استضاف صالون نفرتيتي الثقافي، تحت رعاية وزارة الثقافة وصندوق التنمية الثقافية، أ. د. ممدوح الدماطي وزير الآثار الأسبق وأستاذ الآثار المصرية بجامعة عين شمس في حوار مفتوح حول المرأة ومكانتها عبر مختلف عصور الحضارة المصرية القديمة. ناقش الصالون دور المرأة المصرية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وقدرتها على الوصول إلى سدة الحكم كملكة متوجة.

وعبر أكثر من ثلاث ساعات متواصلة.

 أكد "الدماطي " أن مصر القديمة كرمت المرأة ومنحتها كافة حقوقها.مشيرا إلى أن أكثر من خمسة عشر ملكه حكمن مصر عبر مختلف العصور. وكانت الملكة "مريت -نيت" هي أول سيدة في التاريخ تحكم بعدما تولت حكم مصر بعد وفاة زوجها لمدة عشر سنوات متواصلة إلى حين بلوغ ابنها "دن" سن الحكم ليصبح أحد أهم ملوك الدولة القديمة. كما تحدث عن الملكة حتشبسوت واصفا إياها بأنها:"امرأة قوية طموحة ذكية تثق من مكانتها وقدرتها..".مؤكدا أن عصر ها اتسم بالسلام والأزدهار وتحسن قوة الجيش وتأمين الحدود المصرية وتوطيد وتنمية العلاقات والصلات الدبلوماسية والتجارية مع مصر والدول المجاورة.


كما سرد "الدماطي" القصة الحقيقية للسلطانة "شجر الدر" آخر سيدة حكمت مصر في نهاية العصر  الدولة الأيوبية في مصر.مرددا بقوله : " سيدة عظيمة أنقذت مصر بقوتها وذكاءها وصاحبة منطق صائب خلال سنوات الحروب الصليبية..". واصفا إياها بأنها " المرأة الوحيدة التى حكمت مصر عبر مختلف العصور الإسلامية..".
كما ألقى  "الدماطي" الضوء على الحياة الاجتماعية والأسرية وعظم دور المرأة في الحفاظ على عادات وتقاليد مصر القديمة. خاصة وأنها نالت قدر كبير من التعليم الذي أهلها لتولي مناصب قيادة وحيوية داخل الدولة المصرية القديمة. على سبيل المثال القاضية "نبت" حماة للملك "ببي" من الأسرة السادس، الطبيبة " مريت بتاح" خلال بداية الأسرة الثالثة، والطبيبة "سشت " من الأسرة الخامسة والتي عملت كرئيسة للأطباء والمشرفة على الكهنة الجنائزية لأم الملك.كما حصلت على وظيفة الكاتب ، والمحاسب في القصر الملكي كما تولت مناصب حكومية عالية مثل أو مدير المخازن وغيرها.
كما تطرق الحوار لعدد من القضايا المتعلقة بالحياة اليومية للمرأة المصرية وحقوقها المالية وحقها في الزواج والطلاق والميراث والوصايا. واستعرض أمام الحاضرين عدد من وثائق الزواج ومنها وثيقة مكتوبة بالخط الديموطيقي وأخرى تعود لعصر الأسرة ٢٧. كما تحدث عن أشهر حكايات الحب والمعشوقات الجميلات التي لازمت أشهر ملوك مصر خلال قيادة البلاد. عن نفرتاري والملك رمسيس الثاني، نفرتيتي والملك اخناتون. حيث تطرق الحديث إلى عدد من القصص التي تناولها الأدب المصري القديم. على سبيل المثال ألقى "الدماطي" أبيات شعر  للحكيم  "عنخ ششاننج " والتي قدم  فيها نصائح " بتاح حتب" لابنه التي يدعوه فيها كي يكون رحيما بإمرأته وكريما. وأبيات أخرى عن كيفية اختيار الزوجة وصفاتها. وقصائد نظمها الشعراء للتأكيد على مكانة الأم والتي ربط رضائها برضاء الرب.
كما عرض خطابا كتبه رجلا لزوجته يحمل كلمات مديح وحب.علاوة على عدد من أشعار الغزل المسجلة على جدران مقابر دير المدينة بالبر الغربي بالأقصر.
وتطرق الحوار إلى دور المرأة  التي كان المصري القديم يطلق عليها اسم " نبت بر" أي سيدة البيت في الحياة الاقتصادية حيث عملت كسيدة أعمال وأشهرهم السيدة "ني نفر" خلال عصر الدولة الحديثة.
ودار حوار مفتوح بين جمهور الحاضرين والدكتور "الدماطي" تناول عدد من القضايا الجدلية التي تتعلق بالحضارة المصرية القديمة. حيث أشار إلى مدى تقبل الشعب المصري للملكات التي حكمت مصر بناءا على طلب أحد الحاضرين. كما أجاب الدكتور "الدماطي" على تساؤلات الحاضرين حول أمهات الملوك وزوجاتهم والكاهنات والمعبودات الملكية وغيرها من المناصب الرفيعة التي تولتها المرأة عبر مختلف العصور المصرية القديمة.
وللعلم أن صالون نفرتيتي الثقافي  يعقد فعالياته شهريا داخل مركز إبداع قصر الأمير طاز . ويتناول بالنقاش القضايا المثارة والمتعلقة بالحضارة المصرية وعبر مختلف العصور وتراثها الإنساني وما ارتبط منها بالواقع المصري الحديث والمعاصر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصر القديمة وزارة الثقافة صالون نفرتيتي ممدوح الدماطي

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد السوري بين متطلبات بناء الدولة وطموح المطالب الشعبية

نشرت منظمتا الإسكوا والأونكتاد التابعتان للأمم المتحدة، في 25 يناير/كانون الثاني 2025، تقريرا حديثا بشأن الاقتصاد السوري، خلال المرحلة الانتقالية، بعنوان "سوريا عند مفترق طرق: نحو مرحلة انتقالية مستقرة".

ويتناول التقرير ما لحق بالاقتصاد السوري من تراجع على مدار 12 عاما، ويوضح سيناريوهات أداء الاقتصاد السوري خلال الفترة المقبلة، ومن بين تلك السيناريوهات، سيناريو التعافي، والذي يقوم على عدة افتراضات، هي إعادة الإعمار، وتنفيذ إصلاحات الحوكمة، وتأمين مساعدات دولية كافية، مع التركيز على الزراعة والصناعة والطاقة.

ويتوقع سيناريو التعافي أن يصل الاقتصاد السوري إلى نسبة 80% من الناتج المحلي المتحقق قبل الحرب شريطة أن يتحقق معدل نمو 13% على مدار الفترة من 2024 – 2030، وفي حالة تحقيق ذلك سيكون نصيب الفرد من الناتج المحلي نصف ما كان عليه في عام 2010.

ومن أجل تحقيق كامل الناتج المحلي للاقتصاد السوري، لما كان عليه قبل الحرب عند معدل نمو 5%، فسيكون ذلك في عام 2036، أما استعادة نصيب الفرد من الناتج لما كان عليه قبل الحرب فسيتطلب ذلك معدل نمو سنوي 7.5%، ويستغرق ذلك حتى عام 2041.

أما توقع أن يصل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي 5 آلاف دولار، بحلول عام 2035، فسيتطلب ذلك تحقيق معدل نموي سنوي 20%.

إعلان

ولكن التقرير على الرغم من أهميته، لم يتعرض لكيفية تمويل سيناريو التعافي، وهي قضية في غاية الأهمية، فقد أشار التقرير فقط إلى تأمين مساعدات دولية كافية، وهل يمكن للمساعدات الدولية أن تحقق أمل دولة في التنمية، أو حتى التعافي؟

ومن هنا فالدولة السورية بعد الثورة أمام تحد كبير يتعلق بتدبير التمويل لإدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة، سواء للإنفاق الجاري أو الاستثماري، في ظل متطلبات نفقات كبيرة متوقعة وطموحات عالية للشعب بعد الثورة، وتقابل ذلك ضبابية شديدة في قدرة الإيرادات على تحقيق ذلك.

الدولة السورية بعد الثورة أمام تحد كبير يتعلق بتدبير التمويل لإدارة البلاد خلال المرحلة المقبلة (الجزيرة) موازنة النظام المخلوع غير واقعية

يشير موقع مجلس التخطيط الاقتصادي والاجتماعي بسوريا، إلى بيانات موازنة عام 2025، وهي موازنة تم اعتمادها من قبل النظام المخلوع، وبالتالي فهي غير واقعية للوضع الحالي، بعد الصورة، فهذه الموازنة لا تتضمن الإنفاق على كامل احتياجات الشعب السوري، كما أنها لا تتضمن إعادة الإعمار.

وقد قدّرت موازنة 2025 لسوريا، والتي أعدتها حكومة النظام البائد، بحجم إنفاق 52.6 تريليون ليرة (3.5 مليارات دولار، حسب سعر الصرف آنذاك)، وقد اشتملت على 37 تريليون ليرة (2.4 مليار دولار) للإنفاق الجاري، ونحو 15.6 تريليون ليرة (1.1 مليار دولار) للإنفاق الاستثماري.

ومن خلال البيان المنشور على موقع مجلس التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، تبين أنه لم تتم الإشارة إلى قيمة الإيرادات العامة، وقيمة العجز أو الفائض بالموازنة.

الموازنة والدور الاجتماعي والاقتصادي للدولة

قيام الدولة بالمهام المسندة إليها، يتطلب توفير تمويل للقيام بأمر الخدمات التي تحقق مهام وأهداف الدولة، حتى دور الدولة في ضوء مفهوم الدولة الحارسة، ذات الوظائف المحدودة (الدفاع الخارجي، والأمن الداخلي، والقضاء، والعلاقات الخارجية) يستلزم توفير التمويل للقيام بذلك.

إعلان مواجهة قرارات الحكومة

أصدرت الإدارة السورية الحالية، مجموعة من القرارات الخاصة بالوضع الاقتصادي، وهي كلها تتعلق بالوضع المالي، أولها رفع القيمة الجمركية على بعض السلع المستوردة، وهو ما قوبل برفض كبير (لاعتبار أنها أتت بنحو 5 أو 6 أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة)، وبخاصة سلوك التجار الذين أخفوا السلع، وأدى ذلك إلى رفع مؤقت للأسعار، مما اضطر الإدارة السورية للإعلان عن مراجعة القرار.

والقرار الثاني يتعلق بفصل بعض الموظفين المرتبطين بنظام الأسد، وتخفيف العبء الملقى على كاهل الموازنة العامة بدفع رواتب العاملين بها، حيث لوحظ أن عددًا لا بأس به معين في وظائف غير حقيقية، ولكن هذا الأمر دعا البعض للقول إن الإدارة الحالية هي إدارة مؤقتة، وليس من سلطاتها فصل العاملين بالدولة.

الإدارة السورية الجديدة أصدرت مجموعة من القرارات الخاصة بالوضع الاقتصادي للتعامل مع الواقع الجديد (الأناضول)

والأمر الثالث المتعلق بتلك الضوابط للشرائح المستفيدة من قرار زيادة الرواتب بنسبة 400%، (تقدر تكلفة زيادة الرواتب 1.65 تريليون ليرة سورية، ما يعادل 127 مليون دولار) حيث طالبت بعض الأصوات بأن تشمل هذه الزيادة جميع العاملين بالدولة، بينما تذهب الإدارة السورية إلى أن تكون هناك شروط وضوابط للإفادة من تلك الزيادة.

وأمر أخير، يتعلق بقرار الحكومة بشأن رفع أسعار الخبز المدعوم من قبل الحكومة، حيث اعترضت على هذا القرار فئات عدة، وبخاصة تلك المناطق التي كانت تحت سلطة الأسد، نظرًا لضعف دخولهم.

ومن خلال متابعة تدبير الشأن المالي للإدارة السورية الجديدة، فيما يتعلق بإدارة الدولة، لوحظ أنها تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.

المساعدات لا تبني دولة

لا يوجد نموذج لدولة قامت على المساعدات، أو اعتمدت عليها بشكل دائم، إنما تبنى الدول على إيراداتها السيادية أو الاعتيادية من خلال ممارستها لبعض الأنشطة الاقتصادية، ووصول بعض المساعدات لسوريا في ظل الإدارة الجديدة وبعد ثورتها، إنما هو أمر مؤقت، ولا يمكن البناء عليه.

إعلان

فمن دون الضرائب بكافة أنواعها، لن تقوم للنظام المالي قائمة، ولن تتمكن الدولة من القيام بدورها والوظائف الموكلة إلى الحكومة.

فالوضع الحالي الذي يشهد سيولة في المطالب الفئوية، إنما هي معوقات لبناء الدولة السورية بشكل صحيح، وتعطيل للوصول إلى وضع مالي متوازن.

فبقاء الوضع الحالي، بأن تستمر المساعدات على ما هي عليه طوال الوقت، والعمل على زيادتها بوتيرة تناسب الزيادة في الالتزامات، وهو أمر مستحيل الحدوث، والبديل الثاني أن تحافظ الإدارة السورية على الوضع الحالي وتلجأ إلى القروض لتمويل احتياجاتها التمويلية، وبذلك تكون قد حكمت على نفسها أن تكون رهينة للمساعدات.

والحل هو أن تجري إصلاحات حقيقية على هيكل الدولة المالي، فيما يتعلق بالضرائب بجميع أنواعها، فالعديد من الدول تعتمد على الضرائب بنسبة تزيد على 50% لتمويل الموازنة.

مقالات مشابهة

  • عبدالله الرحبي: الثقافة المصرية متغلغلة في عمان والمختبر الثقافي يعزز الروابط
  • لقاء توعوي لتعزيز منظومة بناء القدرات وإدارة المواهب بجنوب الباطنة
  • كيف يمكن للمرأة المساهمة في بناء مجتمع مثقف؟
  • الاقتصاد السوري بين متطلبات بناء الدولة وطموح المطالب الشعبية
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
  • حريق هائل بمنطقة بناء السفن في محافظة السويس المصرية
  • بالصور.. الحارة الشعبية لمسلسل “شباب امرأة” بـ أجواء الحارة المصرية القديمة
  • نهلة الصعيدي: المرأة القوية تحسن تربية الأبناء وتتعامل بإيجابية قادرة على صنع المستحيل
  • نهلة الصعيدي: المرأة القوية التي تحسن تربية الأبناء وتقدر على صنع المستحيل
  • اللواء شاهيناز صلاح تفتح باب المستقبل فى خدمة الوطن وتؤكد لليوم السابع: مستشفيات الشرطة عطاء إنسانى لا ينضب.. والمرأة المصرية فى عهد الرئيس السيسى حصلت على فرص لا حدود لها.. وهى ركيزة أساسية فى بناء الوطن