شقّ عشرات آلاف اللاجئين السوريين طريقهم في دروب الهجرة الصعبة، وحققوا نجاحات لافتة، وتركوا بصماتٍ في كل مكان وصلت إليه أقدامهم، وشكلوا مصدراً للإلهام، والتحفيز، والإبداع الخَلّاق، حين أُتيحت لهم الفرص في دول اللجوء في تركيا، وأوروبا، وأمريكا الشمالية، والخليج العربي، ومصر، وبلدان أخرى، فكانت ثقتهم بالله تعالى، والإصرار على النجاح، والخلاص من الاستعباد والطغيان، وإيمانهم بأن "غداً أفضل" الحافز الأكبر لهم في غُربتهم، وأوطانهم الجديدة.



السوريون.. آثارهم تُنبئك عن أخبارهم

اختراعات عظيمة، وأسماء بارزة، حفظها العالم عن ظهر قلب، تَصدرهم المخترع ستيف بول جونز مؤسس شركة آبل العملاقة، وهو ابن عبد الفتاح الجندلي؛ سوري الأصل، وأمريكي المواطنة. والمخرج السينمائي العالمي الأستاذ مصطفى العقاد، وهو صاحب فيلمي "الرسالة" و"أسد الصحراء"، ورائد الفضاء اللواء محمد فارس، وهو من أول رواد الفضاء العرب، والذي كان ضمن برنامج الفضاء السوفياتي في مركبة سويوز M3 للمحطة الفضائية مير في أواخر القرن الماضي، والخبير الاقتصادي والوزير محمد الشعار رائد الأعمال الذي أسس العديد من الشركات الناشئة في مجالات التقانة والاتصالات في أمريكا وسنغافورة وبريطانيا، وهو رئيس الجمعية الأمريكية السورية لرجال الأعمال، وبرز اسمه في جامعة جورج تاون ضمن الـ 500 شخصية مسلمة الأكثر تأثيراً في العالم. وعَرف العالم المخترع والمهندس السوري أكرم العادل الذي طوّر أطرافاً صناعية ذكية، تستخدم تقنيات الاستشعار الإلكتروني لتحسين حركة المستخدمين، واستقلاليته.  وعمرو اللبابيدي، وهو طبيب سوري متخصص في جراحة القلب، والذي ابتكر تقنيات عالية في عمليات القلب المفتوح، حتى تقلل من فترة التعافي، وتزيد معدلات الإنتاج. والمهندس الزراعي عبد الله حبيب، والذي طوّر نظاماً ذكياً للري، يستخدم تقنيات الاستشعار، والتحكم عن بُعد لتوفير المياه، وتطوير كفاءة الري في المناطق الجافة.

وهناك المهندسة والمخترعة السورية سيرين حمشو ابنة المهندس الشهير عمر حمشو، من مدينة حماة، ومتخصصة في مجال الطاقات المتجددة، وحاصلة على براءة اختراع دولية لتصميمها نظام عنفات هوائية عام 2015، وصنفتها شبكة الـBBC ضمن أفضل 100 امرأة حول العالم. واِشتهر المهندس عمر الهاشمي، والذي طوّر تقنيات جديدة في مجال الطاقة الشمسية لتحسين كفاءة الخلايا الشمسية، وجعلها أكثر فاعلية من حيث التكلفة.

وخالد الصغير، وهو مهندس برمجيات، ومطور تقنيات ذكية لإدارة الأعمال، وتحليل البيانات الكبيرة، وفي مجال الأمان الإلكتروني عُرف ياسر القاضي، وهو خبير في أمن المعلومات، وساهم بتطوير أنظمة حماية متقدمة تستخدم التشفير، والذكاء الصناعي لحماية البيانات الشخصية والمؤسساتية الرسمية والخاصة من الهجمات السيبرانية.

وفي مجال الروبوتات، اشتهر المهندس السوري مازن الحايك كمهندس روبوتات، وقد طوّر روبوتات صناعية تستخدم في خطوط الإنتاج لتحسين الكفاءة، وتقليل الأخطاء البشرية في الصناعات التحويلية.
ومن الأسماء ذائعة الصيت من المخترعين السوريين اسم المهندسة ليلى حمدان، والتي اشتهرت كعالمة في مجال التقانة الحيوية، وابتكرت تقنيات جديدة في مجال العلاج الجيني، والبروتينات العلاجية لعلاج الأمراض الوراثية والمزمنة.

وبرز اسم عصام حجي، وهو عالم في وكالة ناسا للفضاء، وله بحوث تتعلق بكوكب المريخ، والبحث عن المياه خارج الأرض، وكما نبغ اسم علي الأتاسي، وهو مهندس ومخترع، وله عدة براءات اختراع في مجالات الهندسة الميكانيكية والروبوتات.

أفكار وإبداعات سورية في المهجر  

شغل نبوغ الطفل السوري حسين بسو الصحافة الألمانية بتألقه وعبقريته في لعبة الشطرنج، وأصبح ضمن فريق ألمانيا للرجال في لعبة الشطرنج، وبطل ألمانيا فيها، وهو بعمر 9 سنوات فقط.  ولقد حاز الميدالية البرونزية في البطولة العالمية للشباب، واحتل المرتبة الثانية في التصنيف العالمي لمن دون سن 12 عاماً.

كما حاز الشاب السوري نسيم خليل على براءة اختراع "فرشة ذكية" في ألمانيا أسماها "هايبنوس"، تساعد على علاج مرضى آلام الظهر وأمراض ارتجاع المريء، وتمكّن نسيم من الحصول على براءة اختراع رسمية من الحكومة الألمانية. وقال حينها: "أمامي الكثير، بيد أنني واثق من نجاح هذه الفكرة مستقبلاً، وسوف تُحدث ثورة في مجال صناعة الأفرش، وأريد أن يرى الألمان أنه لا تنقصنا الكفاءات، وأننا نستطيع أن نقدم لألمانيا التي احتضنتنا أفكاراً مميزة تدفعها إلى الأمام".

وتألقت الطبيبة السورية لين كلايف في دراستها الطب في جامعة شيفيلد، وتخرجت عام 2019م، وتستعد حالياً لتدريبها النهائي بعد دراستها الإنجليزية؛ لتصبح مترجمة لمنظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وبعد ذلك، أصبحت طبيبة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية الـNHS، واستطاعت كلاين وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط، بأن تتزوج وتُنجب، وتتخرج طبيبة، وحصلت على جائزة ملكة جمال المتزوجات بعد سبع سنوات من قدومها إلى بريطانيا في أغسطس 2020م، حيث جاءت مع أهلها لاجئة عام 2013م؛ بحقيبة ملابس حملتها على ظهرها، ولتبدأ قصتها من مقاطعة يوركشير في شمال إنكلترا.

واخترعت السورية ابنة حلب الشهباء شوشي باكاريان جهازاً للطاقة المتجددة في كندا، وقد درست في كلية هندسة الطيران في جامعة كونكورديا بعد أن حصلت على قرار اللجوء في كندا بداية عام 2016، وقامت برعايتها جمعية غير ربحية تدعم الشباب في مجال الطيران "ستراتوس أفييشن Stratos Aviation". وقد اخترعت جهاز الطاقة المتجددة "فينتوس" الذي صُمم للطائرات الصغيرة من عائلة "سيسنا"، والذي يوفر تياراً داخلياً بقوة 5 ڤولت لشحن الهواتف الخلوية، والأجهزة اللوحية، ووحدات النظام العالمي لتحديد المواقع وغيرها من أدوات الملاحة، بالإضافة لتبريد المقصورة بمقدار 3-5 درجات مئوية باستخدام الطاقة المتجددة والهواء.

وكرّمت إحدى المدارس الألمانية الطالبة الدمشقية هدى الخولاني على تكريم بعد أن حصلت على درجة تفوق في اللغة الألمانية، وتفوقت على زملائها الألمان أنفسهم في أقل من ثلاث سنوات. وبرز اسم اللاجئ السوري محمد الجندي بفوزه بجائزة السلام الدولية، وجائزة "MTV EMA generation change"، فهو لجأ من سورية إلى مخيمات لبنان بعمر 17 عاماً، وعمل كل ما في وسعه لكي يحصل الأطفال اللاجئين على التعليم، وقام بنفسه بتعليمهم دون أي مقابل ما جعله يتصدر قوائم مواقع الأمم المتحدة.

إن النجاحات الباهرة التي حققها السوريون في المهجر، لهي دلالة على مدى رقي الشعب السوري، وقدرته على التفاعل البنّاء، وكما لاحظنا، بأنهم حصدوا المراتب الأولى في المدارس والجامعات، وفي حقول الحياة العامة في تركيا وألمانيا وهولندا وبريطانيا وغيرها، وينشئون مشاريع ريادية إبداعية من مختبرات علمية، وشركات للتصنيع، ومطاعم ومخابز، ومهن حرة، تخدم مجتمعاتهم، والمجتمعات المضيفة لهم أيضاً.وتمكن السوري عبدول سايمو من تحقيق نجاح كبير في مشروعه لأول مصنع جبنة سورية على الأراضي الألمانية بالتعاون مع إحدى الأسر الألمانية.  ويستخلص مصنع جبنة "شام سار" من 1000 لتر من الحليب حوالي 180 إلى 200 كغ من الجبنة يومياً. ونالت الجبنة التي يصنعها إعجاب عشرات المحلات العربية والتركية، فضلاً عن تجار الجُملة في ألمانيا وهولندا والسويد والنمسا وإيطاليا ولوكسمبورغ من أكبر زبائن مصنع "شام سار".

كما هنأ عمدة لندن اللاجئ السوري تريج بريمو بعد أن لقي اهتمامًا عامًا وإعلاميًا من بريطانيا بعد "رحلة نضال" استمرت 10 أعوام عانى خلالها اللاجئ السوري من نزاعات هاربة، ووصل إلى أربعة دول، وفق ما ذكرته صحيفة A البريطانية. وقال العمدة: "تهانينا لللاجئ السوري تيريج بريمو، يفخر سكان لندن بالتخرج كطبيب من مدينتنا". وقد التحق بجامعة سانت جورج في لندن. وقال بريمو للصحيفة البريطانية "أعرف الآن ما هو الألم، أنا مستعد للعب دوري كطبيب، ومستعد لرعاية الآخرين من كل قلبي".

كما سطع نجم الملاكم الألماني من أصل سوري، مانويل شار، يفوز ببطولة العالم للوزن الثقيل، وقد تغنت الصحافة الألمانية بـ "شار" البالغ من العمر 33 عامًا، الذي فاز ببطولة العالم للوزن الثقيل، (أكثر من 85 كغ) بسبب أن ألمانيا فازت باللقب للمرة الأولى منذ أن فقد أسطورتها ماكس شميلينج لقب العالم عام 1932م.

وقد دوَّن تامر غزال، وهو عضو إدارة مجلس الخضر في ألمانيا: تعد الجالية السورية المكونة من 2.5 مليون سوري في ألمانيا من الدعائم المرتكزة فيها، وعلى الرغم من الاختلاف في الثقافة والتقاليد، ولكن المثير للاهتمام نهوض السوريين وتفاعلهم بشكل مستمر... وما يسعدني هو نجاح هذه الجالية الباهر والمخيف بسرعته عن باقي الجاليات هنا، وبدون أدنى شك، فقد أصبحت الجالية السورية في المركز الأول بالمجال الطبي من خلال أعلى نسبة أطباء في ألمانيا". وبحسب إحصائية لنقابة الأطباء الألمانية عام 2020، فقد احتل الأطباء السوريون المركز الأول بين الأطباء الأجانب العاملين بألمانيا، بـ5289 طبيباً عاماً.

 هذه بعض النماذج والأمثلة القليلة من آلاف التجارب والإبداعات، التي ولدت في ظلال المعاناة السورية، وحتى في سورية، ورغم الواقع التعليمي المتردي الذي سببته الحرب، يكافح السوريون لأجل مستقبلهم، فالسوريون في سورية تمترسوا في معاهد المساجد التربوية، ومراكز التكوين المهني، وصفوف المدارس رغم تسرب الآلاف منهم، وبرزت مواهب سيكون لها تأثيرها الإيجابي، وذلك بناء على الملكات النّقدية التي اِكتسبوها، والمعارف والخبرات التي تزودوا بها.

إن النجاحات الباهرة التي حققها السوريون في المهجر، لهي دلالة على مدى رقي الشعب السوري، وقدرته على التفاعل البنّاء، وكما لاحظنا، بأنهم حصدوا المراتب الأولى في المدارس والجامعات، وفي حقول الحياة العامة في تركيا وألمانيا وهولندا وبريطانيا وغيرها، وينشئون مشاريع ريادية إبداعية من مختبرات علمية، وشركات للتصنيع، ومطاعم ومخابز، ومهن حرة، تخدم مجتمعاتهم، والمجتمعات المضيفة لهم أيضاً.

ولو درسنا واقع اللجوء السوري في تركيا بشكل عام، فلن تجد فضلاً لتركي على سوري، بل ستجد المصانع والمزارع والمتاجر والجامعات التركية، استفادت من العقول والطاقات الشبابية السورية في إنعاش الاقتصاد، وتحريك السوق والجامعات، وتحفيز طلاب عرب وأجانب للوفود إلى تركيا. وقد اشتكى كثيرٌ من أصحاب المهن حين زادت المضايقات على اللاجئ السوري، والتي اضطرته إلى العودة إلى سوريا أو الهجرة إلى الغرب، في مقابل رفض المواطن التركي العمل بنفس القيمة المالية، والمجهود، والإنتاجية، والكفاءة.

فهل يتحمل الشعب السوري خطيئة نظام مستبد أفسد البلاد والعباد والحرث، ونشر الرعب والإرهاب والمخدرات في كثير من دول العالم؟ وهل السوريون حقاً عالة على المجتمعات التي استضافتهم؟

في واقع الحال، إن الشعب السوري هو جزء من المنظومة الحضارية التي تتكامل، وتشترك فيها الشعوب والثقافات المختلفة، وهذه دورة التاريخ، وسنة الله في الأفراد والحضارات، ولن يكون الشعب السوري خارجها، وخاب أمل من ظن أن هذا الإنسان السوري سيعيش في أيّ بلد مواطناً من "الدرجة الثانية" أو "بلا كرامة"، فالسوريون بعمومهم، يريدون العيش باحترام وحرية وأمان وسلام، حتى يكونوا فاعلين ومبدعين، وقادرين على البناء والعطاء أكثر. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير سوريا سوريا لاجئون رأي انجازات تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب السوری فی ألمانیا فی ترکیا فی مجال التی ا

إقرأ أيضاً:

من داخل سجن سيليفرى.. عمدة إسطنبول المسجون يكتب: تركيا تنزلق نحو الاستبداد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

من زنزانته في سجن سيليفري، ضاحية إسطنبول، أصدر أكرم إمام أوغلو، عمدة أكبر مدينة تركية والمنافس الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان، تحذيرًا قويًا بشأن حالة الديمقراطية في تركيا. في مقالٍ نشرته صحيفة نيويورك تايمز، يشرح إمام أوغلو تفاصيل اعتقاله في ١٩ مارس على يد شرطة مدججة بالسلاح، والحملة القمعية الأوسع التي تلته، واصفًا إياها بأنها خطوة مدروسة لإسكات المعارضة وتدمير المؤسسات الديمقراطية.
كتب: "ما حدث أشبه باعتقال إرهابي، وليس اعتقال رئيس بلدية منتخب". وأكد أن التوقيت لم يكن مصادفة: فقد جاء الاعتقال قبل أربعة أيام فقط من موعد إجراء حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، لانتخاباته التمهيدية للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهي انتخابات تشير استطلاعات الرأي إلى أن إمام أوغلو قد يهزم أردوغان فيها.
استراتيجية الإقصاء
وفقًا لإمام أوغلو، فإن اعتقاله وإيقافه عن العمل جزء من حملة أوسع نطاقًا دبرها أردوغان للقضاء على منافسيه السياسيين من خلال التلاعب القانوني والترهيب. ويؤكد أن التهم - التي تتراوح بين الفساد ومساعدة حزب العمال الكردستاني المحظور - تفتقر إلى أدلة موثوقة، وتصاحبها حملة تشويه لا هوادة فيها في وسائل الإعلام الموالية للحكومة.
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها إمام أوغلو ضغوطًا من الدولة. فمنذ فوزه التاريخي في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول عام ٢٠١٩، خضع لما يقرب من ١٠٠ تحقيق وأكثر من اثنتي عشرة قضية أمام المحاكم. من مزاعم تزوير الانتخابات إلى الإلغاء الغريب لشهادته الجامعية بعد ٣١ عامًا من تخرجه، يُصرّ إمام أوغلو على أن الهدف واضح: منعه من الترشح واستنزاف رصيده السياسي.
ويكتب: "لقد تحولت الجمهورية التركية إلى جمهورية خوف. يُمكن إلغاء الأصوات ومصادرة الحريات في لحظة". ويضيف: "اجتمع الناس من جميع الأعمار والخلفيات حولي، ونظموا وقفات احتجاجية رافضين الصمت".
أمة في حالة احتجاج
أدى اعتقال إمام أوغلو إلى حملة قمع شاملة تجاوزت نطاق منصبه بكثير. اعتُقل ما يقرب من ١٠٠ شخص، بمن فيهم كبار المسؤولين البلديين وقادة أعمال بارزون، بناءً على لائحة اتهام بُنيت إلى حد كبير على تصريحات من مصادر مجهولة. وسبقت الاعتقالات حملات تضليل، صوّرت العملية على أنها مكافحة للشبكات الإجرامية، بدلًا مما يراه الكثيرون تطهيرًا سياسيًا.
ومع ذلك، كان رد الفعل الشعبي سريعًا ومتحديًا. رغم الحظر الحكومي على الاحتجاجات وحواجز الشرطة، خرج مئات الآلاف إلى الشوارع، من إسطنبول إلى معاقل أردوغان التقليدية مثل ريزه. وانضم الكثيرون إلى حزب الشعب الجمهوري تضامنًا، معتبرين اعتقال إمام أوغلو اعتداءً واضحًا على الديمقراطية. 
حتى تحت الضغط، عقد حزب الشعب الجمهوري انتخاباته التمهيدية كما هو مخطط لها. ووفقًا لأرقام الحزب، صوّت ١٥ مليون شخص، من بينهم ١.٧ مليون عضو مسجل، لإمام أوغلو لقيادة الحزب في السباق الرئاسي.
أزمة قيم عالمية
خارج حدود تركيا، خيّب صمت القوى العالمية آمال رئيس البلدية المسجون. فبينما أعرب قادة الديمقراطيين الاجتماعيين ومنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء أوروبا عن دعمهم، كانت ردود الفعل الرسمية من الحكومات الغربية خافتة. ولم تُبدِ الولايات المتحدة سوى "مخاوف"، وتجنب معظم القادة الأوروبيين اتخاذ موقف حازم.
يُحذّر إمام أوغلو، فى مقاله، من أن هذا الصمت يُخاطر بتطبيع الاستبداد تحت ستار البراجماتية الجيوسياسية. ويُضيف قائلاً: "لا يُمكن للديمقراطية وسيادة القانون والحريات الأساسية أن تدوم في صمت". ويُحذّر من التضحية بالقيم الديمقراطية من أجل مصالح استراتيجية قصيرة الأجل، مُشيرًا إلى دور تركيا في الأمن الأوروبي في خضمّ حالة عدم الاستقرار العالمي من أوكرانيا إلى غزة.
يُؤكّد إمام أوغلو أن ما يتكشف في تركيا ليس صراعًا محليًا معزولًا، بل جزء من معركة عالمية أوسع ضدّ صعود الحكام الأقوياء المُستبدين. ويُطالب الدول الديمقراطية والمواطنين في كل مكان بمُوازاة عزم أولئك الذين يُقوّضون الحريات بنفس القوة في الدفاع عنها.
ويكتب: "إن بقاء الديمقراطية في تركيا أمرٌ بالغ الأهمية ليس فقط لشعبها، بل أيضًا لمستقبل الديمقراطية في جميع أنحاء العالم". ويرى أن التحدي يكمن في الدفاع عن المؤسسات، وإعلاء العدالة، ومقاومة القمع، ليس فقط من خلال الدبلوماسية، بل من خلال التعبئة الشعبية والتضامن الدولي. رغم سجنه، لا يزال إمام أوغلو متفائلاً. ويضع ثقته في الشعب التركي والمجتمع المدني والعالم الديمقراطي الأوسع. ويؤكد: "مصير الديمقراطية يعتمد على شجاعة الطلاب والعمال والنقابات والمسؤولين المنتخبين - أولئك الذين يرفضون الصمت".
 

مقالات مشابهة

  • الآلاف يحتشدون في الجوامع والساحات العامة التي حددتها وزارة الأوقاف في مختلف المدن السورية لأداء صلاة عيد الفطر المبارك، وذلك في أول عيد بعد تحرير البلاد وإسقاط النظام البائد.
  • لوكاكو يدخل نادي أصحاب الـ400 هدف ويواصل التألق مع نابولي
  • سعادة وتفاؤل.. اللاجئون السوريون في دهوك يحيون أول عيد بعد سقوط الأسد (صور)
  • القس رفعت فكري يعزي البابا تواضروس في نياحة الأنبا باخوميوس
  • المملكة ترحب بإعلان تشكيل الحكومة السورية وتعرب عن أملها في أن تحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق
  • وزارة الخارجية تعرب عن ترحيب المملكة بإعلان تشكيل الحكومة السورية وعن أملها في أن تحقق هذه الحكومة تطلعات الشعب السوري الشقيق
  • وزير الدفاع السوري: سنعيد لسوريا جيشا يتباهى السوريون بالانتساب إليه
  • من داخل سجن سيليفرى.. عمدة إسطنبول المسجون يكتب: تركيا تنزلق نحو الاستبداد
  • متصدراً دول العالم.. اليمن يحيي يوم القدس العالمي
  • القس رفعت فكري: الفن والموسيقى شىء راقي يهذب النفس