كثيرون يَرَوْنَ أننا نعيش في واحدةٍ من أخطر مراحل تدنِّي الانحطاط الأخلاقي والنفاق المجتمعي، بما تحمله من قِيَمٍ متناقضةٍ، وازدواجيةٍ مُفْرِطَة، وسلوكياتٍ صارخةٍ في تَطَرُّفِهَا.
وبما أن لكلٍّ مِنَّا حياته الخاصة وسماته الشخصية وبيئته الحاضنة، التي تختلف من شخص لآخر، إلا أننا جميعًا ربما نتشارك في خوضِ حربٍ قاسيةٍ مع أنفسنا، نواجه فيها مرارة الأيام وقسوة الظروف، وغَدْر الأشخاص.
لذلك، لا غرابة أن تجد بعض الناس يمتلكون وجهًا آخر، أو قِناعًا يختبئون خلفه؛ لإخفاء «خدوش» تُشَوِّه معالم حقيقتهم، حتى لا يكتشفها غيرهم من «المُتَنَطِّعين»، الذين يُشْغِلون أنفسهم بتتبُّع أدق تفاصيل وأسرار حياة الآخرين.
ويبقى هناك خيطٌ رفيعٌ يفصل بين الاهتمام والإهمال، أو الشَّغف والفضول، لا يعرفه هؤلاء المنشغلون «بِكَ»، خصوصًا إذا كنتَ حريصًا على الكتمان أو غامضًا بالنسبة لهم.. لتبقى «أنتَ» وظيفتهم الأساسية في الحياة!
هؤلاء «الحمقى» يجتهدون كثيرًا للإجابة عن الأسئلة الستة للخبر الصحفى «ماذا، مَن، متى، لماذا، أين، كيف؟».. فَيُنْفِقُون أوقاتهم وجهدهم، وربما يكونون كرماء بأموالهم، للبحث والتحليل والنقل والإضافة، خصوصًا ما يتعلق بمشاعرك أو حياتك الشخصية!
وما بين «الاهتمام المفاجئ» و«الكرم الحاتمي» في «التطفل»، لم يحاول هؤلاء «البؤساء» أن يسألوا أنفسهم: هل تحبون غيركم أكثر من أنفسكم، وهل العمل على حل مشاكلكم وتحسين حياتكم وتحقيق أكبر قدر من السعادة لكم أَوْلَى.. أم الآخرون؟!
هؤلاء «الطُّفَيْلِيُّون» يُصَدِّرُون لنا صورةً مغايرةً لحقيقة قلوبهم السوداء وحقدهم الدفين ونواياهم الخبيثة، بأنهم مثالِيِّون صادقون لا يخطئون.. فهم متديِّنون صالحون، وأمناء ناصحون.. دوافعهم خيِّرَة لإصلاح غيرهم، لكنهم في الحقيقة يأمرون الناس بالبر ويَنْسَوْنَ أنفسهم!
إذن، الحاصل أن «التطفل تشابَهَ علينا»، ولم يعد بإمكان أحدٍ القدرةَ على التمييز بين البشر، فأصبح كل شيء مستباحًا، لكثرة «الحِشَرِيين»، أصحاب «الخدمات الإنسانية»، و«المتطوعين بالمجان»، الذين لا يكتفون بالانشغال بأنفسهم وأعبائهم!
الآن، تبدو حياتنا الشخصية مستباحة، بإرادتنا أو رغمًا عنَّا، وباتت خصوصياتنا مرتعًا خصبًا لفضول هؤلاء «المتلصصين»، الذين لو وَجَّهُوا طاقاتهم وجهودهم وأوقاتهم لأنفسهم؛ لأصبحوا في مكانة أخرى يُغْبَطُون عليها.
إن الإنسان «العاقل» يبحث دائمًا عن تلمس أوجه الخير في الحياة، وغَضّ الطرف عن «سَوْءَات وعَوْرات» الآخرين ـ الموجودة بطبيعة الحال في كل مجتمع بشري ـ حتى يكون مختلفًا عن محترفي كشف المستور للتفتيش عن التُّرَّهَات والزَّلَّات والعَثَرات، أو أولئك المولَعين بانتهاك حُرْمَة الحياة الخاصة لغيرهم.
أخيرًا.. «من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، و«من أشرف أفعال الكريم غفلته عما يعلم»؛ لأن «أعقل الناس من كان بعَيْبه بصيرًا وعن عيوب غيره ضريرًا»، و«تَأَمُّل العَيْب عَيْب».
فصل الخطاب:
تقول عالمة الفيزياء والكيمياء «ماري كوري»: «كُن أقل فضولًا بالناس، أكثر فضولًا بالأفكار».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود زاهر
إقرأ أيضاً:
يسقطون مع أول اختبار .. مفتي الجمهورية يرد على ادعاءات الملحدين
رد الدكتور نظير عيّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، عن أقوال الملاحدة "لماذا أعبد رب يغضب علي وينتقم مني" قائلا: الواقع أن هذه فكرة قاصرة وكلام لا يسعفه الدليل ويكمن الرد عليها بشكل عكسي فيقال له " فلما تتخلى عن رباً معروف بالرأفة والرحمة والعفو والصفح"
وأضاف الدكتور نظير محمد عيّاد في لقائه ببرنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق على قناة صدى البلد، هذه المقولة يلجأ إليها هؤلاء تحت وطأة التبرير لما يفعلون خصوصاً وأن هذا الملحد بهذه المقولة يتناقض مع أبسط قواعد المنطق والفكر والتي تؤكد بأنه لا يوجد شئ من لا شئ.
وتابع عياد، هذه القواعد تؤكد على أن هناك أمور ثلاثة يتنقل فيها العقل الإنساني ما بين البحث عن مبدأ ومصير وعلة من الايجاد مشيراً بأن هؤلاء الملاحدة الذين يجنحون إلى هذه القضية يسقطعون مع أول اختبار حقيقي إذا وقع عليهم ظلم أو ألم بهم أذي نتيجة هذا الميثاق الأخلاقي أو الألهي وهو قانون الفطرة فهذه الفطرة التي تتحكم في الانسان مؤمن وكافر.
واستكمل: بأن الفارق بأن المؤمن يلجأ إلى ربه وقت الشدة والرخاء بينما الكافر أو الملحد لا يعرف رباً إلا إذا ألمت به البلوة.