زهير عثمان حمد

أطاح السودانيون بنظام الرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 بعد سنوات من الحكم الاستبدادي، ولكن على الرغم من هذا الانتصار الشعبي، لم تكن هناك خطة واضحة لقادة الحراك حول كيفية التعامل مع تعدد الجيوش في البلاد. تحالفات مؤقتة بين المدنيين المعارضين لنظام البشير والجماعات المسلحة في غربي البلاد والمنطقتين سرعان ما تحولت إلى توترات بسبب تقاسم السلطة والان في ظل الحرب نري أن الاصلاح وبناء جيش مهني هو بداية الاستقرار الامني والسياسي .


التحديات في هيكلة الجيش يشير المحلليين إلى أن هناك رغبة داخل الجيش لتكوين جيش موحد وإنهاء تعدد الجيوش، ولكن الجماعات المسلحة وقوات الدعم السريع ترغب في إعادة صياغة المؤسسة العسكرية. هذا التوتر يعكس ضعفًا سياسيًا حيث أن ترك هذه المهمة للعسكريين فقط يعد "ضعفًا سياسيًا غير مبرر". هناك استثمارات بمليارات الدولارات تمتلكها المؤسسة العسكرية مما يجعل قادة الجيش غير مستعدين لقبول دخول أعضاء جدد في النادي العسكري بسهولة.
الحاجة إلى خطوات سياسية جبارة , هيكلة الجيش ودمج الجماعات المسلحة، بما فيها الدعم السريع، يتطلب خطوات سياسية جبارة. قادة الفصائل المسلحة، بما فيهم قادة الدعم السريع ذات التكوين العشائري، لديهم مخاوف جدية يجب الإجابة عليها. فقدانهم للقوة العسكرية يعني تلقائيًا فقدانهم لمواقعهم في السلطة، مما يعقد عملية الدمج ويزيد من ضرورة وجود خطة سياسية شاملة تعالج هذه المخاوف.
الميثاق المدني والعسكري , على الرغم من توقيع ميثاق الحرية والتغيير في ديسمبر 2018 بين قادة الحراك السلمي وتشكيل أكبر كتلة سياسية بين الأحزاب المعارضة لنظام البشير والتنظيمات المدنية، إلا أن الميثاق لم يكن متينًا بما يكفي لتحقيق تأثير سياسي كبير عقب الإطاحة بالبشير. فرض العسكريون تقاسم السلطة وفق المحادثات التي جرت في أغسطس 2019، مما جعل الإصلاحات المطلوبة في المؤسسة العسكرية متروكة للعسكريين وفق الوثيقة الدستورية.
الوضع الحالي: حرب الجيش والدعم السريع ,حاليًا، الجيش السوداني في حرب مع قوات الدعم السريع، ويعاني من ضعف العنصر البشري رغم الاستنفار وكتائب الإسلاميين. الجيش يواجه تحديات كبيرة في ميدان المعركة، مما يبرز الحاجة إلى جيش مهني وموحد. غياب الحكومة المدنية يزيد من تعقيد الأمور، ولا يوجد ومناصرة حقيقة من القوي المدنية للجيش على الساحة السياسية حاليًا.
ورشة الإصلاح العسكري والأمني في هذا السياق، جأءت اهمية ورشة الإصلاح العسكري والأمني التي عُقدت في الخرطوم. تضمنت الورشة أوراق عمل مهمة تهدف إلى إصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية في السودان. أبرز التوصيات كانت:توحيد القوات المسلحة وإنهاء تعدد الجيوش.إبعاد العناصر الإسلامية من الجيش والمنظومة الأمنية.تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسسة العسكرية.وضع خطة شاملة لإعادة هيكلة القوات المسلحة بناءً على معايير مهنية بحتة.
المخاوف من تعدد الجيوش تشير التقارير إلى أن تعدد الجيوش يجعل من الصعب معالجة الأزمة الاقتصادية، حيث تهريب موارد رئيسية كالذهب والمواشي يرهق الاقتصاد السوداني ويفقده مليارات الدولارات. يؤكد المسؤولون الحكوميون أن توحيد الجيش ضروري للحفاظ على وحدة البلاد والاستقرار السياسي ولكن قيادة الجيش الحالية تظن أو الوضع الحالي وهو الامثل لان أي تغيير يعني المحاسبة والقصاص .
المخاوف العسكرية والعدالة الانتقالية هناك مخاوف لدى العسكريين من قضايا مثل فض اعتصام القيادة العامة. يقترح البعض تشكيل لجنة وطنية للعدالة الانتقالية لتقديم إجابات على هذه المخاوف. تجارب الدول الإفريقية التي عانت من تعدد الجيوش والحرب الأهلية تقدم دروسًا مهمة، حيث تمكنت من التعافي من خلال العدالة الانتقالية وعملية سياسية وفنية طويلة.
جبهة مدنية موسعة تشكيل جيش موحد يتطلب جبهة مدنية موسعة. الانقسام بين المدنيين أنفسهم يعقد الأمور. التنسيق بين المدنيين في السلطة والحاضنة السياسية متعطل، مما يجعل من الصعب بناء جيش موحد. هناك رغبة داخل الجيش لتوحيد القوات المسلحة، لكن بأي صيغة؟ هذا ما يجب العمل على معرفته من خلال مبادرة القوي المدنية تقدم والتفاهمات بين الأطراف المختلفة.
سيناريوهات المستقبل: انتصار الدعم السريع أو التسوية السياسية , في حال انتصار قوات الدعم السريع في الصراع الحالي أو الوصول إلى تسوية سياسية، فإنها قد تسيطر على القوات المسلحة دون عناء. هذا السيناريو يجعل من قوات الدعم السريع الجيش المهني الواحد في السودان. تحقيق هذا الهدف سيتطلب: إعادة هيكلة شاملة للمؤسسة العسكرية بما يتناسب مع متطلبات الدعم السريع.دمج القوات المسلحة التقليدية ضمن هيكل جديد تحت قيادة قوات الدعم السريع. تنفيذ إصلاحات عميقة تضمن ولاء المؤسسة العسكرية الجديدة للسلطة المدنية التي تتبناها قوات الدعم السريع.
توحيد الجيش السوداني وإبعاد الإسلاميين عن المنظومة الأمنية يعد خطوة حتمية وضرورية لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في السودان. في ظل سيناريو انتصار قوات الدعم السريع أو التوصل إلى تسوية سياسية، قد نرى جيشًا سودانيًا موحدًا تحت قيادة قوات الدعم السريع، مما يستدعي إعادة نظر شاملة في هيكلة القوات المسلحة. تحقيق هذا الهدف يتطلب جهدًا سياسيًا كبيرًا وتنسيقًا بين المدنيين والعسكريين، بالإضافة إلى دعم المجتمع الدولي لمبادرة الإصلاح العسكري والأمني. فقط من خلال جيش موحد ومهني يمكن للسودان تحقيق التحول الديمقراطي المنشود وتجنب خطر الحرب الأهلية.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع المؤسسة العسکریة القوات المسلحة بین المدنیین فی السودان جیش موحد

إقرأ أيضاً:

السودان: الدعم السريع يلوح بتشكيل حكومة موازية في الخرطوم

بحسب مستشار قائد الدعم السريع، فإن  الحكومة ستتطلع بدورها تجاه حماية المدنيين ونزع الشرعية من قائد الجيش، بجانب فتح علاقات دبلوماسية مع عدد من الدول وعقد صفقات لشراء طائرات حربية وأنظمة دفاع جوي..

التغيير: الخرطوم

لوح مستشار قائد قوات الدعم السريع الباشا طبيق، بإعلان حكومة موازية في العاصمة الخرطوم، مع استمرار تعنت قيادات الجيش ورفضهم للتفاوض وترجيح خيار التصعيد والحرب قد يؤدي إلى إعلان حكومة في الخرطوم.

وأشار في منشور على منصة إكس، السبت، إلى أن الحكومة ستتطلع بدورها تجاه حماية المدنيين ونزع الشرعية من قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بجانب فتح علاقات دبلوماسية مع عدد من الدول وعقد صفقات لشراء طائرات حربية وأنظمة دفاع جوي متطورة لتحييد طيران الجيش السوداني عطفا على تأسيس نظام مصرفي في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.

وأضاف مستشار قائد الدعم السريع، إلى أن كل الخيارات مفتوحة في الأسابيع القادمة.

وفي السياق، قال قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، خلال لقاء إعلامي ببورتسودان، نظمه اتحاد الصحفيين المحلول، السبت، إن الفترة المقبلة ستشهد تشكيل حكومة حرب مدنية من التكنوقراط تضطلع بإدارة العمل التنفيذي.

وأثارت دعوة الولايات المتحدة طرفي الحرب إلى محادثات في جنيف مع شركاء الوساطة الكثير من الجدل بعد رفض الجيش المشاركة، كما تعذر انعقاد لقاء ثنائي بين الجانبين السوداني والأمريكي بالقاهرة مؤخراً.

وسبق وقال محمد حميدتي قائد الدعم السريع، إن غياب وفد الجيش عن مفاوضات جنيف أعاق جهود التوصل إلى حل لوقف إطلاق النار، وسيكون سبباً في إطالة أمد الحرب واستمرار معاناة السودانيين.

ولفت إلى أن الدعم السريع ملتزم بكافة التعهدات وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية، ولن يتردد في التعامل مع أي مبادرة جادة لإنهاء الحرب.

وأصدرت مجموعة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان” التي تضم السعودية والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السويسري والإمارات العربية المتحدة ومصر والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة بيانا بشأن نتائج الاجتماعات التي عقدت في جنيف حول الأزمة في السودان.

وأوضح البيان أن الحرب في السودان أجبرت 10 ملايين شخص على الفرار من منازلهم، وتعرض أكثر من 25 مليون شخص إلى ارتفاع حاد في الجوع.

كما أكد البيان نجاح المجموعة وانطلاقاً من إعلان جدة في تأمين إعادة فتح وتوسيع طرق إيصال الغذاء والدواء والخدمات الطارئة لملايين السودانيين بمشاركة الجيش والدعم السريع والحصول على ضمانات من طرفي الصراع لتأمين إيصال المساعدات الإنسانية عبر ممرين هما معبر الحدود الغربي في دارفور قرب أدري، وطريق الدبة الذي يمكن الوصول إليه من بورتسودان.

وأضاف البيان أن المجموعة حصلت أيضا على التزامات بتحسين حماية المدنيين وإعداد إطار عمل لضمان امتثال الطرفين لإعلان جدة وأي اتفاقيات مستقبلية بينهما.

الوسومآثار الحرب بين الجيش والدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع مباحثات جنيف

مقالات مشابهة

  • السودان.. كيف يحصل طرفا النزاع على السلاح؟
  • ‏"أسوشييتد برس": انهيار سد شرقي السودان وأنباء عن فقدان عشرات الأشخاص
  • سعي الجيش وقوات الدعم السريع للواجهات المدنية في السودان منذ حكم المجلس العسكري الانتقالي إلى الحرب الأهلية
  • وقف انتصارات الجيش السوداني
  • «الدعم السريع»: لن نسمح بتقسيم السودان وتكرار تجربة الجنوب
  • من الإخوان الإرهابية.... إلى السودان ... لكِ اللهُ يا مصر ( ٥ )
  • خالد يوسف: تحقيق السلام لن يحدث دون ضغط شعبي حقيقي
  • السودان: الدعم السريع يلوح بتشكيل حكومة موازية في الخرطوم
  • ناشطون: نزوح قرى كاملة بولاية الجزيرة
  • البرهان: لن نذهب إلى جنيف والحرب ستستمر «100» إذا لم تتحقق مطالبنا