سودانايل:
2024-12-23@02:12:50 GMT

هل اقترب السلام؟

تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT

المقال الاسبوعي بصحيفة الشرق الأوسط
فيصل محمد صالح

لم تتوقف رغبات وأماني الشَّعب السوداني في وقف الحرب في التعبير عن نفسها بالوسائل كلها، مع أنها ظلت أمنيات معلقة في السماء، لكنها وجدت في الأسبوع الماضي بعض المؤشرات التي قد تؤدي لتحقيق هذه الأمنيات. فقد تكاثرت الزيارات واللقاءات في العاصمة المؤقتة بورتسودان من مسؤولين أجانب، كما نشطت اللقاءات السودانية - السودانية خارج السودان، وتغيرت لهجة كثير من أنصار استمرار الحرب لتظهر دعوات السلام والمصالحة، وإن بشكل خجول.



في خلال الأسبوع الماضي استضافت القاهرة لقاء بين القوى السياسية المدنية، جمع للمرة الأولى ممثلي تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، وهي الكتلة المدنية الأكبر التي تضم معارضي الحرب، مع الكتلة الديمقراطية المساندة للفريق البرهان والجيش، بجانب بعض المجموعات الأخرى وبعض السياسيين المستقلين. ولم تكن النقطة الجوهرية في هذا اللقاء هي لقاء الغريمَين السودانيَّين، بقدر ما يعكسه ذلك من تحول في الموقف المصري من أحداث السودان منذ اندلاع الانتفاضة الشَّعبية التي أسقطت النظام السابق، مروراً بكل أحداث المرحلة الانتقالية وانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وحتى اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023. كان الرهان المصري على قائد الجيش، الفريق البرهان، كبيراً جدّاً، وربما كان هناك تطلع لتكرار التجربة المصرية بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، في السودان، لهذا استمرَّ الدعم المصري للبرهان وقيادة الجيش في المراحل كلها، حتى الأشهر الأولى من الحرب. ونتيجة لهذا المسار فقد تباعدت خطى مصر الرسمية عن الكتلة المدنية لفترة طويلة، بينما تبنت مصر الكتلة الديمقراطية التي تضم الحركات المسلحة الممثلة في الحكومة، وبعض زعماء القبائل والأحزاب الصغيرة. لكن بدا واضحاً الآن أن مصر على قناعة بأن هذه الحرب لن تنتهي بانتصار، وأن الرهان على البرهان وحده لن يؤدي إلى نتيجة، كما أن نتائج المعارك الحالية تقدم صورة قاتمة لموقف الجيش ومستقبل الأوضاع في السودان، ولذلك فإن أهم مخرجات مؤتمر القاهرة كان الدعوة لوقف الحرب بشكل فوري، والاتجاه لفتح أبواب الحوار بين القوى السياسية المدنية؛ للوصول لتصور لمستقبل البلاد مرحلة ما بعد الحرب.

في الأسبوع نفسه زار رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد بورتسودان للقاء الرئيس البرهان، حاملاً أفكاراً جديدة من الاتحاد الأفريقي ومنظمة «الإيغاد» لوقف الحرب في السودان. ورغم أن آبي أحمد لم يقدم تفاصيل حول المبادرة، فإن التحركات الأفريقية الأخيرة كلها تسير في الاتجاه نفسه، وربما تقود لإنجاح مساعي لقاء البرهان - حميدتي. كما زار بورتسودان نائب وزير الخارجية السعودي الذي حمل دعوة لقيادة الجيش لاستئناف المفاوضات في منبر جدة، المتوقفة منذ ثمانية أشهر.

في الأسبوع نفسه، انعقد اجتماع تحضيري في أديس أبابا بدعوة من الاتحاد الأفريقي، شارك فيه ممثلون لبعض القوى السياسية والقبائل والمجتمع المدني، بينما قاطعته «تقدم» ومعظم القوى المعارضة. ورغم أنه صار حواراً مع النفس، بحسب مواقف المشاركين، فإنه يدخل أيضاً في حسابات تصاعد الحراك المؤدي لوقف الحرب. وتكاثرت أيضاً التصريحات التي تدعو للسلام ووقف الحرب من كثير من القوى السياسية والشخصيات التي عُرفت بموقف متشدد يطالب باستمرار الحرب حتى القضاء على «الدعم السريع».

تَوافقَ ذلك كله مع حالة إنهاك واضحة لطرفَي الحرب، وموقف الجيش الميداني معروف ومكشوف، لكن حتى «قوات الدعم السريع»، التي تحقق تقدماً في الميدان تصبح كل منطقة جديدة تقع تحت سيطرتها عبئاً كبيراً عليها، تفشل في إدارتها وتعجز عن توفير متطلبات الحياة لساكنيها ولقواتها التي صارت منتشرة في رقعة جغرافية واسعة يصعب الاستمرار في دعمها وتموينها باحتياجاتها.

هناك بالتأكيد تصريحات متشددة تظهر من القيادات العسكرية، مثل تصريحات الفريق البرهان في مدينة عطبرة قبل يومين، التي قال فيها إنه لن يكون هناك سلام أو مفاوضات في جدة أو سويسرا. لكن في اليوم نفسه الذي كان يصرح فيه بذلك كان وفد يمثل الحكومة يوجد في جنيف لمفاوضات تنظمها الأمم المتحدة لطرفَي الحرب؛ لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

هناك طريق شاق ينبغي أن يتم قطعه، ومراحل صعبة وعقبات كثيرة، وانقسامات وتناقضات ستظهر داخل كل طرف من طرفَي الحرب، كما ستظهر تناقضات المصالح الإقليمية والدولية وانعكاساتها على المواقف المختلفة، لكن يجب اعتبار ذلك كله من العقبات والصعوبات المتوقعة، وهو الثمن الصعب للسلام، لكنه على كل حال أقل تكلفة من ثمن الحرب

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: قمة الثمانية هدفها الأساسي الحوار بدلا من الحرب

قال بهاء حلال، الخبير العسكري والاستراتيجي، إنّ قمة الدول الثماني النامية لها أهداف أساسها الحوار بدلا من الحرب، والسلام بدلا من العدوان، والعدالة عوضا عن المعايير المزدوجة، مواصلا: «هذه القمة تعطينا مشهدا لتركيا بعدما اقتنصت لحظة حساسة بشكل ذكي بعد اختلال توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، واستطاعت أخذ الدور من إيران في سوريا، وبالتالي، في التأثيرات التي ستكون في محيط سوريا، بلبنان أو العراق أو الأردن والشرق الأوسط بشكل عام».

هناك اختلال في موازين القوى أدى إلى تراجع دور إيران

وأضاف خلال خلال تصريحات عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ هناك اختلال في موازين القوى أدى إلى تراجع دور إيران، ما أفضى إلى عدم قدرتها على الحفاظ على نظام الأسد في سوريا، وبالتالي، فإن إسرائيل تفعل ما تفعله في سوريا دون رادع. 

الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على الأراضي في سوريا

وتابع الخبير العسكري والاستراتيجي: «عوضا عن مشهد فوز تركيا أو هزيمة إيران، فإن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على الأراضي في سوريا، ولكن هناك شعبا مظلوما ويُباد من الأرض، وأعتقد أن العدالة الدولية لم تعطِ هذا الشعب أي حق من حقوقه، ورغم إصدار قرارات وأحكام ضد بنيامين نتنياهو وجالانت وغيرهما في الحكومة الإسرائيلية اليمينية، ولكن لا توجد آلية تنفيذ ما يدل على انتهاء مدة صلاحية مجلس الأمن والأمم المتحدة».

مقالات مشابهة

  • خطاب الداخل
  • مسؤول سعودي يلتقي البرهان في ثاني زيارة رسمية منذ اندلاع الحرب
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة
  • البابا يدعو لوقف الحرب في أوكرانيا
  • البرهان يلتقي نائب وزير الخارجية السعودي
  • شاهد بالفيديو.. مع وصلة رقص مثيرة.. التيكتوكر السودانية رندا خليل تضع صور قادة الجيش “البرهان وكباشي والعطا” والعلمين السوداني والمصري في مدخل شقتها بالقاهرة
  • مبعوث أممي يزور بورتسودان غداً في إطار جهود دولية لوقف الحرب
  • خبير عسكري: قمة الثمانية هدفها الأساسي الحوار بدلا من الحرب
  • هل يكسب البرهان الحرب بسبب عقوبات بايدن المحتملة على حميدتي ؟؟