سودانايل:
2025-02-16@22:35:32 GMT

هل اقترب السلام؟

تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT

المقال الاسبوعي بصحيفة الشرق الأوسط
فيصل محمد صالح

لم تتوقف رغبات وأماني الشَّعب السوداني في وقف الحرب في التعبير عن نفسها بالوسائل كلها، مع أنها ظلت أمنيات معلقة في السماء، لكنها وجدت في الأسبوع الماضي بعض المؤشرات التي قد تؤدي لتحقيق هذه الأمنيات. فقد تكاثرت الزيارات واللقاءات في العاصمة المؤقتة بورتسودان من مسؤولين أجانب، كما نشطت اللقاءات السودانية - السودانية خارج السودان، وتغيرت لهجة كثير من أنصار استمرار الحرب لتظهر دعوات السلام والمصالحة، وإن بشكل خجول.



في خلال الأسبوع الماضي استضافت القاهرة لقاء بين القوى السياسية المدنية، جمع للمرة الأولى ممثلي تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، وهي الكتلة المدنية الأكبر التي تضم معارضي الحرب، مع الكتلة الديمقراطية المساندة للفريق البرهان والجيش، بجانب بعض المجموعات الأخرى وبعض السياسيين المستقلين. ولم تكن النقطة الجوهرية في هذا اللقاء هي لقاء الغريمَين السودانيَّين، بقدر ما يعكسه ذلك من تحول في الموقف المصري من أحداث السودان منذ اندلاع الانتفاضة الشَّعبية التي أسقطت النظام السابق، مروراً بكل أحداث المرحلة الانتقالية وانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وحتى اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023. كان الرهان المصري على قائد الجيش، الفريق البرهان، كبيراً جدّاً، وربما كان هناك تطلع لتكرار التجربة المصرية بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، في السودان، لهذا استمرَّ الدعم المصري للبرهان وقيادة الجيش في المراحل كلها، حتى الأشهر الأولى من الحرب. ونتيجة لهذا المسار فقد تباعدت خطى مصر الرسمية عن الكتلة المدنية لفترة طويلة، بينما تبنت مصر الكتلة الديمقراطية التي تضم الحركات المسلحة الممثلة في الحكومة، وبعض زعماء القبائل والأحزاب الصغيرة. لكن بدا واضحاً الآن أن مصر على قناعة بأن هذه الحرب لن تنتهي بانتصار، وأن الرهان على البرهان وحده لن يؤدي إلى نتيجة، كما أن نتائج المعارك الحالية تقدم صورة قاتمة لموقف الجيش ومستقبل الأوضاع في السودان، ولذلك فإن أهم مخرجات مؤتمر القاهرة كان الدعوة لوقف الحرب بشكل فوري، والاتجاه لفتح أبواب الحوار بين القوى السياسية المدنية؛ للوصول لتصور لمستقبل البلاد مرحلة ما بعد الحرب.

في الأسبوع نفسه زار رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد بورتسودان للقاء الرئيس البرهان، حاملاً أفكاراً جديدة من الاتحاد الأفريقي ومنظمة «الإيغاد» لوقف الحرب في السودان. ورغم أن آبي أحمد لم يقدم تفاصيل حول المبادرة، فإن التحركات الأفريقية الأخيرة كلها تسير في الاتجاه نفسه، وربما تقود لإنجاح مساعي لقاء البرهان - حميدتي. كما زار بورتسودان نائب وزير الخارجية السعودي الذي حمل دعوة لقيادة الجيش لاستئناف المفاوضات في منبر جدة، المتوقفة منذ ثمانية أشهر.

في الأسبوع نفسه، انعقد اجتماع تحضيري في أديس أبابا بدعوة من الاتحاد الأفريقي، شارك فيه ممثلون لبعض القوى السياسية والقبائل والمجتمع المدني، بينما قاطعته «تقدم» ومعظم القوى المعارضة. ورغم أنه صار حواراً مع النفس، بحسب مواقف المشاركين، فإنه يدخل أيضاً في حسابات تصاعد الحراك المؤدي لوقف الحرب. وتكاثرت أيضاً التصريحات التي تدعو للسلام ووقف الحرب من كثير من القوى السياسية والشخصيات التي عُرفت بموقف متشدد يطالب باستمرار الحرب حتى القضاء على «الدعم السريع».

تَوافقَ ذلك كله مع حالة إنهاك واضحة لطرفَي الحرب، وموقف الجيش الميداني معروف ومكشوف، لكن حتى «قوات الدعم السريع»، التي تحقق تقدماً في الميدان تصبح كل منطقة جديدة تقع تحت سيطرتها عبئاً كبيراً عليها، تفشل في إدارتها وتعجز عن توفير متطلبات الحياة لساكنيها ولقواتها التي صارت منتشرة في رقعة جغرافية واسعة يصعب الاستمرار في دعمها وتموينها باحتياجاتها.

هناك بالتأكيد تصريحات متشددة تظهر من القيادات العسكرية، مثل تصريحات الفريق البرهان في مدينة عطبرة قبل يومين، التي قال فيها إنه لن يكون هناك سلام أو مفاوضات في جدة أو سويسرا. لكن في اليوم نفسه الذي كان يصرح فيه بذلك كان وفد يمثل الحكومة يوجد في جنيف لمفاوضات تنظمها الأمم المتحدة لطرفَي الحرب؛ لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

هناك طريق شاق ينبغي أن يتم قطعه، ومراحل صعبة وعقبات كثيرة، وانقسامات وتناقضات ستظهر داخل كل طرف من طرفَي الحرب، كما ستظهر تناقضات المصالح الإقليمية والدولية وانعكاساتها على المواقف المختلفة، لكن يجب اعتبار ذلك كله من العقبات والصعوبات المتوقعة، وهو الثمن الصعب للسلام، لكنه على كل حال أقل تكلفة من ثمن الحرب

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة

إقرأ أيضاً:

ما بعد الحرب.. السياسة تعود للسودان

ورصدت الجزيرة نت أبرز الأسباب وراء تقدم الجيش السوداني وتراجع قوات الدعم السريع وسط السودان، والتي كان من أبرزها سلاح الجو، والمسيّرات، واستهداف قادة الدعم السريع، وانضمام المنشقين عنها في ولاية الجزيرة إلى الجيش.

ووسط التقدم الذي يحرزه الجيش، أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان أن "من يتخلى عن حمل السلاح من المقاتلين أو عن دعم المليشيا من السياسيين سيكون مرحبا به"، كما رفض أي تصنيف سياسي أو جهوي للكتائب المقاتلة.

وعلق الكاتب والمحلل السياسي عبد الله رزق على خطاب البرهان قائلا إن "البرهان يتهيأ لأن يبقى جزءا من أي ترتيبات سياسية للوضع في البلاد متحكما بمصائرها طوال فترة الانتقال وما بعدها".

أما عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية "تقدم"، ياسر عرمان، فقال إن "خطاب البرهان يمنح فرصة للحوار، كما انتقل من خطاب النصر المطلق إلى رحابة حديث السياسة".

وصبيحة خطاب البرهان، أعلنت الخارجية السودانية أن قيادة الدولة طرحت خارطة طريق من 5 مكونات لمرحلة ما بعد الحرب في السودان، داعية المجتمع الدولي إلى دعمها.

وتتضمن الخارطة إطلاق حوار وطني شامل، وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة، وتعديلات قانونية في الوثيقة الدستورية، ووقف إطلاق النار وإلقاء السلاح وإخلاء الأعيان المدنية، فضلا عن رفع الحصار عن الفاشر والانسحاب من الخرطوم وغرب كردفان وولايات دارفور.

إعلان

وكانت قوى سياسية وقيادات قبلية ودينية وجماعات مسلحة مساندة للجيش قد سلمت البرهان خارطة طريق أقرتها بعد مشاورات.

وأكد البرهان أنه لا توجد فرصة ثانية لحزب المؤتمر الوطني للعودة إلى الحكم على أشلاء السودانيين، مما أثار ردا من الحزب الحاكم سابقا.

14/2/2025

مقالات مشابهة

  • رمي البرهان بخطابه لحماً عبيطاً للصفوة فأخرجت أثقالها
  • السودان: تشظِّي الكيانات وانشطار الهُوية
  • خط المواجهة!!
  • الجيش السوداني ينفي مزاعم أمريكية بامتلاك «أسلحة كيميائية».. والأمم المتحدة تكشف «خطتها» للدعم
  • طُفيليات بورتسودان..!!
  • انقسام وشيك للسودان المنهك
  • اعتراف إقليمي ودولي بصمود السودان وشعبه في مواجهة المحنة الإنسانية
  • تصريحات البرهان.. ترياق الفتنة!
  • ما بعد الحرب.. السياسة تعود للسودان
  • نعم شركاء- في الحرب وفي الحكم!!