سودانايل:
2025-04-29@05:35:43 GMT

هل اقترب السلام؟

تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT

المقال الاسبوعي بصحيفة الشرق الأوسط
فيصل محمد صالح

لم تتوقف رغبات وأماني الشَّعب السوداني في وقف الحرب في التعبير عن نفسها بالوسائل كلها، مع أنها ظلت أمنيات معلقة في السماء، لكنها وجدت في الأسبوع الماضي بعض المؤشرات التي قد تؤدي لتحقيق هذه الأمنيات. فقد تكاثرت الزيارات واللقاءات في العاصمة المؤقتة بورتسودان من مسؤولين أجانب، كما نشطت اللقاءات السودانية - السودانية خارج السودان، وتغيرت لهجة كثير من أنصار استمرار الحرب لتظهر دعوات السلام والمصالحة، وإن بشكل خجول.



في خلال الأسبوع الماضي استضافت القاهرة لقاء بين القوى السياسية المدنية، جمع للمرة الأولى ممثلي تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، وهي الكتلة المدنية الأكبر التي تضم معارضي الحرب، مع الكتلة الديمقراطية المساندة للفريق البرهان والجيش، بجانب بعض المجموعات الأخرى وبعض السياسيين المستقلين. ولم تكن النقطة الجوهرية في هذا اللقاء هي لقاء الغريمَين السودانيَّين، بقدر ما يعكسه ذلك من تحول في الموقف المصري من أحداث السودان منذ اندلاع الانتفاضة الشَّعبية التي أسقطت النظام السابق، مروراً بكل أحداث المرحلة الانتقالية وانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وحتى اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023. كان الرهان المصري على قائد الجيش، الفريق البرهان، كبيراً جدّاً، وربما كان هناك تطلع لتكرار التجربة المصرية بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، في السودان، لهذا استمرَّ الدعم المصري للبرهان وقيادة الجيش في المراحل كلها، حتى الأشهر الأولى من الحرب. ونتيجة لهذا المسار فقد تباعدت خطى مصر الرسمية عن الكتلة المدنية لفترة طويلة، بينما تبنت مصر الكتلة الديمقراطية التي تضم الحركات المسلحة الممثلة في الحكومة، وبعض زعماء القبائل والأحزاب الصغيرة. لكن بدا واضحاً الآن أن مصر على قناعة بأن هذه الحرب لن تنتهي بانتصار، وأن الرهان على البرهان وحده لن يؤدي إلى نتيجة، كما أن نتائج المعارك الحالية تقدم صورة قاتمة لموقف الجيش ومستقبل الأوضاع في السودان، ولذلك فإن أهم مخرجات مؤتمر القاهرة كان الدعوة لوقف الحرب بشكل فوري، والاتجاه لفتح أبواب الحوار بين القوى السياسية المدنية؛ للوصول لتصور لمستقبل البلاد مرحلة ما بعد الحرب.

في الأسبوع نفسه زار رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد بورتسودان للقاء الرئيس البرهان، حاملاً أفكاراً جديدة من الاتحاد الأفريقي ومنظمة «الإيغاد» لوقف الحرب في السودان. ورغم أن آبي أحمد لم يقدم تفاصيل حول المبادرة، فإن التحركات الأفريقية الأخيرة كلها تسير في الاتجاه نفسه، وربما تقود لإنجاح مساعي لقاء البرهان - حميدتي. كما زار بورتسودان نائب وزير الخارجية السعودي الذي حمل دعوة لقيادة الجيش لاستئناف المفاوضات في منبر جدة، المتوقفة منذ ثمانية أشهر.

في الأسبوع نفسه، انعقد اجتماع تحضيري في أديس أبابا بدعوة من الاتحاد الأفريقي، شارك فيه ممثلون لبعض القوى السياسية والقبائل والمجتمع المدني، بينما قاطعته «تقدم» ومعظم القوى المعارضة. ورغم أنه صار حواراً مع النفس، بحسب مواقف المشاركين، فإنه يدخل أيضاً في حسابات تصاعد الحراك المؤدي لوقف الحرب. وتكاثرت أيضاً التصريحات التي تدعو للسلام ووقف الحرب من كثير من القوى السياسية والشخصيات التي عُرفت بموقف متشدد يطالب باستمرار الحرب حتى القضاء على «الدعم السريع».

تَوافقَ ذلك كله مع حالة إنهاك واضحة لطرفَي الحرب، وموقف الجيش الميداني معروف ومكشوف، لكن حتى «قوات الدعم السريع»، التي تحقق تقدماً في الميدان تصبح كل منطقة جديدة تقع تحت سيطرتها عبئاً كبيراً عليها، تفشل في إدارتها وتعجز عن توفير متطلبات الحياة لساكنيها ولقواتها التي صارت منتشرة في رقعة جغرافية واسعة يصعب الاستمرار في دعمها وتموينها باحتياجاتها.

هناك بالتأكيد تصريحات متشددة تظهر من القيادات العسكرية، مثل تصريحات الفريق البرهان في مدينة عطبرة قبل يومين، التي قال فيها إنه لن يكون هناك سلام أو مفاوضات في جدة أو سويسرا. لكن في اليوم نفسه الذي كان يصرح فيه بذلك كان وفد يمثل الحكومة يوجد في جنيف لمفاوضات تنظمها الأمم المتحدة لطرفَي الحرب؛ لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

هناك طريق شاق ينبغي أن يتم قطعه، ومراحل صعبة وعقبات كثيرة، وانقسامات وتناقضات ستظهر داخل كل طرف من طرفَي الحرب، كما ستظهر تناقضات المصالح الإقليمية والدولية وانعكاساتها على المواقف المختلفة، لكن يجب اعتبار ذلك كله من العقبات والصعوبات المتوقعة، وهو الثمن الصعب للسلام، لكنه على كل حال أقل تكلفة من ثمن الحرب

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة

إقرأ أيضاً:

البرهان … إياك و(البيض الممزر)!

في 2018 تم استدراج البشير الى توهم أن الخطر كل الخطر فيمن يرفضون ترشيحه في 2020 أو من لم يعلنوا تصفيقهم للفكرة حتى لو كانوا متعايشين معها بغير قناعة، لايمانهم أن تقويم الاعوجاج أفضل من كسر العود، وأن الاصلاح أفضل التغيير.

المهم، انصرف البشير من حل المشكلات الاقتصادية والتنفيذية، وصار يقرب ويؤخر بناء على الموقف من 2020، وأغفل أن النجاح الاقتصادي والتنفيذي هو (بطاقة التأهيل) الحقيقية، وليس المقالات والحملات الاعلامية والمخاطبات واللقاءات الجماهرية، بل الأسوأ من ذلك (التهجيس) الذي جعله يحضن (البيض الممزر) منتظرا أن يفقس له كوادر يحكم بها بعد 2020 من مختلف الأطياف، من الذين انحازوا لترشيحه علنا، وبدأ فعلا في التخلص ممن تم تصويرهم له أنهم غير مخلصين، لأنهم أذعنوا لأمر واقع وغير مقتنعين ب 2020.

بكل صراحة ووضوح، مطلوب من البرهان وقيادة الدولة الآن تأمين الأداء الاقتصادي من الفساد والاختراق، وإدارة دولاب الدولة التنفيذي والولائي، والنزول بطاقم متكامل فورا من رئيس وزراء للمعتمد ومدراء الوحدات الادارية ومنسق احتياطي شعبي وشرطة مجتمعية في اي قرية .. غير كدا سيضيع السودان قولا واحدا.

يجب أن يتقدم هذا الملف للأمام بذات التقدم المحرز عسكريا أو أسرع، والعنصر البشري أهم من الرضا الخارجي، ولا بد من إسقاط الكوزوفوبيا فورا ودون تردد، وليس المقصود هو اعادة نظام سابق ولا يحزنون حسب كلام (المهجسين)، ولكن المطلوب أن تكون يد الحاكم غير مغلولة في اختيار الشخص المناسب والمجرب لأي موقع، لا توجد هواجس داخله، ولا قيود خارجه.

على سبيل المثال، في مستوى الحكم المحلي، السودان فيه 133 محلية، وكان فيها 133 معتمد، وكان الناجحين والمخلصين هم النصف أو أكثر. وعليه، أي معيار غير النجاح السابق، أي تصنيف مؤسس على هواجس (أجنبية أو قحاتية) يعتبر جريمة في حق السودان لا تقل عن جرائم الجنجويد في ذبح وسرقة المواطنين.

أي محاولة ترقيعية للتجريب وصناعة كوادر وتحويل نظاميين لموظفين، لا يمكن أن تكون هي الأساس .. لا بد أن تبني الحكومة على الموجود وتراعي رغبة المجتمعات الأهلية، بحكم تجربتهم مع المعتمدين السابقين والخيارات الناجحة، وبعد ذلك تضيف بالتجريب.

أساسا الوصول لرقم 133 من المستوى المعقول أو الجيد كلف الانقاذ تجارب مريرة وخسارات واتفاقيات عبر سنين عددا، ولم يكن الموضوع تعيينات تنظيم، هذا كذب صراح، بل عدد من الناجحين تم ادخالهم تدريجيا في المؤتمر الوطني ولا صلة لهم بالتنظيم، يعني الموضوع كان فحص ودخول إجرائي وليس تجنيد، وهذا معروف، لأن الدولة بعد الرابع من رمضان باتت أقوى من التنظيم.

هذا مجرد نموذج في الحكم المحلي، وينطبق على كافة مستويات الدولة.
أي محاولة للتركيز على شخص البرهان وجعل الالتفاف حول ذاته هو (عقيدة الولاء والبراء) ضارة بالبرهان نفسه قبل غيره، وكل من يروجون لهذا الأمر هم (البيض الممزر) الذي لن يفقس، أو النحل الميت الذي لا ينتج العسل.
Dead bees don’t make honey
في حال عدم الإسعاف العاجل للأداء التنفيذي والاقتصادي والولائي حسب الوصفة أعلاه، لا جدوى من التحشيد والتهجيس.
التذاكي والتحايل والوصفات المعقدة بالاستفادة من شخصيات مع إستمرار ابعادهم، أو وجود رجال في الظل لمساعدة آخرين بالريموت كنترول، كلام فارغ، وفاشل.

مما أذكره أن أحدهم من الوطنيين، في عهد قحت، أغلق الأبواب وهمس لي دايرين اعلاميين منكم بس ما يكونوا ظاهرين، قلت له (اعلامي ما ظاهر) دا فاشل، زي عطر لا رائحة له أو (بيرفيوم برائحة الماء) لن يشتريه إلا مغفل!

أساسا الإعلامي الناجح ظاهر ومعروف وحوله دائرة من الجدل هي جزء من ظهوره وفعاليته، وتقاس جدواه بأثره وليس بانتماءه حقيقي كان مزعوما.

واضفت له من عندي نعم صحيح أن هنالك وظائف ليس من ضمن مواصفاتها الظهور، مثل (مهندس بترول شاطر) لكن الاعلام والدبلوماسية مثلا غير ذلك تماما .. الشخص هو نفسه أداة التنفيذ، لا يوجد معه بوكلين ولا ورشة لحام بالأوكسجين، من تراه أمامك الآن ويحدثك هو نفسه (عدة الشغل) لو دايره بدون عدة معناها ما دايره، ولن يسلمك علاقاته ولا شبكاته، لأنها هي ذاتها متغيرة ومتجددة غير ثابته و السيطرة عليها Manual.

هذا ليس في السودان، بل في العالم الاول نفسه لضمان النفاذ في المجتمع السياسي والمدني، يتم التعاقد مع الفاعل وليس شراء علاقته ووزنه وشهرته، ولا حتى (خطته المدونة)، لأن العمل جزء كبير منه قائم على ثغرات العدو وهي مسألة متغيرة أثناء الصراع، وليست وفق خطة، مثل قصة (أبوالقدح بعرف محل يعضي رفيقه)!
هم أنفسهم يقولون Results-oriented يعني التقييم بالنتائج وليس الخطة وأرقام هواتف الاصدقاء هذا جهل مريع بالعمل الإعلامي والمدني.

نصيحتي للبشير حول الاداء الاقتصادي والتنفيذي كانت مشابهة، في مقال (كلمات لا بد منها عن ترشيح البشير) في أول تعليق، مقالي في هذا البوست نشر في اغسطس 2018.
شاء الله أن تكون نصيحتي التالية هي لحمدوك في أغسطس 2019، في أربع نقاط، ونشرت سكرين من نصيحتي ورده علي (أتفق معك يا صديقي) في بوست سابق.

وكان رده مجرد مجاملة، أو كلام الواتس تمحوه (المزرعة)!
ونصيحتي للبرهان الآن … البيض الممزر لن يفقس ولو حضنته العنقاء في قمة جبل.

مكي المغربي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها
  • السيسي والبرهان يبحثان الأمن المائي وإعادة إعمار السودان .. جددا رفضهما أي «إجراءات أحادية» تتعلق بنهر النيل
  • بكري: زيارة البرهان مهمة في ظل انتصارات الجيش السوداني.. ومصر لا تتعامل مع الميليشيات
  • السعودية تضع خططًا جديدة لمرحلة ما بعد الحوثيين: هل يشهد اليمن تحولًا جذريًا؟
  • البرهان … إياك و(البيض الممزر)!
  • البرهان في مصر اليوم.. وملفات الحرب وإعادة الإعمار تتصدر المباحثات.. الدعم السريع يفاقم معاناة السودانيين باستهداف البنية التحتية
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله
  • حرب السودان في عامها الثالث فهل من أفق لحل الأزمة؟
  • تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !
  • البرهان واثقون من النصر وقريباً لن تسمعوا بمسيرات تضرب المرافق المدنية