استضافت فضائية الجزيرة الكاتب الكبير الأستاذ "فهمي هويدي" وذلك بعد انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، وأهم ما جاء في حديثه أن المعركة السياسية التي تنتظر المقاومة أشد وطأة من معركتها العسكرية! وأن الاحتلال سيسعى جاهدا وخلفه داعموه وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لتعويض خسارته الحربية وإعادة الكرّة على المقاومة من خلال لعبة المفاوضات، وأن النزال السياسي يتطلب صبرا وحنكة وحذرا لا يقل عن النزال العسكري في ساحة المعارك.



لذا سنحاول في هذا المقال أن نستعرض سويا استراتيجية بنيامين نتنياهو وحكومة الحرب -الطوارئ- التي جرى تشكيلها من أجل تعويض خسارتهم ومحو فضيحتهم، وسنستعرض -في مقال ثان- في المقابل لهم استراتيجية المقاومة لمواجهة أدوات نتنياهو وخلفه العالم كله يدعمه إلا قليلا!.

استراتيجية حكومة الحرب الإسرائيلية وعلى رأسها بنيامين نتنياهو:

1- الاعتماد على الدعم السخي واللامحدود للولايات المتحدة الأمريكية التي فتحت خزائنها وسخَّرت مقدراتها لدعم الاحتلال، وسارعت كذلك إلى تحريك بوارجها ومدمراتها إلى حوض البحر الأبيض المتوسط لإحداث حالة تخويف للإقليم من ناحية، ولطمأنة الاحتلال مما أصابه من الهلع والرعب من ناحية أخرى، وذلك بعد هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وما خلّفه في نفوس جيش الاحتلال وجنوده ممن باتوا في حالة نفسية شديدة السوء.

من أهم الغايات التي قاتل نتنياهو للحفاظ عليها هي البقاء على رأس الحكومة لتفادي المحاكمات التي تنتظره، واستخدامه لأهم استراتيجياته لتحقيق ذلك، وهو الهروب من إتمام عمليات التفاوض وعرقلة المفاوضات؛ إما بوضع العقبات أمام فريق المفاوضين وذلك بسحب صلاحياتهم، وهذا ما جاء في تسريبات بعضهم ممن حمّل نتنياهو مسئولية افشال جولات المفاوضات السابقة، أو بالهروب إلى القصف والتدمير لاستفزاز المقاومة وعرقلة عمل الوسطاء
ومن المفارقات أن تقف أمريكا على رأس الوسطاء في المفاوضات التي تجري بعد كل هذا الدعم المجنون على كافة الأصعدة، بل وتقوم بعملية تخويف فاجرة لقضاة المحكمة الجنائية إذا ما أقدموا على استصدار قرارت تعقب واعتقال لقادة الاحتلال! ولا عجب من مستوى التبجح بعد المهانة التي أوصلتنا إلى الدرك الأسفل بين الأمم!

2- ومن استراتيجية نتنياهو استخدامه للتشكيل الوزاري الذي ضم أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ دولة الاحتلال لمواجهة ضغوط المعارضة بقيادة "يائير لابيد"، ولمواجهة ضغوط الدول الداعمة وعلى رأسها أمريكا خاصة مع الإداراة الديمقراطية الحالية، بل ومواجهة الشارع الإسرائيلي وأسر وعوائل الأسرى. وقد جاءت الأحزاب التي تحالف معها نتنياهو من رحم الراديكالية الدينية سواء الحريدية أو الصهيونية المتشددة أمثال: الليكود، وشاس، والصهيونية الدينية، والقوة اليهودية.. إلخ، وجاء وجوده على رأس حكومة يمينية متطرفة لديها كامل السيطرة على الكنيست لتؤمِّنه من محاولات سحب الثقة في البرلمان (الكنيست) وتساعده بالوقوف خلفه لاستمرار الحرب.

3- واستعمل نتنياهو استراتيجية التدمير الهائل والمبالغة في القتل والحرق للضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة -قطاع غزة- وتحميلها أقسى ما تخلفه الحروب، من أجل دق الأسافين بينها وبين المقاومة، قياسا على تجربة أمريكا في حرب فيتنام وذكره وزير خارجيتها "هنري كيسنجر" في عهد الرئيس "ريتشارد نيكسون"، حيث قال: نصحت الرئيس بمضاعفة الحرق والتمثيل بجثث الفيتاميين لإخضاع المفاوض الفيتنامي المقاوم "هوشيه منه" وقد تحقق ما أردنا! وكما حدث أيضا بعد خطيئة "صدام حسين" بدخول الجيش العراقي للكويت والرسائل المضطربة التي جاءته ليقرر سحب الجيش حينها، ورغم ذلك فقد انهالت القاذفات والصواريخ الأمريكية على رتل الجيش العراقي المنسحب حتى سجلت الكاميرات صورة لأحد الجنود العراقيين يصرخ -ولا منقذ له!- وهو يحترق داخل مركبته المنصهرة.

وهكذا تعلمت إسرائيل الدرس فعمدت إلى المبالغة في عمليات التدمير والقتل المتعمد للأبرياء في المدارس والمستشفيات واستهداف سيارات الإسعاف والمسعفين وفرق الإنقاذ، وذلك لزيادة العبء على المقاومة وحمل الحاضنة الشعبية على الكفر بها!

4- ومن أهم الغايات التي قاتل نتنياهو للحفاظ عليها هي البقاء على رأس الحكومة لتفادي المحاكمات التي تنتظره، واستخدامه لأهم استراتيجياته لتحقيق ذلك، وهو الهروب من إتمام عمليات التفاوض وعرقلة المفاوضات؛ إما بوضع العقبات أمام فريق المفاوضين وذلك بسحب صلاحياتهم، وهذا ما جاء في تسريبات بعضهم ممن حمّل نتنياهو مسئولية افشال جولات المفاوضات السابقة، أو بالهروب إلى القصف والتدمير لاستفزاز المقاومة وعرقلة عمل الوسطاء، كما حدث في القصف البربري الأخير لمواصي"خان يونس" بحجة وصول معلومات استخباراتية عن وجود قياديين بارزين من "حماس"، والأمر لم يكن غير تكئة لتوتير الأجواء وإفساد سير عملية التفاوض التي أُجمع على أهميتها من أجل تحرير الأسرى غالبية القادة العسكريين والسياسيين بعيدا عن شركاء نتنياهو من المتطرفين!

من أهم استراتيجات الصهاينة لمواجهة المقاومة عبر الحكومات المتعاقبة وآخرها الحكومة رقم 37، هي وجود السلطة الفلسطينية وعلى رأسها محمود عباس ورفاقه! ممن لا يحسنون غير التنسيق الفاضح مع المحتل تحت ذريعة الحفاظ على عملية السلام، وكذلك تخذيل المقاومة وفصائلها
5- ولا ننسى استراتيجية بنيامين نتنياهو المتلازمة لشخصيته: المراوغة والكذب والتدليس، حتى تخرج أحيانا التصريحات من مكتبه منسوبة إلى بعض القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين من أجل توجيه بوصلة المفاوضات حيث يريدها نتنياهو! وهو ما فضحته تعقبيات عدد من القادة وآخرهم رئيس الموساد "دافيد برنياع" الذي رفض التصريح المنسوب إليه والصادرة عن مكتب رئيس الوزراء!

6- وأشعر بالأسى وأنا أذكر أن من أهم استراتيجات الصهاينة لمواجهة المقاومة عبر الحكومات المتعاقبة وآخرها الحكومة رقم 37، هي وجود السلطة الفلسطينية وعلى رأسها محمود عباس ورفاقه! ممن لا يحسنون غير التنسيق الفاضح مع المحتل تحت ذريعة الحفاظ على عملية السلام، وكذلك تخذيل المقاومة وفصائلها والضرب تحت الحزام بتصريحات عباس في مؤتمرات القادة العرب وعبر نوافذ الإعلام العربي المتصهين، فلا يوجه الشكر للمقاومة التي حفظت الكرامة وأحيت القدس في نفوس المسلمين، وأعادت القضية الفلسطينية إلى سدة الاهتمام على جدول أعمال اجتماعات الهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بل يخرج بطريقته ومكايدته ليغمز ويلمز المقاومة في كافة أحاديثه التي ينفرد بها حصريا!..

غير أن العالم الحر في عواصم الدول الغربية وأشهر مدنها وفي كافة الجامعات العريقة من طلاب وأساتذة قد انتصروا لغزة وانتصروا لأهلها وشجعانها من الرجال والنساء، رغم أنف السلطة التي كُسرت ذلة ومهانة جزاء وفاقا!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة استراتيجية نتنياهو الإسرائيلية غزة إسرائيل غزة نتنياهو المقاومة استراتيجية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وعلى رأسها على رأس من أجل من أهم

إقرأ أيضاً:

محللون: المقاومة لن ترضخ لمحاولات نتنياهو ابتزاز الفلسطينيين

يرى محللون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول المناورة بالنيران واستخدام سلاح التجويع للانقلاب على اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكن المقاومة الفلسطينية لن ترضخ لابتزازاته وستواصل تمسكها بالاتفاق.

وأمر نتنياهو بوقف دخول جميع البضائع والإمدادات إلى غزة اعتبارا من صباح اليوم الأحد، بعد عرقلته الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية التي كان من المفترض أن تبدأ في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى للاتفاق (3 فبراير/شباط الماضي).

وطلب نتنياهو -كما كشفت تفاصيل المفاوضات الأخيرة بين إسرائيل والوسطاء- إفراج حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن 5 أسرى أحياء و10 جثث مقابل أسرى فلسطينيين وزيادة المساعدات، وهو ما رفضته حماس مؤكدة تمسكها بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وتوقيعه عبر الوسطاء.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي محمد الأخرس إن نتنياهو يحاول بقراراته ابتزاز أهالي قطاع غزة والمجتمع الفلسطيني عبر المساعدات الإنسانية والعودة للقتل، ويحاول أن يناور بالنيران وبالتجويع كي ينقلب على الاتفاق، ولكنه سيعود إلى سكة العمل الدبلوماسي، لأنه لا يملك خيارات أخرى من أجل استعادة الأسرى في غزة وأيضا من أجل الحفاظ على الدعم الأميركي.

إعلان

وفي المقابل، تؤكد حماس والمقاومة أن استعادة الأسرى يكون عبر استمرار عملية التبادل كما بدأت، ويقول الأخرس إن العودة إلى الحرب ليس خيار المقاومة، بل إن خيارها الأول هو الحفاظ على الاتفاق ومنع نتنياهو من اختراقه، وهو ما سعت وتسعى إليه عبر التزامها الكامل بما نص عليه هذا الاتفاق.

وللعلم، فقد رفضت حركة حماس خطة اقترحها المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف لهدنة خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي (12-20 أبريل/نيسان) وهي الخطة التي لم يعلن عنها من قبل من طرف ويتكوف.

وبنظر الصحفي والخبير بالشأن الإسرائيلي وديع عواودة، فإن "نتنياهو لديه غايات خبيثة" ويريد التخلص من الاتفاق الذي يتضمن استحقاقات، مثل إنهاء الحرب في غزة والانسحاب من محور فيلادلفيا والانسحاب الكامل من غزة، وهذا يهدد مصيره في التاريخ وفي الحكم.

كما يسعى عبر المناورات التي يقوم بها -يضيف المتحدث- إلى محاولة استعداء الإدارة الأميركية على حركة حماس والفلسطينيين، من خلال إظهار أن حماس تستخف بهذه الإدارة، بالإضافة إلى سعيه إلى تهدئة الشارع الإسرائيلي الذي يتظاهر ضد استئناف الحرب وتعطيل الصفقة.

وحسب عواودة، فإن نتنياهو يقوم بالتهديد والوعيد بالعودة إلى الحرب، لكنه لن يفعل ذلك، لأن الشارع الإسرائيلي يرفض الأمر لخطورة الحرب على الأسرى المتبقين لدى المقاومة في غزة، فضلا على أن استئناف الحرب سيعني سقوط المزيد من الجنود القتلى، خاصة وأن حماس تمكنت من تجهيز نفسها لأي سيناريو.

ويقترح المتحدث نفسه أن يتخذ الوسطاء موقفا حازما لمنع محاولة نتنياهو وحكومته العبث بالاتفاق، وأن يكون هناك موقف عربي لمنع تجويع أهالي غزة من جديد، وهو التجويع الذي يشكل -حسبه- انتهاكا للقانون الدولي والمواثيق الدولية بهذا الشأن.

تفويض أميركي

وفي السياق نفسه، يلفت الخبير في الشؤون الإسرائيلية شادي الشرفا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول استخدام كل الأساليب الممكنة من أجل تحقيق منجزات لها علاقة بالمصلحة الذاتية والشخصية له.

إعلان

وفي تقدير الشرفا، فإن ما يجري غير مسبوق عبر التاريخ، حيث يفرض الحصار والتجويع على شعب من أجل مصلحة ذاتية لشخص واحد وهو نتنياهو لكي يبقى على سدة الحكم. وقال "إن هناك تفويضا أميركيا لإسرائيل باستخدام عصا التجويع والحصار والمساعدات الإنسانية على قطاع غزة" وأشار إلى أن هذا الأمر لم يكن سابقا في عهد الرئيس السابق جو بايدن.

وأوضح -في مداخلة سابقة على قناة الجزيرة- أن "التجويع بالشكل الذي يؤدي إلى قتل النساء والأطفال استخدم فقط خلال الحقبة النازية" مشيرا إلى أن الاحتلال سيواصل سياسة الحصار والتجويع حتى لو قامت المقاومة بتسليمه جميع الأسرى لديها.

ودعا الشرفا إلى ضرورة العودة إلى القانون الدولي الذي يقول بوضوح إن "استخدام التجويع ضد فئة أو جماعة معينة بشكل متعمد يعتبر جريمة حرب وجريمة إبادة جماعية". وقال إن محكمة العدل الدولية عليها أن تتخذ القرار بوضوح.

مقالات مشابهة

  • أشرف العشري: نتنياهو يخلق الذرائع لخوفه من انهيار ائتلافه الحكومى
  • فيما القسام تنشر فيديو “الوقت ينفد”.. حكومة نتنياهو تتقدّم خطوة وتتراجع خطوتين
  • أردوغان: نتنياهو يماطل وإسرائيل غير ملتزمة.. وتطورات بشأن المفاوضات
  • نتنياهو : نستعد للمرحلة المقبلة من معركة الجبهات السبع
  • شتائم وإهانات في معركة كلامية حادة باجتماع أمني إسرائيلي في مكتب نتنياهو بسبب ملف الأسرى وقتال حركة الفصائل الفلسطينية
  • صحافة عالمية: نتنياهو يقطع المساعدات الإنسانية عن غزة للضغط في المفاوضات
  • غرفة العمليات تدعو لمواجهة احتكار التجار في غزة
  • ريال مدريد يبدأ استعداداته لمواجهة أتليتكو مدريد في دوري أبطال أوروبا
  • محللون: المقاومة لن ترضخ لمحاولات نتنياهو ابتزاز الفلسطينيين
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو أخلّ بالاتفاق مع حماس ويفتعل الأزمات