تعمل شركة أوبن إيه آي، المطورة لروبوت المحادثة "شات جي بي تي"، على تطوير تقنية جديدة للاستدلال لنماذج الذكاء الاصطناعي، في مشروع يحمل الاسم الكودي "ستروبيري" (Strawberry)، وذلك وفقا لما ذكره شخص مطلع على الأمر ووثائق داخلية اطّلعت عليها وكالة رويترز.

يأتي هذا المشروع، الذي لم يسبق الإفصاح عن تفاصيله، في ظل تسابق الشركة الناشئة لإظهار قدرة نماذجها على تقديم إمكانات الاستدلال والمنطق المتطورة.

وخلال الأشهر الأخيرة، كانت الشركة تلمح سرا للمطورين، والأطراف الخارجية الأخرى، إلى أنها على أعتاب إطلاق تقنية تتمتع بقدرات تفكير أكثر تقدما بكثير مما هو متاح الآن، وذلك وفقا لـ4 أشخاص اطلعوا على مقترحات الشركة ورفضوا الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مصرح لهم بالحديث عن هذه الأمور السرية، كما أشارت رويترز.

نموذج للبحث العميق

تعمل الفرق داخل "أوبن إيه آي" على تطوير نموذج "ستروبيري"، وفقا لنسخة من وثيقة داخلية حديثة صدرت من الشركة اطّلعت عليها رويترز في مايو/أيار الماضي. ولم تتمكن رويترز من التأكد من تاريخ صدور تلك الوثيقة تحديدا، وهي توضح بالتفصيل خطة حول الطريقة التي تنوي بها الشركة استخدام النموذج الجديد في مجال البحث.

ووصف الشخص المطلع على الأمر هذه الخطة بأنها قيد التنفيذ، لكن لا يبدو واضحا موعد إتاحة هذا النظام الجديد للاستخدام العام. كذلك أضاف الشخص أن كيفية عمل نموذج "ستروبيري" سرية للغاية حتى داخل شركة "أوبن إيه آي" نفسها.

وتصف الوثيقة مشروعا يستخدم نموذج "ستروبيري" بهدف تمكين نماذج الذكاء الاصطناعي للشركة من التخطيط المسبق بما يكفي للتصفح الذاتي والموثوق للإنترنت لتنفيذ ما تطلق عليه الشركة اسم "البحث العميق"، وفقا لما ذكره هذا الشخص لرويترز. وهو الأمر الذي استعصى على نماذج الذكاء الاصطناعي حتى اليوم، وفقا لمقابلات لرويترز مع أكثر من 10 باحثين في مجال الذكاء الاصطناعي.

يتضمن نموذج "ستروبيري" أسلوبا متخصصا لما يُعرف باسم "التدريب اللاحق" لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، أو تطويع النماذج الأساسية لتحسين أدائها بأساليب محددة بعد أن تكون قد تدرّبت على كميات كبيرة من البيانات المتاحة، حسب ما ذكر أحد المصادر.

وتتضمن مرحلة ما بعد التدريب أساليب تطوير مثل "الضبط التدريجي"، وهي عملية تُستخدم في كل النماذج اللغوية تقريبًا اليوم، وتأتي في أشكال متعددة مثل تقديم ملاحظات بشرية للنموذج بناء على إجاباته وتزويده بأمثلة على الإجابات الجيدة والسيئة.

وردا على الاستفسارات حول النموذج الجديد والتفاصيل الواردة في هذه الوثيقة، صرح متحدث باسم شركة "أوبن إيه آي" في بيان لها "نرغب أن ترى نماذجنا العالم وتفهمه كما نفهمه نحن. والأبحاث المستمرة في تطوير قدرات جديدة للذكاء الاصطناعي تعد إحدى الممارسات الشائعة في هذا المجال، مع وجود قناعة مشتركة بأن تلك الأنظمة ستتطور في عمليات الاستدلال والتفكير بمرور الزمن".

سام ألتمان صرّح قبل مدة بأن القدرة على الاستدلال المنطقي من أهم التطورات في الذكاء الاصطناعي (غيتي) السبيل إلى الذكاء الاصطناعي الخارق

كان مشروع "ستروبيري" يُعرف سابقا باسم "كيو*" (Q*)، وذكرت رويترز العام الماضي أنه كان يُعدّ إنجازا كبيرا داخل الشركة فعلا. وقد وصف مصدران بأنهما شاهدا في مطلع هذا العام عرضا تجريبيا لهذا النموذج وهو يتمكن من الإجابة عن أسئلة علمية ورياضية صعبة وبعيدة عن متناول النماذج المتاحة اليوم.

ويوم الثلاثاء الماضي، في اجتماع داخلي للعاملين بالشركة، عرضت "أوبن إيه آي" نسخة تجريبية لمشروع بحثي زعمت أنه يتمتع بمهارات تفكير جديدة شبيهة بمهارات البشر، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبيرغ. وأكد متحدث باسم الشركة عقد هذا الاجتماع، لكنه رفض الإدلاء بتفاصيل عن فحواه، ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان المشروع المعروض هو نموذج "ستروبيري" أم نموذج آخر.

وتأمل "أوبن إيه آي" أن يؤدي هذا الابتكار الجديد إلى تحسين إمكانات الاستدلال والمنطق لدى نماذج الذكاء الاصطناعي بصورة ملحوظة، حسب ما ذكر الشخص المطلع على الأمر لرويترز مضيفا أن النموذج الجديد يتضمن أسلوبا متخصصا للتعامل مع نموذج الذكاء الاصطناعي بعد تدريبه على مجموعات ضخمة جدا من البيانات.

ويؤكد الباحثون في المجال أن الاستدلال المنطقي هو السبيل إلى بلوغ الذكاء الاصطناعي لمستوى الذكاء البشري، أو ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي الخارق، كما أشارت رويترز.

تحرير قدرات الذكاء الاصطناعي

وبينما تتمتع النماذج اللغوية الكبيرة بالقدرة على تلخيص النصوص الضخمة وتأليف النصوص النثرية أسرع كثيرا من أي إنسان، فإن هذه النماذج تعجز غالبا عن حل المشكلات المنطقية التي تبدو حلولها بديهية للبشر، مثل التعرف على المغالطات المنطقية.

ويتفق باحثو الذكاء الاصطناعي عموما على أن الاستدلال، في سياق هذا النوع من النماذج، يتضمن إنشاء نموذج يمكّن الذكاء الاصطناعي من التخطيط للمستقبل، ويعكس كيفية عمل العالم الطبيعي والتعامل مع المشكلات الصعبة ذات الخطوات المتعددة بصورة موثوقة.

ويُنظر إلى تحسين عملية الاستدلال في نماذج الذكاء الاصطناعي على أنها السبيل إلى تحرير قدرة النماذج على إنجاز كل شيء، بدءًا من الاكتشافات العلمية الكبرى إلى تخطيط وتطوير تطبيقات برمجية جديدة.

وكان سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، قد صرّح في فترة سابقة من هذا العام بأن "أهم مجالات التطور في الذكاء الاصطناعي ستتمحور حول القدرة على الاستدلال المنطقي".

كذلك تختبر شركات أخرى مثل "غوغل" و"ميتا" و"مايكروسوفت" تقنيات مختلفة لتحسين عملية الاستدلال والتفكير لدى نماذج الذكاء الاصطناعي، شأنها شأن معظم المختبرات الأكاديمية التي تُجري أبحاثا في مجال الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يختلف الباحثون حول قدرة النماذج اللغوية الكبيرة على دمج الأفكار والتخطيط الطويل المدى في الطريقة التي تتبعها في التنبؤ بالنصوص، كما أشارت رويترز.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات نماذج الذکاء الاصطناعی أوبن إیه آی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يحلّل 1.6 مليون مسح دماغي

شمسان بوست / متابعات:

من المقرر أن يحلّل العلماء أكثر من مليون مسح للدماغ باستخدام الذكاء الاصطناعي، بهدف تطوير أداة للتنبّؤ بخطر إصابة الشخص بالخرف.

وحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن الباحثين في جامعتي «إدنبرة» و«دندي» سيفحصون 1.6 مليون أشعة تصوير مقطعي محوسب، وتصوير بالرنين المغناطيسي خاصة بمرضى من أسكوتلندا واُلتقطت على مدى أكثر من عقد من الزمان، بوصفه جزءاً من جهد بحثي عالمي يُسمّى «NEURii».

وسيستخدم الفريق الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لمطابقة بيانات الصور مع السجلات الصحية ذات الصلة، للعثور على أنماط يمكن أن تساعد الأطباء في تحديد خطر إصابة الشخص بالخرف بشكل أفضل.

بمعنى آخر، يهدف العلماء إلى إنشاء أدوات رقمية يمكن لأطباء الأشعة استخدامها عند فحص المرضى لتحديد مخاطر الإصابة بالخرف وتشخيصه والحالات المرتبطة به في وقت مبكر.

وقد قالوا إن هذه الأدوات يمكن أن تساعد أيضاً في تسريع تطوير علاجات أكثر دقة للخرف.

وقال الخبير في الذكاء الاصطناعي في جامعة «دندي»، البروفسور إيمانويل تروكو: «ستكون مجموعة البيانات الجديدة هذه مفيدة للغاية للباحثين في مجال الأعصاب».

وأضاف: «إذا نجحنا في تحقيق ما نريد، فسوف تكون لدينا مجموعة من أدوات البرمجيات التي يمكن دمجها بسلاسة مع عمليات الأشعة الروتينية، الأمر الذي سيساعد الأطباء على اتخاذ القرارات السريرية اللازمة، والتنبّؤ بخطر الإصابة بالخرف في أقرب وقت ممكن».

ومن جهته، قال البروفسور ويل وايتلي، من مركز «إدنبرة لعلوم الدماغ السريرية»: «إن هذه الطريقة ستؤدي إلى فهم أفضل للخرف وتشخيص مبكر محتمل لأسبابه، مما سيجعل بدوره تطوير علاجات جديدة أسهل».

وأضاف: «حالياً، تُعدّ علاجات الخرف باهظة الثمن ونادرة وغير مضمونة. إذا تمكنّا من جمع البيانات من مجموعة كبيرة من الأشخاص المعرضين لخطر كبير، فقد يمكننا حقاً البدء في تطوير علاجات جديدة».

ومن المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يعيشون مع الخرف على مستوى العالم ثلاث مرات تقريباً، ليصل إلى 153 مليوناً بحلول عام 2050. ويحذّر الباحثون من أن هذا يمثّل تهديداً سريع النمو لأنظمة الرعاية الصحية والاجتماعية.

مقالات مشابهة

  • هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يبتكر وصفات جديدة في المطاعم ويساعد في جذب العملاء؟
  • استخدام الذكاء الاصطناعي في الشركات الألمانية في حالة ركود
  • الذكاء الاصطناعي يساعد بتمييز الخلايا السرطانية والسليمة
  • “أدنوك” تستخدم تقنية Neuron5 المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة عملياتها
  • خلال ثوانٍ فقط.. تقنية جديدة لكتابة تقارير الجرائم في الولايات المتحدة باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • نجمة الذكاء الاصطناعي "إنفيديا" تحبس أنفاس الأسواق قبل صدور تقريرها المالي
  • ابتكار نموذج بالذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن مرض التوحد لدى الأطفال
  • أدنوك تستخدم تقنية Neuron 5 المدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • “أدنوك” تستخدم تقنية “Neuron 5” المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة عملياتها
  • الذكاء الاصطناعي يحلّل 1.6 مليون مسح دماغي