مخاوف القصاص وانتصار الدعم السريع: صناعة الجمود في السودان
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
زهير عثمان حمد
أطاح السودانيون بنظام الرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019 بعد سنوات من الحكم الاستبدادي، ولكن على الرغم من هذا الانتصار الشعبي، لم تكن هناك خطة واضحة لقادة الحراك حول كيفية التعامل مع تعدد الجيوش في البلاد. تحالفات مؤقتة بين المدنيين المعارضين لنظام البشير والجماعات المسلحة في غربي البلاد والمنطقتين سرعان ما تحولت إلى توترات بسبب تقاسم السلطة والان في ظل الحرب نري أن الاصلاح وبناء جيش مهني هو بداية الاستقرار الامني والسياسي .
التحديات في هيكلة الجيش يشير المحلليين إلى أن هناك رغبة داخل الجيش لتكوين جيش موحد وإنهاء تعدد الجيوش، ولكن الجماعات المسلحة وقوات الدعم السريع ترغب في إعادة صياغة المؤسسة العسكرية. هذا التوتر يعكس ضعفًا سياسيًا حيث أن ترك هذه المهمة للعسكريين فقط يعد "ضعفًا سياسيًا غير مبرر". هناك استثمارات بمليارات الدولارات تمتلكها المؤسسة العسكرية مما يجعل قادة الجيش غير مستعدين لقبول دخول أعضاء جدد في النادي العسكري بسهولة.
الحاجة إلى خطوات سياسية جبارة , هيكلة الجيش ودمج الجماعات المسلحة، بما فيها الدعم السريع، يتطلب خطوات سياسية جبارة. قادة الفصائل المسلحة، بما فيهم قادة الدعم السريع ذات التكوين العشائري، لديهم مخاوف جدية يجب الإجابة عليها. فقدانهم للقوة العسكرية يعني تلقائيًا فقدانهم لمواقعهم في السلطة، مما يعقد عملية الدمج ويزيد من ضرورة وجود خطة سياسية شاملة تعالج هذه المخاوف.
الميثاق المدني والعسكري , على الرغم من توقيع ميثاق الحرية والتغيير في ديسمبر 2018 بين قادة الحراك السلمي وتشكيل أكبر كتلة سياسية بين الأحزاب المعارضة لنظام البشير والتنظيمات المدنية، إلا أن الميثاق لم يكن متينًا بما يكفي لتحقيق تأثير سياسي كبير عقب الإطاحة بالبشير. فرض العسكريون تقاسم السلطة وفق المحادثات التي جرت في أغسطس 2019، مما جعل الإصلاحات المطلوبة في المؤسسة العسكرية متروكة للعسكريين وفق الوثيقة الدستورية.
الوضع الحالي: حرب الجيش والدعم السريع ,حاليًا، الجيش السوداني في حرب مع قوات الدعم السريع، ويعاني من ضعف العنصر البشري رغم الاستنفار وكتائب الإسلاميين. الجيش يواجه تحديات كبيرة في ميدان المعركة، مما يبرز الحاجة إلى جيش مهني وموحد. غياب الحكومة المدنية يزيد من تعقيد الأمور، ولا يوجد ومناصرة حقيقة من القوي المدنية للجيش على الساحة السياسية حاليًا.
ورشة الإصلاح العسكري والأمني في هذا السياق، جأءت اهمية ورشة الإصلاح العسكري والأمني التي عُقدت في الخرطوم. تضمنت الورشة أوراق عمل مهمة تهدف إلى إصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية في السودان. أبرز التوصيات كانت:توحيد القوات المسلحة وإنهاء تعدد الجيوش.إبعاد العناصر الإسلامية من الجيش والمنظومة الأمنية.تعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسسة العسكرية.وضع خطة شاملة لإعادة هيكلة القوات المسلحة بناءً على معايير مهنية بحتة.
المخاوف من تعدد الجيوش تشير التقارير إلى أن تعدد الجيوش يجعل من الصعب معالجة الأزمة الاقتصادية، حيث تهريب موارد رئيسية كالذهب والمواشي يرهق الاقتصاد السوداني ويفقده مليارات الدولارات. يؤكد المسؤولون الحكوميون أن توحيد الجيش ضروري للحفاظ على وحدة البلاد والاستقرار السياسي ولكن قيادة الجيش الحالية تظن أو الوضع الحالي وهو الامثل لان أي تغيير يعني المحاسبة والقصاص .
المخاوف العسكرية والعدالة الانتقالية هناك مخاوف لدى العسكريين من قضايا مثل فض اعتصام القيادة العامة. يقترح البعض تشكيل لجنة وطنية للعدالة الانتقالية لتقديم إجابات على هذه المخاوف. تجارب الدول الإفريقية التي عانت من تعدد الجيوش والحرب الأهلية تقدم دروسًا مهمة، حيث تمكنت من التعافي من خلال العدالة الانتقالية وعملية سياسية وفنية طويلة.
جبهة مدنية موسعة تشكيل جيش موحد يتطلب جبهة مدنية موسعة. الانقسام بين المدنيين أنفسهم يعقد الأمور. التنسيق بين المدنيين في السلطة والحاضنة السياسية متعطل، مما يجعل من الصعب بناء جيش موحد. هناك رغبة داخل الجيش لتوحيد القوات المسلحة، لكن بأي صيغة؟ هذا ما يجب العمل على معرفته من خلال مبادرة القوي المدنية تقدم والتفاهمات بين الأطراف المختلفة.
سيناريوهات المستقبل: انتصار الدعم السريع أو التسوية السياسية , في حال انتصار قوات الدعم السريع في الصراع الحالي أو الوصول إلى تسوية سياسية، فإنها قد تسيطر على القوات المسلحة دون عناء. هذا السيناريو يجعل من قوات الدعم السريع الجيش المهني الواحد في السودان. تحقيق هذا الهدف سيتطلب: إعادة هيكلة شاملة للمؤسسة العسكرية بما يتناسب مع متطلبات الدعم السريع.دمج القوات المسلحة التقليدية ضمن هيكل جديد تحت قيادة قوات الدعم السريع. تنفيذ إصلاحات عميقة تضمن ولاء المؤسسة العسكرية الجديدة للسلطة المدنية التي تتبناها قوات الدعم السريع.
توحيد الجيش السوداني وإبعاد الإسلاميين عن المنظومة الأمنية يعد خطوة حتمية وضرورية لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في السودان. في ظل سيناريو انتصار قوات الدعم السريع أو التوصل إلى تسوية سياسية، قد نرى جيشًا سودانيًا موحدًا تحت قيادة قوات الدعم السريع، مما يستدعي إعادة نظر شاملة في هيكلة القوات المسلحة. تحقيق هذا الهدف يتطلب جهدًا سياسيًا كبيرًا وتنسيقًا بين المدنيين والعسكريين، بالإضافة إلى دعم المجتمع الدولي لمبادرة الإصلاح العسكري والأمني. فقط من خلال جيش موحد ومهني يمكن للسودان تحقيق التحول الديمقراطي المنشود وتجنب خطر الحرب الأهلية.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع المؤسسة العسکریة القوات المسلحة بین المدنیین فی السودان جیش موحد
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يقترب من استرداد القصر الرئاسي .. قال إنه صدّ هجوماً كبيراً شنته «الدعم السريع» في شمال كردفان
اقترب الجيش السوداني من استرداد القصر الرئاسي في وسط الخرطوم، الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع» منذ بداية الحرب في أبريل (نيسان) 2023. وتتقدم قوات الجيش باتجاه القصر من عدة محاور، بينما استردّت قواته، المسماة «متحرك الصياد»، مدينة أم روابة؛ ثانية كبرى مدن ولاية شمال كردفان في غرب السودان. كما أعلن الجيش صد هجوم «قوات الدعم السريع» على مدينة أو روابة، الأربعاء، وألحق بها «خسائر فادحة»، وأن طيرانه الحربي «يلاحق القوات الهاربة».
ومنذ عدة أيام، يواصل الجيش هجماته على مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» في محاور مختلفة، حيث أحرز تقدماً سريعاً.
وقال شهود في الخرطوم إن قوات قادمة من مقر القيادة العامة للجيش تخوض قتالاً شرساً مع «قوات الدعم السريع»، وتتقدم في شارعَي «الجمهورية» و«الجامعة» باتجاه القصر الرئاسي الذي يبعد عن مقر قيادة الجيش نحو كيلومترين. وتوقعت مصادر أن يسترد الجيش القصر الرئاسي في وقت قريب، إذا واصل تقدمه بوتيرته الحالية.
ووفقاً لشهود ومنصات للتواصل الاجتماعي، فإن قوات الجيش دخلت حي «العزبة» في مدينة بحري، إحدى مدن العاصمة الثلاث، بعد أن استردت حي «دردوق» وحي «نبتة»، واقتربت من حي «الشقلة» في منطقة شرق النيل بمدينة بحري. كما حقق الجيش تقدماً في منطقة أم بدة بمدينة أم درمان.
تقاسم العاصمة المثلثة
ويتقاسم طرفا الحرب مناطق متداخلة في العاصمة المثلثة «الخرطوم الكبرى» التي تتكون من مدينة الخرطوم، ومدينة أم درمان، ومدينة بحري. وكان الجيش قد أعلن، يوم الأربعاء، بسط سيطرته على جسر «المك نمر» من جهة مدينة بحري، ويتقدم نحو وسط المدينة. لكن «قوات الدعم السريع» لا تزال تسيطر على أحياء كافوري، وكوبر، وشرق النيل، وسوبا، وغيرها، مع وجود جيوب مقاومة ببعض المناطق الأخرى.
وفي مدينة الخرطوم، استعاد الجيش سيطرته على أحياء الرميلة، والحلة الجديدة، وبعض أنحاء حي جبرة، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» على المنطقة الواقعة شرق مقر «القيادة العامة» للجيش وعلى مطار الخرطوم، وأحياء الصحافة والخرطوم 2، والخرطوم 3، وامتداد الدرجة الثالثة، وأركويت، والرياض، والطائف، والمنشية، والجريف، والبراري.
كما لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على الأحياء الجنوبية من مدينة الخرطوم، بما في ذلك السوق المركزية وأحياء السلمة، وسوبا، ومايو، وعد حسين، والكلاكلات، وتمتد سيطرته حتى شرق ضاحية جبل الأولياء.
وفي مدينة أم درمان، استطاع الجيش استرداد أجزاء كبيرة من المدينة، باستثناء جنوبها وغربها، بينما تبقت بعض أحياء محلية أم بدة، والسوق الشعبية، والمربعات، والشقلة، وصالحة، وتمتد جنوباً حتى ضاحية جبل الأولياء من جهة الغرب.
معارك الغرب
وفي ولاية شمال كردفان، ذكر شهود أيضاً أن قوات الجيش، القادمة من جهة الشرق باتجاه مدينة أم روابة، ثانية كبرى ولايات شمال كردفان، حققت تقدماً مكّنها من استرداد المدينة من سيطرة «قوات الدعم السريع». من جانبه، أعلن الجيش، على صفحته في منصة «فيسبوك»، أن قواته المدعومة بالطيران الحربي دحرت هجوماً كبيراً شنته «قوات الدعم السريع» على المدينة، يوم الأربعاء، وألحقت بها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، في معركةٍ استمرت أكثر من خمس ساعات.
وأضاف الجيش أن الطيران الحربي يلاحق ما تبقّى من «قوات الدعم السريع» الفارة، لكن هذه القوات الفارة «استهدفت أحياء المدينة وبعض مراكز الإيواء بالقصف المدفعي»، نتج عنه مقتل ثلاثة مواطنين وجرح ثمانية.
وتبعد مدينة أم روّابة عن العاصمة الخرطوم بنحو 300 كيلومتر، وهي مركز تجاري مهم وسوق كبيرة للحبوب الزيتية، كما أنها تُعد ملتقى طرق حديدية وبرية تربط ولايات غرب السودان وجنوب كردفان بالخرطوم وبميناء بورتسودان.
كمبالا: الشرق الأوسط: أحمد يونس