بوابة الوفد:
2025-02-20@20:47:51 GMT

... تشابَهَ علينا!

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

كثيرون يَرَوْنَ أننا نعيش في واحدةٍ من أخطر مراحل تدنِّي الانحطاط الأخلاقي والنفاق المجتمعي، بما تحمله من قِيَمٍ متناقضةٍ، وازدواجيةٍ مُفْرِطَة، وسلوكياتٍ صارخةٍ في تَطَرُّفِهَا.

وبما أن لكلٍّ مِنَّا حياته الخاصة وسماته الشخصية وبيئته الحاضنة، التي تختلف من شخص لآخر، إلا أننا جميعًا ربما نتشارك في خوضِ حربٍ قاسيةٍ مع أنفسنا، نواجه فيها مرارة الأيام وقسوة الظروف، وغَدْر الأشخاص.

. بصبرٍ تنوء بحمله الجبال.

لذلك، لا غرابة أن تجد بعض الناس يمتلكون وجهًا آخر، أو قِناعًا يختبئون خلفه؛ لإخفاء «خدوش» تُشَوِّه معالم حقيقتهم، حتى لا يكتشفها غيرهم من «المُتَنَطِّعين»، الذين يُشْغِلون أنفسهم بتتبُّع أدق تفاصيل وأسرار حياة الآخرين.

ويبقى هناك خيطٌ رفيعٌ يفصل بين الاهتمام والإهمال، أو الشَّغف والفضول، لا يعرفه هؤلاء المنشغلون «بِكَ»، خصوصًا إذا كنتَ حريصًا على الكتمان أو غامضًا بالنسبة لهم.. لتبقى «أنتَ» وظيفتهم الأساسية في الحياة!

هؤلاء «الحمقى» يجتهدون كثيرًا للإجابة عن الأسئلة الستة للخبر الصحفى «ماذا، مَن، متى، لماذا، أين، كيف؟».. فَيُنْفِقُون أوقاتهم وجهدهم، وربما يكونون كرماء بأموالهم، للبحث والتحليل والنقل والإضافة، خصوصًا ما يتعلق بمشاعرك أو حياتك الشخصية!

وما بين «الاهتمام المفاجئ» و«الكرم الحاتمي» في «التطفل»، لم يحاول هؤلاء «البؤساء» أن يسألوا أنفسهم: هل تحبون غيركم أكثر من أنفسكم، وهل العمل على حل مشاكلكم وتحسين حياتكم وتحقيق أكبر قدر من السعادة لكم أَوْلَى.. أم الآخرون؟!

هؤلاء «الطُّفَيْلِيُّون» يُصَدِّرُون لنا صورةً مغايرةً لحقيقة قلوبهم السوداء وحقدهم الدفين ونواياهم الخبيثة، بأنهم مثالِيِّون صادقون لا يخطئون.. فهم متديِّنون صالحون، وأمناء ناصحون.. دوافعهم خيِّرَة لإصلاح غيرهم، لكنهم في الحقيقة يأمرون الناس بالبر ويَنْسَوْنَ أنفسهم!

إذن، الحاصل أن «التطفل تشابَهَ علينا»، ولم يعد بإمكان أحدٍ القدرةَ على التمييز بين البشر، فأصبح كل شيء مستباحًا، لكثرة «الحِشَرِيين»، أصحاب «الخدمات الإنسانية»، و«المتطوعين بالمجان»، الذين لا يكتفون بالانشغال بأنفسهم وأعبائهم!

الآن، تبدو حياتنا الشخصية مستباحة، بإرادتنا أو رغمًا عنَّا، وباتت خصوصياتنا مرتعًا خصبًا لفضول هؤلاء «المتلصصين»، الذين لو وَجَّهُوا طاقاتهم وجهودهم وأوقاتهم لأنفسهم؛ لأصبحوا في مكانة أخرى يُغْبَطُون عليها.

إن الإنسان «العاقل» يبحث دائمًا عن تلمس أوجه الخير في الحياة، وغَضّ الطرف عن «سَوْءَات وعَوْرات» الآخرين ـ الموجودة بطبيعة الحال في كل مجتمع بشري ـ حتى يكون مختلفًا عن محترفي كشف المستور للتفتيش عن التُّرَّهَات والزَّلَّات والعَثَرات، أو أولئك المولَعين بانتهاك حُرْمَة الحياة الخاصة لغيرهم.

أخيرًا.. «من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، و«من أشرف أفعال الكريم غفلته عما يعلم»؛ لأن «أعقل الناس من كان بعَيْبه بصيرًا وعن عيوب غيره ضريرًا»، و«تَأَمُّل العَيْب عَيْب».

فصل الخطاب:

تقول عالمة الفيزياء والكيمياء «ماري كوري»: «كُن أقل فضولًا بالناس، أكثر فضولًا بالأفكار».

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محمود زاهر

إقرأ أيضاً:

الأديبة اللبنانية إيمان حميدان لـ 24: علينا احترام أوطاننا وإظهار أجمل ما فيها

أكدت الأديبة اللبنانية إيمان حميدان أن روايتها "أغنيات للعتمة"، التي دخلت القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية في الدورة الحالية، يبرز فيها صوت المرأة كباقي إصدارتها وأعمالها، موضحة أن المرأة ما زالت بحاجة إلى تمكين مكانتها وقدراتها، والعمل على تغيير القوانين التي تنتقص من حقوقها، ويكفي أن ننظر إلى نسبة الأمية عند النساء في العالم العربي لنؤمن أن الطريق ما زالت طويلة.

وأضافت في حوار لـ24: "أن الأدباء في العالم العربي بحاجة إلى اعتراف مستمر، وأننا نعيش زمن التحولات الكبرى في السياسة والاجتماع، ولا بد أن يؤثر ذلك على الهوية الثقافية"، متمنية ألا تضيع بوصلة الهوية الإنسانية، وأن نتمسك بالشروط الأساسية الإنسانية، التي تحفظ للفرد حق التعبير والتنقل والعيش الكريم، وأن نستمر في العمل على المساواة الاجتماعية والجندرية، وأن نحترم أوطاننا، ونحرص على إبراز الأجمل فيها من ثقافة وإبداع.

وتاليا نص الحوار:
_ وصلت روايتك "أغنيات للعتمة" للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، ماذا يمثل ذلك؟
مبروك لنا جميعاً في القائمة الطويلة، أفرحني هذا الخبر دون شك، وزاد من اقتناعي بنزاهة الجائزة وموضوعية عمل القائمين عليها، ولا تنسي أنني كنت عضو لجنة تحكيم، وعرفت كيف تجري الأمور من الداخل بشفافية وحسن اختيار.. الأدباء في العالم العربي بحاجة الى اعتراف مستمر، ليس فقط عبر الجوائز لكن أيضا عبر زيادة عدد القراء، وأرجو تفعيل سياسات الدول الثقافية من أجل هذا الهدف.
وسواء إن وصلت روايتي الى القائمة القصيرة أم لا، يبقى هذا هو موقفي الإيجابي من الجائزة العالمية للرواية العربية.

_ كيف انبثقت فكرة "أغنيات العتمة" وكم استغرق وقت كتابتها، وكيف استلهمت شخصياتها؟
الفكرة كانت منذ عام 2017، لكنني بقيت صامتة حتى عام 2021. وكنت أبحث عن جو روائي أعطي فيه للكلام للمرأة لتستعرض تاريخ مجتمع ووطن، دون أن أقع في مطبات المباشرة والعمومية، التي هي صفات كتب التاريخ، أردت في رواية اغنيات للعتمة أن أخوض تجربة سرد تاريخ لبنان الحديث عبر قصص النساء وحيواتهن، التاريخ الذي تسرده النساء هو رواية مغايرة، هو بشكل أو بآخر مقاومة للتاريخ الكبير، الذي يكتبه عادة المنتصر.
قبل الخوض بالكتابة قمت ببحث طويل استغرق عاماً تقريباً، قرأت خلاله كتب التاريخ وعلم الاجتماع والسياسة وكنت أدوّن كل ما أراه مهمّاً لكتابتي، استغرقت الكتابة حوالي عامين.
استلهمت شخصيات الرواية من كل امرأة عرفتها أو قرأت عنها أو تجارب عشتها عن بعد وراقبتها، وتأملت في تفاصيل حياتها، أدّون تقريبا كل ما يهمني مما أسمعه أو أقرأ عنه. التدوين اليومي هو طبيعة لدي حتى قبل الشروع بكتابة الرواية، جزء كبير من التاريخ الذي تغطيه الرواية ينتمي إلى ذاكرة جماعية، ليست بعيدة عن ذاكرة أفراد من عائلتي، أو أصدقاء لها.

_في الوقت الذي تعيش فيه بعض الدول عصر النساء، نجدك تهتمين أثناء رواياتك وأبحاثك بإبراز صوت المرأة، وتحرصين على تعزيز مكانتها، لماذا، هل ما زالت المرأة بحاجة لذلك؟
بالطبع ما زالت المرأة بحاجة إلى تمكين مكانتها وقدراتها، وإلى العمل خاصة على تغيير القوانين التي تنتقص من حقوقها، يكفي أن ننظر إلى نسبة الأمية عند النساء في العالم العربي لنؤمن أن الطريق ما زالت طويلة.
_  عملت في الصحافة الثقافية وساهمت ككاتبة حرة في جرائد عربية متنوعة، كيف تنظرين للمشهد الثقافي على الصعيد العربي عامة، وفي لبنان خاصة؟
كتبت في جرائد منها ما عاد موجوداً، كجريدة السفير مثلاً وملحق النهار الثقافي، هذا أمر محزن بالفعل، السبب ليس فقط الثورة الرقمية ومواقع التواصل التي غيرت بشكل عميق مقاربة الفرد للمعلومات والكتابة والثقافة، بل هناك أسباب عديدة لن أدخل في مناقشتها الآن.
نعيش زمن التحولات الكبرى في السياسة والاجتماع، وهذا لا شك فيه سيؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الثقافة وعلى الهوية الثقافية، المهم بالنسبة لي ألا تضيع بوصلة الهوية الإنسانية، وأن نتمسك بالشروط الأساسية الإنسانية، التي تحفظ للفرد حق التعبير والتنقل والعيش الكريم، وأن نستمر في العمل على المساواة الاجتماعية والجندرية، وأن نحترم أوطاننا، ونحرص على إبراز الأجمل فيها من ثقافة وإبداع.
_ تقومين على تدريب "كاتب في برنامج الزمالة للكتابة الإبداعية" الذي ينظمه مهرجان الإمارات للآداب، كيف تنظرين إلى هذه المبادرة ودورها في خدمة الثقافة؟
نعم إنها السنة الثانية التي أشارك في هذه المبادرة الثقافية والأدبية الجميلة، أتمنى أن تستمر عاماً بعد عام باللغات العالمية، في النجاح، وفي إفساح المجال للأدباء الشباب بإسماع صوتهم وصوتهن في العالم العربي والعالم أجمع، وأن تكون الخطوة الثانية هي ترجمة تلك الأعمال الشابة، تمنياتي أن تكون هذه المبادرة الناجحة نموذجاً تتبعه دول عربية أخرى.

مقالات مشابهة

  • ظواهر من الحياة
  • لتجنب معاناة دنيا سمير غانم في عايشة الدور.. 7 نصائح للموازنة بين الحياة الشخصية والعمل
  • المغرب.. أكثر من 50% من أسعار المنتجات الاستهلاكية تذهب للمضاربين
  • مطاريد الزمالك يتألقون في الخليج .. 3 نجوم يعيدون أكتشاف أنفسهم
  • أيهما يسرع الشيخوخة أكثر: نمط الحياة أم الوراثة؟
  • شيخ الأزهر: الفرقة والتشرذم جرّأ الأعداء علينا حتى طالبوا بتهجير الفلسطينيين
  • الأديبة اللبنانية إيمان حميدان لـ 24: علينا احترام أوطاننا وإظهار أجمل ما فيها
  • بوراص: علينا تجديد العهد مع البناء وعدم ترك فراغاً للطغاة
  • علينا أن نتابع قليلا ما يدور في ليبيا
  • دي يونغ بعد الانتصار على رايو فاييكانو: علينا القتال حتى النهاية