاناة اليمن - حتى لو لم تعكس النية الكامنة وراء التقرير".

صحافة متورطة بدعم السياسة المتحيزة

وخلصت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة تقف بشكل أساسي على طرفي نقيض في هذه الصراعات عندما يتعلق الأمر بعلاقتها بأولئك الذين يتسببون في أكبر عدد من الضحايا المدنيين.

واختتمت الدراسة البحيثة بالقول: "أدلى مسؤولون في واشنطن بتصريحات علنية ومباشرة حول وحشية الفظائع في أوكرانيا، مع تجنب التحقيق وإدانة تلك الفظائع في اليمن"، مؤكدة أن مثل هذه الرسائل قد تدعمها وسائل الإعلام

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: نیویورک تایمز فی أوکرانیا الدراسة أن حول الیمن فی الیمن على أنه عنوان ا

إقرأ أيضاً:

دراسة مثيرة للجدل حول السبب الكامن وراء ارتفاع حالات البلوغ المبكر للفتيات

تركيا – يثير البلوغ المبكر لدى الفتيات قلق العلماء، حيث تشهد هذه الحالة تزايدا مستمرا حول العالم، ما يتطلب إجراء الدراسات لفهم الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة.

 وأشارت دراسة حديثة إلى أن الفتيات اللائي يقضين أكثر من ست ساعات يوميا في التحديق في شاشات التلفزيون أو الكمبيوتر قد يكن أكثر عرضة للدخول في مرحلة البلوغ في وقت أبكر من أولئك اللائي يتعرضن للشاشات وقتا أقل.

وقام خبراء في جامعة غازي في تركيا بتعريض الفئران لست ساعات من الضوء الأزرق (الذي ينبعث من الشاشات) أو 12 ساعة، ووجدوا أن ست ساعات كانت كافية لتسريع النمو.

وأدى هذا إلى البلوغ في وقت أبكر من مجموعة أخرى تعرضت الضوء الطبيعي بنفس القدر من الوقت.

وخلال عرض نتائجهم في مؤتمر في ليفربول، اعترف الفريق بأن نتائجهم كانت مقتصرة على الحيوانات، ومع ذلك قالوا إن الدراسة يمكن استخدامها لتحديد “التدابير الوقائية للاستخدام الآمن للشاشة” عند الأطفال.

وتأتي هذه النتائج في الوقت الذي حدد فيه الخبراء اتجاها مثيرا للاهتمام لزيادة أعداد الفتيات اللائي يدخلن مرحلة البلوغ في وقت أبكر من متوسط العمر الطبيعي.

كما تُظهر الأبحاث أن هناك زيادة مذهلة بنسبة 52% في وقت الشاشة للأطفال بين عامي 2020 و2022، ويرجع ذلك على الأرجح إلى عمليات الإغلاق بسبب “كوفيد-19”.

وفي الدراسة، قسّم الفريق 36 فأرا صغيرا إلى ثلاث مجموعات. وتعرضت إحدى المجموعتين للضوء الطبيعي بينما تعرضت المجموعتان الأخريان لستة أو 12 ساعة من الضوء الأزرق يوميا.

ثم راقب الفريق الفئران، التي تم تقسيمها بالتساوي من حيث الجنس، بحثا عن العلامات الأولى لنمو العظام والبلوغ.

ووجدوا أن مجموعة الضوء الأزرق نمت بشكل أسرع وبالتالي دخلت سن البلوغ في وقت مبكر.

ولكن البروفيسور بيت إيتشلز، الخبير في علم النفس بجامعة باث سبا، الذي كان يدرس تأثير وقت الشاشة، انتقد الدراسة الجديدة، التي لم يتم نشرها بعد أو مراجعتها من قبل الأقران، قائلا: “لا علاقة لهذه الدراسة بوقت الشاشة أو الأطفال، إنها دراسة صغيرة للتعرض المحدود للضوء الأزرق للفئران الصغيرة. ومن غير الصحيح ببساطة القول بأن وقت الشاشة المفرط مرتبط بالتطور البدني المبكر”.

وتابع: “علاوة على ذلك، فإن نوع وكثافة التعرض للضوء المستخدم هنا لا يمكن ترجمتها بسهولة إلى الواقع العملي لكيفية تفاعل الأطفال مع التقنيات القائمة على الشاشة”.

كما قالت الأستاذة دوروثي بيشوب، الخبيرة في علم النفس العصبي التنموي بجامعة أكسفورد: “أود أن أحث على توخي الحذر الشديد في استخلاص أي استنتاجات من هذه الدراسة حول تأثير الضوء من الشاشات على الأطفال”. وأكدت أن نمو الفئران يختلف تماما عن نمو البشر، وأن الأساليب المستخدمة في الدراسة لا تعكس حياة الأطفال.

المصدر: ديلي ميل

مقالات مشابهة

  • إطلاق منصة “ضواحي العين” بالتعاون مع أكاديمية الإعلام الجديد
  • دراسة تكشف مدى صحة القلب من هيئته
  • إطلاق منصة «ضواحي العين» بالتعاون مع «أكاديمية الإعلام الجديد»
  • هل يزيد تلوث الهواء من خطر الإصابة بسرطان الرأس.. دراسة تكشف التفاصيل
  • دراسة: ارتفاع مخيف بمعدلات كراهية المسلمين والأجانب في ألمانيا
  • جامعة المنوفية تعد دراسة تتبع لخريجيها.. ما السبب؟
  • دراسة طبية تكشف عن سبب ارتفاع حالات البلوغ المبكر للفتيات
  • دراسة مثيرة للجدل حول السبب الكامن وراء ارتفاع حالات البلوغ المبكر للفتيات
  • تناول البيض يخفض الكوليسترول.. دراسة تكشف
  • تحولات جذرية في الحياة الجنسية للمجتمع الفرنسي: دراسة شاملة تكشف تغيرات العقد الأخير