إسطنبول- أثارت تصريحات وزير التجارة التركي، عمر بولات، مخاوف كبيرة الأسبوع الماضي بشأن مستقبل قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية في تركيا.

وحذّر بولات من المخاطر والتحديات التي قد تواجه هذه القطاعات الحيوية نتيجة غياب اليد العاملة من المهاجرين، موضحا أن نقص العمالة المهاجرة يمكن أن يؤثر سلبا على الإنتاجية والاستدامة في القطاعين الزراعي والحيواني.

وقال الوزير: "إن غياب اليد العاملة من المهاجرين يشكل تهديدا حقيقيا لقطاع الزراعة والثروة الحيوانية، نحن بحاجة إلى إيجاد حلول مستدامة تضمن توفير العمالة اللازمة للحفاظ على استمرارية وإنتاجية هذه القطاعات".

وأشار إلى أن الزراعة وتربية الحيوانات ستتوقفان إذا غادر 25 ألف راع أفغاني اليوم، مما يعكس حجم المشكلة.

تراجع حاد

وأعلن معهد الإحصاء التركي عن "إحصاءات الإنتاج الحيواني" لعام 2023، كاشفا عن تراجع حاد في أعداد المواشي والأغنام، حيث سجلت أدنى مستوى لها في 6 سنوات، بينما بلغت أعداد الأغنام أدنى مستوى في 4 سنوات.

وفقا للبيانات الصادرة، تراجع إجمالي عدد المواشي والأغنام في تركيا من 73 مليونا و472 ألفا و214 رأسا في عام 2022 إلى 69 مليونا و106 آلاف و753 رأسا في عام 2023، مما يمثل انخفاضا بنسبة بلغت 5.9%.

وفي الوقت الذي نما فيه الاقتصاد التركي بنسبة 4.5% في عام 2023، شهد القطاع الزراعي انكماشا بنسبة 0.2%.

كما سجل القطاع الزراعي نموا سلبيا في اثنتين من السنوات الثلاث الماضية، حيث تقلص بنسبة 3% في عام 2021، قبل أن يسجل نموا بنسبة 1.3% في عام 2022.

وكانت الزراعة التركية القطاع الوحيد الذي تقلص بين القطاعات الاقتصادية المختلفة في عام 2023، في حين نما قطاع البناء بنسبة 7.8%، وقطاع الخدمات بنسبة 6.4%، وقطاع الأنشطة العقارية بنسبة 2.7%، وقطاع الصناعة بنسبة 0.8%.

القطاع الزراعي التركي سجل انكماشا بواقع 0.2% العام الماضي (الأناضول)

وقال الباحث الاقتصادي محمد العبادلة في حديث للجزيرة نت، إن أزمة نقص العمالة في القطاعين الزراعي والحيواني تعد من أبرز الأسباب التي أدت إلى انخفاض عدد الحيوانات في تركيا.

وأوضح العبادلة أن هناك عدة عوامل أخرى أسهمت في هذه الظاهرة، أبرزها:

سياسات الاستيراد وتأثيرها السلبي على الإنتاج المحلي. ارتفاع تكاليف المدخلات، وخاصة الأعلاف. الاستخدام غير المناسب للأراضي المخصصة للرعي. شيخوخة السكان في المناطق الريفية.

وأكد العبادلة أن معالجة هذه العوامل تتطلب تدخلات إستراتيجية من قبل الحكومة لدعم المزارعين وتعزيز الإنتاج المحلي.

نقص العمالة

وفقا لبيانات معهد الإحصاء التركي، تراجعت حصة قطاع الزراعة وتربية المواشي في العمالة من 15.8% عام 2022 إلى 14.8% عام 2023.

كما تشير إحصاءات المعهد، إلى انخفاض كبير في عدد العاملين في القطاع الزراعي خلال العقدين الماضيين.

ففي عام 2002، كان هناك 7.458 ملايين شخص يعملون في الزراعة، انخفض العدد إلى 6.745 ملايين في عام 2011، ثم إلى 4.974 ملايين في عام 2021، مما يعكس تراجعا بنسبة 33% خلال الأعوام الـ19 المنقضية و26% خلال العقد الأخير.

وتشير إحصاءات وزارة الزراعة والغابات إلى انخفاض عدد المزارعين المسجلين من نحو 2.18 مليون في عام 2001 إلى 2.17 مليون في عام 2021.

وفي هذا الصدد، تقول الكاتبة ديليك غونغور: "رغم أن العديد من الشباب الذين يعيشون في القرى عاطلون عن العمل، فإنه عندما تبحث عن عمال، لا أحد يتقدم. وحتى إذا تقدموا، فإنهم يتركون العمل في اليوم التالي. الجميع اعتادوا على الراحة، ولا أحد يريد القيام بالأعمال الشاقة، ويفضلون كسب المال بسهولة".

وفي حديث للجزيرة نت، عبر المزارع والراعي عاشر ديميرلار عن معاناته في العثور على عمال لرعاية مواشيه، رغم تقديمه رواتب مغرية تتجاوز 40 ألف ليرة تركية (1200 دولار).

وقال: "لقد وصلت الأمور إلى حد لا يطاق. نقدم رواتب جيدة ونوفر الطعام والمسكن والملابس، لكن لا نجد من يرغب في العمل راعيا. الشباب يفضلون الهجرة إلى المدن الكبيرة والعمل بأجور أقل بسبب الضمان الاجتماعي والحياة المدنية. إذا استمر هذا الوضع، سأضطر إلى الاعتماد على العمال الأجانب أو ربما أكتفي بالزراعة".

حصة قطاع الزراعة وتربية المواشي في العمالة تراجعت من 15.8% عام 2022 إلى 14.8% عام 2023 (الأناضول)

وأوضح أن نقص العمالة يهدد قطاع تربية الماشية بأكملها في تركيا، مضيفا: "تربية الماشية ليست مجرد عمل، إنها تقليد يمتد لقرون. إذا لم نستطع إيجاد من يواصل هذا العمل، نخاطر بفقدان جزء من تراثنا الثقافي".

وأشار ديميرلار إلى أن العمالة الأجنبية قد تكون حلا مؤقتا، لكنه يتساءل عن مدى استدامة هذا الحل. وقال: "العثور على عمال أجانب قد يساعد في سد الفجوة، لكن هل سيكونون مستعدين للبقاء طويلا؟".

العمالة الأجنبية

وقال رئيس الاتحاد المركزي لمربي الأغنام والماعز في تركيا، نهاد تشيليك، إن الحكومة تعمل بجد لحل مشكلة نقص الرعاة في البلاد، من خلال إجراء محادثات مع دول مثل أفغانستان والجمهوريات التركية لتوظيف رعاة أجانب.

وأشار إلى وجود نحو 40 ألف راعٍ أجنبي في تركيا، بينهم أفغان وسوريون وعراقيون، معربا عن حاجة القطاع لـ 150 ألف راع إضافي.

من جانبه، أوضح رئيس غرفة زراعة بلدية توربالي بولاية إزمير، يلماز جيرجين، أن نسبة اللاجئين السوريين العاملين في الأراضي الزراعية وصلت إلى 95% في المنطقة، مشيرا إلى أن "الوضع لا يختلف في جميع أنحاء تركيا".

وفي هذا السياق، يقول الباحث الاقتصادي حقي إيرول غون، للجزيرة نت، إن قطاعي الزراعة وتربية الحيوانات في تركيا سيظلان بحاجة إلى الأيدي العاملة، موضحا أن السبب في ذلك يعود إلى العقلية التي يتبناها الشباب التركي اليوم.

وحذر من تأثير الدعاية العنصرية ضد اللاجئين على هذين القطاعين المضطربين بالفعل، مشددا على ضرورة أن تعمل الحكومة على تشجيع الشباب الأتراك للعمل في مثل هذه الوظائف من خلال تقديم الدعم اللازم لهم.

وأضاف أن التنسيق مع الدول المعنية لاستقطاب عمالة متخصصة سيعطي أصحاب العمل شعورا بالأمان تجاه العمال، ويضمن حقوق العمال الأجانب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الزراعة وتربیة القطاع الزراعی نقص العمالة فی ترکیا عام 2022 عام 2023 فی عام

إقرأ أيضاً:

أسعار النفط تتراجع مع مخاوف التصعيد في أوكرانيا

تراجعت أسعار النفط، اليوم الثلاثاء، بعد صعودها في اليوم السابق بسبب توقف الإنتاج في حقل يوهان سفيردروب النفطي بالنرويج، لكن المستثمرين ظلوا حذرين وسط مخاوف من تصعيد محتمل في الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت للتسليم في يناير (كانون الثاني) المقبل، 7 سنتات أو 0.1% إلى 73.37 دولار للبرميل، بينما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي للتسليم في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، 7 سنتات أيضاً أو 0.1% إلى 69.23 دولار للبرميل.

Norway's massive Johan Sverdrup oilfield shut by power outage https://t.co/SWlB1vpL2u pic.twitter.com/11BwQH2eqW

— Reuters (@Reuters) November 18, 2024

وتراجع عقد خام غرب تكساس الوسيط لشهر يناير (كانون الثاني) المقبل، الأكثر تداولاً، 4 سنتات أو 0.1% إلى 69.21 دولار. وارتفعت أسعار الخامين القياسيين بأكثر من دولارين للبرميل، أمس الإثنين.

وقال توشيتاكا تازاوا المحلل لدى فوجيتومي للأوراق المالية "حدثت بعض التحولات في المواقف بعد ارتفاع، أمس الإثنين". وأضاف أن "المستثمرين ظلوا حذرين في تقييم اتجاه الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بعد التصعيد الذي شهدناه في مطلع الأسبوع".

وشنت روسيا أكبر غارة جوية لها على أوكرانيا منذ ما يقرب من 3 أشهر يوم الأحد الماضي، مما تسبب في أضرار جسيمة في نظام الطاقة في البلاد. وفي تراجع كبير عن سياسة واشنطن، سمحت إدارة الرئيس جو بايدن لأوكرانيا باستخدام أسلحة أمريكية الصنع لضرب عمق روسيا، بحسب مسؤولين أمريكيين ومصدر مطلع على القرار.

وقال الكرملين أمس، إن روسيا سترد على ما وصفه بالقرار المتهور لإدارة بايدن، بعد أن حذر في وقت سابق من أن مثل هذه القرارات من شأنها أن تزيد خطر المواجهة مع حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، استمرت المخاوف بشأن المعروض بسبب مشاكل الإنتاج في بعض حقول النفط. وذكرت شركة إكوينور النرويجية أمس، أنها أوقفت الإنتاج في حقل يوهان سفيردروب النفطي، أكبر حقول غرب أوروبا، بسبب انقطاع الكهرباء، وذلك دون الإشارة إلى الموعد المتوقع لاستئناف العمل.

وقال متحدث باسم الشركة إن العمل جار لاستئناف الإنتاج، لكن لم يتضح على الفور متى سيستأنف.

وخفض حقل تنغيز، أكبر حقول النفط في قازاخستان، والذي تديره شركة شيفرون الأمريكية العملاقة إنتاجه بمقدار 28% إلى 30% بسبب أعمال الصيانة الجارية، وهو ما يسهم في تقليص الإمدادات العالمية بشكل أكبر. وقالت وزارة الطاقة في البلاد إن من المتوقع أن تكتمل أعمال الصيانة بحلول يوم السبت المقبل.

وشرع المتداولون في نقل التداولات على خام غرب تكساس الوسيط إلى عقد يناير (كانون الثاني) المقبل، قبل انتهاء التداولات على عقد ديسمبر (كانون الأول) المقبل، غداً الأربعاء.

مقالات مشابهة

  • بحوث الصحراء يشارك في البرنامج التدريبي الثامن حول نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية
  • صافي عجز استثمار تركيا الدولي يبلغ سالب 318 مليار دولار أمريكي
  • الصادرات الزراعية 6.9 مليون طن بحوالى 205 مليارات جنيه.. وخبراء: مفتاح النمو الاقتصادي وتعزيز التنافسية العالمية.. ويجب تطوير القطاع الزراعي بشكل كامل
  • وزير الزراعة بحث مع ممثلة الفاو في تعزيز المساعدات للقطاع الزراعي المتضرر
  • أسعار النفط تتراجع مع مخاوف التصعيد في أوكرانيا
  • وزير الزراعة يوجه مديري الإصلاح الزراعي بمنع التعديات ومتابعة الأسمدة
  • ارتفاع طفيف بأسعار النفط إثر مخاوف التصعيد العسكري في أوكرانيا
  • وزير التجارة التركي يزور العراق يوم غد
  • رئيس جامعة جنوب الوادي يفتتح فعاليات المعرض الزراعي الأول
  • الأمن الغذائي مهدد... وزير الزراعة: العدوان أضر 70% من القطاع الزراعي