أثار تصديق دولة جنوب السودان على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، والمعروفة باسم «عنتيبي»، قلقاً ومخاوف في مصر، من قرب دخول الاتفاقية حيز النفاذ، وتأسيس «مفوضية حوض نهر النيل» التي لا تعترف بما تصفه مصر «حقوقها التاريخية» في مياه نهر النيل. وحذّر دبلوماسيون وبرلمانيون مصريون من «خطورة تلك الخطوة في هذا التوقيت»، واعتبروا أنها «تستهدف التأثير على مصالح مصر المائية».



ويعود الجدل حول الاتفاقية إلى عام 2010، حين قادت إثيوبيا حملة بين دول حوض النيل (11 دولة)، للموافقة على «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل» التي تُنهي الحصص التاريخية لمصر والسودان المقررة في اتفاقيات المياه مع دول حوض النيل (55.5 مليار متر مكعب لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان)، كما تفتح الباب لإعادة تقسيم المياه بين دول الحوض وفقاً لمبدأ (الإنصاف)، ما يعني حسب إسهام كل منها.

وأقرت الاتفاقية 5 من دول منابع نهر النيل، وهي (إثيوبيا، وأوغندا، وكينيا، وتنزانيا، ورواندا)، ويتطلب دخولها حيز التنفيذ، تصديق ثلثي الدول المشاركة فيها، في حين رفضت دولتا المصب مصر والسودان الموافقة على الاتفاقية.

وقامت رئيسة المجلس التشريعي الوطني الانتقالي بجنوب السودان (البرلمان)، جيما نونو كومبا، بتسليم رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، (الجمعة)، 4 مشاريع قوانين للتوقيع عليها، بينها «اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل».

وفي وقت لم تعلق فيه مصر رسمياً، على تصديق جنوب السودان على الاتفاقية، قالت مصادر مصرية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجهات المسؤولة عن ملف المياه والعلاقات مع حوض النيل، تدرس الموقف حالياً، وستعمل على اتخاذ موقف في التوقيت المناسب».

واعتبر نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، انضمام جنوب السودان، لاتفاقية «عنتيبي»، «يدعم قرب دخول الاتفاقية حيز النفاذ»، وقال إن «الموقف المصري رافض للاتفاقية منذ الإعلان عنها»، مشيراً إلى أن «المطالب المصرية تتضمن ضرورة اتخاذ القرارات بالإجماع، وأن يجري الإخطار المسبق لأي مشروعات على نهر النيل، حتى لا يحدث تأثير على حقوق دول المصب المائية».

وتساءل حليمة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، حول سبب توقيت تصديق جنوب السودان على الاتفاقية، وأعاد ذلك إلى «ضغوط إقليمية ودولية تستهدف التأثير على مصر»، وأشار إلى أن «مصر لا بد أن يكون لها موقف تجاه أي تحرك يؤثر على مصالحها وحقوقها المائية»، معتبراً عدم تصديق مصر على الاتفاقية «يعطي لها الفرصة لاتخاذ إجراءات عند حدوث أي ضرر عليها».

بينما قلل عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري (البرلمان)، يحيى الكدواني، من أثر تصديق جنوب السودان على الاتفاقية، ووفق الكدواني، فإن «الاتفاقية تكاد تكون معدومة، وغير قابلة للتنفيذ لصعوبات أخرى»، وأشار في الوقت نفسه إلى أن «العلاقات المصرية مع جنوب السودان وطيدة، وهناك مشروعات تعاون مختلفة معها».

وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، افتتح وزير الري المصري هاني سويلم، عدداً من المشروعات المائية في جنوب السودان، منها مركز التنبؤ بالأمطار والتغيرات المناخية، ومشروع تطهير بحر الغزال من الحشائش المائية، وعدد من آبار المياه الجوفية، كما سلّم حكومة الجنوب، 4 طائرات مساعدات إنسانية مقدمة من مصر.

واعتبر الكدواني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المواقف الخاصة بالاتفاقية، تحركها قوى وأطراف تدعو لتقليص حصة مصر المائية من مياه النيل»، مشيراً إلى أن تلك الإجراءات تأتي «ضمن سياسة تتبعها قوى تعادي مصر، وتحاول أن تضغط على دول أخرى، للتأثير على الأمن القومي المصري وأمنها المائي».

ولا يختلف في ذلك وزير الري المصري الأسبق، نصر الدين علام، إذ اعتبر أنه «لا يوجد تأثير مباشر بسبب تصديق جنوب السودان على اتفاقية مفوضية حوض النيل»، وقال إن «عضوية (جوبا)، لا يعني دخول الاتفاقية حيز النفاذ، إذ تشترط بنود الاتفاقية موافقة ثلثي الأعضاء (7 دول)، وحتى الآن لم يصدق عليها سوى 6 دول».

وفسّر علام، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إقدام جنوب السودان على تلك الخطوة، بأن «الهدف الضغط على مصر، ضمن سلسلة من الأحداث التي تؤثر على المصالح المصرية، مثل الوضع في السودان وليبيا والتوترات في البحر الأحمر»، واعتبر موقف دولة جنوب السودان «إدارة سياسية غير موفقة منها، ولا داعي لها، خصوصاً أن مصر من أكثر الدول في العالم دعماً لجنوب السودان، وتقديماً للمساعدات، في مختلف المجالات».

وحذّر وزير الري المصري الأسبق، من مخاطر اتفاقية «عنتيبي»، وقال إنها «تثير القلق بالنسبة لحقوق مصر المائية»، عادّاً الاتفاقية ضد «مبادرة حوض النيل الموقعة عام 1999 التي تشترط الموافقة (بالإجماع)، على أي قرارات ومشروعات تتم إقامتها على حوض نهر النيل»، وأشار في الوقت نفسه إلى تحديات الموارد المائية بمصر، بعد انخفاض نصيب الفرد إلى «نصف حد الفقر المائي (500 متر مكعب سنوياً)»، وقال «إن غالبية حصة مصر يتم استخدامها في الزراعة، ومشروعات الأمن الغذائي».

واعتبر خبير المياه الدولي المصري، ضياء القوصي، أن «ضغوط الأطراف والقوى الأخرى لها تأثير أكبر على جنوب السودان، رغم أنهم لم يقدموا مساعدات مثل مصر». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الموقف المصري معقد حالياً تجاه اتفاقية (عنتيبي)، فالقاهرة بين خيارين؛ إما الموافقة على الاتفاقية للمشاركة في اجتماعاتها وحماية حقوقها، وإما عدم التصديق عليها، وهذه خطورة أخرى، نظراً لإمكانية اتخاذ الدول المشاركة فيها قرارات مصيرية، مثل إلغاء الاتفاقيات المائية السابقة، في غياب مصر».

الشرق الاوسط  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لـ الشرق الأوسط دول حوض النیل نهر النیل إلى أن

إقرأ أيضاً:

السودان: ترحيل «1835» أسرة من المناقل إلى محلية جنوب الجزيرة

 

ناقش اجتماع برئاسة المدير التنفيذي لمحلية المناقل بولاية الجزيرة وسط السودان، ترتيبات نقل و ترحيل «1835» أسرة نازحة من المدينة إلى مناطقهم بمحلية جنوب الجزيرة.

المناقل ـــ التغيير

و ضم الاجتماع المدير التنفيذي لمحلية المناقل عثمان يوسف الحاج، و اللجنة العليا للعودة الطوعية للمدن والقرى الآمنة بولاية الجزيرة بعد سيطرة الجيش عليها واستردادها من قوات الدعم السريع، وشارك في الاجتماع أيضاً  ديوان الزكاة والغرفة العامة للنقل وأصحاب البصات.

و أعلن رئيس لجنة الإسناد واعادة الإعمار الشيخ عبد المنعم أبو ضريرة،إلتزامهم بترحيل النازحين بواقع عشرة سيارات في اليوم لمدة شهر .

و تعهد المدير التنفيذي لمحلية المناقل بتسخير كافة إمكانيات المحلية لترحيل الناجين من الحرب إلى مدنهم وقراهم الآمنة، و أكد ترحيل 1835 أسرة لمحلية جنوب الجزيرة بكلفة مالية تجاوزت 30 مليون جنيهاً، وقال الحاج إن الحرب في الجزيرة إنتهت و إن قرى جنوب الجزيرة أصبحت آمنة ما يشجع على العودة.

لافتاً إلى ترتيبات بدء  رحلات التفويج إلى عاصمة الولاية ود مدني ومتبقي المحليات وتقديم مايعين على الحياة بعد العودة من أغذية وعيادات وخدمات.

وشهدت قرى جنوب الجزيرة انتهاكات واسعة من قوات الدعم السريع ما أجبر المواطنين على النزوح إلى عدد من الولايات،و تعد مدينة المناقل المحلية الوحيدة التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع ما دفع عدد كبير من المواطنين إلى النزوح إليها.

الوسومالجزيرة المناقل عودة طوعية نازحين

مقالات مشابهة

  • مشروع بحثي مصري حول تحسين إدارة الموارد المائية يفوز بتمويل من إسبانيا
  • مصر تعزي جنوب السودان في ضحايا تحطم طائرة ركاب
  • السفير المصري في جوبا يلتقي برئيس مكتب الإيجاد في جنوب السودان
  • تداعيات الحرب السودانية تفاقم معاناة جبال النوبة
  • حالة الطقس اليوم.. معتدل الحرارة نهارا وتحذيرات من الشبورة المائية
  • أقتل نفسي .. وأحتفي
  • طقس اليوم.. معتدل نهارا شديد البرودة ليلا والأرصاد تحذر من الشبورة المائية
  • نقطة سوداء من دويلتي جنوب السودان وتشاد
  • المجاعة تنهش السودان حيث “لا طعام ولا دواء ولا أي شيء”
  • السودان: ترحيل «1835» أسرة من المناقل إلى محلية جنوب الجزيرة